السلام عليكم
حضرتكم قلتم حور تعني سواد العين وبياضها ولكن لم تخبروني إذا كان المقصود من كلمة حور نساء الدنيا ام النساء اللواتي خلقهن الله للرجال أعني الحور العين في الجنة
وما صحة أن الرجل في الجنة أغير منه في الدنيا على زوجته؟ وأنه لا يوجد اختلاط في الجنة وأن خير صفات المرأة قي الدنيا هي أن تكون جليسة دارها فلذا هكذا ستكون المرأة في الآخرة جليسة دارها
الجنة هي ما يشجعني على ترك الحرام لكن يبدو انني سأكون عبارة عن آلة جنسية للرجل فله ان يتزوجني ويتزوج آلاف آلاف النساء غير ولن أخذ حريتي أبدا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ابنتي الكريمة: وردت في عدّة روايات أنّ المؤمنة الصالحة تتخيّر بين البقاء مع زوجها وعدمه، فمثلاً ورد في البحار ما لفظه ( ... المزید وان كانت هي خيراً منه خيرّها فإن اختارته كان زوجاً لها) (البحار - ج 8 / ص 105)
وانّها هي المرادة من (الخيرات الحسان) والحور العين (انتم الطيبون ونساؤكم الطيّبات وكل مؤمنة حوراء عيناء.) (البحار 8 /155). إذا الحور يشمل نساء الدنيا بحسب ماتقدم وأما سؤالكم عن غيرة الرجل وحبس المرأة فهذا مايجيبنا عنه القرأن الكريم: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]. فإنّ قوانيين الآخرة تختلف عن قوانيين الدنيا وهذا مّا قلناه لكم في الجواب السابق وبالتالي هناك في يوم القيامة لا يوجد غلّ وحقد ولا توجد غيره ولا غيرها من هذه الأمور وهم منعمون فرحين مستبشرين ضاحكين، وأنقل لكم رواية واحدة في المقام: في بحار الأنوار للعلامة المجلسي الجزء ٨ الصفحة ٢٢٠ عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أهل الجنة يحيون فلا يموتون أبدا، ويستيقظون فلا ينامون أبدا، ويستغنون فلا يفتقرون أبدا ويفرحون فلا يحزنون أبدا، ويضحكون فلا يبكون أبدا، ويكرمون فلا يهانون أبدا، ويفكهون ولا يقطبون (1) أبدا، ويحبرون ويسرون أبدا، ويأكلون فلا يجوعون أبدا، ويروون فلا يظمؤون أبدا، ويكسون فلا يعرون أبدا، ويركبون ويتزاورون أبدا، ويسلم عليهم الولدان المخلدون أبدا بأيديهم أباريق الفضة وآنية الذهب أبدا متكئين على سرر أبدا، على الأرائك ينظرون أبدا، يأتيهم التحية والتسليم من الله أبدا، نسأل الله الجنة برحمته إنه على كل شئ قدير، إنَّ في الجنَّة ما تشتهيه الأنفس من الماكل، والمشارب فقال: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 20]، وقال: ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الزخرف: 71]. وقد أباح الله لهم أن يتناولوا من خيراتها، وألوان طعامها، وشرابها ما يشتهون، فقال: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾ [الحاقة: 24] . وقوله تعالى: (( فيها ما تشتهي الأنفس وتلّذ الأعين )) (الزخرف:71) ، ومن أفضل نعم الله تعالى على المؤمنين في الجنّة رضوان الله عزّ وجلّ.
عن علي بن الحسين عليه السلام قال: إذا صار أهل الجنّة في الجنّة، ودخل ولي الله إلى جنانه ومساكنه، واتّكأ كلّ مؤمن منهم على أريكته، حفته خدّامه، وتهدلت عليه الثمار، وتفجّرت حوله العيون، وجرت من تحته الأنهار، وبسطت له الزرابي، وصفقت له النمارق، وأتته الخدّام بما شاءت شهوته من قبل ان يسألهم ذلك، قال: ويخرج عليهم الحور العين من الخبان، فيمكثون بذلك ما شاء الله.
ثمّ انّ الجبّار يشرف عليهم فيقول: أوليائي وأهل طاعتي وسكان جنّتي في جواري الأهل انبّؤكم بخير من ما أنتم فيه؟ فيقولون: ربّنا وأي شيء خير ممّا نحن فيه، فيقول لهم تبارك وتعالى: رضاي عنكم ومحبّتي لكم خير وأعظم ممّا أنتم فيه، فيقولون: نعم يا ربّ رضاك عنّا ومحبّتك لنا خير لنا وأطيب لأنفسنا.
ثمّ قرأ علي بن الحسين عليه السلام هذه الآية: ( وَعَدَ اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ أَكْبَرُ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ). [ بحار الأنوار / المجلّد : ۸ / الصفحة : ۱٤۱ ].
وعلى هذا فإذا كان العبد مؤمنا او مؤمنة سينعم في جنات الخلد الواسعة ويعيش في هناء وسعادة كبيرة حيث يقول تعالى: " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين " أي لا يعلم أحد ما خبي لهؤلاء الذين ذكروا مما تقر به أعينهم، قال ابن عباس: هذا ما لا تفسير له فالأمر أعظم وأجل ممّا يعرف تفسيره. وقد ورد في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: إنّ الله يقول: أعددت لعبادي الصالحين، مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بله (٢)ما أطلعتكم عليه، اقرؤوا إن شئتم: " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ". رواه البخاري ومسلم جميعا. بحار الانوار الجزء ٨ صفحة ٩٢. فبعد هذا النعيم أي سجن هذا وأي تقييد للحرية؟
———————————————————————————
1- قطب الرجل: زوى (أي جمع) ما بين عينيه وكلح.
٢- بله ككيف بمعنى دع واترك، قال في النهاية: في حديث نعيم الجنة: ولا خطر على قلب بشر بله ما اطلعتم عليه. بله من أسماء الافعال بمعنى دع واترك، تقول: بله زيدا، وقد يوضع موضع المصدر ويضاف فيقال بله زيد أي ترك زيد. وقوله: ما اطلعتم عليه يحتمل أن يكون منصوب المحل ومجروره على التقديرين، والمعنى: دع ما اطلعتم عليه من نعيم الجنة وعرفتموه من لذاتها