نَرجِس.. مُـحِبَةُ الزَهراءِ 🤎✨
( 17 سنة )
- العراق
منذ سنة
أصل السيدة نرجس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في احد المقاطع للشيخ احمد سلمان ذكر حضرته ان السيدة نرجس رضوان الله عليها ليست ببنت ملك قيصر الروم وحسب كلامه ان هنالك رواية للصادق عليه السلام يقول فيها ان نرجس كانت امة سوداء اهدتها السيدة حكيمة للامام الحسن العسكري عليه السلام وتزوجها
ولكني قرات في برنامجكم شيئا مخالفا تماما اذ قلتم انها بنت ملك قيصر الروم واشتراها النخاس بشر للامام
فما هي قصتها الحقيقية؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفق الله الجميع لكل خير
ننقل لكم ماورد في اصلها (عليهالسلام) كما تم ذكره في مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي)
تختلف الروايات والآراء في بيان أصل السيدة نرجس (عليها السلام) ومن أين قدمت، أو أين كانت، وفي ذلك يمكن ذكر الأقوال التالية:
القول الأول: من بلاد الروم:
الرأي المشهور يقول إن السيدة نرجس (عليها السلام) أصلها من الروم، وهذا الرأي يعتمد على النصوص الواردة في هذا المجال، وأن اسمها مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، ذكر ذلك كل من الشيخ الصدوق(١)، والشيخ الطبري(٢)، والشيخ الطوسي(٣).
وتنص هذه الرواية المشهورة، على أنها (عليها السلام) جاءت من بلاد الروم عندما حصلت حرب بين المسلمين والروم ووقعت في الأسر، ومن ثم بيعت في سوق النخاسين ببغداد واشتراها بشر بن سليمان النخاس وهو الشخص الذي أرسله الإمام الهادي (عليه السلام) من سامراء إلى بغداد لهذا الغرض، ثم أخذها إلى سامراء حيث بيت الإمام الهادي (عليه السلام) وسلَّمها إلى السيدة حكيمة (عليها السلام) لتعلمها الأحكام الشرعية.
وأيضاً توجد رواية للفضل بن شاذان تنص على أن أصل السيدة نرجس (عليها السلام) من الروم(٤).
القول الثاني: ولدت في بيت السيدة حكيمة (عليها السلام):
وهذا الرأي يختلف عن سابقه حيث يصرح بولادة السيدة نرجس (عليها السلام) في بيت السيدة حكيمة (عليها السلام)، وأول من نقل ذلك فيما نعلم هو الشيخ حسين عبد الوهاب في كتابه (عيون المعجزات) حيث يقول:
(قرأت في كتب كثيرة بروايات كثيرة صحيحة أنه كان لحكيمة بنت أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) جارية ولدت في بيتها وربَّتها، وكانت تسمّى نرجس، فلما كبرت دخل أبو محمد فنظر إليها، فقالت له عمته حكيمة: أراك يا سيدي تنظر إليها، فقال (عليه السلام): «إني ما نظرت إليها متعجباً، أما أن المولود الكريم على الله يكون منها»، ثم أمرها أن تستأذن أبا الحسن أباه (عليه السلام) في دفعها إليه، فقلت، فأمرها بذلك)(٥).
وقال الشيخ الصدوق بسند ينتهي إلى محمد بن عبد الله الطهوي: (قصدت حكيمة بنت محمد (عليه السلام) ... المزید قالت: نعم كانت لي جارية يقال لها: نرجس فزارني ابن أخي... فقلت: فأرسلها إليك يا سيدي؟ فقال: «استأذني في ذلك أبي (عليه السلام)»،...)(٦).
وهذه الرواية تدل على أن السيدة نرجس (عليها السلام) كانت في بيت حكيمة، وأنها ملك لها وإن كانت رواية الشيخ الصدوق لا تصرح بالولادة في بيتها.
