logo-img
السیاسات و الشروط
محمد جاسم الفاطمي ( 20 سنة ) - العراق
منذ سنة

حرق الحنابلة لمرقد الامامين الكاظمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وطابت اوقاتكم بلخير والبركة بمحمد وال محمد عليهم الصلاة والسلام... نريد تفصيل من حضراتكم الكريمة عن واقعة حرق الحنابلة لمرقد الامامين الهمامين الكاظمين (سلام الله عليهما) في القرن الرابع الهجري مع التفضل بذكر المصادر والاحداث وشكرا لكم.


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته قال‌ ابن‌ الاثير في‌ حوادث‌ سنة‌ 443: في‌ هذه‌ السنة‌، في‌ صفر، تجدّدت‌ الفتنة‌ ببغداد بين‌ السُّنّة‌ والشيعة‌، وعظمت‌ أضعاف‌ ما كانت‌ قديماً، فكان‌ الاتّفاق‌ الذي‌ ذكرناه‌ في‌ السنة‌ الماضية‌ غير مأمون‌ الانتقاض‌، لما في‌ الصدور من‌ الإحَن‌. وكان‌ سبب‌ هذه‌ الفتنة‌ أنّ أهل‌ الكرخ‌ شرعوا في‌ عمل‌ باب‌ السمّاكين‌، وأهل‌ القلاّئين‌ في‌ عمل‌ ما بقي‌ من‌ باب‌ مسعود. ففرغ‌ أهل‌ الكرخ‌، وعملوا أبراجاً كتبوا علیها بالذهب‌: مُحَمَّدٌ وَعليّ خَيْرُ البَشرِ. وأنكر السُّنّة‌ ذلك‌ وادّعوا أنّ المكتوب‌: مُحَمَّدٌ وَعليّخَيْرُ البَشَرِ، فَمَن‌ رَضِي‌َ فَقَدْ شَكَرَ، وَمَنْ أَبِيَ فَقَدْ كَفَرَ . وأنكر أهل‌ الكرخ‌ الزيادة‌ وقالوا: ما تجاوزنا ما جرت‌ به‌ عادتنا فيما نكتبه‌ علی‌ مساجدنا. فأرسل‌ الخليفة‌ القائم‌ بأمر الله‌ أبا تمّام‌، نقيب‌ العبّاسيّين‌، ونقيب‌ العلويّين‌، وهو عدنان‌ ابن‌ الرضي‌ّ لكشف‌ الحال‌ وإنهائه‌، فكتبا بتصديق‌ قول‌ الكرخيّين‌. فأمر حينئذٍ الخليفة‌ ونوّاب‌ الرحيم‌ بكفّ القتال‌، فلم‌يقبلوا. وانتدب‌ ابن‌ المذهب‌ القاضي‌، والزهيري‌ّ، وغيرهما من‌ الحنابلة‌ أصحاب‌ عبدالصمد أن‌ يحمل‌ العامّة‌ علی‌ الإغراق‌ في‌ الفتنة‌. فأمسك‌ نوّاب‌ الملك‌ الرحيم‌ عن‌ كفّهم‌ غيظاً من‌ رئيس‌ الرؤساء لميله‌ إلی‌ الحنابلة‌. ومنع‌ هؤلاء السنّة‌ من‌ حمل‌ الماء من‌ دجلة‌ إلی‌ الكرخ‌. وكان‌ نهر عيسي‌ قد انفتح‌ بثقه‌، فعظم‌ الامر علیهم‌، وانتدب‌ جماعة‌ منهم‌ وقصدوا دجلة‌ وحملوا الماء وجعلوه‌ في‌ الظروف‌، وصبّوا علیه‌ ماء الورد، ونادوا: المَاءُ لِلسَّبِيلِ ( أي‌: أنّ الماء الذي‌ حرمتمونا منه‌ ها نحن‌ نهيّئه‌ بيُسر، وقد مزجنا به‌ ماء الورد، ونوزّعه‌ في‌ سبيل‌ الله‌ مجّاناً في‌ كلّ سكّة‌ وزقاق‌!) فأغروا بهم‌ السُّنّة‌. وتشدّد رئيس‌ الرؤساء علی‌ الشيعة‌، فمحوا خَيْرُ البَشَرِ، وكتبوا عَلَیهِمَا السَّلاَمُ، أي‌: علی‌ مُحَمَّدٍ وَعليّ صلّي‌ الله‌ علیهما وآلهما. فقالت‌ السنّة‌: لا نرضي‌ إلاّ أن‌ يقلع‌ الآجر الذي‌ علیه‌: مُحَمَّدٌ وَعلی‌ٌّ، وأن‌ لا يُؤَذَّن‌: حَي‌َّ عَلَی‌ خَيْرِ العَمَلِ . وامتنع‌ الشيعة‌ من‌ ذلك‌. ودام‌ القتال‌ إلی‌ ثالث‌ ربيع‌ الاوّل‌. وقُتل‌ فيه‌ رجل‌ هاشمي‌ّ من‌ السُّنّة‌، فحمله‌ أهله‌ علی‌ نعش‌، وطافوا به‌ في‌الحربيّة‌، وباب‌ البصرة‌، وسائر محالّ السُّنّة‌. واستنفروا الناسَ للاخذ بثأره‌، ثمّ دفنوه‌ عند أحمد بن‌ حنبل‌، وقد اجتمع‌ معهم‌ خلقٌ كثير أضعاف‌ ما تقدّم‌. حرق‌ مرقد الإمامین موسي‌ الكاظم‌ ومحمّد الجواد من‌ قبل‌ الحنابلة‌ فلمّا رجعوا من‌ دفنه‌ قصدوا مَشْهَدَ بابُ التِّبْنِ ( مشهد الكاظمين‌ علیهما السلام‌ ) فأُغلق‌ بابه‌، فنقبوا في‌ سوره‌ وتهدّدوا البوّاب‌، فخافهم‌ وفتح‌ الباب‌، فدخلوا ونهبوا ما في‌ المشهد من‌ قناديل‌ ومحاريب‌ ذهب‌ وفضّة‌ وستور وغير ذلك‌، ونهبوا ما في‌ الترب‌ والدور، وأدركهم‌ الليل‌ فعادوا. فلمّا كان‌ الغد كثر الجمع‌، فقصدوا المشهد، وأحرقوا جميع‌ الترب‌ والآزاج‌، واحترق‌ ضريح‌ موسي‌ بن‌ جعفر، وضريح‌ ابن‌ ابنه‌ محمّدبن‌ علی‌ّ، والجوار، والقبّتان‌ الساج‌ اللتان‌ علیهما. واحترق‌ ما يقابلهما ويجاورهما من‌ قبور ملوك‌ بني‌ بُويَه‌: معزّ الدولة‌، وجلال‌ الدولة‌. ومن‌ قبور الوزراء والرؤساء، وقبر جعفر بن‌ أبي‌ جعفر المنصور، وقبر الامير محمّدبن‌ الرشيد، وقبر أُمّه‌ زبيدة‌. وجري‌ من‌ الامر الفظيع‌ ما لم‌ يجر في‌ الدنيا مثله‌. فلمّا كان‌ الغد خامس‌ الشهر عادوا وحفروا قبر موسي‌ بن‌ جعفر ومحمّدبن‌ عليّ ] علیهما السلام‌ [ لينقلوهما إلی‌ مقبرة‌ أحمد بن‌ حنبل‌، فحال‌ الهدم‌ بينهم‌ وبين‌ معرفة‌ القبر، فجاء الحفر إلی‌ جانبه‌. وسمع‌ أبو تمّام‌ نقيب‌ العبّاسيّين‌ وغيره‌ من‌ الهاشميّين‌ السُّنّة‌ الخبر، فجاؤوا ومنعوا عن‌ ذلك‌. وقصد أهل‌ الكرخ‌ إلی‌ خان‌ الفقهاء الحنفيّين‌ فنهبوه‌، وقتلوا مدرّس‌ الحنفيّة‌ أبا سعد السَّرَخْسي‌ّ، وأحرقوا الخان‌ ودور الفقهاء. وتعدّت‌ الفتنة‌ إلی‌ الجانب‌ الشرقي‌ّ، فاقتتل‌ أهل‌ باب‌ الطاق‌ وسوق‌ بجّ، والاساكفة‌، وغيرهم‌. ولمّا انتهي‌ خبر إحراق‌ المشهد إلی‌ نور الدولة‌ دُبَيْس‌ بن‌ مَزيد، عظم‌ علیه‌ واشتدّ وبلغ‌ منه‌ كلّ مبلغ‌ لا نّه‌، وأهل‌ بيته‌، وسائر أعماله‌ من‌ النيل‌، وتلك‌ الولاية‌ كلّهم‌ شيعة‌. فقُطعت‌ في‌ أعماله‌ خطبة‌ القائم‌ بأمر الله‌، فَرُوسِلَ في‌ ذلك‌ وعُوتِبَ، فاعتذر بأنّ أهل‌ ولايته‌ شيعة‌، واتّفقوا علی‌ ذلك‌، فلم‌يمكنه‌ أن‌ يشقّ علیهم‌، كما أنّ الخليفة‌ لم‌ يمكنه‌ كفّ السفهاء الذين‌ فعلوا بالمشهد ما فعلوا. وأعاد الخطبة‌ إلی‌ حالها. [8] قال‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ بعد بيان‌ ما نقلناه‌ آنفاً عن‌ تاريخ‌ ابن‌ الاثير: وزاد ابن‌ الجـوزي‌ّ في‌ « المنتظَم‌ » ج‌ 8، ص‌ 150: ظهر عيّار الطقطقي‌ّ من‌ أهل‌ درزيجان‌ وحضر الديوان‌ واستتيب‌ وجري‌ منه‌ في‌ معاملة‌ أهل‌ الكرخ‌ وتتبّعهم‌ في‌ المحالّ وقتلهم‌ علی‌ الاتّصال‌ ما عظمت‌ فيه‌ البلوي‌. واجتمع‌ أهل‌ الكرخ‌ وقت‌ الظهيرة‌ فهدمت‌ حائط‌ باب‌ القلاّئين‌ ورموا العذرة‌ علی‌ حائطه‌. وقطع‌ الطقطقي‌ّ رجلين‌ وصلبهما علی‌ هذا الباب‌ بعد أن‌ قتل‌ ثلاثة‌ من‌ قبل‌ وقطع‌ رؤوسهم‌ ورمي‌ بها إلی‌ أهل‌ الكرخ‌ وقال‌: تغدّوا برؤوس‌! ومضي‌ إلی‌ درب‌ الزعفراني‌ّ فطالب‌ أهله‌ بمائة‌ ألف‌ دينار وتوعّدهم‌ إن‌ لم‌يفعلوا بالإحراق‌ فلاطفوه‌ فانصرف‌، ووافاهم‌ من‌ الغد فقاتلوه‌ فقُتل‌ منهم‌ رجل‌ هاشمي‌ّ، فحمل‌ إلی‌ مقابر قريش‌. واستنفر البلد ونقب‌ مشهد باب‌ التِّبن‌ ونُهب‌ ما فيه‌، وأُخرج‌ جماعة‌ من‌ القبور، فأحرقوا مثل‌ العوني‌ّ، والناشي‌، والجذوعي‌ّ ( من‌ شعراء أهل‌ البيت‌ علیهم‌ السلام‌ المعروفين‌ ) . ونقل‌ من‌ المكان‌ جماعة‌ موتي‌ فدُفنوا في‌ مقابر شتّي‌ وطرح‌ النار في‌ الترب‌ القديمة‌ والحديثة‌، واحترق‌ الضريحان‌ والقبّتان‌ الساج‌، وحفروا أحد الضريحين‌ ليخرجوا مَن‌ فيه‌ ويدفنونه‌ بقبر أحمدبن‌ حنبل‌، فبادر النقيب‌ والناس‌ فمنعوهم‌ ... المزید إلی‌ آخره‌. وذكر القصّـة‌ علی‌ الاختصـار ابن‌ العماد في‌ « شـذرات‌ الذهب‌ » ج‌ 3، ص‌ 270، وابن‌ كثير في‌ تاريخه‌: ج‌ 12، ص‌62. وللسيد جعفر مرتضى العاملي كتاب بعنوان صراع الحرية في عصر الشيخ المفيد فهو مفيد في هذا الباب

1