( 28 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تفسير سورة الكوثر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ماهو تفسير سورة الكوثر ؟


بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلا بكم في تطبيقكم المجيب لأجل الاحاطة بالسورة المباركة انقل لكم ما به الكفاية وزيادة ما ذكره تفسير الامثل: (الحديث في كل هذه السورة موجه إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) (مثل سورة والضحى، وسورة ألم نشرح)، وأحد أهداف هذه السور تسلية قلب النبي إزاء ركام الأحداث المؤلمة وطعون الأعداء. تقول له أولا: إنا أعطيناك الكوثر. و " الكوثر ": من الكثرة، وبمعنى الخير الكثير، ويسمى الفرد السخي كوثرا. وفي معنى " الكوثر " ورد أنه لما نزلت سورة الكوثر صعد رسول لله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر فقرأها على الناس. فلما نزل قالوا: يا رسول الله ما هذا الذي أعطاك الله؟ قال: " نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن، وأشد استقامة من القدح، حافتاه قباب الدر والياقوت... ". وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في معنى الكوثر قال: " نهر في الجنة أعطاه الله نبيه عوضا من ابنه ". وقيل: هو حوض النبي الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة. وقيل: هو النبوة والكتاب، وقيل: هو القرآن. وقيل: كثرة الأصحاب والأشياع. وقيل: هو كثرة النسل والذرية وقد ظهرت الكثرة في نسله من ولد فاطمة (عليها السلام) حتى لا يحصى عددهم، واتصل إلى يوم القيامة مددهم، وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه الشفاعة. نعلم أن الله سبحانه أعطى رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) نعما كثيرة، منها ما ذكره المفسرون في معنى الكوثر وغيرها كثير، وكلها يمكن أن تكون تفسيرا مصداقيا للآية. على أي حال، كل الهبات الإلهية لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كل المجالات تدخل في إطار هذا الخير الكثير، ومن ذلك انتصاراته على الأعداء في الغزوات، بل حتى علماء أمته الذين يحملون مشعل الإسلام والقرآن في كل زمان ومكان. ولا ننسى أن كلام الله سبحانه تعالى لنبيه في هذه السورة كان قبل ظهور الخير الكثير. فهو إخبار بالمستقبل القريب والبعيد، إخبار إعجازي يشكل دليلا آخر على صدق دعوة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم). هذا الخير الكثير يستوجب شكرا عظيما، وإن كان المخلوق لا يستطيع أداء حق نعمة الخالق أبدا. إذ أن توفيق الشكر نعمة أخرى منه سبحانه. ولذا يقول سبحانه لنبيه: ((فصل لربك وانحر)) نعم، واهب النعم هو سبحانه. لذلك ليس ثمة معنى للعبادات إن كانت لغيره. خاصة وإن كلمة (رب) تعني استمرار النعمة والتدبير والربوبية. بعبارة أخرى، العبادات، سواء كانت صلاة أم نحرا، تختص بالرب وولي النعمة، وهو الله سبحانه وتعالى. والأمر بالصلاة والنحر للرب مقابل ما كان يفعله المشركون من سجودهم للأصنام ونحرهم لها، بينما كانوا يرون نعمهم من الله. وتعبير (لربك) دليل واضح على وجوب قصد القربة في العبادات. كثير من المفسرين يعتقدون أن الآية تقصد صلاة عيد الأضحى والنحر فيه. لكن مفهوم الآية عام وواسع. وصلاة عيد الأضحى والنحر فيه من مصاديق الآية البارزة. عبارة " وانحر " من النحر، وهو ذبح الناقة. وقد يكون ذلك لأهمية الناقة بين أنواع الأضاحي. والمسلمون الأوائل كانوا يعتزون بالإبل، ونحرها يحتاج إلى إيثار كبير. وذكر للآية المباركة تفسيران آخران. ١ - المقصود من كلمة (وانحر) أن استقبل القبلة في الصلاة. لأن النحر أعلى الصدر، والعرب تستعمل الكلمة لاستقبال الشئ فيقولون: منازلنا تتناحر، أي تتقابل. ٢ - المقصود رفع اليد عند النحر لدى التكبير ولذا ورد في الرواية أنه لما نزلت هذه السورة قال النبي(صلى الله عليه واله) لجبريل: " ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟ " قال: " ليست بنحيرة، ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت، فإنه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع. فإن لكل شئ زينة، وإن زينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة ". وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير الآية أنه أشار بيده وقال: " هكذا ". أي استقبل بيديه القبلة في افتتاح الصلاة (رفع يديه جاعلا كفه مقابل القبلة). والتفسير الأول أنسب، لأن المقصود هو الرد على أعمال المشركين الذين كانوا يعبدون