وقال الشيخ المسعودي: (إن بعض أخوات أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) كانت لها جارية ولدت في بيتها وربَّتها تسمى نرجس، فلما كبرت وعبلت دخل أبو محمد (عليه السلام) فنظر إليها فأعجبته... ثم أمرها أن تستأذن أبا الحسن في دفعها إليه...)(٧).
والرواية تصرح بالولادة في بيت حكيمة وأنها ربَّتها وأعطتها الإمام الهادي (عليها السلام) ووهبتها إلى الإمام العسكري (عليه السلام).
ونقل كلام المسعودي صاحب أعيان الشيعة قال: (قال المسعودي في كتاب إثبات الوصية: روى لنا الثقات من مشايخنا أن بعض أخوات أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام) كانت لها جارية ولدت في بيتها وربَّتها تسمى نرجس...)(٨).
وروى المحدث البحراني في مدينة المعاجز نقلاً عن الطبري: (... وأنه كان عندي صبية يقال لها نرجس وكنت أربيها من بين الجواري ولا يلي تربيتها غيري...)(٩)، وهو حياوي من جهة الولادة في بيتها، وإن كان فيه إشعار لذلك بملاحظة (كان عندي صبية) فهي منذ صغرها في بيتها.
القول الثالث: من النوبة في السودان:
إن القول بأن أُم القائم (عليه السلام) كان أصلها من بلاد النوبة في السودان هو قول ضعيف لأن من قال بذلك اعتمد على رواية القافة(١٠)، حيث ورد التعبير فيها: «... بأبي ابن خيرة الإماء ابن النوبة الطيبة المنتجبة الرحم...»، التي قد يفهم فيها أن المقصود هي أُم القائم (عليها السلام)، ولكن التحقيق أن الوصف هذا وارد في أُم الإمام الجواد (عليه السلام)، ولغرض التوضيح ننقل الرواية الطويلة بتمامها:
روى الشيخ الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني جميعاً، عن زكريا بن يحيى بن النعمان الصيرفي قال: سمعت علي بن جعفر يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين فقال: والله لقد نصر الله أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال له الحسن: إي والله جعلت فداك لقد بغى عليه إخوته، فقال علي بن جعفر: إي والله ونحن عمومته بغينا عليه، فقال له الحسن: جعلت فداك كيف صنعتم فإني لم أحضركم؟
قال: قال له إخوته ونحن أيضاً: ما كان فينا إمام قط حائل اللون(١١)، فقال لهم الرضا (عليه السلام): «هو ابني»، قالوا: فإن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد قضى بالقافة فبيننا وبينك القافة، قال: «ابعثوا أنتم إليهم، فأمّا أنا فلا، ولا تعلموهم لما دعوتموهم ولتكونوا في بيوتكم».
فلما جاءوا أقعدونا في البستان واصطف عمومته وإخوته وأخواته وأخذوا الرضا (عليه السلام) وألبسوه جبة صوف وقلنسوة منها ووضعوا على عنقه مسحاة وقالوا له: ادخل البستان كأنك تعمل فيه، ثم جاءوا بأبي جعفر (عليه السلام) فقالوا: ألحقوا هذا الغلام بأبيه، فقالوا: ليس له ههنا أب، ولكن هذا عم أبيه، وهذا عم أبيه، وهذا عمه، وهذه عمته، وإن يكن له ههنا أب فهو صاحب البستان، فإن قدميه وقدميه واحدة، فلما رجع أبو الحسن (عليه السلام) قالوا: هذا أبوه.
قال علي بن جعفر: فقمت فمصصت ريق أبي جعفر (عليه السلام) ثم قلت له: أشهد أنك إمامي عند الله، فبكى الرضا (عليه السلام)، ثم قال: «يا عم، ألم تسمع أبي وهو يقول: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): بأبي ابن خيرة الإماء، ابن النوبية الطيبة الفم، المنتجبة الرحم، ويلهم لعن الله الأعيبس(١٢) وذريته، صاحب الفتنة، ويقتلهم سنين وشهوراً وأياماً يسومهم خسفاً ويسقيهم كأساً مصبرة، وهو الطريد الشريد الموتور بأبيه وجده صاحب الغيبة، يقال: مات أو هلك، أي واد سلك، أفيكون هذا يا عم إلّا مني»، فقلت: صدقت جعلت فداك(١٣).
