حبيب - الدانمارك
منذ 4 سنوات

 اجماع الشيعة على نفي السهو

يضاف إلى ذلك أن الأحاديث التي ذكرت واقعة الكساء بينت أن الرسول جمع أهل الكساء, ودعا لهم بأن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا, فإن كان إذهاب الرجس قد حصل والتطهير قد تم بالعصمة, فما الحاجة إلى الدعاء؟! ويزيد على ذلك أن آية التطهير واقعة بين آيات فيها الأمر والنهي, مما يؤكد أن فعل الطاعات, واجتناب المعاصي يؤدي إلى إذهاب الرجس وحدوث التطهير, ويؤيده أيضاً ما روي: أن النبي كان يمر ببيت فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر كلما خرج إلى الصلاة, يقول: الصلاة أهل البيت ((...إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت ...)) الآية (41), وهنا يبدو الربط بين الأمر بالصلاة وحرص الرسول على إذهاب الرجس عن أهل بيته بها. وعلى كل حال فالحديث في هذه الآية يطول... والروايات الشريفة كثيرة نذكر منها: قوله (ص): (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وإنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض) رواه مسلم في صحيحة والإمام أحمد في مسندة...ـ هل انت متأكد بأن مسلم روى هذه الرواية في صحيحة؟ هلا تكرمت علينا بذكر نص رواية مسلم؟ ـ وقوله (ص): ( علي مع الحق والحق مع علي يدور معه كيفما دار)... ـ دعني أسألك تعليقاً على هذه الرواية: هل كان علي مع الحق حين بايع أبا بكر بالخلافة؟ فإن قلت: لا, فقد نقضت دليلك!! وإن قلت: نعم, فأقول ألا يسع الشيعة ما وسع علي؟


الاخ حبيب المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما كلامك في حديث الكساء، فهو يحوي على المغالطة. وهي اعتقادكم التلازم بين الارادة التكوينية والجبر، وهذا غير لازم. لأن الله تعالى إذا أراد شيئاً أو فعل شيئاً أو بتعبير أدق علم شيئاً فإن علمه وإرادته وفعله لا يتخلف ما دام تكوينياً مع توقف تحقق ذلك الشيء على إختيار شخص أو إرادة ذلك الشخص ولا يلزم الجبر مع ذلك لأن الله تعالى يعرف ويعلم مسبقاً ويحرز ويهيء ذلك الشخص لقبول ذلك الأمر وتحقيقه وأهليته لذلك. فالله تعالى عندما يريد من شخص أن يكون نبياً لا يذهب الى فرعون أو شيطان من شياطين الانس أو امرأة بسيطة أو رجلاً أحمقاً فيريده ويجعله نبياً حاشا وكلا. وإنما يختار سبحانه وتعالى ويصطفي ويجتبي الانسان الكامل العقل المهيأ لفعل الخير القادر على العطاء والصبر وتحمّل الامانة وغيرها فيريده ويختاره ويعلم منه أنه أهل لذلك. ومع ذلك يبقى ذلك النبي غير مجبر ولا مضطر لذلك المنصب وقد يزل وقد يضل (هذا كله في عالم الامكان والنظرية) وهذا كله بلطف الله وتوفيقه. وكما أخبر عن ذلك سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ((وَلَقَد أوحيَ إلَيكَ وَإلَى الَّذينَ من قَبلكَ لَئن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلكَ وَلَتَكونَنَّ منَ الخَاسرينَ )) (الزمر ـ 65). وقال تعالى ((وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعضَ الأَقَاويل * لَأَخَذنَا منه باليَمين * ثمَّ لَقَطَعنَا منه الوَتينَ * فمَا منكم مّن أَحَد عَنه حَاجزينَ )) (الحاقة 44 ـ 47). وكذلك لو عرفت معنى العصمة (وهي علم المعصوم القطعي بعواقب المعاصي والآثام) عرفت أنه باختياره سوف لم ولن يعصي الله تعالى طرفة عين. خذ مثالاً على ذلك: أنك تعرف أن لمس السلك الكهربائي أو المكان المكهرب يؤدي الى الموت أو الدخول الى البحر مع عدم معرفة السباحة يؤدي الى الغرق أو إحراق الجسم يؤدي الى الموت مثلاً، فهل يفعله عالم بذلك عاقل مريد لحياته وسلامتها؟ حاشا وكلا. وكذلك المعصوم لديه من العلم بحقائق الاشياء وعواقب الطاعة والمعصية، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (والله لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً)، وكذلك قول الصحابة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عن حنظلة قال: انطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قلت: نافقَ حنظلة يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما ذاك قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الازواج والاولاد والضيعات نسينا كثيراً، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي نفسي بيده أن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات. (رواه