علي كرار - فرنسا
منذ 4 سنوات

 لا منافاة بين علمه تعالى وبين خلقه

أطال عمركم مولانا الكريم وإذ إنني قد أنهكني التفكير في هدفية الخلق، فإنكم تقولون أنها للعبادة و الحساب في يوم القيامة. ولكن الأمر سابق لذلك إذ ما الهدف من الخلق قبل الخلق إذ لم تكن الحاجة للعبادة، ولم يكن هناك إنسان لتكون مصلحته في ذلك؟هذا السؤال قد أدى بالعديد من أصدقائي لترك العبادة والتشكيك بوجود الإله.أرجو الله وأرجوكم أن تجيبوني على سؤالي مع الشكر الجزيل


الأخ علي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهبعد ان خلق الله الخلق تفضلا منه جعل لهم غاية، وهذه الغاية هي تحقيق الامكانات التي فطر خلقه عليها، واوضحها غريزة حب الكمال، ولم يخلقهم منذ البداية كاملين، ولكنه شاء ان يجعلهم في معرض التكامل بالعمل والمجاهدة والسعي. والله تعالى ليس محتاجا الى عبادة الخلق، ولكنه جعل العبادة من اسباب تكاملهم، لان في الانسان جنبتين جنبة ظاهرية وجنبة باطنية روحية، ويتكامل الانسان في جنبته الظاهرية بالاعمال البدنية الظاهرية ومنها اعمال البر والصلاح وافضلها الصلاة والصوم والزكاة والحج والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.. واما الجنبة الباطنية فتتكامل باعمال القلوب كالعقائد الحقة والنوايا الطيبة واوضحها الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر...ولا موضوع للعبادة قبل الخلق، واما بعد الخلق فلا ينبغي ان يفهم من العبادة ما لازمه احتياج المعبود الى العبادة، كيف وهو الغني الكامل على الاطلاق؟ ولكنه سبحانه لعظيم فضله وجوده وكرمه خلق الانسان ووهبه طاقات وقابليات كامنة وندبه الى العمل والعلم حتى تخرج تلك القابليات الى التحقق، بشرط ان يلتزم الانسان بما شرعه الله تعالى من الاعمال الجوارحية والجوانحية، فاذا امتثل امر الله تعالى ونهيه يترقي في الدرجات حتى يصل الى اوج الكمال اللائق به فيستحق الخلود الابدي في الجنة والرضوان وقد وهبه آلات تساعده على تفعيل تلك الطاقات الكامنة كآلات الحركة من اليد والرجل وألات الادراك كالسمع والبصر والعقل..الخ فضلا عن القوة الدافعة له نحو العمل وهي الارادة الحرة.ودمتم في رعاية الله