وينحرون لغير الله، ولكن لا مانع من الجمع بين هذه المعاني، خاصة وقد وردت بشأن رفع اليد عند التكبير روايات كثيرة في كتب الشيعة والسنة. وبذلك يكون للآية مفهوم جامع يشمل هذه المعاني أيضا. وفي آخر آية يقول الله سبحانه لنبيه ردا على ما وصمه به المشركون: ((إن شانئك هو الأبتر)) " الشانئ " هو المعادي من " الشنان " - على وزن ضربان - وهو العداء والحقد. و " أبتر " في الأصل هو الحيوان المقطوع الذنب. وصدر هذا التعبير من أعداء الإسلام لانتهاك الحرمة والإهانة. وكلمة (شانئ) فيها ايحاء بأن عدوك لا يراعي أية حرمة ولا يلتزم بأي أدب، أي أن عداوته مقرونة بالفظاظة والدناءة. والقرآن يقول لهؤلاء الأعداء في الواقع: إنكم أنتم تحملون صفة الأبتر لا رسول الله. من جهة أخرى، كما ذكرنا في سبب نزول السورة، قريش كانت تترقب انتهاء الرسالة بوفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنهم كانوا يقولون: إن النبي بلا عقب. والقرآن يقول للنبي: " لست بلا عقب، بل شانئك بلا عقب ". * * * بحوث ١ - فاطمة (عليها السلام) : والكوثر قلنا إن " الكوثر " له معنى واسع يشمل كل خير وهبه الله لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومصاديقه كثيرة، لكن كثيرا من علماء الشيعة ذهبوا إلى أن " فاطمة الزهراء (عليها السلام) " من أوضح مصاديق الكوثر، لأن رواية سبب النزول تقول: إن المشركين وصموا النبي بالأبتر، أي بالشخص المعدوم العقب، وجاءت الآية لتقول: إنا أعطيناك الكوثر. ومن هنا نستنتج أن الخير الكثير أو الكوثر هو فاطمة الزهراء (عليها السلام)، لأن نسل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) انتشر في العالم بواسطة هذه البنت الكريمة... وذرية الرسول من فاطمة لم يكونوا امتدادا جسميا للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فحسب، بل كانوا امتدادا رساليا صانوا الإسلام وضحوا من أجل المحافظة عليه وكان منهم أئمة الدين الاثني عشر، أو الخلفاء الاثني عشر بعد النبي كما أخبر عنهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الأحاديث المتواترة بين السنة والشيعة، وكان منهم أيضا الآلاف المؤلفة من كبار العلماء والفقهاء والمحدثين والمفسرين وقادة الأمة. والفخر الرازي في استعراضه لتفاسير معنى الكوثر يقول: القول الثالث " الكوثر " أولاده. قالوا لأن هذه السورة إنما نزلت ردا على من عابه (عليه السلام) بعدم الأولاد فالمعنى أنه يعطيه نسلا يبقون على مر الزمان، فانظر كم قتل من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به، ثم أنظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام) والنفس الزكية وأمثالهم. ٢ - إعجاز السورة هذه السورة تتضمن في الواقع ثلاثة من أنباء الغيب والحديث عن المستقبل. فهي أولا تتحدث عن إعطاء الخير الكثير للنبي (أعطيناك الكوثر) وهذا الفعل وإن جاء بصيغة الماضي، قد يعني المستقبل الحتمي الوقوع. وهذا الخير الكثير يشمل كل الانتصارات والنجاحات التي أحرزتها الدعوة الإسلامية فيما بعد. وهي ما كانت متوقعة عند نزول السورة في مكة. من جهة أخرى، السورة تخبر النبي بأنه سوف لا يبقى بدون عقب، بل إن ذريته ستنتشر في الآفاق. ومن جهة ثالثة، تخبر السورة بأن عدوه هو الأبتر، وهذه النبوءة تحققت أيضا، فلا أثر لعدوه اليوم، بنو أمية وبنو العباس الذين عادوا النبي وأبناءه كانوا ذا نسل لا يحصى عدده، ولم يبق اليوم منهم شئ يذكر. ٣ - " إنا " بصيغة الجمع، لماذا؟ يلاحظ في السورة وفي مواضع أخرى من القرآن أن الله سبحانه ذكر نفسه بصيغة الجمع (ضمير المتكلم مع الغير): إنا أعطيناك الكوثر. هذا التعبير لبيان عظمته جلت قدرته. فالعظماء حين يتحدثون عن أنفسهم، فلا يعنون بشخصهم فقط بل يخبرون عمن تحت إمرتهم. وهي كناية عن القدرة والعظمة وعن وجود من يأتمر بأمرهم. الآية الكريمة مؤكدة بحرف (إن) تأكيدا آخر، وعبارة " أعطيناك " تعني هبة الله سبحانه لنبيه هذا الكوثر، ولم يقل آتيناك. وهذه بشارة كبيرة للنبي تسلي قلبه أمام تخرصات الأعداء، وتثبت قدمه وتبعد الوهن عن عزيمته، وليعلم أن سنده هو الله مصدر كل خير وواهب ما عنده من خير كثير. ربنا! لا تحرمنا مما أنعمت به على نبيك من خير كثير. ربنا! إنك تعلم مدى حبنا لرسولك ولذريته الطاهرة، فاحشرنا في زمرتهم. ربنا! عظمة رسولك وعظمة رسالته لا تبلغها عظمة، اللهم فزدها عزة ومنعة وشوكة. آمين يا رب العالمين) (تفسير الامثل، الشيخ ناصر مكارم شيرازي، ج٢٠/ص٤٩٨). تحياتي لكم ودمتم بحفظ الله ورعايته

3