تميم - الدانمارك
منذ 4 سنوات

 من هم الإثنا عشر؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ارجو الرد على هذا الكلام: ************************* يدندن الشيعة دائما خلف حديث إثنى عشر خليفة وفي بالهم أنهم يضيقون الخناق على أهل السنة بهذا الحديث ويقولون أن هذا الحديث المقصود به هم أئمتهم ولكن هيهات هيهات أن يقف أهل الزيغ والضلال أمام أهل قال الله تعالى وقال الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا هو الحديث: عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش . وفي رواية لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا كلهم من قريش . وفي رواية لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش . متفق عليه فأقول وبالله التوفيق. أولا: لو كان في معرفتهم شيء من الدين لأخبرنا عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك طاعة لقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهدِي القَومَ الكَافِرِينَ )) (المائدة:67) فهل بلغنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأسمائهم أم نتهمه بعدم التبليغ؟ من قال نعم أنه بلغنا فليأتي بالدليل. ثانيا: إذا كان لم يبلغنا عنهم فهذا دليل أكيد أنه في معرفتهم بأسمائهم ليست من الدين في شيء يعني مسألة لا تقدم ولا تأخر. ثالثا: وكذلك قوله تعالى: (( رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )) (النساء:165) الآية واضحة جدا أنه لا حجة بعد الرسل عليهم السلام. للعلم هنا انتهى الحوار ولكن مع ذلك سنكمل معكم لعل الله يهدي به أحد من الشيعة . رابعا: لفظ الحديث ورد بصيغة خليفة ومعلوم أنه لم يمسك الخلافة من الأئمة عندهم غير علي والحسن رضي الله عنهما فهل هذا يكون خلاف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إذا بهذا اللفظ يخرج أئمة الشيعة خامسا: كذلك وردت مرة أخرى بصيغة أمير ومعلوم ما هو حكم من تسمى بهذا الإسم عند الشيعة غير علي رضي الله عنه فقد رووا: 165 - فر: جعفر بن محمد الفزاري معنعنا، عن عمران بن داهر قال: قال رجل لجعفر بن محمد عليهما السلام: لنسلم على القائم بإمرة المؤمنين؟ قال: لا ذلك اسم سماه الله أمير المؤمنين لا يسمى به أحد قبله ولا بعده إلا كافر قال: فكيف نسلم عليه؟ قال: تقول: السلام عليك يا بقية الله قال: ثم قرأ جعفر عليه السلام: (( بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين )) . بحار الأنوار للمجلسي الجزء 52 ص373 إذا حتى بهذا اللفظ يخرج أئمة الشيعة من هذا الحديث. سادسا: هل يعقل أن يلف الرسول صلى الله عليه وسلم بالكلام وهو الذي أُعطي جوامع الكلم ويقول كلهم من قريش بدلا من أن يقول كلهم من بني هاشم؟ وحتى أن هذا الأمر موجود أيضا بروايات الشيعة: 500 / 9 - حدثنا عبد الله بن محمد الصائغ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى الغضراني، قال: حدثنا أبو علي الحسين بن الليث بن بهلول الموصلي, قال: حدثنا غسان بن الربيع، قال: حدثنا سليم بن عبد الله مولى عامر الشعبي، عن عامر، أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال أمر أمتي ظاهرا حتى يمضي اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش . الأمالي للصدوق ص387 - 388 وكذلك نبه الرسول صلى الله عليه وسلم من كتب الشيعة إلى أهمية الأمراء وصلاحهم: 601 / 11 - حدثنا جعفر بن علي الكوفي، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد الشعيري، عن الصادق جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي، وإذا فسدا فسدت أمتي: الأمراء والقراء . الأمالي للصدوق ص448 فهل نسي الرسول صلى الله عليه وسلم أن الأئمة معصومين وأنهم لا يفسدوا؟ أم أنه فعلا قصد هذا الكلام الذي قصده علي رضي الله عنه عندما قال: 40 - ومن كلام له عليه السلام في الخوارج لما سمع قولهم لا حكم إلا لله قال عليه السلام. كلمة حق يراد باطل. نعم إنه لا حكم إلا لله. ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله: وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن. ويستمتع فيها الكافر. ويبلغ الله فيها الأجل. نهج البلاغة للشريف الرضي الجزء الأول ص91 سابعا: هل يعقل أن تكون هذه الخلافة منصب إلهي ويأتي علي رضي الله عنه وبكل بساطة ويجتهد مقابل النص ويرفض هذه الخلافة؟ وهذا عندما توجه له الناس قال: (( دعوني والتمسوا غيري؟؟! )) نهج البلاغة للشريف الرضي الجزء الأول ص181 وقال أيضا: (( وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم, وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أمير !!! )) نهج البلاغة للشريف الرضي الجزء الأول ص182 فهل صدق أم كذب بهذا الكلام؟ وأنا أقول صدق ورب الكعبة فلقد كان الصحابة يستشيرونه بكل صغيرة وكبيرة. بل نجده أيضا موافق بخلافة من يختارونه: 18 - الكافية لإبطال توبة الخاطئة عن الحسين بن عيسى عن زيد عن أبيه قال: حدثنا أبو ميمونة عن أبي بشير العائذي قال: كنت بالمدينة حين قتل عثمان فاجتمع المهاجرون فيهم طلحة والزبير فأتوا عليا (عليه السلام) فقالوا: يا أبا الحسن هلم نبايعك، قال: لا حاجة لي في أمركم أنا بمن اخترتم راض. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 32 ص31 وقبل هذا نجده توجه وبايع أبا بكر وعمر وهذا جاء بحديث طويل أخذنا منه قوله: فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما يكون مصيبته أعظم علي من فوات ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب وكما يتقشع السحاب، فمشيت عند ذلك إلى أبى بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت (( كلمة الله هي العليا )) ولو كره الكافرون..... وتولى عمر الأمر وكان مرضي السيرة ميمون النقيبة. الغارات للثقفي الجزء الأول ص302 - 307 قال الجوهري في الصحاح: " أبو عبيد: النقيبة النفس يقال: فلان ميمون النقيبة إذا كان مبارك النفس وليس هذا فحسب بل نجد أيضا أن الحسن والحسين بايعا معاوية : 176 - جبريل بن أحمد وأبو إسحاق حمدويه وإبراهيم ابنا نصير، قالوا: حدثنا محمد بن عبد الحميد العطار الكوفي، عن يونس بن يعقوب، عن فضيل غلام محمد بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن معاوية كتب إلى الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) أن أقدم أنت والحسين وأصحاب علي. فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري وقدموا الشام، فأذن لهم معاوية وأعد لهم الخطباء، فقال يا حسن قم فبايع فقام فبايع، ثم قال للحسين عليه السلام قم فبايع فقام فبايع، ثم قال قم يا قيس فبايع فالتفت إلى الحسين عليه السلام ينظر ما يأمره، فقال يا قيس انه إمامي يعني الحسن عليه السلام. رجال الكشي الجزء الأول ص325 فما هذا النص الإلهي الذي ينسخه ويبطله المعصومين؟!! كذلك حكمتم على من اغتصب الخلافة بالكفر فماذا نقول عمن تنازل عن هذه الخلافة بمحض إرادته؟ وكذلك حتى من قال أن الحسن رضي الله عنه لم يبايع بل صالح نجد أنه صالح على أن يكون هذا الأمر من بعد معاوية شورى وليس يعود للأئمة مرة أخرى: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان: صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين، على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه واله وسيرة الخلفاء الصالحين وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 44 ص65. ثامنا: دائما الشيعة يستدلون بحديث الغدير على ولاية علي رضي الله عنه بمعنى أنه قبل هذا الغدير لم تكن هناك ولاية فليتنا نعود قليلا لنعلم ماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة: 2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: خطب رسول الله (عليه السلام) في حجة الوداع فقال: يا أيها الناس والله ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه، ألا وإن الروح الأمين نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحمل أحدكم استبطاء شيء من الرزق أن يطلبه بغير حله, فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته. الكافي للكليني الجزء الثاني ص74(باب) * (الطاعة والتقوى) تبين لنا بعد هذه الخطبة أنه ليس هناك أمر يقربنا من الجنة ويباعدنا من النار إلا وقد أخبرنا عنه فهل مسألة الإمامة ليس لها علاقة بهذه الأمور المهمة؟ إن قلتم لا بل هي أهم الأمور فقد كذبتم الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث وإن قلتم نعم ليست مهمة انتهى الكلام. تاسعا: قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم فَإِن تَنَازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأوِيلاً )) (النساء:59) يدندن الشيعة دائما على هذه الآية أن المقصود بولاة الأمر هنا هم الأئمة ولكن لأنهم قوم لا يعقلون تناسوا أن الله عزوجل أمرنا بهذه الآية في حال التنازع أن نرجع لله وللرسول فقط وليس لأحد غيرهما بقوله تعالى (( فَإِن تَنَازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ )) وبهذا لا يكون الرجوع لولي الأمر الذي هو الإمام بمعتقدهم فهل يستقيم هذا معهم؟ وهذا الأمر هو نفسه الذي أمرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث: (33371) 38 - محمد بن الحسين الرضي في (نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه إلى مالك الأشتر قال: واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب، ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله سبحانه لقوم أحب إرشادهم: (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )) فالراد إلى الله الآخذ بمحكم كتابه، والراد إلى الرسول الآخذ بسنته الجامعة غير المتفرقة . وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء 27 ص120 - 121 مردود للقرآن والسنة وليس للعترة وكذلك: 11 - عن الحسن بن على قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: إن أمتك ستفتتن فسئل ما المخرج من ذلك؟ فقال: كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، من ابتغى العلم في غيره أضله الله ومن ولي هذا الأمر من جبار فعمل بغيره قصمه الله وهو الذكر الحكيم والنور المبين والصراط المستقيم، فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل، وهو الذي سمعته الجن فلم تناها أن قالوا (( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد فآمنا به )) ولا يخلق على طول الرد، ولا ينقضي عبره ولا تفنى عجائبه . تفسير العياشي الجزء الأول ص6 وكذلك: 3 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف . الكافي للكليني الجزء الأول ص69 فهل يأتي أحد بعد هذا الأمر من الله عزوجل ومن الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول غير هذا الكلام ونصدقه؟عجبي عاشرا: توجهنا لكتب الشيعة لعل وعسى نجد أن هناك من أتى بحديث صحيح عن تسميتهم فما وجدنا غير قول الخوئي بهذا الخصوص حيث قال في صراط النجاة عن الحديث المروي عن هشام بن سالم والذي يروي به ما جرى عليه وعلى بعض أصحابه, بل وعموم الشيعة بعد وفاة الإمام الصادق عليه السلام, وكيف أنه كان مع ثلة من أصحاب الصادق ثم كانوا يبحثون عن الخلف من بعده عليه السلام فدخلوا على عبد الله بن جعفر وقد اجتمع عليه الناس ثم انكشف لهم بطلان دعوى إمامته, فخرجوا منه ضلالا لا يعرفون من الإمام إلى آخر الرواية .. كيف نجمع بين هذه الرواية التي تدل على جهل كبار الأصحاب بالإمام بعد الصادق عليه السلام وبين الروايات التي تحدد أسماء الأئمة عليهم السلام جميعاً في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وهل يمكن إجماع الأصحاب على جهل هذه الروايات حتى يتحيروا بمعرفة الإمام بعد الإمام؟ فأجاب الخوئي: الروايات المتواترة الواصلة إلينا من طريق العامة والخاصة قد حددت الأئمة عليهم السلام بإثني عشر من ناحية العدد ولم تحددهم بأسمائهم عليهم السلام واحداً بعد واحد حتى لا يمكن فرض الشك في الإمام اللاحق بعد رحلة الإمام السابق بل قد تقتضي المصلحة في ذلك الزمان اختفاءه والتستر عليه بل لدى أصحابهم عليهم السلام إلا أصحاب السر لهم, وقد اتفقت هذه القضية في غير هذا المورد والله العالم) صراط النجاة للخوئي الجزء الثاني ص452 - 453 حتى أنه برر من عدم التسمية بتبرير أصبح فيه أضل من حمار أهله حين قال (حتى لا يمكن فرض الشك في الإمام اللاحق بعد رحلة الإمام السابق) !!! ولكنه نسي أو تناسى أن هذا الأمر جعل أهل البيت نفسهم يتنافسون على هذا الموضوع حتى أنه بعضهم ادعى الإمامة: وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لموسى يا بني: إن أخاك سيجلس مجلسي ويدعي الإمامة بعدي، فلا تنازعه بكلمة فإنه أول أهلي لحوقا بي. رجال الكشي للطوسي الجزء الثاني ص 525 ونسي أو تناسى أيضا أنه بهذا الكلام أصبح أكبر راوية عندهم وهو زرارة مات ميتة جاهلية كما يقولون لأنه لم يعرف من هو إمام زمانه حين قال: 256 - حدثني محمد بن مسعود، قال: أخبرنا جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن يونس، عن إبراهيم المؤمن، عن نصير بن شعيب عن عمة زرارة، قالت: لما وقع زرارة واشتد به: قال: ناوليني المصحف فناولته وفتحته فوضعه على صدره، وأخذه مني ثم قال: يا عمة أشهدي أن ليس لي إمام غير هذا الكتاب. رجال الكشي الجزء الأول ص373 وليتكم تعرفون أكثر من هو زرارة هذا عند رواة الشيعة: عن جميل بن دراج، قال ما رأيت رجلا مثل زرارة بن أعين، إنا كنا نختلف إليه فما نكون حوله إلا بمنزلة الصبيان في الكتاب حول المعلم، فلما مضى أبو عبد الله عليه السلام وجلس عبد الله مجلسه: بعث زرارة عبيدا ابنه زائرا عنه ليعرف الخبر ويأتيه بصحته، ومرض زرارة مرضا شديدا قبل أن يوافيه عبيد. فلما حضرته الوفاة دعا بالمصحف فوضعه على صدره ثم قبله، قال جميل: فحكى جماعة ممن حضره أنه قال: اللهم إني ألقاك يوم القيامة وإمامي من ثبت في هذا المصحف إمامته، اللهم إني أحل حلاله وأحرم حرامه وأومن بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وخاصة وعامه، على ذلك أحيى وعليه أموت إن شاء الله. رجال الكشي الجزء الأول ص372 بل وجدنا ما هو أطم من تبرير الخوئي بحديث من كتبهم: محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى, عن ربعي، عن فضيل بن يسار، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أو لأبي عبد الله عليه السلام حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن كان الأمر من بعده؟ فقال: لنا أهل البيت، قلت: فكيف صار في غيركم؟ قال: إنك قد سألت فافهم الجواب، إن الله عز وجل لما علم أن يفسد في الأرض وتنكح الفروج الحرام، ويحكم بغير ما أنزل الله تبارك وتعالى أراد أن يلي ذلك غيرنا. علل الشرائع للصدوق الجزء الأول ص153 - 154 فأقول بعد هذا الكلام وبالله التوفيق: هل علم الله عزوجل أن الأرض ستفسد قبل موت الرسول صلى الله عليه وسلم أم بعده؟ من قال بعد وفاته فقد كفر لأنه نسب الجهل لله تعالى. ومن قال من قبل وفاته قلنا له إذا الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقصد بإثنى عشر خليفة الأئمة بهذا الدليل لأن علم الرسول صلى الله عليه وسلم من الحادي عشر: كذلك نجد الشيعة رووا هذا الحديث وهو: 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن الطيار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة. الكافي للكليني الجزء الأول ص179 (باب) * (أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة) وكذلك: 3 - محمد بن يحيى، عمن ذكره، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن جعفر بن محمد عن كرام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام وقال: إن آخر من يموت الإمام، لئلا يحتج أحد على الله عز وجل أنه تركه بغير حجة لله عليه. الكافي للكليني الجزء الأول ص180 (باب) * (أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة) من هذا الحديثين يتبين أن الثاني عشر هو آخر من يموت في هذه الدنيا مع أنهم نسوا أو تناسوا هذا الحديث: اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من ولده. جمال الأسبوع لابن طاووس الحسني ص309 فإذا قالوا أن من بعده أئمة أصبح العدد أكثر من إثنى عشر إمام وبالتالي سقط استدلالهم بالحديث . وإن قالوا أنهم ليسوا أئمة فمعنى هذا أنه بطل احتجاجهم بضرورة وجود الإمام. وكذلك هل يعقل أن يمد الله بعمر هذا الثاني عشر إلى آخر الدنيا مع أن من قبله كلهم مات ولم يكمل التسعين من عمره على أقصى عمر وكذلك رووا هذا الحديث مصداقا لكلامي هذا: 867 - محمد بن الحسن البراثى، قال: حدثني أبو علي، قال: حدثني يعقوب بن يزيد،عن محمد بن أبي عمير عن رجل من أصحابنا قال قلت للرضا عليه السلامجعلت فداكقوم قد وقفوا على أبيك يزعمون انه لم يمتقالكذبوا وهم كفار بماانزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه والهولو كان الله يمد في اجل احدمن بني ادم لحاجة الخلق إليه لمد الله في اجل رسول الله صلى الله عليه واله.