مجيد - الولايات المتحدة
منذ 4 سنوات

 معنى هذا الحديث

السلام عليکم قال خليفة الکواري في کتابه: تخريج حديث (أَنَا مَدِينـةُ العلمِ، وعَليٌّ بَابها): ************************* بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه، وبعد، فحديث: (أنا مدينة العلم, وعلي بابها ), قد روي عن أربعة من الصحابة وهم: ابن عباس، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري - فأَمّا رواية ابن عباس - رضي الله عنهما -: رواها الأعمش, عن مجاهد، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ورواها سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. فأمّا رواية الأعمش فرواها: أَََبو معاوية محمد بن خازم الضرير، وعيسى بن يونس، وأَبو الفَتح سعيد بن عقبة الكوفي. فهذه ثلاث طرق، ودونك التفصيل: الأولى: طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، عن الأعمش: وقد روي عن أبي معاوية من وجوه عدة نذكرها: الوجه الأول: عبد السلام بن صالح بن سليمان بن مَيسَرة، أبو الصلت، الهروي. أخرجه ابن محرز في: (معرفة الرجال) معرفة الرجال للأمام أبي زكريا بن معين - رواية ابن محرز -: (2 / 242).، وابن عدي في: (الكامل) (5 / 67).، والطبراني في: (المعجم الكبير) (11 / 66).، من طريقين، والحاكم في: (المستدرك) (3 / 126)، والطبري في: (تهذيب الآثار) مسند علي بن أبي طالب: (ص: 105).، والخطيب البغدادي في: (تاريخه) (11 / 48).، ومن طريق الخطيب، ابن الجوزي في: (الموضوعات) (1 / 351 ).، وابن المغازلي في: (المناقب) المناقب: (رقم: 121، 123، 124).، وأبو الخير الطالقاني في: (كتاب الأربعين المنتقى) (رقم: 30)، من طريق الحاكم في: (تاريخ نيسابور)، فيما يظهر لي، والله أعلم.، والخوارزمي في: (المناقب) (رقم: 69 ).، وفي: (مقتل الحسين) (رقم: 24).، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً: (أَنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أَرَادَ العلم، فليأت بابه). أقول: هذا إسناد معلول بعدة علل: الأولى: تدليس الأعمش. والأعمش معروف بكثرة التدليس، وصفه به غير واحد من العلماء، وقد جعله الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من طبقات كتابه: (طبقات المدلسين) تعريف أهل التقديس: (رقم: 55).، وحقه أن يكون في الطبقة الثالثة، فإنّ الأعمش مكثرٌ من التدليس مشهورٌ به، وربما أسقط الراوي الضعيف من بين الثقتين. قال عثمان الدارمي: سمعت يحيى، وسئل عن الرجل يُلقي الرجل الضعيف من بين ثقتين، يوصل الحديث ثقة عن ثقة، ويقول: أنقص من الحديث وأصل ثقة عن ثقة يُحَسّن الحديث بذلك؟ فقال: (لا يفعل، لعل الحديث عن كذّاب ليس بشيء، فإذا هو قد حسّنه وثَبته، ولكن يُحدّث به كما روي). قال عثمان الدارمي: وكان الأعمش ربما فَعَلَ ذلك. تاريخ عثمان الدارمي: (رقم: 952 ). قال الحافظ ابن حجر: (ظاهر هذا تدليس التسوية، وما علمت أحداً ذكر الأعمش بذلك فَيُستَفَاد ). اللسان: (1 / 12). أقول: وهذا يؤكد ما قلته أن الأعمش من حقه أن يكون في الطبقة الثالثة. وقال الخطيب البغدادي - رحمه الله -: (وربما لم يسقط المدلس اسم شيخه الذي حدثه لكنه يسقط ممن بعده في الإسناد رجلا ًيكون ضعيفاً في الرواية، أو صغير السن، ويحسن الحديث بذلك، وكان سليمان الأعمش، وسفيان الثوري، وبقية بن الوليد، يفعلون مثل هذا ). الكفاية: (ص: 364). وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي: (قد كره أهل العلم بالحديث مثل: شعبة وغيرهِ التدليسَ في الحديث، وهو قبيحٌ ومهانةٌ، والتدليس على ضربين: فإن كان تدليساً عن ثقةٍ،لم يحتج أن يوقف على شيءٍ، وقُبل منه، ومن كان يدلس عن غير ثقةٍ،لم يُقبل منه الحديث إذا أرسله حتى يقول: حدثني فلان، أو سمعت، فنحن نقبل تدليس ابن عيينة، ونظرائه لأنه يحيل على ملئ ثقة، ولا نقبل من الأعمش، تدليسه لأنه يحيل على غير ملئ، والأعمشُ إذا سألته عمن هذا؟ قال: عن موسى بن طريف، وعَباية بن ربعي، وابن عيينة إذا وقفته قال: عن ابن جريج، ومعمر ونظرائهما فهذا الفرق بين التدليسين ). الكفاية: (ص: 362). ولهذا نرى الإمام البخاري قد أعل خبراً يرويه الأعمش، عن سالم، مما يتعلق بالتشيع، فقال: (والأعمش لا يدرى، سمع هذا من سالم أم لا؟ حدثنا عبيد الله بن سعيد أبو قدامة، عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، أنّه قال: نستغفر الله من أشياء كنا نرويها على وجه التعجب، اتخذوها ديناً )التاريخ الأوسط: (1 / 255 - 256)، ذكره العلامة المعلمي - يرحمه الله - في حاشيته على الفوائد المجموعة: (ص: 351).. ولا يشك أحد أن هذا الحديث يتعلق بالتشيع !! وقال عبد الله بن نمير: سمعت الأعمش يقول: حدثت بأحاديث على التعجب، فبلغني أن قوماً اتخذوها ديناً، لا عُدتُ لشيء منها ). العلل ومعرفة الرجال: (1 / 411). وقد جعل الحافظ ابن حجر الأعمش في الطبقة الثالثة من كتابه: (النكت على ابن الصلاح) (2 / 640).، وبالطبع فهو مخالف لما في كتابه: (طبقات المدليسين)، كما سبق، ولعله لم يستحضر ما كتبه في كتابه: (النكت )، أو حصل له بعض التردد، فرأى أن بعض العلماء قد احتمل تدليسه، وبعضهم توقف فيه، ولعل ذلك وقع في شيوخه الذين أكثر عنهم الأعمش، كما قال الحافظ الذهبي: (وهو يدلس، وربما دلّس عن ضعيفٍ، ولا يدرى به، فمتى قال: حدّثنا، فلا كلام، ومتى قال: عن، تطرق إليه احتمال التدليس إلاّ في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم، وابن أبي وائل، وأبي صالح السمّان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال ). الميزان: (2 / 224). وهاهو الحافظ ابن حجر نفسه قد أعل خبراً فيه عنعنة الأعمش، مما يبين لك أن من يقبل عنعنة الأعمش مطلقاً قد خالف منهج العلماء، قال الحافظ: (وأصح ما ورد في ذم بيع العينة ما رواه أحمد والطبراني من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عطاء، عن ابن عمر قال: أتى علينا زمان…، صححه ابن القطان بعد أن أخرجه من الزهد لأحمد، كأنه لم يقف على المسند، وله طريق أخرى عند أبي داود أيضاً من طريق عطاء الخرساني، عن نافع، عن ابن عمر. قلت: وعندي أن إسناد الحديث الذي صححه ابن القطان معلول، لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحاً، لأن الأعمش مدلس ولم يذكر سماعه من عطاء ). التلخيص: (3 / 21). أقول: ويتأكد تدليس الأعمش هنا، ويشتد في هذا الخبر خاصّة لأنه عن مجاهد) كما ذكر ذلك المعلمي - يرحمه الله -، في حاشيته على الفوائد المجموعة، للشوكاني: (ص: 351 )(.، وهو مقل عنه ؛ وليس هو من شيوخه الذين أكثر عنهم، وقد نص ابن المديني - رحمه الله -، أن روايات الأعمش عن مجاهد لا تثبت منها إلاّ ما قال فيها: (سمعت)، لأن أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات، وأبو يحيى القتات ضعيف كما هو معروف. قال يعقوب بن شيبة في: (مسنده ): ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلاّ أحاديث يسيرة، قلت لعلي بن المديني: كم سمع الأعمش من مجاهد قال: (لا يثبت منها إلاّ ما قال: سمعت، هي نحو من عشرة، وإنما أحاديث مجاهد عنده، عن أبي يحيى القتات ). تهذيب التهذيب: (4 / 197). قال عبد الله بن أحمد عن أبيه في أحاديث الأعمش، عن مجاهد: (قال أبو بكر بن عياش عنه: حدثنيه ليث، عن مجاهد ). تهذيب التهذيب: (4 / 197). وليث ضعيف. وقال يحيى بن سعيد: كتبت عن الأعمش أحاديث عن مجاهد كلها ملزقة لم يسمعها ). مقدمة الجرح والتعديل: (ص: 241 ). وقال يحيى بن معين: (الأعمش سمع من مجاهد، وكل شيء يرويه عنه لم يسمع، إنما مرسلة مُدلَسة ). رواية ابن طهمان: (رقم: 59 ). وقال أبو حاتم الرازي: (الأعمش قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يرويه عن مجاهد مدلس ). العلل: (2 / 210 ). فهذا هو كلام علماء الجرح والتعديل، علماء العلل في تدليس الأعمش وخاصة في أحاديثه التي يرويها عن مجاهد ولم يصرح فيها بالسماع، أو التحديث. ولذا فإنه يجب التثبت من