logo-img
السیاسات و الشروط
. ( 19 سنة ) - السعودية
منذ سنة

لا يستجاب لدعائي رغم تركي للمعاصي و فعلي للمستحبات

السلام عليكم أنا في التاسعة عشر من عمري وطموحة جداً، ومهتمة لدراستي وأتقرب الى الله تعالى بالوتر و سورة البقرة ولا أسمع الأغاني، و مع ذلك لا أرى التوفيق في حياتي، أدعو الله تعالى كثيراً و لكن ﻻ يستجاب دعائي، وأيضاً أرى والدتي وجميع عائلتي يلحّون بالدعاء فلا يستجاب لنا، بدأت في الشك أنّ منزلنا هو السبب ربما لا تدخله الملائكة أو لشيء من هذا القبيل؟ راجية تعاونكم.


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته حياكم الله يا ابنتي ، لا تهوّلي الأمر فلو لم يستجب الله لكم دعاء لكنتم الآن كلكم تحت التراب، ألم تسألوا العافية فوهبها لكم، وغيركم فاقد للعافية؟ ألم يؤمن لكم مستوىً من الرزق تحفظون فيه كرامتكم وتعيشون حالة الاكتفاء، وغيركم لا يجد قوت يومه؟ ألم يرزقكم الأمن في الوطن، وغيركم فاقد له؟ إن نعم الله تعالى علينا تترى وتتوالى في كل حين لأمور نسألها وأخرى يمنحها لنا من دون مسألة، كما أنّه يدفع عنّا وعنكم شروراً في الخفاء لا تعلمون بها. نعم أنتم تلحون في طلب شيء معين وتأخر عليكم، وهذا التأخير له أسبابه الخفية علينا، والتي لو كشفت لنا لكانت مقنعة جداً لنا، كما أنّه قد يستجاب ولكن يتأخر لمصلحة تعود لكم، كما يلزم أن تتعرفوا على شروط استجابة الدعاء إذ أنّ للدعاء شرائطاً وآداباً تزيد النفس تهذيبًا والقلب نورانيةً لا بدّ من مراعاتها لتترتب عليه الاستجابة المرجوة منه إن شاءت حكمته (جل وعلا) ذلك، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "احفظ آداب الدعاء ... المزید فإن لم تأت بشرط الدعاء فلا تنتظر الإجابة... وأعلم أنه لو لم يكن الله أمرنا بالدعاء لكنا إذا أخلصنا الدعاء تفضل علينا بالإجابة، فكيف وقد ضمن ذلك لمن أتى بشرائط الدعاء" (1). والشروط هي: الشرط الأول: معرفة الله سبحانه، والثقة باستجابته، واليأس من الناس. يشترط لإجابة الدعاء معرفة العبد بالله سبحانه وبصفاته وبرحمته اللامتناهية وقدرته اللا محدودة، لذا روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله (عز وجل): من سألني وهو يعلم أني أضر وأنفع استجبت له" (2). كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) -وقد سأله قومه-: ندعو فلا يستجاب لنا؟! قال: "لأنكم تدعون من لا تعرفونه" (3). فإذا عرف العبد ربه بصفاته الجميلة وسماته الجليلة، امتلأ صدره بحسن الظن به، وهو أدبٌ مهم من آداب الدعاء، فقد روي عنه (عليه السلام) في قوله "فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي" قال: "يعلمون أني أقدر على أن أعطيهم ما يسألوني" (4). وعنه (عليه السلام) أيضًا: "إذا دعوت فظن حاجتك بالباب" (5). بالإضافة إلى حسن الظن بالله تعالى، فإن اليأس من الناس مما حثت عليه الروايات. فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): " إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا عند الله، فإذا علم الله (عزو جل) ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه" (6). الشرط الثاني: الرغبة الصادقة والطلب الجِدّي: فلا بد أن ينبثق دعاء الإنسان من أعماقه وبصورة جدية، تترجم ملامحه مدى احتياجه لتحقق مطلبه، ويستشعر نبض قلبه أهمية مراده وافتقاره إليه. ومن هنا كان البونُ شاسعًا بين الدعاء الحقيقي وبين مجرد تلاوته، إذ الدعاء يعبر عن الحاجة الحقيقية، وهذا ما لا تعبر عنه مجرد القراءة. وقد أكّد الإمام الصادق (عليه السلام) على هذا المعنى فيما روي عنه أنه قال: "من دعا إلى الله أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، فان مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة" (7) إذ قال (من دعا) لا (من قرأ). الشرط الثالث: إقران الدعاء بالعمل. اقتضت حكمة الله تعالى أن يجعل لكل شيء سببًا، فمن لم يستعن بالأسباب معتمدًا على الدعاء فقد خالف السُنة الإلهية في نظام الكون. ولذا فقد روي عن أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "أربعة لا تُستجاب لهم دعوة: رجل جالس في بيته يقول: اللهم ارزقني فيقال له: ألم آمرك بالطلب ورجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقال له: ألم أجعل أمرها إليك ورجل كان له مال فأفسده فيقول: اللهم ارزقني، فيقال له: ألم آمرك بالاقتصاد، ألم آمرك بالإصلاح، ثم قال: " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما"، ورجل كان له مال فأدانه بغير بينة فيقال له: ألم آمرك بالشهادة" (8). ومن الواضح أن عدم الاستجابة لا تختص بهذه الأربعة، فإنها قد ذكرت من باب المثال لا الحصر. إذ إن الدعاء لم يشرع ليحل محل العمل، بل ليكون مكملاً له. كما روي عنه (عليه السلام) أيضًا: "الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر" (9). الشرط الرابع: الطهارة والصدقة والذهاب إلى المسجد: من آداب الدعاء أن يكون الداعي على وضوء، روي عن مسمع قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): "يا مسمع ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غم من غموم الدنيا أن يتوضأ ثم يدخل مسجده فيركع ركعتين فيدعو الله فيها؟" (10). وأن يقدم صدقة قبل الدعاء، فقد روي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس فإذا أراد ذلك قدم شيئا فتصدق به وشم شيئا من طيب وراح إلى المسجد ودعا في حاجته بما شاء الله" (11). الشرط الخامس: البسملة وتمجيد الله تعالى وصلاة ركعتين والصلاة على النبي محمد وآله (صلى الله عليه وآله). روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنه قال: "لا يرد دعاء أوله بسم الله الرحمن الرحيم" (12). وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضًا: "إن كل دعاء لا يكون قبله تمجيد فهو أبتر، وإنما التمجيد ثم الدعاء، قلت: ما أدنى ما يجزئ من التمجيد؟ قال: قل "اللهم أنت الاول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، وأنت العزيز الحكيم" (13). كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): "إن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم سأل الله عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: عجل العبد ربه، وجاء آخر فصلى ركعتين ثم أثنى على الله عز وجل وصلى على النبي [وآله] فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سل تعط" (14). الشرط السادس: التضرع والابتهال وحضور القلب ورقته والإقرار بالذنب: تقدم أن الدعاء يمثل الافتقار الحقيقي والجد في الطلب. وعليه فمن كان قلبه لاهياً وعقله ساهياً عما يدعو به، فلا يمكن أن يكون جاداً في الطلب. لذا ورد فيما وعظ الله تعالى به عيسى (عليه السلام) أنه قال: "يا عيسى ارفق بالضعيف وارفع طرفك الكليل إلى السماء وادعني منك فإني منك قريب ولا تدعني إلا متضرعا إلي وهمك هما واحدا فإنك متى تدعني كذلك أجبك" (15). كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): "إن الله (عز وجل) لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه، فإذا دعوت فأقبل بقلبك، ثم استيقن بالإجابة" (16). وعنه (عليه السلام) أيضًا: "إذا اقشعر جلدك ودمعت عيناك ووجل قلبك فدونك دونك فقد قصد قصدك" (17). ويمكن للعبد تحصيل الرقة وإحضار الدمعة باستشعار تقصيره مع ربه (جل