رجال الكشي الجزء الثاني ص759 الثاني عشر: رووا بكتبهم ضرورة وجود الحجة وإلا لساخت هذه الأرض بأهلها: 10 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أتبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت . الكافي للكليني الجزء الأول ص179 (باب) * (أن الأرض لا تخلو من حجة) وليس ساخت فقط بل ماجت بأهلها: 12 - علي، عن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن أبي هراسة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله. الكافي للكليني الجزء الأول ص179 (باب) * (أن الأرض لا تخلو من حجة) ولا شك أن هذا الكلام كذب وعاري من الصحة، وذلك أن الواقع يشهد ببطلانه، وقد كانت فترات بين الرسل ولم تسخ الأرض بأهلها والدليل من كتبهم هم: 68 - كتاب زيد النرسي، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: كانت الدنيا قط منذ كانت وليس في الأرض حجة؟ قال: قد كانت الأرض وليس فيها رسول ولا نبي ولا حجة وذلك بين آدم ونوح في الفترة، ولو سألت هؤلاء عن هذا لقالوا: لن تخلو الأرض من الحجة - وكذبوا - إنما ذلك شيء بدا لله عزوجل فيه فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، وقد كان بين عيسى ومحمد صلى الله عليه واله فترة من الزمان لم يكن في الأرض نبي ولا رسول ولا عالم فبعث الله محمدا صلى الله عليه واله بشيرا ونذيرا وداعيا إليه. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص122 وكذلك تأملوا بهذا الحديث: 10 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها. الكافي للكليني الجزء الأول ص52 طالما أن الأرض لا تخلوا من حجة فلماذا الاحتفاظ بالكتب؟ ولو سألتم أنفسكم لماذا الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بكتابة القرآن؟ لأجابتكم هذه الآية: قال تعالى: (( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ )) (آل عمران:144) إذا هو بسبب الموت وختم الرسالة. ولو كان خلفه وصي لما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن.وهو السبب نفسه من قولكم أن علي رضي الله عنه جمع القرآن لو كنتم تعقلون طالما أنه سيكون خلفه وصي يحفظ هذا القرآن فلماذا كتبه؟ الثالث عشر: كذلك وردت أحاديث كثيرة من كتبهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ: 147 - نى: ابن عقدة، عن علي بن الحسن التيملي، عن محمد وأحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة، وعن جميع الكناسي، عن أبي بصير، عن كامل عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وإن الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 52 ص366 148 - نى: عبد الواحد، عن محمد بن جعفر القرشي، عن ابن أبي الخطاب عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا كما بدا، فطوبى للغرباء فقلت: اشرح لي هذا أصلحك الله؟ فقال: يستأنف الداعي منا دعاء جديدا كما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 52 ص366 عندما كان الإسلام في بدايته طبيعي أن يكون غريبا لأن عدد من أسلم قليلا جدا ولكن كيف نجمع بين قوله عزيزا بوجود الإثنى عشر وبقوله غريبا؟ وهذا التناقض لا يصدر عن من يوحى إليه . وبعد هذا الكلام نقول من هم الإثنى عشر خليفة الذين قصدهم الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث؟ طالما أننا بينا أنه لا علاقة لهؤلاء المذكورين في الحديث بمايعتقده الشيعة في أئمتهم فأقول مرة أخرى وبالله التوفيق: أنه طالما أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبرنا بهم فطبيعي جدا أن يكون هناك اختلاف في تحديدهم من حيث التسمية ومع ذلك نذكر هذا الحديث: 102540 - عن عبد الله بن عمر قال يكون في هذه الأمة اثنا عشر خليفة أبو بكر الصديق أصبتم اسمه عمر الفاروق قرن من حديد أصبتم اسمه و عثمان بن عفان ذو النورين أوتي كفلين من الأجر قتل مظلوما أصبتم اسمه الراوي: عقبة بن أوس السدوسي المحدث: الألباني - المصدر: كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 1154 خلاصة الدرجة: إسناده صحيح وكذلك: 224239 - أول هذا الأمر نبوة ورحمة ثم يكون خلافة ورحمة ثم يكون ملكا ورحمة ثم يكون إمارة ورحمة ثم يتكادمون عليها تكادم الحمير فعليكم بالجهاد وإن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان الراوي: عبد الله بن عباس المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 5/193 خلاصة الدرجة: رجاله ثقات وكذلك من كتبهم: الأخبار عن أبي بكر وعمر وعثمان وسائر الغاصبين في كتب عيسى عليه السلام وفي هذا الكتاب - يا أمير المؤمنين - إن اثني عشر إماما من قريش من قومه يعادون أهل بيته ويمنعونهم حقهم ويقتلونهم ويطردونهم ويحرمونهم ويتبرؤون منهم ويخيفونهم، مسمون واحدا بعد واحد بأسمائهم ونعوتهم، وكم يملك كل رجل منهم وما يملك، وما يلقى منهم ولدك وأنصارك وشيعتك من القتل والخوف والبلاء. وكيف يديلكم الله منهم ومن أوليائهم وأنصارهم وما يلقون من الذل والحرب والبلاء والخزي والقتل والخوف منكم أهل البيت. كتاب سليم بن قيس ص254 إذا حتى كتبهم تنكر أنهم الإثنى عشر بمعتقدهم. وقال الحافظ ابن حجر: فالأولى أن يحمل قوله "يكون بعدي اثنا عشر خليفة" على حقيقة البعدية، فإن جميع من ولي الخلافة من الصديق إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفساً، منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدتهما وهما: معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم، والباقون اثنا عشر نفسا على الولاء كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وكان وفاة عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة، وتغيرت الأحوال بعده، وانقضى القرن الأول الذي هو خير القرون، ... وكانت الأمور في غالب أزمنة هؤلاء الإثنى عشر منتظمة وإن وجد في بعض مدتهم خلاف ذلك، فهو بالنسبة إلى الاستقامة نادر والله أعلم) انتهى كلام الحافظ، انظر فتح الباري 13/260. والله أعلم الله تعالى. ************************* ولكم جزيل الشكر.


الأخ تميم المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ينبغي التنبيه على أمور ومباحث في الرد على هذه الإشكالات وبيان ضعفها وعدم صمودها أمام الحق والبحث العلمي الرصين ونذكر منها: 1- وجود تدليسات في كلام هذا المعترض سنذكرها بالتفصيل بإذنه تعالى: 2- وجود مغالطات في كلامه وأدلته كما سنبينه كذلك. 3- وجود الضعف والخلط واللف والدوران. 4- (( وجود الاختلاف في تلك الدعاوى أيضاً وقد قال تعالى: [وَلَو كَانَ مِن عِندِ غَيرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختِلافاً كَثِيراً )) (النساء:82). 5- وجود الجهل بين طيات أكثر ما استُدِل به كما سنلاحظه. وأما الرد المباشر على تلك الأدلة وبالتفصيل، فنقول وبالله التوفيق: 1- بعد أن ذكر بعض الطرق والألفاظ الصحيحة للحديث عنده لم يأتنا بفهم ومعنى مقبول للحديث فبدأ يهاجم الشيعة ويستشكل على استدلالهم ويضعفه ويتخبط هنا وهناك لرد الحديث وفهم الشيعة له. 2- أما إشكاله الأول فلم يوفق فيه أيضاً واستعمل المغالطة في رده! إذ أنه بعد أن ذكر الحديث استشكل عليه بأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يبلغ أمته بأسمائهم ولم يخبر عنهم بشيء فيكون الحديث ليس مهما وليس فيه شيء من الدين بل هي مسألة لا تقدم ولا تؤخر بزعمه ولفظ قوله! نقول: (( كبرت كلمة تخرج من أفواههم... )) إذ أن إخبار النبي (صلى الله عليه وآله) وتكلمه بهذا الحديث وهذا الأمر المهم يعد بحد ذاته أمراً مهماً ومن الدين وعلم ينبغي معرفته والاهتمام به وإن فرضنا جدلاً عدم ذكره لأسمائهم (عليهم السلام). فكيف يدعي هذا المستشكل بعد إبلاغ النبي (صلى الله عليه وآله) هذا الأمر في مواضع متعددة وفي حجة الوداع في خطب شتى ومناسبات عدة بأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يبلغ ولم يبين؟! وهل بعد هذا البيان والتبليغ تبليغ وبيان؟!! ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله) وفي نفس الحادثة أراد أن يبين هذا الحديث أكثر ولكن قريش منعته من إكمال حديثه وكلامه وخطبته كي لا يبين هذا الأمر بالتفصيل. وعلى هذا الفرض فالنبي (صلى الله عليه وآله) قد أوضح إجمالاً هذا الأمر وبين أن للدين حملة وقادة وخلفاء شرعيين وأمراء منصوصين لهم مواصفات خاصة وشرائط هامة لم ولن تتوفر إلا في اثني عشر رجلاً فقط من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مباشرة وإلى قيام الساعة، وأنهم من قريش وأنهم يحملون الدين الحقيقي ويكون الإسلام بولايتهم عزيزاً وماضياً وقائماً ومنتصراً وظاهراً ومحفوظاً ما دام هؤلاء الأثني عشر هم ولاة الأمة وقادتها. وهناك روايات تنص على الحصر بهذا العدد وأنهم كعدّة نقباء بني إسرائيل مع أن من تولى على رقاب الناس في الواقع مئات القادة والملوك والأمراء والمتسلطين. فلا يصح جعل المراد من الحديث كل من تولى على رقاب المسلمين ولا بعضهم سواء كان من الأول أو الآخر أو بالانتقاء من هنا وهناك، فيكون المقصود من هذا الحديث هو أن الخلافة الشرعية والولاية الحقيقية التي يريدها الله ورسوله، والمنصوص عليها هم اثنا عشر رجلاً عظيماً راشداً هادياً مهدياً ملهماً مؤيداً من الله عز وجل يحملون الدين بأمانة ويكونون على درجة عالية من التقوى والعلم والمعرفة والحكمة. فتبليغ النبي (صلى الله عليه وآله) بأن هناك إثنا عشر إماماً وخليفة شرعياً له من بعده لو فرضنا حقاً عدم ذكره لأسمائهم (عليه السلام). يكفي في أن ننسب التبليغ للنبي (صلى الله عليه وآله) حينئذ، ويكون ذلك حجة تامة يجب علينا بعد ذلك أن نبحث عنهم ومعرف أسمائهم (عليهم السلام) جميعاً حيث أن لكل زمان خليفة وإمام وقائد يجب معرفته والقبول به والتسليم له والسير خلفه والاقتداء به وإتباعه، وإذا لم يعرفهم بعد البحث والفحص، يجب الاعتقاد بأن هناك اثنى عشر إماما ًوخليفة شرعياً للنبي (صلى الله عليه وآله) إجمالاً، كيف وقد بلغ النبي (صلى الله عليه وآله) بأسمائهم وليس عليه ذنب حاشاه أن روينا نحن روايات أسمائهم وتجاهلتموها أنتم عن عمد!! 3- وأما احتجاجه بآية الرسل وادّعائه الوضوح جدا ًبعدم وجود حجة بعد الرسل (عليهم السلام) فهو استدلال يضحك الثكلى، حيث أنه فهم عكس المراد! والظاهر حيث أن الآية تتكلم عن عدم وجود حجة للناس على الله بعد بعثه إليهم بالرسل وإتمامه الحجة بهم وهؤلاء الرسل قد بينوا مراد الله تعالى وأوضحوا أحكامه وما يريده وما يحبه وبضمنه الخلفاء والأئمة الشرعيين المنصبين من قبل الله عز وجل بكل تأكيد، فكيف يفهم هؤلاء الآية بالعكس ويدّعون بأنها تعني بأنّ حجج الله تنحصر برسله دون أي شيء آخر!؟ وقد ذكرنا معنى الآية وأقوال علماء السنة في تفسيرها على صفحتنا وأجوبتنا فراجع (الأسئلة/ ألف/ الإمامة/ قوله تعالى: (( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَومٍ هَاد )) (الرعد:7)، فلكل قوم وأمة وحقبة إمام وقائد وهادي نصبه الله عز وجل إكمالاً لأدوار أنبيائه ورسله في النذارة. 4- ثم إن هذا المتفلسف ذكر النقطة الرابعة والتي ادّعى فيها أن الأئمة غير مقصودين في الحديث لأن النبي (صلى الله عليه وآله) قد ذكر الخلافة والإمارة حصراً في ألفاظ هذا الحديث ولم يذكر الإمامة فكيف يدّعى بأن أئمة الشيعة هم المقصودون في الحديث مع أنهم أو أكثرهم لم يتولوا الخلافة على الناس؟ فنقول وبالله التوفيق: أ- ذكرت الولاية في أحد ألفاظ الحديث التي ذكرتها أنت، فراجع (ما وليهم إثنا عشر)، مع وجود ألفاظ أخرى للحديث تبين الأمر بصورة واضحة حيث تنص على أن هذه الخلافة وهذه الولاية وهذا الملك شرعي إلهي رباني تكويني (كعدة نقباء بني إسرائيل). ب- ثم إن الخليفة والأمير والوالي والإمام لها معانٍ متعددة قد تتحد وقد تفترق (بينها عموم وخصوص من وجه)، فيمكن إرادة الإمام ولو أُطلق لفظ الخلافة، مع وجوب الأخذ بنظر الاعتبار كون الأئمة الاثني عشر مرادة ومحبوبة لله عز وجل ومأمور بها، وقد يراد منها فعلية الإمامة وإحدى مراتبها. فالمراد بالخلافة معناها الذي يريده الله لا معناها الذي يريده من اغتصبها. ج- ثم إن الله عز وجل ذكر خلافة الأنبياء والرسل على الناس في الأرض مع كونهم أنبياء ورسل وقد يموتون دون أن يتولوا الرئاسة الفعلية وإقامة الدولة في الناس وخلافتهم فيهم كما هو معلوم، قال تعالى عن نبيه آدم (ع): (( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةً )) (البقرة:30). مع أن آدم (ع) لم يقُد دولة ولم يؤسس حكومة ولم تتفعل قيادته للأمة أبداً. وكذا أولاده من بعده كوصيه ابنه شيث (هبة الله) ووصي شيث ابنه شبان وغيرهم من الأنبياء والأوصياء الذين لم يلامسوا الخلافة والقيادة طرفة عين مع كونهم أوصياء وأنبياء، وخير شاهد من هذا النموذج قتل بني إسرائيل لعشرات الأنبياء بمجرد تفوههم بكلمة أو أمر لا يعجبهم، وأشار رسول الله (صلى الله عليه وآله) لذلك بقوله في وصفه لحال الأنبياء يوم المحشر: (عرضت عليَّ الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلين والنبي وليس معه أحد...) وقد أكد رسول الله (صلى الله عليه وآله)أن الخلفاء والأوصياء في بني إسرائيل هم أنبياء (أي معصومون) وخلفاء بقوله كما يرويه البخاري في صحيحة (4/144) ومسلم في صحيحه أيضاً (6/17): (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي...)، وقد قال (صلى الله عليه وآله) في مناسبات عدّة وخصوصاً حينما خلّف علياً(ع) على المدينة في غزوة تبوك (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)، وفي لفظ: (إلا أنه ليس بعدي نبي أنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي)، فأشار بهذا البيان أنه (ع) خليفته من بعده ولكن دون نبوة كما كان متعارفاً من قبل في الأوصياء وخلفاء الأنبياء لكون النبي(صلى الله عليه وآله) خاتم الأنبياء والمرسلين، فهذا المانع وهذه الظروف سلبت علياً(ع) النبوة وأبقت له الخلافة والوصاية لكونها أمراً ضرورياً في حفظ الرسالة والدين وقيادة وهداية الأمة، وقد قال الله عز وجل لنبيه(صلى الله عليه وآله): ((إنما أنت منذرو لكل قوم هاد)). وقد روى أحمد في مسنده (1/126) عن علي(ع) قال: (رسول الله(صلى الله عليه وآله) المنذر، والهادِ رجل من بني هاشم)، وعند الحاكم في المستدرك (3/130) بسند آخر عن علي(ع) أيضاً قال: (رسول الله(صلى الله عليه وآله) المنذر وأنا الهادي) قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. أما مسألة ورود لفظ (إثنا عشر أميراً) فالكلام فيه كالكلام في الخليفة. وأما ما أورده عليه من اختصاص علي بن أبي طالب بلقب (أمير المؤمنين) فلا علاقة له بلفظ الأمير الوارد في الحديث ولا تنافي بينهما أصلاً فالحديث لم يقل (اثنا عشر أميرا للمؤمنين أو أمير مؤمنين) كي يدعي أنه يتعارض ويتنافى مع اختصاص علي (ع) بهذا اللقب! فهذا أسلوب فيه تدليس وتلبيس وتضليل وتحريف وتلاعب وكذب وجهل!! وبالإضافة إلى ما تقدم فقد ورد لفظ الأمير وصفاً للإمام علي(ع) في الأحاديث، ومنها قوله(صلى الله عليه وآله) آخذاً بضبع علي بن أبي طالب(ع) وهو يقول: (هذا أمير البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثم مدَّ بها صوته)، رواه الحاكم في مستدركه وصححه عن جابر بن عبد الله الأنصاري. وفي معناه حديث أنس حيث قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين)، رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/303 و386)، والذهبي في ميزان الاعتدال (1/64). ووردت لفظة المولى والولي والوصي في أحاديث عديدة في حق أمير المؤمنين (ع) عند السنة وحتى لفظ خليفة قد ورد كثيراً في مصادر العامة من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله). منها ما أخرجه الهيثمي في (مجمع الزوائد 9/146) ضمن خطبة الإمام الحسن(ع) بعد استشهاد أمير المؤمنين(ع) وفيها: (... وذكر أمير المؤمنين خاتم الأوصياء ووصي الأنبياء وأمين الصديقين والشهداء....)