خالد
منذ 4 سنوات

 كلام حول حديث الحوض

بسم الله الرحمن الرحيم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( يَرِدُ عَلَيَّ يَومَ القِيَامَةِ رَهطٌ مِن أَصحَابِي، فَيُجلونَ عَن الحَوضِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصحَابِي! فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلمَ لَكَ بِمَا أَحدَثُوا بَعدَكَ، إِنَّهُمُ ارتَدُّوا عَلَى أَدبَارِهِمُ القَهقَرَى )) البخاري: (6097). الحديث ورد بصيغ متعددة، منها ما سبق، ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( بَينَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفتُهُم خَرَجَ رَجُلٌ مِن بَينِي وَبَينِهِم،...؟ قَالَ: إِنَّهُمُ ارتَدُّوا بَعدَكَ عَلَى أَدبَارِهِمُ القَهقَرَى. فَلَا أُرَاهُ يَخلُصُ مِنهُم إِلا مِثلُ هَمَلِ النَّعَمِ )) البخاري: (6215). 1- إن هذا الحديث صحيحٌ عندنا ولا شك، لكنه لا يراد به علي بن أبي طالب رضي الله عنه قطعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شهد له بالجنة، وكذلك لا يراد به غيره من الصحابة السابقين للإسلام ممن شهد لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة كأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعمار والمقداد وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم. وكذلك لا يمكن أن يراد به السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار؛ لأن الله أخبر ووعد بأن لهم: (( جَنَّاتٍ تَجرِي تَحتَهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً )) (التوبة:100). فهل هؤلاء الذين وعدهم الله بالجنات هم المرتدون الناكثون، هذا يقتضي أن الله وعدهم بالجنات وهو لا يعلم أنهم سيرتدون، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؟ الأدلة على أن المقصودين هم غير المهاجرين والأنصار المذكورين في القرآن: أولا: النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يَعلَم من هم الذين بدلوا بعده إلا حين يَرِدُونَ عليه الحوض ثم يُرَدُّونَ عنه، فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلمهم، فمن الذي حددهم وعيَّنهم بأسمائهم؟ وهل هناك من هو أعلم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ والجواب لا.. ثانيا: لو قال لنا قائل: إن النص عام، فيشمل أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه، وكذلك يشمل المقدادَ وعماراً وسلمانَ وأبا ذر رضي الله عنهم، فما الجواب؟ نقول له: إن الأدلة قد دلت على عدم شمول حديث الحوض للمهاجرين والأنصار؛ لأن الله وعدهم بالجنة. فالأدلة التي دلت على خروج هؤلاء دلت كذلك على خروج باقي إخوانهم من المهاجرين والأنصار. ثالثا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فإذا رهط)) ولم يقل: فإذا أكثر أصحابي، والرهط في اللغة من ثلاثة إلى عشرة، فدل على أن الذين يمنعون عن الحوض قليل، ومثله يقال في قوله: (( فإذا زمرة )). و في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((فَلَا أُرَاهُ يَخلُصُ مِنهُم إِلا مِثلُ هَمَلِ النَّعَمِ)). والجواب ظاهر: وهو أن هؤلاء الذين يخلصون (مِثلُ هَمَلِ النَّعَمِ)، هم من بين تلك الزمر التي عرضت عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وليسوا يخلصون من بين سائر الصحابة؛ أي: لا أراه يخلص من بين تلك الزمر التي تُردُّ عن الحوض إلا مثل همل النعم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((يَرِدُ عَلَيَّ يَومَ القِيَامَةِ رَهطٌ مِن أَصحَابِي)). وفي رواية: (( بَينَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمرَةٌ... فَلَا أُرَاهُ يَخلُصُ مِنهُم إِلا مِثلُ هَمَلِ النَّعَمِ )) ولم يقل: تُعرَضُون أنتم.. فهذا العدد القليل (همل النعم) من بين الزمرة أو الرهط وليس من بين الصحابة. رابعا: لو كان كذلك أي أن أغلب الصحابة أرتد فأين هم من قول الله: (( كنتم خير أمة أخرجت للناس.. )) (آل عمران)، (كنتم) يا أمة محمد في علم الله تعالى (خير أمة أخرجت) أظهرت (للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان) الإيمان (خيراً لهم منهم المؤمنون) كعبد الله بن سلام رضي الله عنه وأصحابه (وأكثرهم الفاسقون) الكافرون. المراد