logo-img
السیاسات و الشروط
- العراق
منذ سنة

النعمة والنقمة

السلام عليكم ما الفرق بين النعمة والنقمة؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته . إنّ كلمة النعمة في أصل اللغة تدل على الحالة التي يستلذها الإنسان ويستطيبها ويتمناها، وعلى ذلك فإنّه يراد بها رفاهية العيش وطيبه ومتعته ورغده وسعته. والنعمة اصطلاحاً: هي المنفعة الواصلة إلى الغير على جهة الإحسان إليه، وهي موجبة للشكر المستلزم للمزيد. وتطلق النعمة أيضاً في لسان الأئمّة عليهم السلام تارة على الدين، وتارة عليهم، وعلى موالاتهم ومحبّتهم، كما هو ظاهر من التتبّع. فالنعمة جنس عام تندرج فيه أنواع النِّعم, فمنها نعمة الدين ونعمة الولاية ونعمة الصحة في البدن والسمع والبصر والعقل وجميع الأعضاء، وأعظمها نعمة الدين والثبات على النهج القويم لمحمد(صلى الله عليه وآله وسلم) وآله الطاهرين(عليهم السلام)، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا)، فهي أعظم نعمة وأجل منّة امتنّ الله تعالى بها على هذه الأمة، وقد نوّه الله عزّ ذِكره بهذه النعمة العظيمة بقوله سبحانه: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ), وإنّما كانت هذه النعمة هي أجلّ النعم وأعظمها؛ لأنّ بها حصل الخروج من الظلمات إلى النور والظفر بالهداية والسلامة من الغواية. تُقسم النِّعَم الإلهيّة على الإنسان بين نِعَمٍ ظاهريّة ونِعَمٍ باطنيّة، قال عزَّ وجلَّ: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِير﴾. وورد عن ابن عبّاس في تفسير هذه الآية الكريمة، "قال: سألت النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عن قوله تعالى: (ظاهرة وباطنة). فقال: يا بن عبّاس! أمّا ما ظهر فالإسلام، وما سوّى الله من خلقك، وما أفاض عليك من الرزق. وأمّا ما بطن فستر مساوئ عملك ولم يفضحك به. يا بن عبّاس إنّ الله تعالى يقول: ثلاثة جعلتهنّ للمؤمن ولم تكن له: صلاة المؤمنين عليه من بعد انقطاع عمله، وجعلت له ثلث ماله أُكفِّر به عنه خطاياه، والثالث: سترت مساوئ عمله ولم أفضحه بشيء منه ولو أبديتُها عليه لنبذه أهله فمن سواهم. إنّ نِعَم الله عزَّ وجلَّ على الإنسان كثيرة لا تحصى-نذكر هنا بعض مظاهرها وتجلّياتها في حياة الإنسان المؤمن، والّتي من أبرزها وأعظمها: 1ـ نعمة خلق الإنسان وأصل إيجاده في عالم الوجود، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام: "قل ما أوّل نعمة أبلاك الله عزَّ وجلَّ وأنعم عليك بها؟ قال: أنْ خلقني جلّ ثناؤه ولم أك شيئاً مذكوراً، قال: صدقت". 2ـ نعمة الولاية وهي من النِّعم العظيمة الّتي منّ بها الله تبارك وتعالى على شيعة أهل البيت عليهم السلام، وجعلها من تمام الدين: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾. وقد جاء في حديث الغدير أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "أيّها الناس ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾قالوا: بلى، قال: "من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره". 3- ومن نِعَم الله تعالى على الإنسان الرزق والسعة في المال "اللّهمّ اعطني السعة في الرزق". وهنا لا بدّ أن يقطع الإنسان بأنّ مصدر الرزق هو الله تعالى ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا﴾، بالتالي لا بدّ أن يسعى الإنسان نحو الرزق الحلال الطيّب وأن يكون السؤال والطلب من الله سبحانه، ونحن نقرأ في تعقيب صلاة العشاء: "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لِي عِلْمٌ بِمَوْضِعِ رِزْقِي، وَإِنَّمَا أَطْلُبُهُ بِخَطَرَاتٍ تَخْطُرُ عَلَى قَلْبِي، فَأَجُولُ فِي طَلَبِهِ الْبُلْدَانَ، فَأَنَا فِيمَا أَنَا طَالِبٌ كَالْحَيْرَان… 4ـ نعمة الأمان في الوطن، وهي من النِّعم الأساس في حياة الفرد والمجتمع. وإذا كانت نعمة الأمان في الدنيا هي نعمة مطلوبة ومهمّة، فإنّ أمان يوم القيامة ويوم الفزع الأكبر هو أكثر أهميّة من أمان الدنيا والوطن. 5- نعمة الزوجة والأولاد والحياة الأُسريّة السعيدة كما يدعو الإمام زين العابدين عليه السلام: "اللّهمّ وأعطني… قرّة العين في الأهل والمال الولد". ومعنى قرّة العين: أنّ الإنسان تكون عينه هادئة مسرورة، وهو كناية عن الحياة السعيدة بين الزوج والزوجة والأولاد. وهذا ما أكّد عليه المولى عزَّ وجلَّ: ﴿.. رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾. و النقمة هي العقوبة من الانتقام وهي عكس النعمة فاذا عرفت النعمة تبين لك معنى النقمة دمتم في رعاية الله