، ثم قال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار وأبو يعلى باختصار والبزار بنحوه ورواه أحمد باختصار كثير وإسناد أحمد وبعض طرق البزار والطبراني في الكبير حسان. 5- وأما استدلاله بقول النبي (صلى الله عليه وآله): (صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي وإذا فسدا فسدت أمتي الأمراء والقراء) بان هذا القول إقرار لإمكان كون الأمير فاسقاً كما يمكن أن يكون الأمير صالحاً فلا وجود لشرط العصمة والصلاح. فنقول: بعد التسليم بصحة الخبر، إذ ان في طريقه اسماعيل بن أبي زياد الشعيري السكوني وهو عامي المذهب إلا أنه ثقة يحتج بقوله، فتكون روايته على منحى.... العامة. نقول: لم تشترط الشيعة الإمامية العصمة لجنس الأمير أي كل من يتأمر وهو المراد من هذه الرواية، بل اشترطوها للإمام المنصوص من قبل الله الواجب طاعته من جهة أن العصمة صفة باطنية لا تعرف إلا بالنص. فما رامه هذا المستشكل ما هو إلا مغالطة! فان الإمام الصادق(ع) يبين أن لنوع المتآمر على الناس صنفان صالح وطالح أي أن مصاديق الأمير، ممكن أن تنقسم إلى قسمين، الصالح ما تصلح به الأمة والطالح ما تفسد به الأمة وهذا لا يعارض ورود النص كحديث الاثني عشر على بعض أفراد صنف الصالحين. وذكر القراء مع الأمراء قرينة مساعدة على ذلك، فمن الواضع ان المدح الوارد للقراء في الروايات والحث على الأخذ منهم وغير ذلك لا يشمل القراء الفاسدين، وهذا المستشكل يريد أن يعمم ذلك لكل القراء وان كان غير ملتفت لأن القراء معطوفين على الأمراء فيكون ما يترتب على الفهم المفروض المدعى من قبل هذا المستشكل واحد بالنسبة للأمراء والقراء. فلاحظ . وليس للمدعي أن يقول: أن الأمراء المذكورين في حديث الاثني عشر يمكن أيضاً أن يفرض فيه الصنفان الصالحين والطالحين، وذلك لما دلّ في الحديث على تتعدد ألفاظه من كون الدين قائماً حتى يكون عليهم اثنا عشر خليفة، وقيام الدين هو بصلاح الأمة وكذا قوله: (لا تزال هذه الأمة مستقيماً أمرها) والاستقامة تكون بصلاحها، بل في بعضها التشبيه بنقباء بني إسرائيل وهو واضح في دلالة صلاحهم. قال ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: (( وَبَعَثنَا مِنهُمُ اثنَي عَشَرَ نَقِيباً )) : ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود أثني عشر خليفة صالحاً يقيم الحق ويعدل فيهم. فها هو ابن كثير يفهم من الحديث صلاح هؤلاء الأئمة. فلاحظ. 6- وأما مسألة النص على كونهم من قريش، وهذا غير واضح حيث ينبغي البيان بوضوح بأن الخلفاء والأئمة من بني هاشم لا من قريش العشيرة الكبيرة التي تضم حتى بني أمية. فنقول في جوابه: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين وأوضح وأشار لمنزلة أهل بيته وعترته، وكذلك لأصحاب الكساء، وكذلك لعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) ثم أفرد علياً (ع) بنصوص كثيرة تبين خصائصه وامتيازاته والنص على إمامته وأفضليته، ثم أراد التبليغ بالأئمة الاثني عشر وهم عليّ وبنوه (عليهم السلام) ولكن قريشا لم ترتض هذا التصريح فحاولوا التهديد والوعيد والمشاغبة عند قيام النبي (صلى الله عليه وآله) بتبليغهم في حجة الوداع بذلك الأمر والنص على الأئمة الاثني عشر! فقد روى أحمد في مسنده (5/99) والطبراني في (المعجم الكبير2/196) عن جابر بن سمرة حديث الخلفاء الأثني عشر بلفظ يوضح الاعتراض والمشاغبة وعدم القبول وعدم السماح للنبي(صلى الله عليه وآله) بالتكلم والإبلاغ والإيضاح! ولفظ الحديث: ((خطبنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) بمنى (وفي رواية: بعرفات) فسمعته يقول: (لن يزال هذا الأمر عزيزاً ظاهراً حتى يملك إثنا عشر كلهم) ثم لغط القوم وتكلموا فلم أفهم قوله بعد ـ كلهم ـ فقلت لأبي: ما قال بعد ـ كلهم ـ؟ قال: كلهم من قريش)). ونلاحظ هذه الرواية تنص على أن الناس لغطوا وتكلموا وجعلوا كلام رسول الله غير واضح وحالوا دون وصوله للناس فنقلوا للناس بأنه(صلى الله عليه وآله) قال: كلهم من قريش! وعلى فرض صحة النقل عن النبي(صلى الله عليه وآله) بأنه قال بعد أن اعترضوا ولغطوا وتكلموا (كلهم من قريش)، فإنه قال ذلك إكراها ومراعاة للموقف الرافض من الناس، ولذلك لم يستطع النبي(صلى الله عليه وآله) التبليغ بأكثر من ذلك حتى نزلت عليه آية التبليغ والتهديد والتطمين حيث قال له سبحانه وتعالى: (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )) , فأمره الله تعالى بالتبليغ الصريح وعدم الخوف من شيء حيث أن هناك عصمة إلهية له ولذلك التبليغ وفعلاً تحقق ما أراده الله عز وجل حيث بلّغ النبي(صلى الله عليه وآله) ولاية علي (ع) أميراً للمؤمنين من بعده دون أي لغط أو كلام أو اعتراض بل بخ بخ له حتى أبو بكر وعمر بالولاية وتمت البيعة والتهنئة لأمير المؤمنين (ع) في غدير خم وتم الأمر ونزل قوله تعالى: (( اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلاَمَ دِيناً )) , فتمت نعمة الله تعالى ولطفه العباده بولاية أمير المؤمنين(ع) وكمل الدين لاكتمال تبليغ أحد أركانه وأصوله وهي الإمامة وخلافة النبوة ورضي الله تبارك وتعالى للناس ذلك الدين الكامل الخاتم وهو الإسلام . 7- وأما قول أمير المؤمنين(ع): (وإنه لابد للناس من إمام برِّ، أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر). فإن الإمام(ع) يريد هنا بيان حكم العقل والعقلاء بأهمية وجود أمير ورئيس ونظام وأفضلية ذلك على عدم وجود حكم وبقاء الناس في تخبط وفتنة وهرج دون نظام أو قانون، وليس المراد من كلامه(ع) تبرير إمارة وحكم الفجّار والطغاة والظلمة، ولكنه(ع) في مقام التفضيل بين السوئين وبيان أحلى الأمرَّين كما هو واضح. وهذا في حال دوران الأمر بين البقاء دون حاكم ووجود حاكم ظالم فاسق، وقد قاله(ع) في قول آخر مثله: (والٍ ظلوم غشوم خير من فتنة تدوم). والإمام(ع) لا يرفض الخلافة كما يعلم الجميع، ولكنه(ع) يقدر الظروف والمصالح والمفاسد كما كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يفعل ذلك كما في صلح الحديبية الذي اعترض عليه ــ عند قبوله (صلى الله عليه وآله) بذلك الصلح - بعض الصحابة كعمر الذي اعتبره اعطاء الذلة والدنية في الدين حينما صالح وتعاهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) مع المشركين وبشروط قاسية على المسلمين وعلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) أيضاً ولكن الظرف كان يحتم ذلك التنازل عن كثير من حقوق المسلمين لضمان فائدة مستقبلية وثمرة تجنى بعد حين أو لدفع شر محدق يذهب بالإسلام ويهلك أهله. فالإسلام وأحكامه يتأثران بحسب الظروف ويجوز فيه دفع الضرر الأكبر بالضرر الأقل، وبأكل الميتة والدم ولحم الخنزير للحفاظ على النفس، والتضحية بالغالي من أجل الأغلى والأنفس. وإن كنتم مثل الخوارج في عدم فهم الدين وأحكامه فانتظروا مصيراً كمصيرهم في الآخرة! 8- وأما قوله(ع): (دعوني والتمسوا غيري) حتى يقول(ع) في نفس خطبته: (أنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً). فجوابه يتبين مما قدمناه قبل قليل، وراجع للاستزادة أجوبتنا الموجودة على الصفحة (ألف/ الإمام علي(ع)/ لماذا دفع (ع) الخلافة عنه حينما قتل عثمان). نعم، ونحن نقول أيضاً: صدق ورب الكعبة وهو الصديق الأكبر وفعلاً كان الصحابة والخلفاء يحتاجونه ويستشيرونه في كل صغيرة وكبيرة لأن المكان مكانه والخلافة لباسه، ولا يتمكن أحد ممن تقدمه أن يسيّر أمور الناس وأمور الدين مع الاستغناء عنه ودون الاستعانة به، وطلب النصيحة والإرشاد والتوجيه منه(ع). وأما كلامه (ع) مع طلحة والزبير، فهو منطقي وواضح من أنه(ع) لا يحتاج إلى إمامة وخلافة تأتيه في الفتنة بعد أن غصبها فلان وفلان، بل أنه لا يحتاج إليها أصلاً فهو إمام منصب من قبل الناس ان رضوا به فخير على خير، وان رفضوه وغتصبوا حقه عاملهم بما هو خير للإسلام، والناس في كل ذلك هم المحتاجون إليه، وكلامه هذا تكملة ويصب في نفس مصب كلامه السابق. نعم، هو قبل بإمارتهم بعد أن الحوا عليه وهدده بعضهم بالقتل ان رفض، ولكنه في أول خطبة من خطبه بين لهم الأمر وقال: نحن مقبلون على أمر ذو وجوه .. الخ. 9- وأما ما ذكره هذا المستشكل من بيعة أمير المؤمنين لأبي بكر وعمر وبيانه(ع) سبب ذلك. فهو والله حجة عليه لا له فكيف يستدل به؟! فالإمام (ع) يصرح بما ذكرناه هنا بأنه يدفع الضرر الأكبر بالضرر الأقل فيقول(ع): (فخشيتُ إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً وهدماً يكون مصيبته أعظم عليَّ من فوات ولاية أموركم....)، فالإمام (ع) يصرح هنا بأنه قدّم انقاذ الإسلام وأهله ونصرهم على ولايتهم بعد أن خذلوه وغصبوها منه وقمصوها لغيره من غير الأكفاء. فالإمام(ع) صرح ويصرح دائماً بأنه هو الإمام وهؤلاء تآمروا عليه وسلبوه حقه ففي نفس ما نقله هذا المستشكل أوضح الإمام(ع) عدم رضاه وعدم قبوله بهؤلاء فقال(ع): (فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم، فكانوا يسمعوني عند وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) أحاج أبا بكر وأقول: يا معشر قريش إنّا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم... فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن لا يكون لهم في الأمر نصيب ما بقوا، فأجمعوا إجماعاً واحداً فصرفوا الولاية إلى عثمان وأخرجوني منها رجاء أن ينالوها ويتداولونها... ثم قالوا: هلم فبايع وإلا جاهدناك، فبايعت مستكرها وصبرت محتسباً فقال قائلهم: يا ابن أبي طالب إنك على هذا الأمر لحريص، فقلت: أنتم أحرص مني وأبعد، أأنا أحرص إذ طلبتُ تراثي وحقي الذي جعلني الله ورسوله أولى به؟!...)