عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لابد من العلم أولاً أنّ طاعة الوالدين ليست واجبة على الولد في حد نفسها، والواجب على الولد تجاه أبويه أمران:
* (الأول): الإحسان اليهما، بالانفاق عليهما إن كانا محتاجين، وتأمين حوائجهما المعيشيّة، وتلبية طلباتهما، فيما يرجع الى شؤون حياتهما في حدود المتعارف والمعمول بحسبما تقتضيه الفطرة السليمة، ويعدُّ تركها تنكراً لجميلهما عليه، وهو أمر يختلف سعة وضيقاً بحسب اختلاف حالهما من القوة والضعف.
* (الثاني): مصاحبتهما بالمعروف، بعدم الإساءة اليهما قولاً أو فعلاً، وان كانا ظالمين له، وفي النص: «وإن ضرباك فلا تنهرهما وقل: غفرالله لكما».
هذا فيما يرجع الى شؤونهما. وأما فيما يرجع الى شؤون الولد نفسه، مما يترتب عليه تأذي أحد أبويه فهو على قسمين:
١. أن يكون تأذيه ناشئاً من شفقته على ولده، فيحرم التصرف المؤدي اليه، سواء نهاه عنه أم لا.
٢. أن يكون تأذيه ناشئاً من اتصافه ببعض الخصال الذميمة كعدم حبه الخير لولده دنيوياً كان أم اَخروياً.
ولا أثر لتأذي الوالدين إذا كان من هذا القبييل، ولا يجب على الولد التسليم لرغباتهما من هذا النوع.
وبذلك يظهر أن إطاعة الوالدين في أوامرهما ونواهيهما الشخصية غير واجبة في حدّ نفسها . ١
بعد كل هذا ، فإن كنت لم تسئ لهما بقول أو بفعل ، ولم تتخلى عن تقديم المساعدة لهما إذا احتاجاها ، فأنت لست بعاق . نعم لابد أن تعلم أن الاختلاف بالرأي وطريقة الحياة لا تبرر توجيه النقد اللاذع لهما فهو قد يكون من الإيذاء بالكلام ، وهو ليس ببعيد . عليكَ أن تخاطبهما باحترام ، ولا يمنع ذلك اختلافك معهم في وجهة النظر ، لكن أنت كررت أكثر من مرّة أنهم جهلة ، وهذا وإن كان صحيح لكن لا يجوز مخاطبتهم به لأنه من الإيذاء بالقول .
دفع الله عنكم كل مكروه ، وعلمكم ما ينفعكم ، ونفعكم بما علمكم ، انه سميع مجيب.