وبعد ذكر الرواية يتَّضح أن المقصود بـ«النوبية الطيبة» هنا، هي أُم الإمام الجواد (عليه السلام)، وأمّا المقصود بالابن فيمكن القول إن فيه احتمالان هو الابن المباشر وهو الإمام الجواد (عليه السلام) وهذا يتناسب مع سياق الرواية.
والثانية الابن بواسطة وهو الإمام القائم (عجَّل الله فرجه) وهو يتناسب مع الفقرة البعدية من الرواية «ويقتلهم سنين»، وتكون أُم الإمام الجواد (عليه السلام) أمًّا للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) باعتبارها جدة.
قال في معجم أحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه): (المقصود بـ(ابن خيرة الإماء النوبية) الإمام الجواد (عليه السلام) الذي ورد في وصفه أنه يميل إلى السمرة...)(١٤).
وقال في المعجم الموضوعي: (... ورد في تعبير (ابن خيرة الإماء) في حق الإمام المهدي (عليه السلام) وفي حق جده الإمام الجواد (عليه السلام) وأُمّه نوبية سوداء ݣ...)(١٥).
وقال العلامة المجلسي مضعفاً هذا القول، أي إن للقائم أُمًّا سوداء بقوله: (بيان قوله (عليه السلام): «ابن أَمَة سوداء» يخالف كثيراً من الأخبار التي وردت في وصف أُمِّه (عليه السلام) ظاهراً، إلّا أن يحمل على الأُم بالواسطة أو المربية)(١٦).
القول الرابع: من المدينة المنورة:
وهذا الرأي ضعيف أيضاً وهو يفترض أن أُم القائم (عجَّل الله فرجه) هي مريم بنت زيد العلوية أخت محمد بن زيد والحسن بن زيد الداعي بطبرستان وهما من المدينة المنورة، فيكون أصلها وولادتها في المدينة المنورة.
قال الشهيد الأول(١٧)، في الدروس: (أُمُّه صقيل، وقيل: نرجس، وقيل: مريم بنت زيد العلوية)(١٨).
وإذا رجعنا إلى المصادر التي قبل وقت الشهيد الأول لم نجد ذكراً لهذا الاسم إلّا من الخصيبي في كتابه (الهداية الكبرى) المتوفى سنة (٣٣٤هـ)، حيث ذكر ذلك وضعَّفه، وذكر أن الصحيح في اسم السيدة هو (نرجس)، قال: (وأُمُّه صقيل، وقيل: نرجس، ويقال: سوسن، ويقال: مريم ابنه زيد أخت حسن ومحمد بن زيد الحسيني الداعي بطبرستان، وأن التشبيه وقع على الحواري أُمّهات الأولاد والمشهور الصحيح: نرجس...)(١٩).
وأمّا الحسن بن زيد فهو الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني الزيدي الملقب بالداعي الخارج بطبرستان، ولد ونشأ في المدينة ثم أقام بالعراق فضاقت عليه الأمور هناك، فقصد بلاد الديلم وأسلم على يده جماعة وسكن الري، ولما كثر ظلم محمد بن أوس البلخي في طبرستان كتب هو إلى الحسن يبايعونه على أن يحكم فيهم بالعدل والإنصاف ويسير بسيرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعلي (عليه السلام)، فجاءهم وزحف بهم فاستولى على طبرستان وكثر جيشه، فملك جرجان ونواحيها، ثم دخل الري بعد هزيمة جيوش المستعين العباسي ودعا إلى الرضا من آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، واستمر ملكه عشرين سنة وتوفي بطبرستان سنة (٢٧٠هـ)(٢٠).
وأمّا أُم الحسن بن زيد، فهي آمنة بنت عبيد الله بن عبد الله بن الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين (عليه السلام)(٢١).