بمن يمنع عن الحوض: ما وجدت من أقوال بعض أهل العلم وباختصار: القول الأول: قيل إنهم أناسٌ ممن أسلموا ولم يحسن إسلامهم، كأولئك الذين في أطراف الجزيرة وحصلت الردة منهم بعد ذلك، أو الذين منعوا الزكاة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قاتل الصحابة رضي الله عنهم هؤلاء، ونحن نعلم أنه قَدِمَ على النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بعد فتح مكة عشراتُ الوفود بالإسلام من قومهم، وأن الذين شهدوا حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتجاوز عددهم مائة ألف، وهذا القول من أعدل الأقوال وأحسنها. القول الثاني: قال بعض أهل العلم: إن لفظ الصحابي في اللغة – لا الاصطلاح الشرعي - يشمل المنافق, فيحتمل أن يريد النبي صلى الله عليه وآله وسلم المنافقين الذين لم يعرفهم أو لم يظهر له نفاقهم، وقد قال تعالى: (( لا تَعلَمُهُم نَحنُ نَعلَمُهُم )) ، وإن كان يعلم غالبهم بالصفات التي وصفهم الله بها؛ والدليل على ذلك: أن رأس المنافقين وهو عبد الله بن أبيِّ بن سلول لما قال.... لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذل, فقال عمر: ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث - يعني: عبدَ الله بن أُبَي بن سلول - فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقتُلُ أَصحَابَهُ )). ففي هذه الرواية دليل على أن مسمى الصحابة في اللغة يطلق على المنافقين أيضاً، ومن ثَمَّ يمكن حمل روايات الذم على هؤلاء، أي: يراد بلفظ الصحبة الوارد في حديث الحوض هؤلاء المنافقون، وليس الصحابة بالمصطلح الشرعي، والذين وعدهم الله بالحسنى والخلود في الجنات، وبهذا يحصل الجمع بين الروايات. فلا يتهم هؤلاء الصحابة الذين زكاهم الله تعالى، ويترك مانعو الزكاة ممن قُتِل من قبل المهاجرين والأنصار، وكيف يُترك أتباع المرتدون والخوارج، ويُتهم صفوة الخلق الذين قاتلوهم، بل وقاتلوا قبل ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وتأمل هذا المعنى الجليل الذي تنقله كتب الشيعة عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه إذ يقول: ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثني عشر ألفا، ثمانية آلاف من المدينة، وألفان من مكة، وألفان من الطلقاء, ولم ير فيهم قدري ولا مرجئ ولا حروري ولا معتزلي ولا صاحب رأي، كانوا يبكون الليل والنهار، ويقولون: اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير)). فالإمام جعفر الصادق رضي الله عنه يمتدح اثني عشر ألفاً من الصحابة جلهم من المدينة، ويشهد بأنهم لم يغيروا ولم يبدلوا حتى ماتو. تأمل - هداني الله وإياك للحق - إخبارَ الله سبحانه وتعالى أنه غفر للمهاجرين والأنصار الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك: (( لَقَد تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ العُسرَةِ )) (التوبة:117). فأي مخالفة فيمن ينال من هؤلاء الذين أخبر سبحانه أنه تاب عليهم ورضي عنهم ووعدهم جناتٍ تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً؟! وأي افتراء على صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين اتبعوه في ساعة العسرة، وتركوا ديارهم وأموالهم من أجل الله سبحانه وتعالى! وأي مخالفةٍ لتزكية الله لهم في كثيرٍ من الآيات! بل أي جريمةٍ أن يأتي أحدٌ ويحدد من لم يحدده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الحوض، فيحدده بالمهاجرين والأنصار ويترك أولئك المرتدين في أرض اليمامة وغيرها! وقد وصف الله المؤمنين الذين جاءوا من بعدهم بسلامة قلوبهم واستغفارهم للمهاجرين والأنصار، كما قال تعالى بعد ذكره للمهاجرين والأنصار: (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعدِهِم يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفِر لَنَا وَلإِخوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجعَل فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) (الحشر). 