وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بالسائل الكريم
أولاً: هذا الابيات الشعرية ذكرها جميل بن صالح عن أبو هاشم السيد الحميري في ضمن خبر نقله أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)، بشر الحارث همْدان بأنّ سوف يرى الإمام عند الممات والصراط والحوض وعند المقاسمة.
وحار همدان، يقص الحارث الأعور الهْمداني، وهمْدان بسكون الثاني قبيلة من اليمن وكان شطر منهم في الكوفة وكانوا من الموالين للإمام علي (عليه السلام)، والحارث شارك بعض المعارك مع الإمام علي (عليه السلام)، حتى اصيب بعينه فصار كريم العين.
فيبشره الإمام (عليه السلام)، أنّه ما من شخص يموت إلا أنّه يرى الإمام فإنّ كان مؤمناً يسره ذلك وإن كان منافقاً مبغضاً للإمام (عليه السلام)، يتأذى من ذلك.
ثانياً: وردت الرواية في عدّة مصادر ومنها، ((الإمام علي بن أبي طالب (ع)) )، أحمد الرحماني الهمداني - الصفحة (٤١٤ - ٤١٥ - ٤١٦ - ٤١٧).
ومتن الرواية هو، عن الأصبغ بن نباتة، قال: (دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب عليه السلام في نفر من الشيعة وكنت فيهم، فجعل الحارث يتأود في مشيته، ويخبط الأرض بمحجنه، وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنين عليه السلام - و كانت له منه منزلة - فقال: كيف تجدك، يا حارث؟ فقال: نال الدهر - يا أمير المؤمنين! - مني، وزادني أوارا وغليلا اختصام أصحابك ببابك، قال: وفيم خصومتهم؟ قال: فيك وفي الثلاثة من قبلك، فمن مفرط منهم غال، ومقتصد تال، ومن متردد مرتاب، لا يدري أيقدم أم يحجم (2)، فقال: حسبك، يا أخاه همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي.
فقال له الحارث: لو كشفت - فداك أبي وأمي - الرين عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا.
قال عليه السلام: قدك فإنك امرؤ ملبوس عليك إن دين الله لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله.
يا حارث إن الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد، وبالحق أخبرك فأرعني سمعك، ثم خبر به من كان له حصافة من أصحابك، ألا إني عبد الله، و أخو رسوله، وصديقه الأول، صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه الأول في أمتكم حقا، فنحن الأولون، ونحن الآخرون، ونحن خاصته - يا حارث! - وخالصته، وأنا صنوه ووصيه ووليه، وصاحب نجواه وسره، أوتيت فهم الكتاب، وفصل الخطاب، وعلم القرون والأسباب، واستودعت ألف مفتاح، يفتح كل مفتاح ألف باب، يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد، وأيدت و اتخذت وأمددت بليلة القدر نفلا، وإن ذلك يجرى لي ولمن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وأبشرك يا حارث لتعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، و عند المقاسمة، قال الحارث: وما المقاسمة، يا مولاي؟ قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة صحيحة، أقول: هذا وليي فاتركيه، وهذا عدوي فخذيه.
ثم أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث فقال: يا حارث! أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدي فقال لي - وقد شكوت إليه حسد قريش والمنافقين لي -:
إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل الله وبحجزته (يعني عصمته من ذي العرش تعالى) وأخذت أنت يا علي بحجزتي، وأخذ ذريتك بحجزتك، وأخذ شيعتكم بحجزتكم. فماذا يصنع الله بنبيه، فما يصنع نبيه بوصيه؟ خذها إليك يا حارث، قصيرة من طويلة. نعم، أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت - يقولها ثلاثا -.
فقام الحارث يجر ردائه، وهو يقال: ما أبالي بعدها متى لقيت الموت أو لقيني.
قال جميل بن صالح - أحد رواة الحديث -: وأنشدني أبو هاشم السيد الحميري، فيما تضمنه هذا الخبر: قول علي لحارث عجب * كم ثم أعجوبة له حملا يا حار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني طرفه وأعرفه * بنعته واسمه وما عملا وأنت عند الصراط تعرفني * فلا تخف عثرة ولا زللا أسقيك من بارد على ظمأ * تخاله في الحلاوة العسلا أقول للنار حين توقف * للعرض دعيه لا تقربي الرجلا دعيه لا تقربيه إن له * حبلا بحبل الوصي متصلا .