هذا الخبر، ولا بد من أن نقف على ما يرفع علة التدليس، ولا يقال: إن الأعمش في الطبقة الثانية من طبقات المدلسين، كما قال بعضهم فلا يضر تدليسه، وقد عرفت - فيما سبق - أن من يقبل تدليسه على الإطلاق، قد خالف منهج العلماء في ذلك، كيف وقد نص العلماء على أن أحاديثه عن مجاهد عامتها مرسلة مُدَلّسَة إلاّ ما صرح فيها بالسماع، وإنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات وليث بن أبي سليم. وخاصة إن هذا الخبر مما يتعلق بالتشيع وقد سبق أنه كان يحدث الأحاديث على وجه التعجب اتخذها أقوامٌ ديناً. فالأخبار التي تأتي عن الأعمش غير مصرحة منه بالسماع وكانت تلك الأخبار مما تتعلق بالتشيع فلا بد من التصريح بالسماع، لما عرف عن الأعمش أنه كان يدلس عن الضعفاء والهلكى، والله أعلم. الثانية: تفرد أبي معاوية محمد بن خازم الضرير بهذا الخبر. أقول: تَفَردُ أبي معاوية بهذا الخبر عن الأعمش مع وجود الحفاظ من أصحاب الأعمش كيحيى القطان، والثوري، وشعبة، وغيرهم يوقع الريبة في النفس من هذا الخبر، وإن تابعه عيسى بن يونس، وسعيد بن عقبة الكوفي - كما سيأتي -، إلاّ أن في صحة الإسناد إليهما نظر. الثالثة: رجوع أبي معاوية محمد بن خازم الضرير عن التحديث بهذا الخبر. روى ابن محرز عن يحيى بن معين، أنه قال: (أخبرني ابن نمير، قال: حدّث به أبو معاوية قديماً، ثم كف عنه ). معرفة الرجال - رواية ابن محرز -: (1 / 79 ). قال العلامة المعلمي - رحمه الله -: (ويتأكد وهن الخبر بأن من يثبته عن أبي معاوية يقول: إنه حدّث به قديماً ثم كف عنه، فلو لا أنه علم وهنه لما كف عنه ). في حاشيته على الفوائد المجموعة، للشوكاني: (ص: 352 ). فهذه ثلاث علل تعل بها جميع الطرق أو الوجوه التي رويت عن أبي معاوية عن الأعمش، عن مجاهد، فضلاً عمّا في بعض هذه الطرق من الكذابين والوضاعين. الرابعة: عبد السلام بن صالح الهروي، أبو الصلت. أقول: وهذه علة رابعة أيضاً وهي أن في إسناد هذا الخبر عبد السلام بن صالح الهروي، وهو متروك الحديث، ودونك أقوال العلماء فيه حتى تكون على بينة من الأمر، وقصدي من هذا أن بعضهم تمسك بتوثيق ابن معين له، ولذا فمن صحح الحديث أو حسنه اعتمد على توثيق ابن معين له، مع عدم النظر إلى من طعن فيه من أكابر العلماء: 1. قال الإمام أحمد: (روى أحاديث مناكير ). بحر الدم، لابن عبد الهادي: (رقم: 1242). 2. وقال الجوزجاني: (كان زائغاً عن الحق، مائلاً عن القصد، سمعت من حدثني عن بعض الأئمة أنه قال فيه: هو أكذب من روث حمار الدجال، وكان قديماً متلوثاً في الأقذار ). الشجرة في أحوال الرجال: (رقم: 384 ). 3. وأمر أبو زرعة الرازي أن يضرب على حديثه، وقال: (لا أحدث عنه، ولا أرضاه). الجرح والتعديل: (6 / 48). 4. وقال ابن أبي حاتم الرازي سألت أبي عنه فقال: (لم يكن عندي بصدوقٍ، وهو ضعيفٌ)، ولم يحدّثني عنه. الجرح والتعديل: (6 / 48). 5. وقال النسائي: (ليس بثقة ).تهذيب التهذيب: (6 / 286). 6. وقال الساجي: (يحدث بمناكير، هو عندهم ضعيف ). تهذيب التهذيب: (6 / 286). 7. وقال العقيلي: (كان رافضياً خبيثاً) الضعفاء: (3 / 70).، وقال أيضاً: (كذّاب). تهذيب التهذيب: (6 / 286). 8. وقال ابن حبان: (يروي عن حماد بن زيد، وأهل العراق العجائب في فضائل علي، وأهل بيته، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ). المجروحين: (2 / 151). 9. واتهمه ابن عدي في: (الكامل). (5 / 332). 10. وقال الدارقطني: (كان رافضياً خبيثاً) وقال أيضاً: (روى حديث: الإيمان إقرار بالقول، وهو متهم بوضعه لم يحدث به إلاّ من سرقه منه، فهو الابتداء في هذا الحديث). تهذيب التهذيب: (6 / 286). 11. ونقل الحافظ ابن حجر عن الحاكم أنه قال: (روى مناكير). تهذيب التهذيب:(6 / 286). 12. وقال النقاش: (روى مناكير). تهذيب التهذيب: (6 / 286). 13. وقال أبو نعيم الأصبهاني: (يروي عن حماد بن زيد، وأبي معاوية، وعباد بن العوام، وغيرهم أحاديث منكرة). الضعفاء: (رقم: 140). 