2- لقد وردت الآيات الأولى في سورة التحريم بحق من آذى رسول الله (ص) وفيها تعريض شديد وغليظ.. فهل تراه تستقيم دعوى الخيرية هذه مع هذا التعريض الشديد الغليظ والتمثيل بالنساء الكافرات؟!! راجع ثم اجب, وعلى سبيل المثال يمكنك النظر في تفسير الآلوسي والرازي (من علماء أهل السنة)...... منها تفسير الطبري أو الميسر أو تفسير السعدي أرشدك إلى قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفكِ عُصبَةٌ مِّنكُم لَا تَحسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَل هُوَ خَيرٌ لَّكُم لِكُلِّ امرِئٍ مِّنهُم مَّا اكتَسَبَ مِنَ الإِثمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبرَهُ مِنهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَولَا إِذ سَمِعتُمُوهُ ظَنَّ المُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بِأَنفُسِهِم خَيراً وَقَالُوا هَذَا إِفكٌ مُّبِينٌ * لَولَا جَاؤُوا عَلَيهِ بِأَربَعَةِ شُهَدَاء فَإِذ لَم يَأتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الكَاذِبُونَ * وَلَولَا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُم فِي مَا أَفَضتُم فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذ تَلَقَّونَهُ بِأَلسِنَتِكُم وَتَقُولُونَ بِأَفوَاهِكُم مَّا لَيسَ لَكُم بِهِ عِلمٌ وَتَحسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَولَا إِذ سَمِعتُمُوهُ قُلتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبحَانَكَ هَذَا بُهتَانٌ عَظِيم... )) (النور:11-16) ان الذين جاؤوا بأشنع الكذب، وهو اتهام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالفاحشة، جماعة منتسبون إليكم -معشر المسلمين- لا تحسبوا قولهم شرًّا لكم, بل هو خير لكم، لما تضمن ذلك مِن تبرئة أم المؤمنين ونزاهتها والتنويه بذكرها, ورفع الدرجات، وتكفير السيئات، وتمحيص المؤمنين. لكل فرد تكلم بالإفك جزاء فعله من الذنب، والذي تحمَّل معظمه، وهو عبد الله بن أُبيِّ بن سلول كبير المنافقين- لعنه الله- له عذاب عظيم في الآخرة، وهو الخلود في الدرك الأسفل من النار هلا ظن المؤمنون والمؤمنات بعضهم ببعض خيرًا عند سماعهم ذلك الإفك، وهو السلامة مما رموا به، وقالوا: هذا كذب ظاهر على عائشة رضي الله عنها. هلا أتى القاذفون بأربعة شهود عدول على قولهم، فحين لم يفعلوا ذلك فأولئك هم الكاذبون عند الله. ولولا فَضلُ الله عليكم ورحمته لكم بحيث شملكم إحسانه في دينكم ودنياكم فلم يعجِّل عقوبتكم، وتاب على مَن تاب منكم, لأصابكم بسبب ما خضتم فيه عذاب عظيم. تتلقفون الإفك وتتناقلونه بأفواهكم، وهو قول باطل، وليس عندكم به علم، وهما محظوران: التكلم بالباطل، والقول بلا علم، وتظنون ذلك شيئًا هيِّنًا، وهو عند الله عظيم. وفي هذا زجر بليغ عن التهاون في إشاعة الباطل. وهلا قلتم عند سماعكم إياه: ما يَحِلُّ لنا الكلام بهذا الكذب, تنزيهًا لك - يارب - مِن قول ذلك على زوجة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم، فهو كذب عظيم في الوزر واستحقاق الذنب. يذكِّركم الله وينهاكم أن تعودوا أبدًا لمثل هذا الفعل من الاتهام الكاذب، إن كنتم مؤمنين به. يبين الله لكم الآيات المشتملة على الأحكام الشرعية والمواعظ، والله عليم بأفعالكم، حكيم في شرعه وتدبيره. إن الذين يحبون شيوع الفاحشة في المسلمين من قَذف بالزنى أو أي قول سيِّئ لهم عذاب أليم في الدنيا بإقامة الحد عليهم، وغيره من البلايا الدنيوية, ولهم في الآخرة عذاب النار إن لم يتوبوا، والله- وحده- يعلم كذبهم, ويعلم مصالح عباده، وعواقب الأمور، وأنتم لا تعلمون ذلك..... الذين يقذفون بالزنى العفيفات الغافلات المؤمنات اللاتي لم يخطر ذلك بقلوبهن، مطرودون من رحمة الله في الدنيا والآخرة, ولهم عذاب عظيم في نار جهنم. وفي هذه الآية دليل على كفر من سبَّ، أو اتهم زوجة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بسوء. أنظرتفسير الطبري أو الميسر أو تفسير السعدي ابن كثير.... والى الملتقى إنشاء الله