وعلا) واستذكار ذنوبه، بل إن ذلك مما نصت على ضرورته الروايات لاستجابة الدعاء، كما روي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: "إنما هي المدحة، ثم الثناء، ثم الاقرار بالذنب ثم المسألة، إنه والله ما خرج عبد من ذنب إلا بالإقرار" (18). الشرط السابع: التوسل بأهل البيت (عليهم السلام): روي عن أبي الحسن (عليه السلام): "إذا كان لك يا سماعة إلى الله (عز وجل) حاجة فقل: "اللهم إني أسألك بحق محمد وعلي فإن لهما عندك شأنًا من الشأن وقدرا من القدر، فبحق ذلك الشأن وبحق ذلك القدر أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا" (19). الشرط السابع: الإسرار بالدعاء أو الاجتماع وتعميمه: قال (تعالى): "وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ"(20). وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "دعوة في السر تعدل سبعين دعوة في العلانية" (21). وعلى الرغم من التأكيد المتقدم على الإسرار بالدعاء فإن رواياتٍ أخرى تؤكد على الاجتماع فيه، كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): "ما اجتمع أربعة رهط قط على أمر واحد فدعوا [الله] إلا تفرقوا عن إجابة" (22). وعنه (عليه السلام) أيضًا: "كان أبي إذا حزنه أمر جمع النساء والصبيان ثم دعا وأمنوا" (23). ويمكن الجمع بينهما: بأن يكون الإسرار أفضل عند الاعتراف بالذنب الشخصي والدعاء لغفرانه أو طلب حاجة شخصية، فيما يكون الاجتماع أفضل لأنه من شروط الإجابة. فضلاً عن أن نفس الاجتماع مطلوب في بعض الأحيان كما في صلاة الجماعة والاستسقاء مثلًا. كما حثت الروايات الداعي على شمول المؤمنين بدعائه ليكون أقرب إلى الاستجابة كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): "من قدم أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له" (24). الشرط السابع: اختيار الأوقات المناسبة: ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "من أدى فريضة فله عند الله دعوة مستجابة" (25). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "ثلاثة أوقات لا يحجب فيها الدعاء عن الله: في أثر المكتوبة، وعند نزول القطر، وظهور آية معجزة لله في أرضه" (26). كما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "خير وقت دعوتم الله (عز وجل) فيه الأسحار، وتلا هذه الآية في قول يعقوب "سوف أستغفر لكم ربي" [و] قال: أخرهم إلى السحر"(27). الشرط السابع: الإلحاح: روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): "إن الله (عز وجل) كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة وأحب ذلك لنفسه" (28). وعنه (عليه السلام): "والله لا يلح عبد مؤمن على الله عز وجل في حاجته إلا قضاها له" (29). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الحكمة ج2 ص16. (2) ثواب الأعمال ص138. (3) التوحيد ص209. (4) تفسير العياشي ج 1 ص 83. (5) شرح أصول الكافي ج19 ص96. (6) الكافي ج2 ص215. (7) مصباح الزائر ص 235. (8) الكافي ج2 ص698. (9) من لا يحضره الفقيه ص25. (10) تفسير العياشي ج 1 ص 43. (11) الكافي ج2 ص657و658. (12) الدعوات للراوندي ج52 ص131. (13) مكارم الأخلاق ص356. (14) الكافي ج2 ص667. (15) شرح أصول الكافي ج20 ص176. (16) الكافي ج2 ص651. (17) المصدر السابق ص658. (18) المصدر نفسه ص666. (19) المصدر نفسه ص763. (20) الاعراف 205. (21) الدعوات للراوندي ج18 ص7. (22) شرح أصول الكافي ج16 ص234. (23) الكافي ج2 ص669. (24) الخصال ج 2 ص 110. (25) مجالس المفيد ص 76. (26) أمالي الطوسي ج 1 ص287. (27) الكافي ج2 ص675. (28) المصدر السابق ص653. (29) شرح أصول الكافي ج16 ص ١٩٣.

2