logo-img
السیاسات و الشروط
عبد الله - السعودية
منذ 5 سنوات

أنا من أهل السنة والجماعة , ولديّ سؤال أرجو منكم الإجابة عليه : تقولون : أن الله عزوجل قال لرسوله (ص): (لولاك يا محمد (ص) لما خلقت الأفلاك ولولا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما) فكيف يكون ذلك ؟ هل أن علي وفاطمة أفضل من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك لولاهما لما خلق الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم , وإلا فما هو المقصود بذلك الكلام ؟ أرجو منكم الإجابة بالتفصيل . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الأخ عبد الله المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن فهم هذا الحديث يتوقف على فهم معنى الامامة عند الشيعة الاثني عشرية , والالتفات إلى حقيقة الامامة عندهم , فاذا فهمت معنى الامامة عند الاثنى عشرية عند ذلك تستطيع فهم الحديث. فلذلك نقول : تعتقد الشيعة الاثني عشرية أن الامامة رئاسة عامة على الدين والدنيا , ومنصب إلهي يختاره ويعينه الله سبحانه وتعالى بسابق علمه , ويأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يعلم الناس به , ويأمرهم باتباعه , ووظيفة الامام مكملة لوظيفة النبي , فالنبي هو الذي يأتي بشريعة ويبلغها إلى الناس , والامام من بعده يصبح قيّم على الرسالة ويكون ناظراً عليها وعلى الامة وحفظ الدين من التحريف والتبديل . وبما أن الدين الاسلامي الحنيف رسالة خالدة , وشريعة دائمة على مر الازمان والدهور , فلابد فيها من وجود إمام بعد النبي (صلى الله عليه وآله) يكمل المسيرة النبوية ويحفظ الشريعة الربانية . هذا مفهوم الامامة بشكل مجمل عند الشيعة الاثني عشرية . وكل ما تقدم كان من الناحية الكلية وتحديد معنى الامامة بشكل عام , أما في مقام التطبيق الخارجي فالشيعة الامامية والاثني عشرية تعتقد بأن النبي (صلى الله عليه وآله) نصب إماماً من بعده , وذلك الامام هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) , لأدلة كثيرة ذكرت في محلها : كحديث الثقلين , والكساء , والغدير , وغيرها الكثير . ومن تلك الادلة على إمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام) قوله تعالى في سورة المائدة , الآية 3 قال: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً )). فقد أخرج السيوطي في (الدر المنثور) عن أبي هريرة انها نزلت في يوم غدير خم عندما أخذ النبي بيد علي ورفعها إلى السماء وقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) فنزلت هذه الآية. (الدر المنثور 2/457 , ( ط / الاولى 1421 هـ ـ دار الكتب العلمية بيروت). وفي (شواهد التنزيل) للحاكم الحسكاني أخرج أيضاً أنها نزلت في علي بن أبي طالب يوم غدير خم. (شواهد التنزيل , للحاكم الحسكاني 1/156 ط / الاولى 1393 هـ ـ 1974 م , مؤسسة الاعلمي بيروت لبنان). وفي (تفسير القرآن العظيم) للامام الحافظ عماد الدين اسماعيل بن كثير روى انها نزلت في حق علي.(تفسير القرآن العظيم 2/17 دار إحياء التراث العربي ـ بيروت لبنان ط / الاولى 1420 هـ 2000 م). وغيرهم أيضاً . والآية الخامسة من سورة المائدة وهي قوله تعالى: (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) . فقد أخرج الحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل 1/187) أنها نزلت في علي بن أبي طالب يوم غدير خم , والقندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودة 1/359) أخرج أنها نزلت في علي بن أبي طالب , وفي (فرائد السمطين 1/158 حديث 120, وفي الدر المنثور 2/298 , وفي غاية المرام 334 , ب 37 حديث 2) ذكروا أنها نزلت في شأن علي بن أبي طالب في وقعة غدير خم . إلى غير ذلك من الادلة الكثيرة . اذا عرفنا معنى الامامة عند الاثني عشرية , وعرفت أن الإمام هو علي بن أبي طالب وولده الاحد عشر(عليهم السلام) , ستعرف معنى الحديث! فالله لم يخلق الوجود الا للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم), والله خلق الكون لأجل ايصاله الى الغاية المطلوبة منه كما قال: (( الله الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى )) , فهو خلقه لأجل أن يوصله الى كماله المطلوب منه. وبما أن أفضل الموجودات هو الانسان , والانسان الله خلقه لاجل أن يصله الى كماله اللائق به , أو قل : هي معرفة ربه وعبادته كما في قوله تعالى: (( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون )) , وهذه العبادة تحتاج الى معلم ومرشد بينها , ويكون العارف بها , أو قل : يحتاج الانسان إلى واسطة بين عالم الغيب وبينه , والواسطة هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو أشرف الكائنات , وهو المبين للرسالة السماوية , فلولاه لما خلق الكائنات , لان الكائنات خلقت لاجل غاية , وهذه الغاية لا تحصل الا بالنبي (صلى الله عليه وآله), وبما أن الامامة هي واسطة ومكملة للنبوة كما بينّا لك ذلك , فاذن النبوة , تحتاج الى الامامة , وبما أن الامام هو علي بن أبي طالب (عليه السلام), فيكون معنى قوله (ولو لا علي لما خلقتك) أي : أن الغاية لا تحصل إلا بك وبعلي , والهدف لا يكمل إلا بكما , فأحدكما مكمل لدور الآخر . وليس يعني ذلك أن علي أفضل من النبي , لانه ورد في آية المباهلة ان علي نفس النبي , وورد في أحاديث أخرى أن الله خلق آدم (عليه السلام) لأجل هؤلاء الخمسة كما في حديث الكساء , فان هذا توهم باطل , بل المقصود بالحديث هو التوقف في الدور الذي تلعبه الامامة اذ كما أن الناس بحاجة إلى النبوة هم بحاجةف إلى الإمامة . وقوله : (لو لا فاطمة لما خلقتكما) يصبح واضحاً , لان فاطمة (عليها السلام) هي أم الأئمة الاحد عشر بعد الامام علي (عليهم السلام), وبما أن الامامة هي المكملة لدور النبوة , وبما أن فاطمة (سلام الله عليها) هي أم الأئمة (عليهم السلام) , فلذلك لولاها لما حصلت الغاية والمطلوب من خلق الموجودات وجميع الكائنات , فهي أم إحدى عشر إماماً (عليهم السلام), والامامة هي المكملة لمسيرة النبوة , وتقدم أنه لولا النبوة لما خلق الكون , وفاطمة (سلام الله عليها) هي أم الامام المهدي الثاني عشر (عليه السلام), الذي يصلح العالم ويقيم العدل الالهي , فهو الموعود من الله باصلاح الأرض ومن عليها , وهذا الوعد الالهي يتحقق على يده , وهذا المهدي سلام الله عليه أمه فاطمة (عليها السلام). فالحديث لا يعطي الافضلية ولا يفهم منه ذلك لمن عرف معنى الامامة ولمن لاحظ بقية الروايات , بل المقصود بالحديث ما ذكرناه , والشيعة الاثني عشرية من الثابت عندها ان النبي (صلى الله عليه وآله) أفضل الكائنات طراً . ودمتم سالمين

4