، ثم قال(ع): (اللهمَّ إني استعديك على قريش فإنهم قد قطعوا رحمي وأكفاوا إنائي وأجمعوا على منازعتي حقاً كنت أولى به من غيري...). فكلام الإمام(ع) واضح في موقفه من الخلفاء والخلافة لمن أراد الحق. وأما قوله (ع): (ميمون النقيبة) بحق عمر، فارجع فيه إلى الاسئلة العقائدية/ الصحابة/ اشكالات وردود موقف الشيعة من الصحابة. 10- أما مصالحة ومبايعة الإمام(ع) لمن تولى على رقاب المسلمين، وكذلك موقف الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) من معاوية والصلح معه، فهو واضح من كونه تقية وتقديمٌ وتحمّلٌ للمفسدة الأقل على المفسدة الأعظم تأسياً برسول الله (صلى الله عليه وآله) كما فعل في صلح الحديبية ومع المنافقين وغير ذلك. ونضرب مثلاً واضحاً ومتسالماً عليه عند الجميع في تقديم الضرر الأقل على الضرر الأعظم ومراعاة المصالح والمفاسد كما في مسألة الكعبة، حيث رووا أن النبي(صلى الله عليه وآله) قال لعائشة: (يا عائشة لولا أن قومك حديثي عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه) (رواه البخاري 2/156)، ورواه مسلم (4/98) بلفظ: (لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية (أو قال بكفر) لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر)، وفي لفظ آخر عند مسلم (4/98): (لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض وجعلت لها بابين باباً شرقياً وباباً غربياً وزدت فيها ستة أذرع من الحجر فإن قريشاً إقتصرتها حيث بنت الكعبة). فنقول: إن ترك النبي(صلى الله عليه وآله) بناء الكعبة على قواعد إبراهيم (ع) كان ضرراً أقل فأقره النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يغيره خوفاً من ضرر أكبر وأعظم، وهو ردتهم عن الإسلام وكفرهم به، وقد صرحت بعض الروايات بذلك مثل قوله(صلى الله عليه وآله) عند البخاري (2/156): (ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وان ألصق بابه بالأرض). وفي رواية (فأخاف أن تنفر قلوبهم). هذا بالنسبة للصلح. وأما الرواية التي تدل على حصول البيعة، فهي ضعيفة بالفضيل غلام محمد بن راشد. مع أن ما ورد في الرواية وليس فيه نسخاً للنص أصلا! ألا ترى الحسين(ع) يقول: بايع فانه إمامي (يعني الحسن(ع) ). 11- أما ما نقله من (بحار الأنوار) عن الإمام الحسن(ع) واشتراطه الشورى على معاوية من بعده وعدم إعطاء الحق لمعاوية بأن يعهد إلى أحد (يزيد وأمثاله) كما فعل أبو بكر حينما عهد لعمر، وأجبر الأمة على قبول ولاية عهده له فغير ثابت، بل الثابت أن الإمام الحسن(ع) قد اشترط على معاوية أن يرجع الأمر له بعد موت معاوية ومن بعده إلى الحسين(ع) ولم يثبت أنه اشترط أن يكون الأمر شورى. فقد ذكر ابن حجر في (الاصابة 2/64) أن الإمام الحسن صالح معاوية على أن يعود الأمر له من بعده فقال ابن حجر ما نصه فكره الحسن القتال وبايع معاوية على أن يجعل العهد له (للحسن) من بعده). وقال ذلك ابن حجر أيضاً في (فتح الباري 13/56)، وذكره الذهبي في كتبه، وكذا ابن كثير في (البداية والنهاية 8/45) وغيرهم، وقال بذلك ابن عبد البر وذكره بنصه في استيعابه (1/386) بالاضافة إلى قوله في (1/385): (فاصطلحا على ذلك واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمر من بعده)، وقال السيوطي في (تاريخ الخلفاء 169) ما نصه: (ثم سار إليه معاوية ـ والأمر إلى الله ـ فأرسل إليه الحسن يبذل له تسليم الأمر إليه على أن تكون له الخلافة من بعده). فأين هذا النصوص الصريحة الواضحة من ادعاء اشتراط الإمام(ع) على معاوية أن يكون الأمر شورى من بعده؟ فلماذا هذا التدليس والجهل بتجاهل هذه النصوص والجزم بأنّ الإمام الحسن(ع) قد اشترط أن يكون الأمر شورى بعد معاوية؟!! 12- أما نقطته الثامنة وهي إدعاؤه بأن ما قبل الغدير لم يبلِّغ رسولُ الله(صلى الله عليه وآله) شيئاً عن ولاية أمير المؤمنين(ع) وأئمة الهدى من آل محمد(صلى الله عليه وآله) ثم استدل برواية عن أبي جعفر الباقر(ع) من أن النبي(صلى الله عليه وآله) بلّغ في خطبة حجة الوداع في عرفة وبين أنه قد بلغ كل شيء وأما حديث الولاية في غدير خم فكان بعد حجة الوداع، فكيف يكون التبليغ بالإمامة من الدين ومن الأمور المهمة ولم يقم النبي(صلى الله عليه وآله) بالتبليغ بها هناك مع أنه قال بحسب هذه الرواية (ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به...). فنقول: إن هذا الإشكال فيه خلط كبير ومغالطة واضحة من عدّة جهات منها: أ- من قال بأن النبي(صلى الله عليه وآله) لم يبلغ في شأن الإمامة قبل يوم الغدير حتى يدعى بهذه المقدمة العجيبة ويجعل أمراً مسلماً به؟! ب- ثم من قال بأن النبي(صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع لم يقم بالتبليغ مطلقاً؟! ج- ثم من قال بأن الشيعة لا يستدلون على الإمامة إلا بحديث الغدير؟! د- ثم من قال بأننا لو قلنا بأن الإمامة لها علاقة بهذه الأمور (التي تقرب من الجنة وتبعد من النار) فسوف تُكذّبُ رسولَ الله(صلى الله عليه وآله) العياذ بالله؟! والجواب على هذه المغالطات والخلط والتدليس: هو أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد بلـّغ هذا الأمر مراراً وتكراراً منذ بدء الدعوة وإلى آخر يوم من حياته الشريفة، فحديث الإنذار يوم الدار كان في مكة والنبي (صلى الله عليه وآله) قد نص فيه على خلافة علي(ع) له وحديث (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) قد قاله (صلى الله عليه وآله) قبل حجّة الوداع . وحديث (إن علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي) أو (وهو وليكم بعدي) أو (وهو خليفتي من بعدي) قد قاله (صلى الله عليه وآله) قبل حجة الوداع. أما في حجّة الوداع فقد قال (صلى الله عليه وآله) في خطبه العديدة فيها مرة في عرفة وأخرى في منى: بأن الخلفاء من بعده إثني عشر كلهم من (قريش)! وأراد(صلى الله عليه وآله) أن يوضح في حجة الوداع ويبين أمر الإمامة والخلافة من بعده بشكل واضح وبتفصيل ونص لا غبار عليه في ذلك التجمع المهيب الذي اجتمع فيه المسلمون من أنحاء العالم الإسلامي بعد أن بلَّغ هذا الأمر مراراً وتكراراً في مناسبات عديدة، ولكن القوم تآمروا في حجة الوداع وتصدوا لرسول الله(صلى الله عليه وآله) فمنعوه من التوضيح والتفصيل والنص الصريح على الأئمة والخلفاء من بعده، فشوشوا وصرخوا وتكلموا في الوقت الذي كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) قائماً يخطب فيهم ويتحدث إليهم ويبلغهم في هذا الشأن! ولنقرأ هذه الرواية التي يرويها أحمد بن حنبل في مسنده (5/93) والتي تبين ما قلناه بوضوح: عن جابر بن سمرة السوائي قال: خطبنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال: (إن هذا الدين لا يزال عزيزاً إلى اثني عشر خليفة) قال: ثم تكلم بكلمة لم أفهمها وضجَّ الناس فقلت لأبي ما قال؟ قال: كلهم من قريش. وفي رواية عند أحمد أيضاً (5/93) قال: عن جابر بن سمرة قال: خطبنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعرفات فقال: (لا يزال هذا الأمر عزيزاً منيعاً ظاهراً على من ناواه حتى يملك إثنا عشر كلهم) قال: فلم أفهم ما بعد. قال: فقلت لابي ما قال بعدما قال: كلهم؟! قال: كلهم من قريش. فجابر بن سمرة ينقل عن أبيه لا عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأن النبي(صلى الله عليه وآله) قد قال بعد كلهم، من قريش!! فرسول الله(صلى الله عليه وآله) كما أوضحنا قد بلغ بأمر الإمامة والخلافة من بعده وأوضح ذلك مراراً وتكراراً وأراد ختم توضيح هذا الأمر في حجة الوداع وجمع المسلمين جميعاً للحج معه وحضور هذا التبليغ الأخير، ولكن الحزب المعارض اعترض وتصدى لذلك قدر إمكانه من تشويش وتكبير وقيام وقعود وتهريج، حتى منعوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) من الكلام أو الإفهام للناس والتوضيح والنص الصريح ! فعاتبه الله عز وجل وخاطبه بأهمية القيام بتبليغ هذا الأمر بشكل واضح وصريح وأنه من أصول الدين الذي لولاه لا يقوم الدين، ولذلك قال تعالى لرسوله الكريم: (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )) (المائدة: 67), فبين الله عزوجل أن