بسم الله الرحمن الرحيم
﴿النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّـهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً﴾ (الأحزاب: ٦)
حسب هذه الآية أن زوجات النبي الأعظم هم أمهات لنا، ونحن نعلم أن لدينا بعض المواقف من بعض زوجات النبي (صلى اللّٰه عليه وآله).
طيب ما هو موقفنا مع هذه الآية؟
وكيف نفسرها بحيث لا يتعارض مع خلافنا مع بعض زوجات النبي؟
السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
المقصود من الأمومة هو حرمة النكاح، كما يتضح ذلك بعد التأمل في سبب نزول الآية الكريمة: (( وازواجه أمهاتهم )) حيث قال البعض: إذا مات محمد سوف ننكح أزواجه!! فلذا نزل قوله تعالى بتحريم النكاح، ولا دلالة فيها على التعظيم من قريب أو بعيد، بدليل قوله تعالى: (( لستن كأحد من النساء ان اتقيتن )) فقيد الله الأمر بالتقوى فتكون هي المحور في عظمة الشخصية كقوله تعالى: (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )).
انقل لكم ماذكره السيد الطباطبائي قدس سره :
*قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) أنفس المؤمنين هم المؤمنون فمعنى كون النبي أولى بهم من أنفسهم أنه أولى بهم منهم: ومعنى الأولوية هو رجحان الجانب إذا دار الأمر بينه وبين ما هو أولى منه فالمحصل أن ما يراه المؤمن لنفسه من الحفظ والكلاءة والمحبة والكرامة واستجابة الدعوة وانفاذ الإرادة فالنبي أولى بذلك من نفسه ولو دار الأمر بين النبي وبين نفسه في شيء من ذلك كان جانب النبي أرجح من جانب نفسه.
ففيما إذا توجه شيء من المخاطر إلى نفس النبي فليقه المؤمن بنفسه ويفده نفسه وليكن النبي أحب إليه من نفسه وأكرم عنده من نفسه ولو دعته نفسه إلى شيء والنبي إلى خلافه أو أرادت نفسه منه شيئاً وأراد النبي خلافه كان المتعين استجابة النبي (صلى اللّٰه عليه وآله وسلم) وطاعته وتقديمه على نفسه.
وكذا النبي (صلى اللّٰه عليه وآله وسلم) أولى بهم فيما يتعلق بالأمور الدنيوية أو الدينية كل ذلك لمكان الاطلاق في قوله: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم).
ومن هنا يظهر ضعف ما قيل: ان المراد أنه أولى بهم في الدعوة فإذا دعاهم إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى خلافه كان عليهم أن يطيعوه ويعصوا أنفسهم، فتكون الآية في معنى قوله: (وأطيعوا الرسول) النساء: ٥٩، وقوله: (وما أرسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله) النساء: ٦٤، وما أشبه ذلك من الآيات وهو مدفوع بالاطلاق.
وكذا ما قيل: ان المراد أن حكمه فيهم أنفذ من حكم بعضهم على بعض كما في قوله:
(فسلموا على أنفسكم) النور: ٦١، ويؤل إلى أن ولايته على المؤمنين فوق ولاية بعضهم على بعض المدلول عليه بقوله: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) براءة: ٧١.
وفيه أن السياق لا يساعد عليه.
وقوله: (وأزواجه أمهاتهم) جعل تشريعي أي انهن منهم بمنزلة أمهاتهم في وجوب تعظيمهن وحرمة نكاحهن بعد النبي (صلى اللّٰه عليه وآله وسلم) كما سيأتي التصريح به في قوله: (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا).…
فالتنزيل إنما هو في بعض آثار الأمورة لا في جميع الآثار كالتوارث بينهن وبين المؤمنين والنظر في وجوههن كالأمهات وحرمة بناتهن على المؤمنين لصيرورتهن أخوات لهم وكصيرورة آبائهن وأمهاتهن أجدادا وجدات وإخوتهن وأخواتهن أخوالا وخالات للمؤمنين.
ودمتم موفقين
____________________________
*تفسير الميزان، السيد الطباطبائي، ج١٦، الصفحة ٢٧٦