*-* ( 18 سنة ) - البحرين
منذ 4 سنوات

اداب الطعام عند أهل البيت

السلام عليكم ماهي آداب الطعام كما وردت عن أهل البيت (ع)؟


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته إنّ مسألة الطعام هي استجابة لنداء الجسد لتلبية حاجته في رفع الجوع و الضعف الناتج عنه ، إلا ان الإسلام أحاطها بمجموعة آداب و سنن ، فاعطاها ـ بهذه الآداب ـ أبعادا اجتماعية ، و عبادية . . و الفرق بين من يلتزم بهذه الآداب و من لا يلتزم ، بعد اشتراكهما في تلبية حاجة الجسد و رفع الجوع ، ان الأول يجعل من تناول الطعام عبادة ، نعم تناول الطعام و الأكل عبادة ، و ارتقاء في الدرجات الدينية ، و بينما الآخر الذي يمارس نفس العمل و يتناول نفس الطعام و ربما المقدار ، لا يحصل على ذلك . وللتعرف على الآداب و السنن التي مارسها المعصومون عليهم السلام و دعوا إليها ، لعلنا بمعرفتها نمتلك احد أسباب تطبيقها في حياتنا : 1 ـ السنن العبادية و تبدأ بالنية ، ذلك أن النية بما هي ربط للممارسات التفصيلية بالأهداف الكبرى التي يحملها الإنسان تحتل جانبا مهما من التفكير الديني حتى صارت خيرا من عمله و حتى صارت لكل امرئ ما نوى ) ، و لأنها كذلك فقد ندب المسلم لأن يكون له نية حتى في النوم و الأكل فعن الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) انه قال لأبي ذر ( يا أبا ذر ليكن لك في كل شيء نية حتى في النوم و الأكل ) ، أي إنك عند ما تنوي انك تأكل هذا الطعام لكي تحصل على قوة توجهها في عبادة الله ، و السعي في حوائج الناس ، فإنك بهذا الأكل المقترن بهذه النية تحصل على الثواب و الأجر ، بينما زميلك الذي يجلس إلى جانبك على نفس الخوان و يأكل ذاهلا عن هذه النية لا يحصل على مثل أجرك !! و جاء في روايات أخرى التأكيد على ( المعرفة بما يأكل ) و هذا عنوان يتسع لكثير من المفردات و المعاني ، فقد ينطبق على معرفة حلية هذا الطعام و عدم كونه محرما أو مشتبها و مراعاة ألا يدخل الإنسان بطنه سوى الحلال الطيب ، و قد يعني ذلك معرفة قدر هذه النعمة التي أنعمها الله عليه ، ذلك ان التفكير هنيهة في مراحل تكون هذه النعمة ( فاكهة كانت أو طعاما ) يوقف الإنسان على قدرة الله و عظمته الذي سخر كل شيء في الحياة له ، ﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ﴾ ، و كذلك الأذكار كالبسملة في البدء ، و الحمد في الختام ، فقد كان رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) إذا وضعت المائدة بين يديه قال : ( بسم الله اللهم اجعلها نعمة مشكورة تصل بها نعم الجنة ) و عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( اذكروا الله عز و جل عند الطعام و لا تلغوا فيه فانه نعمة من نعم الله يجب عليكم فيها شكره و حمده و أحسنوا صحبة النعم قبل فراغها ) . و أوصى ( عليه السلام ) ابنه الحسن : يا بني لا تطعمن لقمة من حار و لا بارد و لا تشربن جرعة إلا و أنت تقول قبل أن تأكله و قبل أن تشربه : ( اللهم أنني أسألك في أكلي و شربي السلامة من وعكه ( مرضه ) و القوة به على طاعتك و ذكرك و شكرك فيما أبقيته في بدني و أن تشجعني بقوته على عبادتك و ان تلهمني حسن التحرز من معصيتك ) . فإنك إن فعلت ذلك أمنت وعثه ( مشقته ) و غائلته . 2 ـ الآداب الاجتماعية بالرغم من أن الأكل عملية فردية عادة ، إلا أن لها جهات اجتماعية . لذلك أحيطت ببعض الآداب في هذا الجانب ، فكرهت الأحاديث أن تكون آثار الاطعمة ـ و روائح بعضها ـ غير المحبذة سابقة في الحضور لصاحبها ، فقبل وصوله للناس تصل تلك الروائح ، و هذه الأحاديث و إن لم تحرم هذه الاطعمة ، إلا ان المسلم عندما ينظر إلى هذه الأحاديث يستشعر الكراهة منها لهذه الحالة ، و مما يؤسف له أن بعض المسلمين يحضرون في المساجد و المحافل و المجتمعات دون ملاحظة لهذه المسألة ، فإذا بك تحضر إلى المسجد راجيا أن تشم العطور و الروائح الطيبة باعتبارها احد مصاديق الزينة في ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) و لكنك بدلا من ذلك تشم ( عطور ) الثوم و البصل و الكراث و ما إلى ذلك . فالرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) لا يأكل الثوم تحريما له و إنما لأنه يناجي الملك ، و سئل الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن أكل الثوم فقال : لا بأس بأكله بالقدر و لكن إذا كان كذلك فلا يخرج إلى المسجد . و كذلك فإن من الآداب الاجتماعية