والمفروض أن مريم بنت زيد العلوية هي بنت لها وفي حدود تتبعنا لم نعثر في المصادر على بنت لآمنة أو لزيد بهذا الاسم، وهذا يضعف هذا الرأي كون أُم القائم (عجَّل الله فرجه) هي مريم بنت زيد، وقد ذكر أيضاً في المصادر أن ختن الحسن بن زيد الداعي الكبير هو أبو الحسين أحمد بن محمد بن إبراهيم(٢٢)، والختن(٢٣) هو زوج البنت أو زوج الأخت.
فلو كان الإمام العسكري (عليه السلام) ختنا للحسن بن زيد لذكرته المصادر التاريخية ولم تهمله، وكيف تهمل مثل هكذا شرط ولم تنقله، وهذا يجعلنا في اطمئنان أن مريم بنت زيد - إنْ وجدت - فهي ليست أُمًّا للقائم (عجَّل الله فرجه).
الخلاصة:
وأنه يوجد أربعة أقوال في أصل السيدة نرجس (عليها السلام):
الأول: المشهور أنه من بلاد الروم وهو الراجح لاشتهار رواية محمد بن بشر الشيباني واعتضادها بروايتين للفضل بن شاذان.
وأمّا الثاني: هو كونها ولدت في بيت السيدة حكيمة (عليها السلام)، فيأتي في المرتبة الثانية لتضعيفه من قبل المتقدمين كما ذكرنا.
وأمّا الثالث: وكونها من النوبة فقد تقدمت مناقشته.
وكذا الرابع: القائل بأنها مريم بنت زيد العلوية لا يمكن المصير إليه لما تقدم.
الهوامش:
(١) كمال الدين وتمام النعمة: ٤١٧.
(٢) دلائل الإمامة: ٤٩٢.
(٣) الغيبة للشيخ الطوسي: ٢٠٨.
(٤) مختصر إثبات الرجعة: ج٩، ح١١، المطبوع في مجلة تراثنا العدد١٥/٢١١-٢١٢.
(٥) عيون المعجزات: ١٢٧.
(٦) كمال الدين وتمام النعمة: ٤٢٦-٤٣٠.
(٧) إثبات الوصية: ٢٧٢.
(٨) أعيان الشيعة: ٦/٢١٧.
(٩) مدينة المعاجز ٨/٣٤.
(١٠) القافة: جمع القائف وهو الذي يعرف الآثار والأشياء ويحكم بالنسب.
(١١) الحائل: المتغير اللون.
(١٢) (ويلهم) أي ويل لبني العباس، و(الاعيبس) مصغر الأعبس وهو كناية عن العباس لاشتراكهما في معنى كثرة العبوس أو هو من باب القلب والمستتر في تقتلهم للذرية (راجع كتاب الوافي ٢/٣٨٠).
(١٣) الكافي: ج٢، ص٣٢٢-٣٢٣.
(١٤) معجم أحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه): ج٤، ص١٥٨.
(١٥) المعجم الموضوعي: ص٧٧٤.
(١٦) بحار الأنوار: ج٥١، ص٢١٩.
(١٧) محمد بن مكي العاملي (٧٣٤-٧٨٦) هو المحقق الجليل المتضلع في الفقه المعروف بإمام الفقه، من مصنفاته كتاب (الذكرى) و(الدروس الشرعية في فقه الإمامية) و(غاية المراد في شرح نكت الإرشاد) و(اللمعة الدمشقية) وغيرها (موسوعة طبقات الفقهاء (المقدمة): ج٢، ص٣٣٠).
(١٨) الدروس الشرعية في فقه الإمامية: ج٢، ص١٦.
(١٩) الهداية الكبرى: ص٣٢٨.
(٢٠) موسوعة طبقات الفقهاء: ج٣، ص١٨٥.
(٢١) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب - ابن عتبه: ق٨٢٨/٣١٦.
(٢٢) عمدة الطالب: ٩٦.
(٢٣) قال في لسان العرب: ١٣/١٣٨.