بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمّد وآل محمد الأطيبين الأطهرين
وردت في نصوص بعض الزيارات الشريفة كلمة (الطهر), كما في زيارة سيد الشهدآء أبي عبدالله الحسين عليه أفضل الصلاة و السلام بمناسبة أوّل رجب والنصف من رجب والنصف من شعبان : (( اَشهَدُ اَنَّكَ طُهرٌ طاهِرٌ مُطَهَّرٌ مِن طُهر طاهِر مُطَهَّر, طَهُرتَ وَطَهُرَت بِكَ البِلادُ وَطَهُرَت اَرضٌ اَنتَ بِها وَطَهُرَ حَرَمُكَ ))) مفاتيح الجنان, للشيخ عباس القمي ص439.
أريد منكم شرح هذه الفقرة من الزيارة الشريفة الآنفة الذكر, و بالتحديد تفصيل هذه المراتب من الطهارة بنظرة الولاية و الباطن و الحقيقة و السر, أي كلّ من ((الطهر)), ((الطاهر)), ((المطهّر)), ((مِن طُهر طاهِر مُطَهَّر, طَهُرتَ وَطَهُرَت بِكَ البِلادُ)).
وهنا أيضاً ما معنى طهارة البلاد ؟
وكيفية التطهير ؟
الأخ مرتضى المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك طهارة ظاهرية وطهارة باطنية, فالظاهرية هي الخلو من الخبث والحدث, والباطنية هي الخلو من الذنوب والمعاصي والآثام .
وهناك طهارة للقلوب وطهارة للأفعال, فالقلوب خالية من الشرك, والكفر, والإنكار, والوسوسة, والنسيان, والغفلة, والتردد, والجهل, وليس في الأفعال أي تقصير أو قصور, وهي خالية من الذنوب والمعاصي .
فكلّ هذه الطهارات الظاهرية منها والباطنية القلبية والأفعالية أهل البيت المعصومون في الدرجة العليا منها, ولعلّه أشير إلى الظاهرية منها بالطاهر والباطنية بالطُهر ... المزید.
أمّا كونهم (( مطهرين )) فلأنّ إرادة الله سبحانه وتعالى اقتضت ذلك, فهم من جهة إرادته مطهرين .
أمّا (( طهارة البلاد )) فلعلّه إشارة إلى أنّهم بحلولهم في تلك البلاد استطاعوا تخليص الناس من الذنوب والآثام, وتخليصهم من الشرك والكفر والنفاق وغيرها, فطهرت بذلك نفوسهم, وهو معنى طهارة البلاد .
أمّا (( طهارة الأرض )) فإن كان المقصود نفس التراب, فهو إشارة إلى طهارة المؤمن المخلوق من تلك الطينة, وإن كان المقصود أهل الأرض, فيعود الكلام كما في طهارة البلاد ؛ إذ المقصود أهل البلد....
وأمّا ((طهارة الحرم)) فهو أن القادم إليهم يكتسب من الصفات ما تجعله محصناً من الآثام والخطايا.
ولعل تكرار ذكر البلاد, ثمّ الأرض, ثمّ الحرم إشارة إلى أنّ الطهارة التي تحصل في هذه الثلاث تكون بدرجات متفاوته, وأعلاها درجة ما يحصل عند الحرم المقدس .
ثمّ أنّه قد أشار بعض العلماء إلى أنّ الأئمة (عليهم السلام) لهم الهداية الأمرية, والأمر يختلف عن الخلق في القرآن الكريم, فالخلق يكون بالتدريج, والأمر بالدفع, والهداية الأمرية معناها إنّ لهم التأثير في النفوس تكويناً .
فلعلّ المقصود من هذه العبارات التي ظاهرها تطهيرهم للبلاد والأرض والعباد هو بهذا المعنى, أيّ أن لهم تطهير محبّيهم وشيعتهم بنحو الأمر, فلو مرّ الإمام مثلاً على شخص فإنّه سيؤثّر في نفس ذلك الشخص, ويطّهره بما وهبه الله من هذه القدرة والمرتبة .
وأمّا المراتب التي طلبتها من الولاية والباطن والحقيقة والسر, فلم نجد أحداً من العرفاء قد ذكرها والسلام .
ودمتم في رعاية الله