التي يقررها الإسلام تجنب ما يزري بالشخصية ، كالأكل في السوق مثلا بالنسبة لأشراف الرجال ، و يعتبره ( دناءة ) ، و بالفعل فإن تناول الطعام في السوق و إن كان غير محرم في ذاته إلا انه يكره لما يخلفه من آثار اجتماعية سيئة على شخصية الآكل . . فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ( الأكل في السوق دناءة ) . و إذا اشترك الأكل مع قوم آخرين فإن عليه أن يراعي جملة من الآداب أيضا كأن لا ينظر إلى أكلهم و ان يأكل مما يليه ، و لا يقوم بحركات ـ في أكله ـ يثير اشمئزاز الجالسين معه كالعادة القبيحة المستحكمة من بعض الناس ( التجشؤ ) فتراهم بعد كل وجبة يبدؤون ( العزف ) على هذه النوتة !! مع تقزز الجالسين و نفورهم فقد نهى الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أبا جحيفة عن ذلك ، لما يسببه من آثار أخروية إضافة إلى الآثار الاجتماعية الدنيوية فعن أبي جحيفة قال : أتيت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و أنا أتجشأ ، فقال : يا أبا جحيفة اخفض جشاءك فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا في يوم القيامة . 3 ـ الآداب ا لحياتية كما في الجانب العبادي و الاجتماعي ، فقد ندب المعصومون إلى الآداب الحياتية و هي تلك التي ترتبط ( بالكيفيات ) ، و قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا ليس من شؤون المعصوم ( عليه السلام ) بل من شؤون الطبيب ، لكن لما كانت توجيهات المعصومين تهدف إلى سعادة الدنيا و الآخرة فقد كان لديهم توجيهات ترتبط بالعباديات ، و أخرى ترتبط بكيفيات الأعمال الدنيوية ، مما يضمن سلامة الإنسان و صحته . ما ستعرض إليه في الأسطر التالية هو من هذا النوع . ففن تلك الآداب التأكيد على غسل اليد ، و بالرغم من أن هذا العمل اليوم أصبح من البديهيات لدى الكثير من الناس ، إلا انه بملاحظة الظروف التي جاء فيها هذا الحديث حيث البيئة العربية في الجاهلية التي لم تكن تقيم للنظافة وزنا كبيرا ، و كانت تعاني من شحة الماء ، فقد روي أن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) كان يقول : من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور الطعام و بعده فإنه من غسل يده عند الطعام و بعده عاش ما عاش في سعة و عوفي من بلوى في جسده ، و عن الصادق ( عليه السلام ) رواية قريبة من ألفاظ هذه الرواية . و من هذه الآداب تجويد المضغ ، ذلك أن احد مسببات المرض سوء مضغ الطعام ، و قد كتبت بعض المجلات الطبية مؤخرا أن الذين يأكلون . عادة في مطاعم الوجبات السريعة المنتشرة اليوم في الغرب هم أكثر تعرضا للإصابة بأمراض المعدة من غيرهم ، ذلك أن إجادة المضغ تعني تقليل العبء الواقع على المعدة في هضم الطعام ذلك لأنه يأتي مطحونا و شبه مهضوم بعصارات الفم ، بينما عندما يتناول الآكل طعامه مسرعا فإنه لا يتيح المجال لذلك الطعام ليستقر في فمه حتى يهضم أو يطحن !! و كذلك من الآداب الاعتدال في الأكل ، و أخيرا تخليل الأسنان لإخراج بقايا الطعام من بين الأسنان ، فقد روى الصادق ( عليه السلام ) عن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال : ( تخللوا على اثر الطعام فإنه مصحة للفم و النواجذ و يجلب الرزق على العبد ) . و من المعلوم ان بقايا الطعام ـ خصوصا اللحوم ـ إذا استقرت بين الأسنان لساعات فإنها تصبح آنئذ بؤرة للبكتريا و الجراثيم المضرة ، مما يؤدي إلى إصابة اللثة و تسوس الأسنان . . ونختم بحثنا هذا بالتيمن بذكر حديثين يحتويان على آداب جامعة : فعن الصادق ( عليه السلام ) عن آبائه عن الحسن السبط ( عليه السلام ) قال : ( في المائدة اثنتا عشر خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها : أربع منها فرض ، و أربع منها سنة ، و أربع منها تأديب ، فأما الفرض : فالمعرفة و الرضا و التسمية و الشكر ، و أما السنة : فالوضوء 35 قبل الطعام و الجلوس على الجانب الأيسر ، و الأكل بثلاث أصابع و لعق الأصابع ، و أما التأديب فالأكل مما يليك و تصغير اللقمة و المضغ الشديد و قلة النظر في وجوه الناس ) . و عن ابن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : إذا وضعت المائدة بين يدي الرجل فليأكل مما يليه و لا يتناول مما بين يدي جليسه و لا يأكل من ذروة القصعة فإن من أعلاها تأتي البركة و لا يرفع يده و إن شبع فإنه إن فعل ذلك خجل جليسه و عسى أن يكون له في الطعام حاجة .

8