علي - فلسطين
منذ 5 سنوات

 خبر خطبة علي (عليه السلام) لابنة أبي جهل في (العلل) ضعيف السند

السلام عليكم ما مدى صحة هذه الرواية الطاعنة بأمير المؤمنين؟؟ وعن أبي عبد الله (جعفر) عليه السلام أنه سُئل: هل تشيع الجنازة بنار ويُمشى معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يُضاد به؟ قال: فتغير لون أبي عبد الله عليه السلام من ذلك واستوى جالساً ثم قال: إنه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: أما علمت أنّ علياً قد خطب بنت أبي جهل فقالت: حقاً ما تقول؟ فقال: حقاً ما أقول ثلاث مرات, فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها, وذلك أنّ الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة وكتب على الرجال جهاداّ وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله, قال: فاشتد غم فاطمة من ذلك وبقيت متفكرة هي حتى أمست وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن والحسين على عاتقها الأيسر وأخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى, ثم تحولت إلى حجرة أبيها فجاء علي فدخل حجرته فلم ير فاطمة فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ولم يعلم القصة ما هي, فاستحيي أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد يصلي فيه ما شاء الله, ثم جمع شيئاً من كثيب المسجد واتكأ عليه, فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما بفاطمة من الحزن أفاض عليه الماء ثم لبس ثوبه ودخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع وساجد, وكلما صلى ركعتين دعا الله أن يُذهب ما بفاطمة من الحزن والغم, وذلك أن لا يهنيها النوم وليس لها قرار, قال لها: قومي يا بنية فقامت, فحمل النبي عليه الصلاة والسلام الحسن وحملت فاطمة الحسين وأخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي عليه السلام وهو نائم فوضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجله على رجل علّي فغمزه وقال: قم يا أبا تراب! فكم ساكن أزعجته, ادع لي أبا بكر من داره, وعمر من مجلسه, وطلحة, فخرج علي فاستخرجهما من منزلهما واجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي ! أما علمت أنّ فاطمة بضعة مني وأنا منها, فمن آذاها فقد آذاني, ومن آذاني فقد آذى الله, ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي, ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي. علل الشرائع للقمي ص185- ما حكم هذه الرواية ؟


