إن طاعة الوالدين واجبة على الأولاد في الحدود التي فيها طاعة لله تعالى ، كالإحسان إليهما، ومصاحبتهما بالمعروف بعدم الإساءة إليهما قولاً أوفعلاً وإن كانا ظالمين له، وفي النص :"وإن ضرباك فلا تنهرهما وقل : غفر الله لكما"( الكافي/ج٢/ص١٥٨)، هذا فيما يرجع إلى شؤونهما.
وأمّا فيما يرجع إلى شؤون الولد نفسه، مما يترتب عليه تأذّي أبويه أو أحدهما ، فهو إمّا أن يكون تأذّيهما أو أحدهما ناشئاً من شفقتهما عليه، فيحرم التصرّف المؤدّي إليه سواء نهاه أحدهما عنه أم لا، وإمّا أن يكون تأذّيهما أو أحدهما ناشئاً من اتصافه ببعض الخصال الذميمة، كعدم حبّه الخير لولده دنيوياً كان أم أخروياً، فحينئذ لا أثر لتأذّي الوالدين أو أحدهما إذا كان من هذا القبيل، ولا يجب على الولد التسليم لرغباتهما من هذا النوع، وبذلك يظهر أن إطاعة الوالدين في أوامرهما ونواهيهما الشخصية غير واجبة في حدّ ذاتها.
ولذا عليكِ أن تتعاملي مع أبيك ببيان أهمية الإلتزام بالأمور الدينية، حسب طريقة الأئمة (عليهم السلام ) وتعاملهم مع الناس، فما أوصى به الإمام الرضا (سلام الله عليه) شيعته ومحبّيه بأن يتعلّموا علومهم ويحدّثوا الناس بها وينشروها بينهم، فإنه (سلام الله عليه) قال: "فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا"(بحارالانوار، ج27، ص92).
فالقول لهم إن الصلاة عمود الدين، وبأداء الصلاة يكون الفارق بين المسلم والكافر، والصلاة سعادة وهناء، وخير وبركة، ومن أحبّ نفسه وأراد لها الخير التزم بالصلاة.
وأن لا تتعبي ولا تملّي من النصيحة باللين، وباللسان الجميل، وبالوجه الطلق، وأن تقومي بواجباتك بأحسن وجه، هادفة هدايتهم فإن النصيحة الحسنة، والكلمة الطيبة مع السلوك الحسن تؤثّر أثرها الحسن والطيّب إن شاء الله تعالى، وفي الحديث النبوي الشريف: "ياعليّ وأيّم الله لأن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس"(ميزان الحكمة/ج٤/ ٣٤٤٣)
فينبغي أن يكون المؤمن حسن الخلق، وأن يستميل النفوس ويستهوي القلوب، ويزرع المحبّة ويزيد في المودّة، ويهدي إلى الفعل الحسن، قال الله تعالى في وصف النبي الأكرم(صلى الله عليه واله): {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(القلم/٤)، وروي أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله ) قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ( بحار الأنوار /ج ٦٨ص ٣٨٢)،
وعليه فيلزم أن يكون المؤمن عَلَماً وهادياً لمن ضلّ عن الحق، وقال (صلّى الله عليه وآله) أيضاً: "من أكثر ما يُدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق"(مسند زيد بن علي/ص475)، وقال (صلّى الله عليه وآله) أيضاً: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً" (مسند احمد/ج6/ص99) ومن تعامل مع الآخرين بالخلق الحسن فقد ملكهم.