تفسير قرآني
السلام عليكم... في سورة العنكبوت ايه 64 قال تعالى ( و ما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب و أن الدار الآخره لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) ما المقصود بالحيوان في الايه الكريمه وشكرا لجهودكم و فقنا الله وإياكم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته جاء في مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص40: { وإن الدار الآخرة} يعني الجنة {لهي الحيوان} أي الحياة على الحقيقة لأنها الدائمة الباقية التي لا زوال لها ولا موت فيها وتقديره وإن الدار الآخرة لهي دار الحيوان أو ذات الحيوان لأن الحيوان مصدر كالنزوان والغليان فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه والمعنى أن حياة الدار الآخرة هي الحياة التي لا تنغيص فيها ولا تكدير. ذكر محمد جواد مغنية في تفسير الكاشف ، ج6 ، ص 126-127 : (وما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْو ولَعِبٌ): المراد بالدنيا هنا دنيا القصور والفجور والليالي الحمراء ، والبذخ والإسراف على حساب الضعفاء ، ودنيا المستعمرين والصهاينة صانعي الموت والمؤامرات العدوانية والانقلابات الرجعية ، ودنيا شركات الاحتكار والاستغلال والخيانة والعمالة والاتجار بالدين والوطنية ، ودنيا الصحافة المأجورة لتسميم الأفكار وتشويه الحقائق والإشاعات الكاذبة . . هذه هي دنيا العبث والفساد والشر والضلال التي يمقتها اللَّه وأعد لأهلها عذاب الحريق ، أما دنيا الطيبين والأحرار المناضلين والشرفاء الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون فهي دنيا الحق والخير والهدى والفلاح التي يحرز بها رضا اللَّه والفوز بنعيمه وجناته {وإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَو كانُوا يَعْلَمُونَ} ونفسره بقول الإمام علي (عليه السلام) : كل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ، وقوله في وصف الجنة : لا ينقطع نعيمها ، ولا يظعن مقيمها ، ولا يهرم خالدها ، ولا يبأس ساكنها . وذكر السيد صاحب الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص121-123 : قوله تعالى : {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} اللهو ما يلهيك ويشغلك عما يهمك فالحياة الدنيا من اللهو لأنها تلهي الإنسان وتشغله بزينتها المزوقة الفانية عن الحياة الخالدة الباقية . واللعب فعل أو أفعال منتظمة انتظاما خياليا لغاية خيالية كملاعب الصبيان والحياة الدنيا لعب لأنها فانية سريعة البطلان كلعب الصبيان يجتمعون عليه ويتولعون به ساعة ثم يتفرقون وسرعان ما يتفرقون . على أن عامة المقاصد التي يتنافس فيها المتنافسون ويتكالب عليه الظالمون أمور وهمية سرابية كالأموال والأزواج والبنين وأنواع التقدم والتصدر والرئاسة والمولوية والخدم والأنصار وغيرها فالإنسان لا يملك شيئا منها إلا في ظرف الوهم والخيال . وأما الحياة الآخرة التي يعيش فيها الإنسان بكماله الواقعي الذي اكتسبه بإيمانه وعمله الصالح فهي المهمة التي لا لهوفي الاشتغال بها والجد الذي لا لعب فيها ولا لغو ولا تأثيم ، والبقاء الذي لا فناء معه ، واللذة التي لا ألم ، عندها والسعادة التي لا شقاء دونها ، فهي الحياة بحقيقة معنى الكلمة . وهذا معنى قوله سبحانه : {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} . وفي الآية - كما ترى - قصر الحياة الدنيا في اللهو واللعب والإشارة إليها بهذه المفيدة للتحقير وقصر الحياة الآخرة في الحيوان وهو الحياة وتأكيده بأدوات التأكيد كان واللام وضمير الفصل والجملة الاسمية . وقوله : {لو كانوا يعلمون} أي لو كانوا يعلمون لعلموا أن الأمر كما وصفنا . دمتم في رعاية الله