مصطفى عبد الله - السعودية
منذ 4 سنوات

 فلسفة الخلقة

ولكن هذا الفعل ( المشيئة ) مسبوق بالعدم, له نقطة بداية, من الممكنات, خلقه الله, يعني مخلوق, لأنه غير الله, لأنه ليس عين الله, والعياذ بالله ؟ فإذا كان الفعل ليس بمخلوق ؟ فهل هو خالق ؟ سؤال: هل الفعل ( المشيئة ) ممكن الوجود أم واجب الوجود ؟ هل هي من الممكنات والإمكان أم في صقع الوجوب عز وجل ؟ أما بالنسبة لهذا المثال ( أيهما أفضل حركة يد الكاتب أم القلم الذي يكتب به ؟ ) فإن حركة يد الكاتب غير الله والقلم الذي يكتب به غير الله وكل غير الله فهو مخلوق من عند الله ؟ فإن كانت لامعنى ل أيهما أفضل عند الله هل هو المشيئة أم النبي صلى الله عليه وآله ؟ فهذا يقودنا أنه لاتصح المقارنة بين النبي وبين غير الإنسان ؟ يعني لا يصح القول أن النبي محمد أفضل الخلق, أفضل المخلوقات, أفضل الممكنات ؟ فقط نقول أن النبي محمد أفضل إنسان من الناس, أفضل بشر من البشر, أفضل واحد في الكائنات الإنسانية أو البشرية أو بني آدم ؟ يعني لايصح القول أن النبي محمد أفضل من الملائكة و لا الملائكة أفضل من النبي ؟ اذ أن المقارنة باطلة ؟ فيجب أن تكون المقارنة بين شيئين من نفس الجنس و من نفس الرتبة ؟ حيث الفرق يكون في درجة الرتبة ؟


الأخ مصطفى المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اعلم أن الله سبحانه كان ولا شئ معه غيره، ثم خلق المشيئة بنفسها لا من شئ غير نفسها حين خلقها، فالمشيئة خلقها بنفسها في مكانها ووقتها، فمكانها الإمكان ووقتها السرمد، فهذه الثلاثة (المشيئة والإمكان والسرمد) هي الإمكان الراجح أو الوجود المطلق، وأما المشاءات فهي الإمكان المساوي أو الوجود المقيد، أوله العقل الكلي وآخره ما تحت الثرى. فلما أمكن الله الممكنات كانت حصصها الجزئية بالنسبة إلى الإمكان الكلي حصصا كلية غير متناهية. مثلا: أحدث في الإمكان الراجح إمكان (زيد) على وجه كلي غير متناه. ومعنى ذلك: أن حصة زيد من الإمكان الراجح قبل التكوين يجوز أن تكون زيدا أو عمرا أو جبلا أو جملا أو طيرا أو أرضا أو سماء أو ملكا أو شيطانا أو معدنا أو نباتا وهكذا الى غير نهاية، فزيد في العلم الحادث وفي مقام الإمكان الراجح يكون صالحا لأن يكون حصة لأي شيء؛ لأنه غير مكون بعد بل مذكور في العلم فقط، قال تعالى: (أولا يذكر الإنسان إنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) يعني: لم يكن شيئا مكونا ولكنه شيء معلوم ممكن، ويجوز أن نقول أيضا: هو شيء يعني هو ممكن وليس مكوناً، قال تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) يعني أنه لم يمر عليه وقت من الدهر إلا وهو مذكور ولكنه مذكور في العلم والإمكان لا أنه مذكور في التكوين. والآن لنأت إلى الإجابة عن أسئلتك: أولاً: أن الواجب سبحانه احدث فعله لا من فعل آخر حتى يكون مسبوقا بالعدم. وبيان ذلك: ان الفعل هو حركة ايجادية لا يحتاج حدوثها إلى حركة غيرها حتى يحدثها بها. وهذا ما أشار إليه الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام ) في قوله: (خلق الله الاشياء بالمشية وخلق المشية بنفسها) يعني: ان الله سبحانه و تعالى خلق الفعل بنفس الفعل، ففاعليته نفسه بالله تعالى، فهو الكاف المستديرة على نفسها. ثانياً: أية مفاضلة بين أمرين فلابد أن تكون مبتنية أو مؤسسة على مبدأ السنخية، فمقارنة شيء بشيء آخر لأجل معرفة فضل أحدهما على الآخر ينبغي أن تكون بملاحظة سنخ وموضع ذينك الشيئين في إحدى السلسلتين الطولية أو العرضية ضمن نظام التكوين حتى لا تكون المفاضلة بلا مستند ـو مبدأ فتصير تحكما بغير علم أو مجرد حذلقة كلامية جوفاء... فمن يسأل عن التفاضل بين أمرين لا توجد بينهما سنخية أو مناسبة لا يكون سؤاله إلا عبثا: مثلا: من يطلب المفاضلة بين اللون الأحمر وفعل الخير، أو بين الحلاوة وكوكب المريخ أو بين حركة اليد والقلم الحبر...الخ، فإن طلبه هذا يعد نوعا من العبث أو التندر الفارغ أو الحذلقة الجوفاء. ولا يشفع له لأجل تصحيح المفاضلة أن جميع هذه الأمور مخلوقة لله عز وجل، فمن المعلوم أن جميع الأشياء مخلوقة ولكن النسب والمقارنات فيما بينها لابد أن تكون مستندة إلى أساس أخص من محض المخلوقية، أي مع ملاحظة أمر يشترك فيه المتفاضلان سوى كونهما مخلوقان أو مفعولان. ثم أننا قد ذكرنا أن الحقيقة المحمدية فائضة عن فعل الله تعالى أو عن مشيئته، والمشيئة من عالم الإمكان الراجح بينما الحقيقة المحمدية أول مخلوق في عالم التكوين، والتفاضل بين الأشياء لا يصح إلا في عالم التكوين، لأنها في عالم الإمكان حصصا كلية غير متناهية، ولها الصلوح والقابلية لأن تكون في الوجود المقيد (عالم التكوين) أي شيء من الأشياء. ودمتم في رعاية الله