إنيس النفوس ( 21 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تفسير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤال // ما تفسير هذه الآية الكريمة : (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْـمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )) من سورة التوبة- آية (31)


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته تفسير الايات على شكل نقاط: ١-الأحبار جمع حبر بفتح الحاء وكسرها وهو العالم وغلب استعماله في علماء اليهود والرهبان جمع راهب وهو المتلبس بلباس الخشية وغلب على المتنسكين من النصارى. ٢-اتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا من دون الله هو إصغاؤهم لهم وإطاعتهم من غير قيد وشرط ولا يطاع كذلك الا الله سبحانه. ٣-اتخاذهم المسيح بن مريم ربا من دون الله فهو القول بألوهيته بنحو كما هو المعروف من مذاهب النصارى، وفي إضافة المسيح إلى مريم إشارة إلى عدم كونهم محقين في هذا الاتخاذ لكونه إنسانا ابن مرأة. ولكون الاتخاذين مختلفين من حيث المعنى فصل بينهما فذكر اتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا من دون الله أولا، ثم عطف عليه قوله: (والمسيح بن مريم). ٤- الكلام كما يدل على اختلاف الربوبيتين كذلك لا يخلو عن دلالة على أن قولهم ببنوة عزير وبنوة المسيح على معنيين مختلفين، وهو البنوة التشريفية في عزير والبنوة بنوع من الحقيقة في المسيح عليه السلام فإن الآية أهملت ذكر اتخاذهم عزيرا ربا من دون الله، ولم يذكر مكانه إلا اتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا من دون الله. فهو رب عندهم بهذا المعنى إما لاستلزام التشريف بالبنوة ذلك أو لأنه من أحبارهم وقد أحسن إليهم في تجديد مذهبهم ما لا يقاس به إحسان غيره، وأما المسيح فبنوته غير هذه البنوة. ٥-قوله: (وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو) جملة حالية أي اتخذوا لهم أربابا والحال هذه. وفي الكلام دلالة أولا: على أن الاتخاذ بالربوبية بواسطة الطاعة كالاتخاذ بها بواسطة العبادة فالطاعة إذا كانت بالاستقلال كانت عبادة، ولازم ذلك أن الرب الذي هو المطاع من غير قيد وشرط وعلى نحو الاستقلال إله، فإن الاله هو المعبود الذي من حقه أن يعبد، يدل على ذلك كله قوله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الها واحدا) حيث بدل الرب بالإله، وكان مقتضى الظاهر أن يقال وما أمروا إلا ليتخذوا ربا واحدا فالاتخاذ للربوبية بواسطة الطاعة المطلقة عبادة، واتخاذ الرب معبودا اتخاذ له إلها فافهم ذلك. وثانيا: على أن الدعوة إلى عبادة الله وحده فيما وقع من كلامه تعالى كقوله تعالى: (لا إله إلا أنا فاعبدون) الأنبياء: 25 وقوله: (فلا تدع مع الله إلها آخر) الشعراء: 213 وأمثال ذلك كما أريد بها قصر العبادة بمعناها المتعارف فيه تعالى كذلك أريد قصر الطاعة فيه تعالى، وذلك أنه تعالى لم يؤاخذهم في طاعتهم لأحبارهم ورهبانهم إلا بقوله عز من قائل: (وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو). وعلى هذا المعنى يدل قوله تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم الا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) يس 61، وهذا باب ينفتح منه ألف باب. ٦-قوله: (لا إله إلا هو) تتميم لكلمة التوحيد التي يتضمنها قوله: (وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا) فإن كثيرا من عبدة الأصنام كانوا يعتقدون بوجود آلهة كثيرة، وهم مع ذلك لا يخصون بالعبادة إلا واحدا منها فعبادة إله واحد لا يتم به التوحيد الا مع القول بأنه لا إله إلا هو. وقد جمع تعالى بين العبادتين مع الإشارة إلى مغايرة ما بينهما وان قصر العبادة بكلا معنييها عليه تعالى هو معنى الاسلام له سبحانه الذي لا مفر منه للانسان، فيما أمر به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من دعوة أهل الكتاب بقوله: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) آل عمران: 64. ٧-قوله تعالى في ذيل الآية: (سبحانه عما يشركون) تنزيه له تعالى عما يتضمنه قولهم بربوبية الأحبار والرهبان، وقولهم بربوبية المسيح عليه السلام من الشرك. و الآية بمنزلة البيان التعليلي لقوله تعالى في أول الآيات: (الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر) فان اتخاذ إله أو آلهة دون الله سبحانه لا يجامع الايمان بالله، ولا الايمان بيوم لا ملك فيه إلا لله. ٨-وعن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) * قال: أما أنهم لم يتخذوهم آلهة، إلا أنهم (أحلوا لهم حلالا فأخذوا به، وحرموا حراما) فأخذوه به. فكانوا أربابهم من دون الله.