صلاح - سوريا
منذ 4 سنوات

 اجعلونا عبيدا مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم

ورد عن اهل البيت (عليهم السلام) الحديث التالي : (( نزلونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا )) هل لفظ هذا الحديث صحيح كما ذكرت ام ورد في لفظ اخر ؟ ومن هو قائل هذا الحديث ؟ وماهي المصادر المعتمدة التي ذكرت هذا الحديث ؟ وهل هذا الحديث ذكر في المصادر الموثقة للسنة ؛ وما هي تلك المصادر ؟ وهل هذا الحديث معتبر وموثق ومسند وصحيح وفق مباني علمي الدراية والرجال, ام هناك شكوك وضبابية حول طرق وروده؟ ارجوا اجابتي بشى من التفصيل والدقة ودمتم لنا بخير وسلام.


الاخ صلاح المحترم الساتم عايكم ورحمة الله وبركاته ورد مضمون هذا الخبر أو ما يقاربه في عدة من الروايات منها: 1- ما رواه الصفّار في ((بصائر الدرجات)), عن أحمد بن محمد, عن الحسين بن سعيد, عن الحسين بن برده, عن أبي عبد الله (عليه السلام). وعن جعفر بن بشير الخزاز, عن إسماعيل بن عبد العزيز, قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا إسماعيل, ضع لي في المتوضاء ماء. قال: فقمت فوضعت له. قال: فدخل. قال: فقلت في نفسي: أنا أقول فيه كذا وكذا, ويدخل المتوضاء يتوضاء. قال: فلم يلبث أن خرج فقال: يا إسماعيل, لا ترفع البناء فوق طاقته فينهدم. اجعلونا مخلوقين, وقولوا بنا ما شئتم؛ فلن تبلغوا. فقال إسماعيل: وكنت أقول: إنّه وأقول وأقول. وهذه الرواية معتبرة بأحد طريقيها. 2- ما رواه الصّدوق في ((الخصال)) من حديث الأربعمائة المعروف, قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ((إيّاكم والغلوّ فينا. قولوا: إنّا عبيد مربوبون, وقولوا في فضلنا ما شئتم)). وهذه الرواية أيضاً معتبرة. 3- ما رواه صاحب ((الوسائل)) في كتابه ((إثبات الهداة)), عن ((خرائج الراوندي)), عن خالد بن نجيح, قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام), وعنده خلق, فجلست ناحية, وقلت في نفسي: ما أغفلهم عند من يتكلمون, فناداني: ((إنّا والله عباد مخلوقون, لي ربّ أعبده. إن لم أعبده عذّبني بالنار)). قلت: لا أقول فيك إلاّ قولك في نفسك. قال: ((اجعلونا عبيداً مربوبين, وقولوا فينا ما شئتم إلاّ النبوّة)). وهذا الطريق معتبر أيضاً؛ وذلك لأنّ طريق ((الوسائل)) إلى الشيخ صحيح إلى جميع كتبه ورواياته, وطريق الشيخ إلى ((خرائج الراوندي)) صحيح أيضاً إلى جميع كتبه ورواياته. فبالتركيب بين طريق الشيخ إلى صاحب ((الخرائج)) وطريق صاحب ((الوسائل)) إلى الشيخ يحكم بصحة الطريق. 4- ما نقله صاحب ((كشف الغمّة)) من كتاب ((الدلائل)) للحميري, عن مالك الجهني, قال: كنّا بالمدينة حين أُجلبت الشيعة وصاروا فرقاً, فتنحينا عن المدينة ناحية, ثمّ خلونا فجعلنا نذكر فضائلهم وما قالت الشيعة, إلى أن خطر ببالنا الربوبية. فما شعرنا بشيء, إذا نحن بأبي عبد الله (عليه السلام) واقف على حمار, فلم ندرِ من أين جاء. فقال: ((يا مالك ويا خالد, متى أحدثتما الكلام في الربوبية؟)) فقلنا: ما خطر ببالنا إلاّ الساعة. فقال: ((إعلما: أنّ لنا ربّاً يكلأنا بالليل والنهار نعبده. يا مالك ويا خالد, قولوا فينا ما شئتم, واجعلونا مخلوقين)) . فكرّرها علينا مراراً, وهو واقف على حماره. ويؤيّده ما رواه الكليني, عن عبد العزيز بن مسلم, قال: كنّا مع الرّضا (عليه السلام) ... المزید ثمّ ساق حديثاً طويلاً عنه في الإمامة, وفيها: إنّ الإمامة أجلّ قدراً, وأعظم شأناً, وأعلى مكاناً, وأمنع جانباً, وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم ... الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم, وهي في الأُفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار .. فمن الّذي يعرف معرفة الإمام أو يمكنه اختياره؟ هيهات هيهات, ضلّت العقول, وتاهت الحلوم, وحارت الألباب, وخسئت العيون, وتصاغرت العظماء, وتحيّرت الحكماء, وتقاصرت الحلماء, وحصرت الخطباء, وجهلت الألبّاء, وكلّت الشعراء, وعجزت الأدباء, وعييت البلغاء, عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله, وأقرّت بالعجز والتقصير. وكيف يوصف بكله, أو ينعت بكنه, أو يفهم شيء من أمره, أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه. لا, كيف وأنّى؟ وهو بُعد النجم عن يد المتناولين ووصف الواصفين. فأين الاختيار من هذا, وأين العقول عن هذا. 5- ما رواه الصفار في ((بصائر الدرجات)), عن الحسن بن موسى الخشاب, عن إسماعيل بن مهران, عن عثمان بن جبلة, عن كامل التمار, قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ذات يوم فقال لي: ((يا كامل, اجعل لنا ربّاً نؤب إليه, وقولوا فينا ما شئتم)). قال: قلت: نجعل لكم ربّاً تؤبون إليه, ونقول فيكم ما شئنا, قال: فاستوى جالساً ثمّ قال: ((وعسى أن نقول: ما خرج إليكم من علمنا إلاّ ألفاً غير معطوفة)). 6- ما في ((غرر الحكم)) قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ((إيّاكم والغلوّ فينا قولوا: إنّا مربوبون, واعتقدوا في فضلنا ما شئتم)). 7- نقل الشيخ الطبرسي في كتابه ((الاحتجاج)) عن أمير المؤمنين أنّه قال: ((لا تتجاوزوا بنا العبودية, ثمّ قولوا فينا ما شئتم, ولن تبلغوا. وإيّاكم والغلو كغلوِّ النصارى؛ فإنّي بريء من الغالين)). 8- ما حكي عن ((معاني الأخبار)) للعلاّمة (رحمه الله) ـ : انّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ((يا سلمان, نزلونا عن الربوبيّة)), وادفعوا عنا حظوظ البشريّة؛ فإنّا عنها مبعدون, وعمّا يجوز عليكم منزهون, ثمّ قولوا فينا ما شئتم؛ فإنّ البحر لا ينزف, وسرّ الغيب لا يعرف, وكلمة الله لا توصف, ومن قال هناك: لم وممّ فقد كفر. والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها من الروايات ـ الّتي فيها الصحيح ـ : أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) لهم من الفضائل والمواهب ما لا يحصى, وحسبهم فخراً أنّ الله أذهب عنهم الرجس, وطهرهم تطهيراً, وفرض مودّتهم على جميع الأمة, وقرنهم الرسول (صلّى الله عليه وآله) بمحكم التنزيل, وجعلهم سفن النجاة وأمن العباد. ومهما تكلّم الناس في فضائلهم فإنّهم لم ولن يبلغوا معرفة ما منحهم المولى سبحانه من فضائل, وبما شرفهم من الملكات الفاضلة, والكمالات القدسية, والأخلاق الكريمة, والمكارم والمحامد. فمن ذا الّذي يبلغ معرفة الإمام (عليه السلام)؟ وقد تقدّم أنّ الإمام الصّادق (عليه السلام) كان قال: ما عسيتم أن ترووا في فضلنا إلاّ ألفاً غير معطوفة. وورد في الزيارة الجامعة عن الإمام الهادي (عليه السلام): مواليّ, لا أحصي ثناءكم, ولا أبلغ من المدح كنهكم, ومن والوصف قدركم. وأنتم نور الأخيار, وهداة الأبرار. كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حق أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال له: ((لا يعرفك يا عليّ إلاّ الله وأنا)). والحاصل: أنّ المراد من هذه الأحاديث: ابتعدوا بنا عن مقام الربوبيّة ثمّ انسبوا لنا كلّ كمالٍ يليق بنا؛ فإنّنا واجدون له. وهذه المنزلة الّتي قالها الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) في حق أنفسهم صرّح بها عميد البيت النبوي الرسول المصطفى (صلى الله عليه وآله) حين قال: ((نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد)). ودمتم في رعاية الله