لا ريب في أنّه لا ذنب لعرض الزاني -بحدّ نفسه- حتى يُزنى بعرضه، ولكن الله تعالى يبتلي الزاني ببعض ذريته من بناته أو حفيداته الفاسقات على نحو العقوبة الدنيوية العاجلة، فيخلق الله تعالى نساءً من ذريته مَن يُزنى بهنَّ باختيارهنَّ أو بغير اختيارهنَّ كاغتصابهنَّ قهراً، علماً أنّ المرأة المغصوبة العرض لا عقاب عليها، فيكون ابتلاء المزني بها ــ كمغصوبة الفرج ــ تأديباً لأبيها أو جدها عبرةً لهما أو لغيرها.
ويمكن القول: إنّ بناته أو زوجته أو كل مَن هي قريبة عليه ستزني هي باختيارها لا بنحو الجبر، بل باختيارها فإنّه لتجرئه على الله تعالى تُسْلَب العفّة من نسائه فيؤدّي زناه إلى تجرؤهن على ارتكاب الزنا بسبب انحرافهنَّ السلوكي، بسبب رؤيتهن لآبائهنَّ أو أزواجهنّ الذين لا يتورعون عن الزنا، فيسلتزم ذلك تجرؤ الزوجات أو البنات على الزنا بسلب عدم الحياء منهنَّ وقلّة ديانتهنَّ.
فإنّ الزوجة لا تتورع عن الزنا نكاية بزوجها الزاني من جهة؛ ولأنّ الزاني قد يهجر زوجته بسبب كثرة تعاطيه الزنا، فيؤدي إلى تجرؤ الزوجة على الزنا، وتجرؤ البنت على الزنا بسبب انعدام حيائها الناتج عن تعاطي أبيها الزنا، فتتحرك غريزتها فتتعاطى الزنا، ذلك كله بسبب انحراف الآباء عن جادة الشرع المبين؛ إذ لا تخلو ذرية إنسان من إعوجاج وانحراف فيبتلى بعضهم بالزنا أو ببعض مقدّماته وبقية الموبقات إلّا مَن رحم ربي من هنا جاء في الخبر:" يا موسى بن عمران، إن أردت أن يكثر خير أهل بيتك فإياك والزنا، يا بن عمران كما تدين تدان ".(البروجردي، جامع أحاديث الشيعة:ج٢٠،ص٣٣٦). فإنّ إكثار الخير لا يكون إلّا في حياة نظيفة خالية من الزنا وبقية الموبقات.
ومنه يتضح أنّ الله يستحيل أن يجبر شخصاً على الزنا حتى لو كان أبوه زانياً، فإنّ القرآن يصرّح في مواضع عديدة بقوله: {أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}.( النجم:آية38) وكما تفضلتم فليس للأولاد ذنب حتى يُفعل بهم ما صدر من أبيهم، ولكن اتّضح الحال أنّ الفواحش التي يرتكبها الأب تُوجِد أرضية فاسدة في نشأة الأولاد فتهون عندهم المعاصي إلّا مَن ثبت على الهدى والاستقامة، فإنّ الزوجة والأولاد عندما يجدون آباهم يرتكبون كل أنواع الفواحش فلا يُعقل أن تكون تربية هؤلاء الأولاد تربية تمكّنهم من الاستقامة والهداية في مسيرة حياتهم.
عصمنا الله وإياكم من الزلل ومن مهاوي المعاصي.