14. وقال الحافظ الخليلي: (مشهور روى عنه الكبار، وليس بقويٍ عندهم). الإرشاد: (3 / 873). 15. وكذّبه واتهمه بالوضع محمد بن طاهرتهذيب التهذيب: (6 / 287)، وتذكرة الحفاظ في ترتيب أحاديث المجروحين: (137).، وابن الجوزي. الموضوعات: (1 / 353 ). 16. ووهاه الذهبي في عدة مواضع من كتبهكما في الكاشف: (1 / 653)، والمجرد: (رقم: 1739)، والمقتنى في سرد الكنى: (رقم: 3219)، وسير أعلام النبلاء: (15 / 400).، وقال في المغني: (متروك الحديث) (2 / 394).، وقال في سير أعلام النبلاء: (له فضل وجلالة، فيا ليته ثقة) (11 / 446).، وقال أيضاً: (له عدة أحاديث منكرة) (11 / 448).، وقال في تلخيص المستدرك معقباً على قول الحاكم حين قال: (ثقة مأمون)، قال: (لا والله لا ثقة ولا مأمون). (3 / 126). 17. وقال الزيلعي: (متروك) نصب الراية: (1 / 345).، وفي موضع آخر: (ضعيفٌ جداً). تخريج أحاديث الكشاف: (2 / 465). 18. وقال ابن رجب: (متروك). فتح الباري: (6 / 412 ). 19. وقال ابن عبد الهادي: (متروك الحديث). تنقيح التحقيق: (2 / 827). 20. وقال الحافظ ابن حجر في الدراية: (ضعيف، يسرق الحديث) (1 / 133).، وقال في تخريج أحاديث الكشاف: (متروك) (2 / 465).، وخالف في التقريب فتساهل فقال: (صدوق له مناكير، وكان يتشيع، وأفرط العقيلي فقال: كذاب) (رقم: 4098). !!!. هكذا قال - رحمه الله -، وهذا عجيب منه، كيف يتهمه بالسرقة، ويقول عنه: (متروك)، ثم يقول: (صدوق له، مناكير....). وقد قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي - رحمه الله -: (وأتعجب من الحافظ ابن حجر: يذكر في ترجمة علي بن موسى من التهذيب تلك البلايا وأنه تفرد بها عنه أبو الصلت، ثم يقول في ترجمة علي من التقريب: صدوق والخلل ممن روى عنه، والذي روى عنه هو أبو الصلت، ومع ذلك يقول في ترجمة أبي الصلت من التقريب: صدوق له مناكير، وكان يتشيع، وأفرط العقيلي فقال: كذّاب). الفوائد المجموعة: (ص: 293)، في الحاشية. 21. وقال البوصيري: (متفق على ضعفه، واتهمه بعضهم). مصباح الزجاجة: (1 / 55). أقول: هذا ما وقفت عليه من أقوال العلماء فيه، وخلاصة أمره كما ترى أنه متروك. وأما ما نُقل عن أبي داود أنه قال: (كان ضابطاً، ورأيت ابن معين عنده) كما في: تهذيب التهذيب: (6 / 287).، فإنما ذلك في عبد السلام بن مطهر نبّه عليه الدكتور / بشار عوّاد في تحقيقه لكتاب: (تهذيب الكمال)، للمزي: (18 / 81).، وليس هو الهروي. وقد وهم الشيخ الغماري في جعله عبد السلام بن صالح الهروي. فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي: (ص: 10). وكل من حسّن من أمر عبد السلام الهروي، أو وثقه، فلتوثيق ابن معين له، لكن كان ابن معين في بداية أمره لا يعرفه، وينكر حديثه جداً، ثم عرفه بعد ذلك، ووثقه بمتابع الفيدي له - كما سيأتي -، لكن كانت معرفته لأبي الصلت قاصرة، كما ستعلم. روى الخطيب البغدادي في: (تاريخه)، عن عبد الخالق بن منصور قال: وسألت يحيى بن معين عن أبي الصلت؟ فقال: (ما أعرفه)، قلت له: إنه يروي حديث الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس: (أنا مدينة العلم، وعلي بابها). فقال: (ما هذا الحديث بشيء). (11 / 49). وروى أيضاً، من طريق: يحيى بن أحمد بن زياد قال: وسألته - يعني: يحيى بن معين -، عن حديث أبي معاوية الذي رواه عبد السلام الهروي عنه، عن الأعمش، حديث ابن عباس، فأنكره جداً. (11 / 49). ويحيى بن أحمد بن زياد تَرجَم له الحافظ الذهبي في: (تاريخ الإسلام)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. (22 / 321). ثم جاءت رواية ابن الجنيد تبين أنه عرفه، لكن ما زال ينكر هذه الأحاديث التي يرويها. قال ابن الجُنَيد: سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت الهروي؟ فقال: (قد سمع وما أعرفه بالكذب)، قلت: فحديث الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس؟ قال: (ما سمعت به قط، وما بلغني إلاّ عنه). سؤالات ابن الجنيد: (رقم: 358). وقال: سمعت يحيى وذكر أبا الصلت الهروي فقال: (لم يكن أبو الصلت عندنا من أهل الكذب، وهذه الأحاديث التي يرويها ما نعرفها). سؤالات ابن الجنيد: (رقم: 463). ثم لما وجد ابن معين من يتابعه في رواية هذا الحديث، وهو الفيدي، وثقه. قال الدوري: سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت الهروي؟ فقال: (ثقة)، فقلت: أليس قد حدّث عن أبي معاوية، عن الأعمش: (أنا مدينة العلم )؟ فقال: (قد حدّث به محمد بن جعفر الفيدي متابعة الفيدي له ستأتي بعد قليل، في الوجه الثاني.، وهو ثقة مأمون). المستدرك: (3 / 126 - 127). وروى الحاكم عن أحمد بن سهل الفقيه القباني - إمام عصره ببخارى -، قال: سمعت صالح بن محمد بن حبيب يقول: وسئل عن أبي الصلت الهروي، فقال: دخل يحيى بن معين ونحن معه على أبي الصلت فسلّم عليه، فلما خرج تبعته فقلت له: ما تقول: رحمك الله في أبي الصلت؟ قال: (هو صدوق)، فقلت له: إنه يروي حديث الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي (ص);: (أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأتها من بابها)، فقال: قد روى هذا ذاك الفيدي، عن أبي معاوية، عن الأعمش، كما رواه أبو الصلت). المستدرك: (3 / 127). وروى الخطيب البغدادي من طريق: عمر بن الحسن بن علي بن مالك قال: سمعت أبي يقول: سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت الهروي فقال: (ثقة صدوق، إلاّ أنه يتشيع). تاريخ بغداد: (11 / 48). وعمر بن الحسن بن علي له ترجمة في: (اللسان) (4 / 290 - 293).، وضعّفه ابن حجر في: (الإصابة). (2 / 239). وأبوه الحسن بن علي بن مالك، قال عنه ابن المنادي: (به أدنى لين). ميزان الاعتدال: (1 / 509). قال الخطيب البغدادي - رحمه الله - موجهاً لروايات ابن معين هذه: (أحسب عبد الخالق سأل يحيى بن معين عن حال أبي الصلت قديماً، ولم يكن يحيى إذ ذاك يعرفه، ثم عرفه بعد، فأجاب إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن حاله، وأمّا حديث الأعمش فإن أبا الصلت كان يرويه عن أبي معاوية عنه فأنكره أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين من حديث أبي معاوية، ثم بحث عنه فوجد غير أبي الصلت قد رواه عن أبي معاوية). تاريخ بغداد: (11 / 49). ثم جاءت رواية ابن محرز توضح موقف ابن معين أكثر وتبينه. قال ابن محرز سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي؟ فقال: (ليس ممن يكذب)، فقيل له: في حديث أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس: (أنا مدينة العلم، وعلي بابها)، فقال: (هو من حديث أبي معاوية، أخبرني ابن نمير قال: حدّث به أبو معاوية قديماً ثم كف عنه). وكان أبو الصلت رجلاً موسراً، يطلب هذه الأحاديث، ويكرم المشايخ، وكانوا يحدثونه بها. معرفة الرجال - رواية ابن محرز -: (1 / 79)، رقم: (231). إذاً بيّن ابن معين أن هذا الحديث هو من حديث أبي معاوية، وأن أبا الصلت أخذه عن أبي معاوية، وكان أبو الصلت يطلب هذه الأحاديث ويكرم المشايخ فيحدثونه بها. ولهذا لما سأل القاسم بن عبد الرحمن الأنباري ابن معين عن هذا الحديث؟ فقال: (هو صحيح). تاريخ بغداد: (11 / 49). وأكد الخطيب البغدادي بأن ابن معين أراد بالصحة أي: صحة إسناده إلى أبي معاوية، أي: أنه ثبت إسناده إلى أبي معاوية بمتابعة الفيدي لأبي الصلت. قال الخطيب البغدادي - موجهاً لرواية الأنباري -: (أراد أنه صحيح من حديث أبي معاوية، وليس بباطل، إذ قد رواه غير واحد عنه).تاريخ بغداد: (11 / 50). أقول: إذاً، استدل ابن معين - رحمه الله - على توثيق عبد السلام الهروي بمتابعة محمد بن جعفر الفيدي، والفيدي موثق عند ابن معين فارتفعت تهمة التفرد والكذب بهذا الحديث عن أبي الصلت، ولذا قال ابن معين: (هو من حديث أبي معاوية)، وأكد على ذلك ودللّ عليه بأن ابن نمير أخبره أن أبا معاوية حدّث به قديماً ثم كف عنه، فوثق ابن معين أبا الصلت الهروي بمتابعة الفيدي له، وبما أخبره ابن نمير، ثم كان كل من سأله عن حال أبي الصلت الهروي قال: (ثقة)، فإذا سئل عن حديث أبي معاوية قال: (ما تريدون من هذا المسكين؟ أليس قد حدّث به محمد بن جعفر الفيدي، عن أبي معاوية). ولهذا قال الخطيب البغدادي في تصحيح ابن معين للحديث: (أراد أنه صحيح من حديث أبي معاوية، وليس بباطل). فانحصرت العلة عند ابن معين والخطيب البغدادي في أبي معاوية ومن فوقه، وهذا هو الصحيح - إن شاء الله تعالى -، ليس كمن فهم أنهما يصححان الحديث. وقد سبق أن بينت أن علة الحديث هي: تدليس الأعمش، ثم ذكرت علة أخرى وهي: تفرد أبي معاوية به ثم رجوعه عن التحديث به. لكن تفرد ابن معين بتوثيق أبي الصلت الهروي مع وجود من اتهمه وضعفه من الحفاظ كأبي حاتم الرازي، وأبي زرعة، وغيرهما، مما يجعلنا لا نقبل توثيقه له، ولا سيما أن أبا الصلت الهروي كان يتصنع لابن معين فيما يظهر ويحسن إليه، حتى أحسن الظن فيه. وهذا مما جعل الحافظ الذهبي - رحمه الله - أن يقول: (جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وكان هذا أي: عبد السلام الهروي. باراً بيحيى، ونحن نسمع من يحيى دائماً، ونحتج بقوله في الرجال، ما لم يتبرهن لنا وهن رجل انفرد بتقويته، أو قوة من وَهّاه). سير أعلام النبلاء: (11 / 447). وبهذا يظهر لي - والله أعلم - أن ابن معين لم يعرف حال أبي الصلت جيداً كما عرفه الأئمة، وإنما جاء توثيقه له بمتابعة الفيدي، وهذا لا يكفي، ومن علم حجة على من لم يعلم، فيقدم الجرح هنا على التعديل، ولا يلتفت إلى توثيق ابن معين له !!!. ومما يدل على أن أبا الصلت كان يكذب ما ذكره العلامة المعلمي - رحمه الله - قال: (وأبو الصلت فيما يظهر لي كان داهية، من جهة خدم علي الرضا بن موسى بن جعفر بن محمد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وتظاهر بالتشيع، ورواية الأخبار التي تدخل في التشيع، ومن جهة كان وجيهاً عند بني العباس، ومن جهة تقرب إلى أهل السنة برده على الجهمية، واستطاع أن يتجمل لابن معين حتى أحسن الظن به ووثقه، وأحسبه كان مخلصاً لبني العباس وتظاهر بالتشيع لأهل البيت مكراً منه لكي يصدق فيما يرويه عنهم، فروى عن علي بن موسى عن آبائه الموضوعات الفاحشة كما ترى بعضها في ترجمة علي بن موسى من التهذيب، وغرضه من ذلك حط درجة علي بن موسى وأهل بيته عند الناس، وأتعجب من الحافظ ابن حجر: يذكر في ترجمة علي بن موسى من التهذيب تلك البلايا وأنه تفرد بها عنه أبو الصلت، ثم يقول في ترجمة علي من التقريب: صدوق والخلل ممن روى عنه، والذي روى عنه هو أبو الصلت، ومع ذلك يقول في ترجمة أبي الصلت من التقريب: صدوق له مناكير، وكان يتشيع، وأفرط العقيلي فقال: كذّاب). الفوائد المجموعة: (ص: 293)، في الحاشية. وقال أيضاً: (وتبين مما هناك أن من يأبى أن يكذبه يلزمه أن يكذب علي بن موسى الرضا وحاشاه).الفوائد المجموعة: (ص: 349 - 350)، في الحاشية. وأذكر هنا كلمة سديدة للحافظ الذهبي - رحمه الله - بما يناسب المقام فقد قال في مقدمة كتابه النفيس: (معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد)، عند ذكر تضعيف ابن معين للإمام لشافعي: (قد آذى ابن معين نفسه بذلك، ولم يلتفت الناس إلى كلامه في الشافعي ولا إلى كلامه في جماعة من الأثبات، كما لم يلتفتوا إلى توثيقه لبعض الناس، فإنا نقبل قوله دائماً في الجرح والتعديل ونقدمه على كثير من الحفاظ ما لم يخالف الجمهور في اجتهاده، فإذا انفرد بتوثيق من ليّنه الجمهور أو بتضعيف من وثقه الجمهور وقبلوه فالحكم لعموم أقوال الأئمة، لا لمن شذ، فإن أبا زكريا من أحد أئمة هذا الشأن وكلامه كثير إلى الغاية في الرجال وغالبه صواب وجيد وقد ينفرد بالكلام في بعد الرحيل فيلوح خطأه في اجتهاده بما قلنا، فإنه بشر من البشر وليس بمعصوم، بل هو في نفسه يوثق الشيخ تارة ويلينه تارة، يختلف اجتهاده في الرجل الواحد فيجيب السائل بحسب ما اجتهد من القول في ذلك الوقت). (ص: 49). فانظر إلى هذا الكلام الجميل النفيس، وتأمله ثم قارنه بمن تمسك بتوثيق ابن معين لأبي الصلت ولم يلتفت إلى تضعيف الحفاظ له !! وأمّا ما ذكره الغماري: أن عبد الله بن أحمد بن حنبل - رحمه الله - وثقه بروايته عنه، وذلك يدل على أنه ثقة عند أبيه أيضاً،لأن عبد الله كان لا يروي إلاّ عمن يأمره أبوه بالرواية عنه ممن هو عنده ثقة فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي: (ص: 11).