( 23 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

القنوط من تخير المور الدنيا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا اعاني من اليأس مماجعلني ابتعد عن الاعمال الصالحة فماذا أفعل لهذة الحالة؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته لا شكّ بأنّ اليأس الذي عُدّ من الكبائر ومن الصّفات النّفسيّة القبيحة، بل ومن الأمراض الباطنيّة والقلبيّة المهلكة، هو اليأس من رحمة الله ومن روحه. أمّا اليأس من الدّنيا الفانية أو ممّا في أيدي النّاس ـ كما ورد في العديد من الأحاديث الشّريفة ـ فهو يأسٌ ممدوحٌ، لأنّه موافق للفطرة الإلهيّة التي تنفر من مطلق النّقص وتبغضه. ولهذا، وجدنا عبارة اليأس مستعملة بحقّ الأنبياء الذين هم أكمل خلق الله تعالى كما في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾1، بل إنّ الله تعالى يدعونا بطريقة غير مباشرة إلى هذا اليأس، كما في قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا﴾2، لأنّ اليأس من الفقير والعاجز أمرٌ ينسجم مع الفطرة التي فطر الله النّاس عليها جميعًا. واليأس حالة وجدانيّة تتلازم مع الإعراض عن الميؤوس منه، وعدم السّعي نحوه أو طلبه، مع ما يصاحب ذلك من حزن أو غمّ في النّفس، وتقاعس وتكاسل في الأعضاء والجوارح. ومن رحمة الله عز وجل ألهم لنا الصبر والتحمل، وحذّر من اليأس والقنوط لما يجر من الويلات والشرك والشك بعدالة الله عزوجل حيث أن اليأس من روح الله هي من أكبر الكبائر بعد الشِّرك بالله تعالى حيث قال عز وجل (وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُون)٢. وفي المقابل جعل الرضا بقضاء الله مقترن بالايمان. فأصبح اليأس والقنوط وباء قاتل يفترس أرواح البشر بكل شراسة، لذا نجد الاحتجاج والتذمر في كل ركن من اركان الحياة والمجتمع إلاّ مارحم ربي، وعندما نتصفح الاحصائيات في حالات الانتحار نجد الارقام مخيفة في العالم حيث يموت نحو 800 ألف شخص منتحراً كلّ عام، أي بمعدّل شخص كل 40 ثانية. هذا ما تأكده أرقام منظمة الصحة العالمية التابعة لهيئة الأمم المتحدّة، التي تعتبر الانتحار أحد أهم الأسباب المؤدية إلى الوفاة في فئة الشباب بين 15 و29 سنة. كيف يصل اليأس إلى ذروته بأن يجعل الانسان يتخلى عن أغلى مالديه وهو الحياة؟! بل ينتزعها من جسده بإرادته!. ومن الاسباب الرئيسية للانتحار هو اليأس وعدم وجود الحلول المناسبة وذلك لاتخاذ البعض الطرق الملتوية والبعيدة عن الشرع ليحل مشاكله وكذلك الكآبة ولكن أولها وأهمها هي عدم الايمان والتوكل على الله عزوجل. عن أبي الحسن الرضا (ع) قال: «أحسن الظن بالله فإن الله عز وجل يقول: أنا عند ظن عبدي المؤمن، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر»٣. اذن هناك حل لتلك الحالة والعلاج هو الايمان بالله عزوجل وتفويض الأمور له والصبر على تلك المحن مهما إشتدت على المؤمن، والصبر والرضا بقضاء الله تبارك وتعالى والعديد من الأمور والأخلاقيات الأخرى، وكلما أيقن الانسان بأن الله هو الذي يدبر الأمور بأحسن تدبير وهو العالم بالاصلح يرتاح الذهن من التفكير ويعيش بسعادة أبدية لأنه يعلم بأنه في عناية أرحم الراحمين. وعلى الانسان الذي يعاني من المشاكل والصعوبات في جميع الاحوال عدم انتظار الحل على طبق من ذهب بل عليه طرق الابواب وخوض التجارب لايجاد الحلول وغرس الافكار الايجابية في الذهن والتكيف مع محيطه والقناعة بامكانياته وسلوك طريق الحق ليجد الراحة والسكينة كما قال الله تعالى [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً] وكذلك قال [وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ‏] ٥ صدق الله العلي العظيم. لذلك نجد العشرات من الأحاديث والروايات عن أهل البيت عليهم السلام التي توضح قيمة التوكل الصادق على الله والرضا بقضاءه وأمره وتأمر بالتقوى وكذلك أدعيتهم عليهم السلام التي تشمل هذا المعنى السامي. وأخيرا نقول إن اليأس لا يليق بأرواح المؤمنين لذلك لا تيأس ولك رب رحيم.

3