السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعتقد جماعة من المفسرين أن هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى الذين اختلفوا وتفرقوا إلى فرق وطوائف مذهبية مختلفة، وتباغضوا وتشاحنوا وتنازعوا فيما بينهم.
ولكن يرى آخرون أن هذه الآية إشارة إلى الذين يفرقون صفوف هذه الأمة (الإسلامية) بدافع التعصب وحب الاستعلاء، وحب المنصب والجاه.
ولكن محتوى هذه الآية يمثل حكما عاما يشمل كل من يفرق الصفوف، وكل من يبذر بذور النفاق والاختلاف بين عباد الله بابتداع البدع، من دون فرق بين من كان يفعل هذا في الأمم السابقة أو في هذه الأمة.
وما نلاحظه من الروايات المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام وهكذا روايات أهل السنة التي تصرح بأنّ هذه الآية إشارة إلى مفرقي الصفوف وأهل البدع في هذه الأمة، فهو من باب بيان المصداق، لأنّه لو لم يذكر هذا المصداق لظنّ البعض أنّ المقصود بالآية هم الآخرون خاصة، وأنّ الضمير عائد إلى غيرهم فيبرأوا بذلك ساحتهم، ففي رواية منقولة عن الإمام الباقر عليه السلام في ذيل هذه الآية- على ما في تفسير علي بن إبراهيم- قال في تفسيرها: " فارقوا أمير المؤمنين (عليه السلام) وصاروا أحزابا ".
وهناك أحاديث أخر رويت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حول افتراق هذه الأمة وتشتتها وتشرذمها إلى فرق ذكرها على سبيل التنبؤ، جميعها تؤيد هذه الحقيقة أيضا.
يعاني كاتب تفسير المنار من سوء ظن بالغ الشدة بالنسبة إلى الشيعة، وبنفس القدر يعاني من الجهل بعقائد الشيعة وتاريخهم، ففي ذيل هذه الآية يعقد فصلاً حول الشيعة تحت غطاء الدعوة إلى الإتحاد، ويصفهم بأنّهم يفرقون الصفوف ويخالفون الإسلام، وأنّهم ممن يعملون ضد الإسلام ويقومون بنشاطات سياسية تخريبية تحت غطاء المذهب والعقيدة الدينية، وكأنّ وجود كلمة " شيعا " في الآية الحاضرة والتي ليس لها أي ارتباط بقضية التشيع والشيعة ذكره بهذه الأمور التافهة، فاندفع يتهم هذه الجماعة المؤمنة من دون تورع.