الأخ علي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته المقدمة الأولى: كلامنا في السند. إليك حال رجال الرواية حسب سندها في علل الشرائع. وسنرى وفقاً للصنعة العلمية عدم التعويل على الرواية بهم, لأن فيهم : 1- عمروا بن أبي المقدام/ مضطرب فيه وقد اختلفوا في أمره. 2- أما أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى فهو بالواقع مردد بين أبو العباس أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان, وهو المرجح لأنه أستاذ علي بن أحمد بن موسى الدقاق, فهو مجهول الحال أو أبو علي أحمد بن محمد بن يحيى فهو مسكوت عنهُ, وعلى كل حال لا يمكن التعويل عليهم للأسباب المذكورة, وبالتالي لا يعول على أصل الرواية. المقدمة الثانية: في جهة الدلالة. 1- هذه الرواية وإن نقلها الشيخ الصدوق رحمه الله, إلا أنهُ لا يعني هذا اعترافهُ بها وإقراره بوجودها, بل هو رافضٌ لها كما ذكر ذلك في نفس كتابهِ علل الشرائع ص156: (ليس الخبر عندي بمعتمد ولا هو لي بمعتقد في هذه العلة لأن علياً وفاطمة الزهراء ما كان ليقع بينهما كلام يحتاج رسول الله إلى الإصلاح بينهما, لأنهُ سيد الوصيين وهي سيدة نساء العالمين مقتديان برسول الله في حسن الخلق, وأنك ترى بوضوح عقيدة الشيخ في علي (عليه السلام), وفاطمة (عليها السلام) ورفيع شأنهما عن هذه ِ الاسفافات المفتعلة والأساطير المبتدعة. 2- ظاهراً أن المراد من الرواية رفع سبة الاعتداء والإساءة التي قام بها أبو بكر وعمر قبال فاطمة الزهراء (عليها السلام) أو التخفيف من حدتها وآثارها لأنهما لم يكونا الوحيدين في ذلك بل سبقهما علي (عليه السلام), علي الإمام المعصوم المقدس عندكم أيها الشيعة, وبالتالي لا يصح إدانة الرجلين بأمر جاء بمثيله علي (عليه السلام), من قبل, وهذا ما يوطد فكرة كونها مفتعلة بأيدي يهودية وإرادة حاقدة وهنا نقول: جاء في كتاب الانتصار, للعاملي, 7/244. أولاً: إن غضب فاطمة (عليها السلام) على أبي بكر وعمر دراية, لأنهُ متواتر والجميع رووه وشهدوا بهِ وغضبها على علي (عليه السلام) رواية وليست الدراية كالرواية. ثانياً: أنت قد تغضب من والدتك أو ولدك, وقد تغضب من شخص هو برأيك غاصبٌ لحقك وحق ولدك.. فهل الغَضبان من نوع واحد؟ وهل تجعل غضب الزهراء من علي - أن صح - من نوع غضبها على من شهدت لله أمام المسلمين بأنهُ خالف الله ورسوله وغصب الخلافة, وهدد أسرتها بإحراقهم إن لم يبايعوا, واشعل الحطب في باب دارها ... المزید إلى آخر ما جرى ممّا لا مثيل له مع أسرة من الأنبياء في التاريخ! وثالثاً: ثبت في البخاري: إنها غضبت عليهما وبقيت غضبى حتى توفيت!! فهل رأيت شيئاً من هذا في غضبها المزعوم على علي (عليه السلام)؟ ورابعاً: للزهراء (عليها السلام) شهادات عظيمة بحق علي (عليه السلام) في حياتها إلى عند وفاتها... فهلا جمعت بينها وبين الروايات التي ذكرتها. ونضيف: 3- إن عليّاً لم يكن سبباً في إغضابها لما نقلتهُ الرواية من قول علي (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): (والذي بعثك بالحق نبياً, ما كان مني مما بلغها شيء ولا حدثت بها نفسي) واللطيف أن النبي الأعظم يقرهُ ويصدقهُ ويؤكد صحة قوله حيث قال (صلى الله عليه وآله): (صدقتَ وصدقَت ففرحت فاطمة (عليها السلام) بذلك), فأين الإغضاب إذن. إنما الذي أغضبها - على فرض صحة الرواية - هو الشقي الناقل لهذه المزاعم. 4- وهل ترى أن السيدة فاطمة على جلال قدرها وعظم شأنها وعمق دينها وسعة علمها ترضى لنفسها أن تؤاخذ زوجها العظيم لمجرد أن وصلها كلام عنهُ دون أن تتبين منهُ وتتأكد من سلامتهِ بما يتفق ودينها وأحكام شرعةِ أبيها (صلى الله عليه وآله) فبماذا كانت سيدة النساء إذن إذا كانت تخضع وبسرعة البرق لأهوائها ولغيرةِ النساء عندها, وكيف وصلت إلى ما لا يبلغُهُ أحد من العالمين دون أبيها وبعلها إذا كانت كذلك. بل كيف عجل الرسول (صلى الله عليه وآله) في أدانتهِ لعلي وهو يعلم من هو مما لا مجال لذكره هنا فلا يبقى إلا أن نقول أن كل هذا تمحل وإساءة إلى النبي وعرضهِ وأهل بيتهِ رغبة في حفظ ماء وجه الصحابة الذي أريق في كثير من المواضع دون حياء أو مسكةٍ من عقل أو دين. 5- قال السيد الشريف المرتضى علم الهدى في كتابه, تنزيه الأنبياء ص167 ما نصهُ حول هذه الخطبة المزعومة ما نصهُ: (قلنا هذا خبر باطل موضوع). 6- ثم لماذا تغير لون أبي عبد الله (عليه السلام) من ذلك واستوى جالساً, فنحن لا نرى وجهاً لهذا التغير سوى الرغبة النفسية للواضع في أن يجعل الرواية مُلفتةً للنظر بإضافة مسحة فنية عليها. 7- ثم كيف سوغت فاطمة (عليها السلام) لنفسها أنت تنتقل من حجرتها إلى حجرة أبيها (صلى الله عليه وآله) دون أذن بعلها ونتسائل أيضاً أي حجرة من حجر النبي أو أي بيت من بيوته فالمعلوم أن له (ص) أكثر من بيت. 8- وعلي (عليه السلام) الذي يستحي أن يدعوها من بيت أبيها لذلك خرج للمسجد ليصلي ما شاء الله أما استحى أن يغضبها ويسيء لقدرها. 9- وعلى التنزل في قبول صحة الرواية. فهل جاء علي شيئاً إداً أم انهُ فعل ما أباح له التشريع الذي جاء بهِ النبي (صلى الله عليه وآله) وقد عمل به النبي من قبلهِ فكيف يعترض الرسول (صلى الله عليه وآله) على أحكام الله وهو الذي جاء بها بل وهو الذي عمل بها؟. وغير ذلك من الاعتراضات الكثيرة يجعلنا لا نقبل الرواية من جهة الدلالة فضلاً عن بطلانها من جهة السند. ودمتم في رعاية الله

2