التبليغ بعد حجة الوداع لابد منه بعد أن اعترضه بعض الناس في حجة الوداع وإلا يكون النبي(صلى الله عليه وآله) قد قصر حاشاه بتبليغه الدين فيكون تبليغه ناقصاً والدين منقوصاً غير كامل ولا تام ولذلك أنزل الله عزوجل بعد التبليغ في غدير خم قوله تعالى: (( اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلاَمَ دِيناً )) (المائدة:3). فالعناية الإلهية واللطف الرباني جعل كفة الحق هي العليا فعصم الله عزوجل رسوله (صلى الله عليه وآله) من هذه الشرذمة المتآمرة المعترضة على حكم الله تعالى فلم يستطع أحد منهم الاعتراض أو التشويش والتهريج في غدير خم بعناية الله وعصمته لرسوله(ص). فيكون اعتراضك ليس في محله ونقضك هذا ليس في مورده،لأن هذه الخطبة لا تتنافى مع واقعة الغدير، كما أن عدم استطاعة النبي(صلى الله عليه وآله) كتابة ذلك في وصيته حينما رموه بالهجر لا ينافي وجوب الإمامة لأهل البيت (عليهم السلام ) وخلافتهم على الأمة لأنّ التبليغ بذلك قد تم والحجة قد بُلـّغت مراراً وتكراراً,وإنما كانت واقعة الغدير وبعدها يوم الخميس ( ـ الذي حينما يروي ابن عباس ما جرى فيه يبكي حتى تبل دموعه الحصباء ويصف ذلك بالرزية) ـ عبارة عن مؤكدات ومذكِّرات ومفصِّلات وموضِّحات ونصوص كاشفات لأمر قد تم تبليغه وتوضيحه والأمر به في مناسبات شتى ولا تخفى. فيوم الغدير ويوم الخميس هي أيام أوضح فيها النبي(صلى الله عليه وآله) مؤكداً أمراً قام بتبليغه قبل وفي حجة الوداع وقبل تلك الخطبة التي تنص على أنه(صلى الله عليه وآله) بلـّغ أمور الدين من حلال وحرام وواجب وأصول وفروع، وفعلاً قد بلـّغ(صلى الله عليه وآله) كل ذلك حتى آخر يوم من حجة الوداع,ولكن ذلك لا ينافي تكرار وتأكيد ما بلّغه (صلى الله عليه وآله) وتفصيل ما أجمله سابقاً وتبليغه بعد حجة الوداع لتذكير الناس وتحذيرهم وإنذارهم من المخالفة لذلك الأمر حرصاً عليهم كما هو معلوم من أخلاق النبي(صلى الله عليه وآله). 13- أما النقطة التاسعة الهوجاء، فإنه لو كان الذي أثارها يعقل شيئاً لما قال ما قال: لأن الآية الكريمة واضحة صريحة الدلالة على أن أولي الأمر تجب طاعتهم مطلقاً وطاعتهم متفرعة وامتداد لطاعة الله والرسول، ولا توجد طاعة مطلقة إلا للمعصوم إذ أنّ غير المعصوم قد يخطئ حكم الله عز وجل فلا يأمر الله تعالى بطاعته حينئذٍ فلا يأمر بطاعة غير المعصوم بصورة مطلقة وفي كل الأحوال، وبعد أن يأمر الله تعالى بهذا الأمر ينتقل إلى مرحلة أخرى وحكم آخر متفرّع عن ذلك الأصل،وهو أن هناك حالة قد تحصل ممن يظهر الإيمان والإسلام وهي حالة الاختلاف مع المعصوم الذي هو غير الله والرسول، إذ أن اختلاف من يدعي الإسلام والإيمان مع الله أو الرسول غير ممكن له فيمكن أن يعترض أو يختلف أي شخص مع الخليفة المعصوم وهو الذي أشار الله تعالى إليه بأنهم (أولوا الأمر) فكيف يحل النزاع وينتهي الخلاف والاختلاف ويسير الركب في هدوء وسكينة واطمئنان دون أن يعكر مثل هؤلاء المشككين جو الطاعة والألفة والمحبة بين أولي الأمر وعموم الرعية؟ فبين وأوضح سبحانه هذه الحالة وحكمها بقوله: (( فَإِن تَنَازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَاليَومِ الآخِرِ )) (النساء:59), وعدم التمرد والتحزب هنا وهناك دون الرجوع إلى حكم الله عز وجل أو الطاعة المطلقة لولي الأمر المعصوم المأمورين جميعاً بطاعته مطلقاً وفي كل الأحوال والظروف. فالرجوع إلى الله والرسول هو رجوع من لا يقتنع بقرارات الإمام ويعترض عليه ممن لا يؤمن بإمامته ووجوب طاعته وعصمته ولذلك أرجعه للاحتكام للكتاب والسنة دون التمرد والخروج والقتال والبغي على الإمام الحق. فأين التنافي إذن بين ما يقول به الشيعة وما يعتقدونه وبين هذه الآية الكريمة؟! ثم إن هناك آية أخرى تأمر المسلمين بالرجوع إلى الرسول(صلى الله عليه وآله) وأولي الأمر حيث قال تعالى: (( وَإِذَا جَاءهُم أَمرٌ مِّنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم )) (النساء: 83), وقد أرجعهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى علي(ع) لأخذ الدين وخلافة رسول ربّ العالمين حيث قال(صلى الله عليه وآله): (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب). فهذه الآية الكريمة أيضاً تدل على وجوب طاعة أولي الأمر الذين وصفهم سبحانه بأنهم يفهمون الدين ويعرفون أحكامه ويصيبون الحق ويوافقونه دائماً وهي إشارة إلى العصمة أيضاً كالإشارة في الآية السابقة. ولذلك قال تعالى لرسوله الكريم(صلى الله عليه وآله): (( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَومٍ هَادٍ )) (الرعد:7), فقال (صلى الله عليه وآله) لعلي: (أنا المنذر وأنت الهادي) رواه الحاكم في مستدركه (7/120)، وفي لفظ عند أحمد في مسنده (1/126): (رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر والهاد رجل من بني هاشم)، وقال عنه الهيثمي في (مجمع زوائده 7/41) رواه عبد الله بن أحمد والطبراني في الصغير والأوسط ورجال المسند ثقات. فقوله تعالى: (( وَلِكُلِّ قَومٍ هَادٍ )) (الرعد:7) يوضح أن الأئمة الهداة المعصومين منصوصين ومتعددين ومجتبين، وأوضح رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأنهم إثنا عشر وأنهم من بني هاشم وأن أولهم علياً (ع). فبأي حديث بعد الله وآياته تؤمنون؟!!! وما لكم كيف تحكمون؟! 14- أما كتاب أمير المؤمنين (ع) يأمر مالكاً ويأمرنا جميعاً بالتمسك بكتاب الله عزوجل وسنة رسوله(صلى الله عليه وآله) الجامعة غير المتفرقة، وهذه السنة لا يمكن أخذها ـ وبهذه الأوصاف من كونها جامعة غير متفرقة ـ إلا من بابها كما أوضحنا وكما أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) في عدة أحاديث وأوامر منها حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، ومنها حديث الثقلين الذي يرويه مسلم في صحيحه وغيره وصححه الألباني حيث قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما)، ومنها قوله(صلى الله عليه وآله): (إن علياً مني وأنا منه وهو وليكم من بعدي)، ومنها قوله (صلى الله عليه وآله): (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي) فهذا الحديث الصحيح يبين إشارة النبي الأعظم (ص) في غزوة تبوك آخر غزواته في آخر أيامه أنّ خلافة علي (ع) للنبي(صلى الله عليه وآله) أمر لابد منه، ولكن بعض المسلمين أبوا ذلك،وقد أشار لذلك النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله) أيضاً حين قال: (إن وليتموها علياً ولا أراكم فاعلين تجدوه هادياً مهدياً يسلك بكم الطريق المستقيم) وفي لفظ آخر: (ولن تفعلوا...). فكل هذه الأحاديث الصحيحة عند السنة تؤيد وتؤكد ما نحن عليه وما نلتزمه وترد كيد الكائدين ومكر الماكرين (( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرصَادِ )) (الفجر:14)، (( وَيَمكُرُونَ وَيَمكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيرُ المَاكِرِينَ )) (الأنفال:30)، (( وَقَد مَكَرُوا مَكرَهُم وَعِندَ اللّهِ مَكرُهُم وَإِن كَانَ مَكرُهُم لِتَزُولَ مِنهُ الجِبَالُ )) (إبراهيم:46), (( إِنَّهُم يَكِيدُونَ كَيداً * وَأَكِيدُ كَيداً * فَمَهِّلِ الكَافِرِينَ أَمهِلهُم رُوَيداً )) (الطارق:15،16،17). وقد وردت هذه الرواية في (بحار الأنوار) و(تحف العقول) مع زيادة مهمة لم ينقلها المشكل تؤكد المعنى الذي قدمناه وأجبنا به بقوله(ع) بعد قوله (فالراد إلى الله... والراد إلى الرسول الآخذ بسنته الجامعة غير المتفرقة): فقال(ع) بعد ذلك: (ونحن أهل رسول الله الذين نستنبط المحكم من كتابه ونميز المتشابه منه ونعرف الناسخ مما نسخ الله ووضع إصره). ومن الواضح أن أمير المؤمنين(ع) يقيد الرجوع للكتاب والسنة بهم(ع) حيث يشترط للرجوع إلى الكتاب بمعرفة محكمه ويحصر معرفة ذلك بهم(ع)، وكذلك يشترط في الرجوع للسنة بأن يرجع للسنة المتفقة غير المتفرقة ولا المتناقضة ولا تجد سنة متفقة إلا عندهم(ع)، فافهم قبل أن تتكلم. ثم إن رسول الله(صلى الله عليه وآله) يردُّ أمته إلى عترته أهل بيته من بعده وبالأسانيد الصحيحة عند هؤلاء ـ أهل السنة ـ فكيف ينكر هؤلاء المحكمات الواضحات ويتّبعون المتشابهات ويصطادون في الماء العكر!؟ 