السلام عليكم ... كلنا يعلم أن الله غفور رحيم ومهما ارتكب الشخص من معاصي فإن الله يغفرها ... سؤالي.. كثير من الناس يرتكب الزنا سواء بالهاتف لو الزنا الجسدي ويستطيع أن يتوب ويغفر الله له ... ماهي عقوبته اذا كان الله يغفر له ؟؟؟؟ انا اعرف كثير من الناس يزنون ويشربون الخمر ولم يحصل لهم شيء ؟؟؟ يعني يستطيع أي شخص أن يزني ثم يستغفر الله ولا يعود لارتكاب الذنب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم في تطبيقكم المجيب
الامور ليست بخذه الطريقة فالذنوب على اقسام
بعضها ذنب بينه وبين الله تعالى كترك الصلاة وكثير من العبادات وغيرها
وبعضها بين الانسان والناس وان كانت هي ايضا معصية لاحكام الله تعالى
وكلا القسمين بعضها يوجد في حقه عقوبة دنيوية ثابتة الحدود والقصاص والتعزيرات وبعضها الآخر لم يثبت لها عقوبة من هذا القبيل ولكن توعد الله عليها العقوبة الاخروية.
وما ليس لها تصريح بالعقوبة فان كانت ترتبط بالله تعالى فيكفي فيها الاستغفار والتوبة واصلاح ما افسد مع الله تعالى فتارك الصلاة اذا تاب واستغفر الله وقضى ما فاته من الصلاة فالله غفور رحيم
اما اذا كانت المعاصي مرتبطة بالناس كما لو اهان شخصا بكلمة فانه لا يكفي الاستغفار والتوبة مالم يصلح ما افسده مع الناس فيذهب ويعتذر ويطلب منه براءة ذمته ويعفو عنه.
واما ما ورد له عقوبة دنيوية (القصاص ، الحد ، التعزير) اذا نالها في الدنيا فلا يعاقب يوم القيامة بعد الاستغفار والتوبة والا فانه ينال جزاءه عليها في الاخرة فالزاني حده القتل او الجلد باختلاف الحالات فاذا لم يقام عليه الحد فانه يعاقب في القيامة على جرمه وذنبه وشارب الخمر اذا لم يقم عليه الحد في الدنيا بالجلد ثمانين جلدة ومن حُدّ مرتين على شرب الخمر يقتل في الثالثة مع ان هذا الجرم بينه وبين ربه وانما ظلم نفسه مع ذلك اذا لم يطهر نفسه من هذا الجرم في الدنيا فان عقوبته التي تنقيه من هذا الجرم تكون في الآخرة.
هذه نظرة سريعة لنظام العقوبات وكثير من الذنوب ورد فيها حدّ او قصاص او تعزير وليست الامور على بساطتها اني اذنب ما اذنب واخر المطاف اتوف واستغفر وأكن من الصالحين وي كأنه لم يقرأ قوله تعالى: ((وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ))(سورة الزلزلة، آية 8)
وقوله تعالى: ((وَ وُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَ يَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً))(سورة الكهف، آية 49) وغر هذه الكثير من الايات التي تحذر من سوء الاعمال وعظيم العقاب يوم القيامة.
فاذا كان الجميع سواسية ويمحوها الاستغفار فما الحاجة لكل هذه الانذارات والتحذيرات.
وبالدقة كما اشرت في طيات الكلام ان كل معصية يرتكبها الانسان هي تلوث نفسه ولابد ان يطهر منها كي يرتقي إلى جنان الله فالعقاب في جوهره رحمة من الله ينظف التلوث الذي جاء به الانسان من سوء اعماله وهذا التلوث منه ماهو عظيم لا يطهره منه الا النار ومنه ما يطهره العقاب الدنيوي ومنه ما يطهره الاستغفار والتوبة النصوح وليست الجميع على وتيرة واحدة.
عصمنا الله من الزلل وآمننا من مهاوي العمل ودفع عنا كل خلل.
تحياتي لكم
ودمتم بحفظ الله ورعايته