الأخ خالد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأسماء التي ذكرتها لم يشهد لهم بالجنة وإذا كان المقصود حديث العشرة المبشرة بالجنة فهو لم يثبت بل ثبت بطلانه فارجع إلى قسم الاسئلة العقائدية وتحت عنوان: (حديث العشرة المبشرة بالجنة). وأما قولك أنهم لا يمكن أن يراد بهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار. فنحن نقول: نعم بعضهم لا كلهم لأن الآية القرآنية قالت (من المهاجرين والأنصار) أي بعضهم والذين لم يرتدوا بعد ذلك. واما استدلالك على أن المقصود من الحديث غير المهاجرين والأنصار.فنحن نقول أولاً: النبي (صلى الله عليه وآله) يعلم بأصحابه الذين سيرتدون بعده وبماذا يفعلون، وقد أخبر بعض أصحابه بهم وبما يفعلون، ونحن إذا قبلنا بعض الحديث فليس بالضرورة قبوله كله ولكن لو سلمنا معك ان النبي(صلى الله عليه وآله)لا يعلم بهم فنحن علمنا بهم بما احدثوا بعد رسول الله رغم تحذير النبي (صلى الله عليه وآله) لهم بعدم إيذائه في أهل بيته ورفضهم للبيعة التي قطعها عليهم بالانقياد للخليفة الذي نصبه بعده. فيكون المعنى ان النبي (صلى الله عليه وآله) حدد أن مجموعة من أصحابه سترتد بعده ونحن عرفنا المصداق من خلال أفعالهم. ثانياً: الحديث بعدما قبلناه لا يحدد لنا المصاديق بل يقول أن هنا من أصحابه مجموعة سترتد، وبعد علمنا بأن علي والمقداد وعمار وسلمان وأبوذر لم يرتدوا من خلال سلوكهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلا يكون الحديث شاملاً لهم، ولكن عدم شمول الحديث لمجموعة من الصحابة لا يعني عدم شموله جميع المهاجرين والأنصار فهو يحتاج إلى دليل وأنت لم تات بدليل. ثالثا: إذا قبلنا ان المراد من الرهط العدد القليل فكيف تفسر الزمرة، وهي أيضاً في رواية البخاري، والزمرة تطلق على العدد الكثير حتى أنه ورد عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدخل الجنة من أمتي زمرة هم سبعون الفاً تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر (البخاري ج7 ص40)، فالزمرة هنا سبعون ألف وحديث البخاري عن المرتدين ذكر أنه تأتي زمرة بعد زمرة. رابعاً: إذا قبلنا أنه يمكن أن تكون الزمرة تشمل سبعين ألف شخص فان زمرة واحدة قد تشمل جميع الصحابة كيف وهم زمر يردون عليه؟! كما في حديث البخاري والكل وارد على الحوض, فكل الصحابة لابد ان يمروا على الحوض ولا يخلص منهم إلا مثل همل النعم. خامساً: إذا قبلنا من يردون الحوض هم زمرة من الصحابة, فإلى أين يذهب البقية من الصحابة, لابد أنهم يردون النار مباشرة, لأن الطريق إلى الجنة لا يكون إلا بالشرب من حوض الكوثر. سادساً: لا يمكن ان يكون المراد من (( كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ... )) (آل عمران:110) كل الأمة بحيث لا يخرج منهم واحد، لأن ذلك باطل بالإتفاق لأن فيهم الكثير من الأشرار، فلابد اذن من حمله على الأخيار من الأمة، انظر: (النجاة في القيامة لابن ميثم البحراني ص184). سابعاً: يختلف المفسرون في تفسير الآية (( كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَو آمَنَ أَهلُ الكِتَابِ لَكَانَ خَيراً لَهُم مِنهُمُ المُؤمِنُونَ وَأَكثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ )) (آل عمران:110), فالبعض يرى أن مجموع الأمة متصفة بالخيرية دون النظر إلى الأفراد فرداً فردا وقيدوا هذه الصفة بشرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يتصف بالخيرية من لم يأمر بالمعروف. وأما الأقوال التي ذكرتها مستشهداً بها فنقول عنها: 1- لاشك في ان المرتدين مشمولون بهذا الحديث, لكن حصرهم بأولئك الذين منعوا الزكاة او بمن في أطراف الجزيرة لا ينسجم مع ردة الزمر من الصحابة ولا يخلص منهم الا مثل همل النعم. 2- كما قلت لفظ الصحابي يشمل المنافق، ولكن حصرك المنافقين بعبد الله بن أبي سلول غير صحيح، والا كيف تفسر الآيات القرآنية الكثيرة التي تتحدث عن المنافقين هل كلها نزلت في ذلك الشخص، ان هذا غير معقول. 3- واما الحديث الذي ذكرته عمن مدح الصحابة, فإما أن يكون المقصود بالصحابة مالا يشمل المنافقين فيكون المقصود بهم فقط المخلصين وبحقهم ورد المدح، والذي يقوي هذا الرأي ان الصحابة في حجة الوداع كانوا مائة ألف أو يزيدون والحديث يتحدث عن اثني عشر فلابد ان يكون الحديث عن المخلصين منهم. أو يكون المقصود الصحابة بشكل عام إلا أنه لا يشمل المرتدين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله. وقد اجبنا كما ذكرنا سابقاً عن الآيات القرآنية التي ذكرتها والتي تريد تعميمها لجميع الصحابة، فارجع إلى الأسئلة العقائدية تحت عنوان: (عائشة بنت ابي بكر). واخيراً نرجو منك الدقة والطرح العلمي في اجوبتك ولا تخلط بين المواضيع. ودمتم في رعاية الله