15- أما نقله رواية الإمام الحسن(ع) عن جده رسول الله(صلى الله عليه وآله) فليس فيها منافاة مع روايات الرجوع بعد النبي للكتاب والعترة من آل محمد (صلى الله عليه وآله) المتواترة الثابتة حتى عند السنة، إذ أن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) يمتدح القرآن هنا وهذا لا يتنافى مع قوله هناك وأمره لأمته بالتمسك بالكتاب والعترة من بعده، إذ هو يبين أهمية القرآن الكريم ويعدد مزاياه وعظمته وفضله وأن القرآن فيه تبيان كل شيء أو أنه عاصم حين الفتن وهذا أمر مسلّم عند الجميع ولا ينكره أحد أصلاً، وعدم ذكر العترة هنا لا يدل على نفي أهمية العترة، فعدم الذكر شيء والعدم شيء آخر كما هو معلوم. ثم أن السؤال عن افتتان الأمة وما هو مرجعها وهل هناك فتنة أعظم من الإمامة فكيف يرجع النبي(صلى الله عليه وآله) من ينكر الإمامة إلى الإمام, فلاحظ. مع أن الرواية مرسلة وليست لها سند فيما بين العياشي والإمام الحسن(ع)، فيسقط الاحتجاج بها أصلاً، بل رأينا مروياً عند السنة مثلها تماماً عن أمير المؤمنين(ع) عند الترمذي في سننه والدارمي أيضاً وابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في معجمه والبزار في مسنده ومثله عن غير علي(ع) من رواية عبد الله بن مسعود عند الحاكم، وفي الطريقين مقال وضعف عند السنة أنفسهم,فلم تصح هذه الرواية حتى عند السنة فضلاً عن رواية الشيعة المرسلة غير الثابتة. 16- أما أحاديث العرض على الكتاب، فهذا أمر متسالم عليه عندنا، فالرواية الغريبة والشاذة والمشكوكة وغير الثابتة وغير المعمول بها وغير المشهورة بين الأصحاب تعرض على القرآن والأحاديث الثابتة المعروفة المعمول بها فإمّا أن تتعارض فتقبل وإما أن تعارضها أو تتناقض معها أو تصطدم بالكتاب أو السنة الثابتة فلا تقبل ولا يعمل بها فتطرح جانباً وإن صح سندها. وهذا لا يتنافى مع التمسك بأئمة أهل البيت(ع) حيث مع وجود الأئمة نرجع إليهم (ع),ولكن أحاديث العرض إنما أمرنا الأئمة أنفسهم بها حينما يكون المكلف بعيداً عن الإمام ولا يمكنه الاتصال به أو التواصل معه. 17- أما قوله في (عاشراً) عن السيد الخوئي (قده) وتجاسره عليه,فلا نقول له إلا إنه يتكلم بكلام بذيء وغير متحضر وسيندم عليه يوم القيامة. وأما كلامه عن النص على أسماء الأئمة(ع) ومعرفتهم من قبل الأصحاب وما أتى به من رواية زرارة وهشام بن سالم من عدم معرفتهم لإمام زمانهم وتناقض ذلك مع ادعاء وجود النص على أسماء الأئمة(ع)، فنقول: قد أجبنا عن هذه الشبهة منذ وقت بعيد فهي ليست جديدة ولا مبتكرة من هذا أو ذاك وإنما هو أسلوب القص واللصق والنقل والتكرار والتكثير ليس إلا!! فراجع قسم الاسئلة العقائدية / النص على الائمة(ع)/ إشكالات حول النص على الأئمة(ع) وكذلك صحة عدم معرفة بعض الأجلاء للإمام اللاحق(ع))، وغيرها. أضف إلى ذلك بأن فهمه لكلام السيد الخوئي (قدس سره)الذي استنكره وتجاوز عليه من غير علم ولا هدى ولا كتاب منير هو في الحقيقة على العكس تماماً مما فهم منه, فالسيد (قده) يقر بوجود جهل وصعوبة تعرّف حتى الشيعة على أئمتهم في أزمانهم ولا ينكر ذلك أصلاً لو تأملت كلامه جيداً بتروي، ودون سوء ظن أو أحكام مسبقة!! فالسيد(قدس) قال بأن الروايات المتواترة لدى الخاصة والعامة أوضحت وحدّدت عدد الأئمة(ع) وهو أنهم اثنا عشر ولم تحدد تلك الروايات أسماء الأئمة( عليهم السلام) واحداً بعد واحد كي لا يقع الجهل بهم ولذلك وقع الجهل بهم فعبّر بقوله ((ولم تحددهم بأسمائهم (ع) واحداً بعد واحد حتى لا يمكن فرض الشك في الإمام اللاحق بعد رحلة الإمام السابق)). ثم ترقى السيد (قدس) باعترافه بوقوع ذلك الجهل بالإمام اللاحق بين الشيعة فقال: (بل قد تقتضي المصلحة في ذلك الزمان اختفاءه والتستر عليه)! ثم ترقـّى السيد الخوئي (قدس) فقال: ((بل لدى أصحابهم (ع) إلا أصحاب السر لهم))! ثم سلّم السيد(قدس) بوقوع عدم معرفة الإمام لأكثر من مرة وأكثر من شخص فقال: ((وقد اتفقت هذه القضية في غير هذا المورد والله العالم)). فلا ندري بعد هذا البيان ماذا سيقول هذا المستشكل وتجاسره على السيد الخوئي(قدس) ومن الذي هو أضل من .......!! أما إيراده على السيد الخوئي(قدس) بعد ذلك بأن ذلك الجهل أو التجهيل في معرفة الإمام قبل تنصيبه أدى إلى مفاسد وفتن منها التنافس وادعاء الإمامة من بعض أفراد أهل البيت !! فنقول: إنّ هذا الإشكال الساذج لا يصدر إلا عمن لم يطلع ولم يفهم الدين وروحه، حيث أن الأديان عموماً قد كلف الله تعالى بها عباده وهي تمثل الصراع المرير والأزلي بين الخير والشر والحق والباطل والصالح والفاسد والمطيع والعاصي، فمن خلال الدين والتدين والتكليف بالشرائع السماوية الإلهية يتفضل علينا الباري عز وجل بلطفه بنا وربوبيته لنا لنحصل على التكامل للنفس والروح والسلوك بأنفسنا بعد أن دلّنا على السبيل وهدانا وأوضح لنا النجدين والطريقين إما شاكراً وإما كفوراً، ولذلك فالدينا جعلها الله تعالى محل اختبار ودار بلاء وامتحان وفتنة لكل الخلق. وأمّا اشكاله على السيد الخوئي (قدس) من قبوله بإمكان وقوع الشك والحيرة والجهل بالإمام الآتي بعد الإمام السابق له ووفاته ودعوى أن ذلك يؤدي إلى مفسدة بيّنة وهي التنافس والتنازع والحسد والفتن وتضليل الناس وشق عصا المؤمنين واختلافهم وتصارعهم وبالتالي ينتفي الغرض من وجود الإمام الذي يقود الناس ويهديهم. فنقول: مع إننا لا نعتقد بعصمة جميع من ينتسب إلى البيت النبوي الشريف فأن إشكالك هذا يرد أيضاً على الله عز وجل إذ أرسل رسوله الكريم(صلى الله عليه وآله) بشراً عادياً ليست له خوارق للعادة تقنع الجميع وبشكل دائم ومستمر، ولذلك أمكن تكذيبه وضربه وقتاله وتهجيره ومضايقته ومحاولة قتله أو اغتياله، وكذلك فسح المجال لغيره ليدعي النبوة في مقابله كمسيلمة الكذاب وطليحة بن خويلد والأسود العنسي وسجاح التميمية وغيرهم على مر العصور وإلى القيامة! وكذلك لو كان يجب إيضاح وشهرة وبداهة وتشخيص رسل الله وأنبيائه وأوصيائه وأوليائه بحيث لا يختلف فيهم أحد لما كُـذِّب نبي وما قُتل رسول أو وصي أو ولي، بل لما أصبحت هنالك حاجة للتكليف أصلاً ولا للاختيار ولا للجنة والنار والثواب والعقاب! 18- أما رواية وصية الإمام الصادق لابنه الإمام الكاظم (عليهما السلام)، فهي وصية لا غبار عليها وفيها تأكيد إمامة هذين الإمامين الهمامين وأن (عبد الله) وقد أدّعى ما ليس له ومع ذلك فهذا يثبت أن الأمر في أهل البيت ولهم دون غيرهم إذ أن عبد الله ليس معصوماً ولا إماماً عند الشيعة ولكنه تصدى للإمامة ولم ينكرها ولم يقبلها من غير أهل البيت وإنما كان انحرافه وخطؤه أنه رأى نفسه مؤهلاً للإمامة لعُجب بنفسه وعلمه أو شبهة عرضت له لكونه أكبر من أخيه الإمام الكاظم(ع) حيث طبق النصوص العامة المدعاة على نفسه مثل قولهم(ع): (الأمر في الأكبر) وما شابه ذلك من أسباب يعلمها سبحانه. فهناك أئمة هداية وأئمة ضلال في كل زمان ومكان فلا غرابة من تحقق هذه السنة التكوينية في مسألة ادعاء الإمامة فلا ندري لماذا الإنكار والأمر واضح. ووصية الإمام الصادق لولده الكاظم (عليهما السلام) كانت وصية للتروي والصبر والتطمين له بعدم طول مدة بقاء أخيه (عبد الله) فلا يتأذى على مصير الشيعة من المؤمنين وهذه أخلاق أهل البيت(ع) التي ورثوها من رسول الله(صلى الله عليه وآله) من زيادة حرص وخوف على الناس حتى بكى الإمام الحسين(ع) على قتلته حينما أرادوا قتله. وقد قال تعالى لنبيه(صلى الله عليه وآله): (( فَلَا تَذهَب نَفسُكَ عَلَيهِم حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصنَعُونَ )) , و (( فَلاَ تَأسَ عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ )) و (( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفسَكَ عَلَى آثَارِهِم إِن لَّم يُؤمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً )) و (( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤمِنِينَ )) . 19- أما بخصوص زرارة فقد أجبنا عنه في صفحتنا تحت عنوان (الأسئلة العقائدية/ الأعلام/ زرارة بن أعين)، فراجع . 20- أما إدّعاؤه بوجود ما هو أطمّ من تبرير السيد الخوئي (قدس) على حد تعبيره ـ وهو حديث: ....... إن الله عزوجل لما علم أن يفسد في الأرض وتنكح الفروج الحرام ويحكم بغير ما أنزل الله أراد أن يلي ذلك غيرنا. فنقول في جوابه: إنه قد خلط بين التشريع والتكوين والإرادة التشريعية والإرادة التكوينية فإن الله عز وجل قد شرع وأمر بالتزام الأئمة الاثني عشر المعصومين الذين نصبهم للأمة بعد نبيها (صلى الله عليه وآله) لتستقيم أمورهم بالتشريع وأراده بالإرادة التشريعية. فهذا شيء، وعلمه تعالى بأن الناس سوف لن يلتزموا بهذا التشريع وهذه الإرادة الإلهية التشريعية شيء ?

5