مسلم في صحيحه ج8 ص94 ـ 95). فالحديث يثبت إمكان حصول العصمة وعدم إرتكاب المعصية أو الغفلة أو السهو عن ذكر الله فمن استطاع الاستدامة والانقطاع لله تعالى عصم. وهذا عين ما ندعيه للانبياء والائمة (عليهم السلام) فهو توفيق ولطف وتسديد من الله مع استعداد وإرادة واختيار من النبي أو الإمام، فافهم! ومن هنا يتبين الحاجة إلى دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لتوفيقه وأهل بيته للدوام والاستمرار على العصمة لا أصل وجودها وحصولها فهي حاصلة موجودة منذ الولادة لانه أهل لذلك، فالله تعالى يختار ويجتبي ويصطفي رسله وأولياءه من بين الخلق أجمعين لأهليتهم واستعدادهم لهذه المنزلة وهم يطلبون منه ويستعينون به لاستمرارها وبقائها وتوفيقهم وتسديدهم لذلك. وأما قولك بنفي العصمة لوقوع آية التطهير بين آيات تشريعية وكذلك مرور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ببيت فاطمة (عليها السلام) وتذكيرهم بالآية فهذا لا يدل على ذلك لوجوه: 1 ـ إن الآية الكريمة نزلت لوحدها دون ما قبلها وبعدها بالاجماع فلا يدل وجودها بينها على الترابط في المعنى أو الدلالة قطعاً. 2 ـ عدم تصريح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشمول الآية للنساء أو جميع المكلفين بل صرح باختصاصها بأهل الكساء فقط بفعله المباشر وكذلك عدم ادخاله لام سلمة (رضي الله عنها) مع صلاحها الظاهر والكبير وتقواها وتدينها الشديد. وكذلك ما أتيت به للنقض علينا من مرور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ببيت فاطمة وعلي (عليهما السلام) وتلاوته للآية الشريفة فلم يفعل ذلك مع نسائه ولا مع أتباعه فلماذا هذا الانحراف والميل عن النصوص الواضحات والحجج الدامغات والله الموفق والعاصم. 3 ـ فالتنبيه على الصلاة أو سياق القرآن كما تدعون ليس مخالفاً لفهمنا للعصمة، بالعكس فإنها تؤكد على الجانب الاختياري للمعصوم وأنه بمحض إرادته يستطيع فعل الطاعة والمعصية وبتوفيق الله وتسديده ولطفه يستطيع المعصوم فعل الطاعة وترك المعصية والدوام والاستمرار على ذلك كما قال تعالى (أما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) كما أن كل مسلم يقرأ في صلاته ويدعو ربه سبعَ عشرة مرة على الاقل ويقول (أهدنا الصراط المستقيم) أليس هو مهتدياً ولا يحتاج الى طلب الهداية والدعاء بالهداية. أما حديث الثقلين فهو حديث صحيح ومشهور ولا غبار عليه وأما رواية مسلم فليست وحدها الصحيحة (هذا تنزلاً مع منهجكم) في هذا الباب حتى تحرفوا معناها ودلالتها الواضحة وليس ما يرويه مسلم قرآناً حتى يفقاس ويفعرض عليه جميع ما سواه بل حاله حال غيره من الاحاديث الصحيحة ولا يقدم على غيره إلا لثبوت صحته (عندكم) بمجرد رواية مسلم له فلا يحتاج الى بحث في سنده وأما غيره من الاحاديث فنحتاج في تصحيحها الى مراجعة السند فإذا صح السند في أي رواية فهي توازي رواية مسلم إن لم تقدم عليها أحياناً وهذا متفق عليه. هذا كله في خبر الواحد، وأما في التواتر كما في حديث الثقلين قطعاً فلا تصل النوبة الى آحاد الأسانيد. فلاحظ. فالروايات الصحيحة والمتواترة تنص على التمسك بالكتاب والعترة لانهما خليفتا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنهما عاصمان من الضلال والآخذ بهما مهتدف أما الآخذ بغيرهما أو التارك لأحدهما فهو في ضلال مبين. ورواية مسلم ناقصة قطعاً لأنها لا تحتوي على بعض المقاطع المهمة التي بيّن زيد بن أرقم أنه سوف لن يرويها خوفاً، فقد قال في بداية حديثه للسائلين (فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلفونيه) واعتذر بكبر سنه ونسيانه، فلماذا ينسى زيد مقطع مثل (ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً) أو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)؟ وهو يروي الحادثة بطولها وتفاصيلها خصوصاً أن زيداً نفسه بيّن ذلك وفسّر قوله (قد كبرت سني ونسيت بعض الذي أعي فلا تكلفوني ما لا اطيق) في نفس الرواية. ولكن برواية أحمد لا مسلم وبنفس إسناد رواية مسلم أكملها بحادثة أخرى تبين معنى قوله واعتذاره وبراءته من تلك الاوصاف وهو يقول لهم أن عبيد الله بن زياد قد نهاه وكذبه في رواية احاديث الحوض ورماه ووصفه بأنه قد خرف واليك نص رواية أحمد في مسنده (ج4 ص267): قال يزيد بن حيان نفس الراوي بعد رواية حديث الثقلين: (حدثنا زيد في مجلسه ذلك قال بعث إليّ عبيد الله بن زياد فأتيته فقال ما أحاديث تحدثها وترويها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا نجدها في كتاب الله تحدث أنّ له حوضاً في الجنة، قال: قد حدثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووعدناه قال: كذبت ولكنك شيخ قد خرفت). أما قولهم أن حديث الثقلين رواه مسلم، فهو لان مسلم روى أصل الحديث وان رواه ناقصاً، ومع ذلك جاءت فيه لفظة الثقلين ولدينا كلام طويل في رواية مسلم لا يسع المجال لبسطه، فتأمل!! وأما حديث (علي مع الحق والحق مع علي) أو (علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) وقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما في المستدرك (اللهم أدر الحق معه حيث دار) فهذه الاحاديث وغيرها مع آية التطهير نستدل بها نقلياً على العصمة. وأما مبايعة أمير المؤمنين(ع) لأبي بكر بالخلافة فلا نخطيء علياً (عليه السلام) في فعله لأنه إمام ومعصوم وكل ما يفعله فيه مصلحة وليس يعني ذلك أنه إعتقاده ودين الله وشرعه، وإنما فعله كان لمصلحة أكبر وأعظم من تركه للمسلمين في ذلك الوقت دون مشاركة منه في بيان حقه وبيان شرع الله وأحكامه وأمره بالمعروف ونهيه عنه المنكر والدعوة الى الله وإلى المذهب الحق، لأنه رأى نفسه معزولاً عن الساحة والوجوه مكفهرة غاضبة حاقدة لا يستطيع معها نشر الاسلام والنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي من شروطه كما هو معروف أن تحتمل التأثير في المقابل. وهذا كله مروي في البخاري لا من فهمنا ولا رواياتناز فقد روى البخاري عن عائشة رواية طويلة في ذيلها: (فلما توفيت فاطمة (عليها السلام)) إستنكر عليٌ وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع تلك الاشهر فارسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر... ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك ولكن استبددت علينا بالأمر وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نصيباً حتى فاضت عينا أبي بكر... ثم قال علي (عليه السلام) أمام المسلمين: ولكنا كنا نرى لنا في هذا الامر نصيباً فاستفبد علينا فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت وكان المسلمون إلى علي قريباً حين راجع الامر بالمعروف (ج5 ص82).. فاقرأ وتدبر!! وبيعة الامام (عليه السلام) لمصلحة وخير الاسلام وخوفاً عليه بعد أن لم يكن له طريقٌ آخر، لا يخرج الأمر عن كونه حدث بالاضطرار، فانهم أضطروه بعد أن غصبوا حقه ولم يجد طريقاً لأخذه الا بضرر الاسلام، فأثر المبايعة مع وقوع الظلم عليه خاصة على ذهاب الاسلام كله، وهذا لا يعني اطلاقاً احقية من نصبوا أنفسهم خلفاء للمسلمين، كما لا يعني صلح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع المشركين في الحديبية أصحية واحقية مشركي قريش، فتأمل. ومن ذلك يظهر لك أن لا معنى لسؤالك لنا، بألا يسع الشيعة ما وسع علي!!! فأن الكلام في أحقية منصب الخلافة لمن يكون، لا من تسنم هذا المنصب فعلاً. ثم إن الظاهر أن الامور اختلطت عليك نتيجة لما في ذهنك من عقائد أهل السنة فتنبي الاشكال عليها، إذ نحن لا نعتقد ان الله جل وعلا أوكل أمر الخلافة والامامة للناس حتى إذا بويع احدهم اصبح خليفة، بل نعتقد أن أمر الامامة والخلافة بيد الله وحده ليس لبشر خيرة فيه، وعدم تسلم الامام زمام السلطة والحكم فعلاً لا يسقط حقه منها، كما أن عدم الايمان بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يلغي نبوته، فلاحظ وتأمل!! ونجيبك بعبارة اخرى: أنا نقول نعم أن علياً عندما بايع أبا بكر كان على الحق، إذ أنه بايعه مضطراً وكرهاً حفظاً للاسلام، ولا يعني ذلك أن الحق في الامامة ذهب الى أبي بكر أو ان الامام اسقط حقه واعطاه لابي بكر. ونقول أيضاً: بعد أن ثبتت عصمة الامام (عليه السلام) فان كل افعاله تكون صحيحة مطابقة لشرع الله، فبعد أن ثبتت صحة الحديث (علي من الحق والحق مع علي يدور معه كيفما دار) المثبت لعصمة الامام (عليه السلام) يجب أن نحمل كل أفعاله على الصحة. لا، أن نرد الحديث بفعل من افعاله نظن نحن أنه لم يكن فيه على صواب (حاشا لله)، فان هذا أكل من القفا، نعم لك أن تناقش في صحة الحديث من خلال سنده، ولكن هذا في مرتبة سابقة لا بعد أن تسلم بالحديث. ودمتم سالمين

1