، وقد قال الحافظ ابن حجر: (من عرف من حاله أنه لا يروي إلاّ عن ثقة، فإنّه إذا روى عن رجل وُصِف بكونه ثقة عنده كمالك، وشعبة والقطان، وابن مهدي، وطائفة ممن بعدهم). اللسان: (1 / 15). فالجواب عن هذا، ما يلي: إنّ هذا مبني على الغالب، وإلاّ فمالك - رحمه الله - روى عن عبد الكريم بن أبي المخارق، وعبد الكريم هذا قال عنه الحافظ ابن حجر: (ضعيف). التقريب: (رقم:4184). وشعبة - رحمه الله - روى عن جابر الجعفي، وهو ضعيف عند الحافظ ابن حجر أيضاً. التقريب: (رقم: 886). والإمام أحمد - رحمه الله - روى عن عامر بن صالح الزبيري، وهو: (متروك الحديث) التقريب: (رقم: 3113).، وهكذا. وقد قال الحافظ ابن حجر: (قد كان عبد الله بن أحمد لا يكتب إلاّ عمّن يأذن له أبوه في الكتابة عنه، ولهذا كان معظم شيوخه ثقات). تعجيل المنفعة: (2/ 161 - 162). وهناك فرق بين: (معظم) و(كل). وقال أيضاً: (حكم شيوخ عبد الله القبول، إلاّ أن يثبت فيه جرح مفسر، لأنه كان لا يكتب إلاّ عمن أذن له أبوه فيه). تعجيل المنفعة: (2 / 173). ولاحظ قول الحافظ ابن حجر: (إلاّ أن يثبت فيه جرح مفسر). ولا يشك أحدٌ أنّ أبا الصلت قد ثبت فيه جرح مفسر!!!! فهذا حكم شيوخ عبد الله بن الإمام أحمد لا من أطلق القبول فيهم, والله أعلم. ************************* هل هذا القول صحيح؟ ما جواب هذه الشبهة؟


الأخ ماجد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الأخ العزيز هذه سفسطة وليست شبهة فهؤلاء وصل بغض أهل البيت(عليهم السلام) عندهم حدّاً عميت به قلوبهم مع أبصارهم فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل. نتعجب فعلاً من هكذا حال وهكذا طريقة في تضعيف الأحاديث الثابتة وردها. ونقول لهؤلاء لو أن هناك حديثاً يصف أبا بكر أو عمر بأنه باب مدينة العلم ونقل واشتهر بهذه الكثرة من الأسانيد والطرق والمتابعات والشواهد وكان أحد أسانيده يحتوي على أبي الصلت الهروي فهل سيبقى كاذباً متروكاً مردوداً الحديث حتى لو تابعه عليه شيخ البخاري محمد بن جعفر الفيدي؟ هذا هراء والله فهذا يعني بشكل واضح وصريح بأن الحديث لا علاقة له بأبي الصلت أبداً فلماذا هذا التدليس بإكثار الكلام عن أبي الصلت وجعله علة رابعة لضعف الحديث؟ إذن فسند الحديث هو: محمد بن جعفر الفيدي شيخ البخاري (الثقة) عن أبي معاوية (الثقة) عن الأعمش (الثقة) عن مجاهد (الثقة) عن ابن عباس الصحابي عن رسول الله(ص) فكيف يردّ مثل هذا الاسناد الذي هو كالشمس عندكم؟!!! إلا أن يكون في فضل علي فإنه حينئذٍ يجب أن يُرَدَّ مع الأسف عليكم!! وأما دعوى تفرد أبي معاوية الثقة فلا يضره وليس بعلة بالإجماع حيث أن الحديث الشاذ هو ما خالف به الثقة الثقات أو من هو أوثق منه وليس ما تفرد به الثقة! فلا تكونوا من الجاهلين المدلسين!! ثم إن تدليس الأعمش سواء كان من المرتبة الثانية أم الثالثة فهو سليمان بن مهران الأعمش الثقة الثبت المكثر: فقد أخرج له البخاري في صحيحة 375 حديثاً معنعناً في 246 حديث منها فهل ترد أحاديثه هذه كلها؟! علماً أن البخاري روى (6) روايات عن الأعمش وهو يعنعن عن مجاهد!! فما لكم كيف تحكمون!؟ وقد أخرج له مسلم في صحيحه أيضاً 278 حديثاً عنعن في 257 حديثاً منها فهل تستطيعون الكلام في واحد من هذه الأحاديث البخارية المسلمية!؟ ثم إن مسلماً قد روى له حديثين معنعنين عن مجاهد كما هو الحال في حديثنا هذا، فما لكم كيف تحكمون؟! ثم اعلم أن الأعمش قد جعله الحافظ ابن حجر في تعريف أهل التقديس مع المرتبة الثانية التي يقبل تدليسهم مطلقاً وكذلك الحافظ العلائي في جامع التحصيل فلم تبق عندنا في هذا السند أية مشكلة مع أن هذا المتكلم إعترف بتعدد طرق الرواية عن أربعة من الصحابة فضلاً عن تعدد الطرق عن كل صحابي!!. وعجبنا من هذه الشرذمة المتعصبة كيف تجرؤ وتتكلم هنا وهناك دون النظر إلى أقوال العلماء والسلف في هذا الحديث وهم يدَّعون بأنهم سلفية، وسوف نكتفي بنقل كلام من تكلم عن هذا الحديث العظيم من علماء أهل السنة بغضِّ النظر عمن ألف فيه كتباً لجمع طرقه والقطع بصدوره عن رسول الله(ص)،ولكن دلالة الحديث الواضحة على أفضلية أمير المؤمنين(ع) في هذا الحديث هو الذي أثر في كل أقوالهم تلك سواء في رد الحديث أو الكلام في إسناده! ويشهد لوضوح دلالته العظيمة على وجوب إتباع أمير المؤمنين (ع) دون سواه ما قاله المناوي في (فيض القدير 3/60) فقال: 2705ـ (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب) فإن المصطفى(ص) المدينة الجامعة لمعاني الديانات كلها ولابدَّ للمدينة من باب فأخبر(ص) أن بابها هو علي كرم الله وجهه فمن أخذ طريقه دخل المدينة ومن أخطأه أخطأ طريق الهدى وقد شهد له بالأعلمية الموافق والمخالف والمعادي والمحالف... وأخيراً ننقل كلام العلماء وما قالوه في هذا الحديث فهو أفضل بكثير من سفسطة مثل هذا الكاتب الذي جانب الحق والحقيقة كثيراً هداه الله فنقول: هذا الحديث أخرجه الترمذي بلفظ (انا دار الحكمة وعلي بابها). وقد أخرجه الحاكم في مستدركه على الصحيحين بعدة طرق وصححها،لاحظ (3/ 126ـ 127) وأخرجه الهيثمي في (مجمع زوائده 9/ 114) وقال: رواه الطبراني وفيه عبد السلام بن صالح الهروي وهو ضعيف. قلت: ولكن ذكر ابن معين والحاكم وغيرهما من تابع الهروي عليه ودفعوا التهمة عن الهروي برواية ومتابعة شيخ البخاري محمد بن جعفر الفيدي الثقة له فبرئوا الهروي من الإنفراد بهذا الحديث وأثبتوه. وقال المتقي الهندي في (كنز العمال 13/ 148):وقد أورد ابن الجوزي في الموضوعات حديث علي وابن عباس وأخرج الحاكم حديث ابن عباس وقال: صحيح الاسناد وروى الخطيب البغدادي في تاريخه عن يحيى بن معين أنه سئل عن حديث ابن عباس فقال: هو صحيح. وقال ابن عدي في حديث ابن عباس أنه موضوع وقال الحافظ العلائي قد قال ببطلانه أيضاً الذهبي في الميزان وغيره ولم يأتوا في ذلك بعلة قادحة سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر، وقال الحافظ ابن حجر في لسانه: هذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم أقل أحوالها أن يكون للحديث أصلاً فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع، وقال في فتوى هذا الحديث: أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: إنه صحيح وخالفه ابن الجوزي فذكره في الموضوعات وقال: إنه كذب، والصواب خلاف قولهما معاً وأن الحديث من قسم الحسن لا يرتقي إلى الصحة ولا ينحط إلى الكذب، وبيان ذلك يستدعي طولاً ولكن هذا هو المعتمد في ذلك انتهى. ثم قال المتقي الهندي: وقد كنت أجيب بهذا الجواب (بأنه حسن) دهراً إلى أن وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الآثار مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس فاستخرت الله وجزمت بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحة والله أعلم. انتهى كلام المتقي الهندي. فهل يريد هؤلاء أن نترك كل كلام هؤلاء من الأعلام المحققيين ونتبع سفسطتهم وقولهم الذي لم يقله أحد من الأولين والآخرين ونترك كذلك قاعدة تعدد الطرق والشواهد والمتابعات التي يقوي بعضها بعضاً ونترك أقوال العلماء الكبار الذين حكموا بصحته ونقبل كلام هؤلاء البعيد كل البعد عن أصول وقواعد التصحيح والتضعيف حيث تجاوزوا العلماء والمحققين الذين صححوا الحديث وتجاوزوا مسألة تعدد الطرق وكون الحديث في الفضائل لا الأحكام وصحة إسناد طريق ابن عباس وتذرعوا بأعذار واهية لو اتبعوها مع كل أحاديثهم حتى أحاديث الصحيحين لكانت النتائج حينئذٍ لا تسرهم ولذهبت جل أحاديثهم أدراج الرياح. ودمتم في رعاية الله