من هم الإثنا عشر؟
عندي سؤالان 1- من اين فهمنا الحصر في روايات الائمة الاثني عشر اي كيف عرفنا ان النبي ص في مقام حصر العدد في اثني عشر؟ وقد قرأت رايا غريبا للقاضي عياض في هذا الصدد رغم اني اجده ص في مقام حصر العدد وجدانا ولكن لا ادري كيف 2- استنتج بعض المحققين من الاحاديث التي تقول عنهم -عدة نقباء بني اسرائيل-انهم منصوص عليهم كما كان النقباء ولكن الا نفهم من التشبيه هو على مستوى العدد فقط -عدة- فكيف سرى التشبيه الى غيره؟
الاخ أبا مصطفى المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: ان في الحديث بأشهر متونه ـ فان له نصوص عديدة ـ مفهومان: مفهوم العدد: وهو ذكر عدد معين مضبوط يريده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو الاثنى عشر لا غير, ومفهوم الغاية: هو جعل عزة الإسلام منوطة بوجود هؤلاء الاثني عشر بقوله في بعض المتون (الى ) في اخرى (حتى), فان لفظة (الى) و(حتى) تستخدم للغاية، ويفهم من الغاية في لغة العرب تحديد المغيى ضمن حدين تبينهما الغاية, فتكون عزة الإسلام مغياة أي حدها هو مضي اثنا عشر اماماً لا أكثر ولا أقل.
فاذا نفينا التحديد من جهة الاكثر كما فعل القاضي عياض باحتمال ان تكون عزة الإسلام ماضية لأكثر من الاثني عشر, يكون كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الغاية والعدد لا فائدة منه او لغواً (اعوذ بالله).
وعلى كل فان سياق الاحاديث والقرائن المحتفة به سواء الحالية أو المقالية كلها تدل على الحصر بهذا العدد، وإلا كان الحديث لغواً لا فائدة فيه لعدم تعريفنا بالاثني عشر هؤلاء ولا معرفة الخصوصيات التي تميزهم بشكل واضح عمن سواهم.
وكذلك عدم ذكر من سواهم أيضاً يدل على الحصر، وإلا لقال (صلى الله عليه وآله) يكون فيكم خلفاء أو ولاة منهم إثني عشر يعز الإسلام في زمانهم مثلاً، فهذا الاطلاق فيمن يكون بعده(صلى الله عليه وآله) يدل على الحصر.
وقوله (صلى الله عليه وآله): (لا يزال الإسلام عزيزاً إلى إثني عشر خليفة) يدل على توالي هؤلاء الخلفاء واحداً بعد واحد وتعاقبهم من بعده (صلى الله عليه وآله) مباشرة لانه سماهم خلفاء أي يخلفونه (صلى الله عليه وآله) وإلى أن يبلغوا إثني عشر خليفة فينتهي الإسلام وعزته ومضيه في الارض والناس أي إلى قيام الساعة، مع استعمال كلمة (لا يزال) التي تدل على عدم الزوال أي الاستمرار فينتج من ذلك (خلفاء للرسول مستمرون الى قيام الساعة وهؤلاء يكونون اثني عشر)، فتأمل.
وكذلك إتفاق الامة على كون آخرهم هو المهدي (عجل الله فرجه)، يدل على استمرار الاثني عشر من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لانهم خلفائه وإلى قيام الساعة. ثم إن حصرهم بكونهم من قريش وقوله (صلى الله عليه وآله) في حديث آخر يرويه البخاري ومسلم من قوله(صلى الله عليه وآله): (لا يزال هذا الامر في قريش ما بقي من الناس اثنان)، يدل على حصر الخلافة الحقّة بهؤلاء المذكورين بقوله(صلى الله عليه وآله): (لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش) رواه مسلم. أما حديث النقباء فهو صريح ونص في حصر العدد، وإليك نصه بتمامه:
عن مسروق قال: ((كنا جلوساً عند عبد الله (بن مسعود) وهو يقرئنا القرآن فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله): كم يملك هذه الامة من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألني عنها أحد مذ قدمت العراق قبلك! ثم قال: نعم ولقد سألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: (إثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل)))، قال الهيثمي في (مجمع الزوائد 5/190): رواه أحمد وأبو يعلى والبزار وفيه مجالد بن سعيد وثقه النسائي وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات. ورواه الحاكم في مستدركه أيضاً في (4/501) وكذا ابن حجر في (فتح الباري 13/183) وحسنه .
نقول: وسؤال مسروق لابن مسعود واضح في الحصر: ((كم يملك هذه الامة من خليفة؟))، وجواب ابن مسعود له واضح في بيانه لأهمية هذا الامر وسؤالهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا السؤال المهم عن عدد خلفائه! وتشبيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلفائه الاثني عشر بنقباء بني إسرائيل الاثني عشر بنص القرآن الكريم واضح ايضاً في إرادة بيان الحصر في عدد خلفائه.
ثم إن مكان ورود حديث الخلفاء الاثني عشر هو حجة الوداع، ويصرح الحديث بأن الناس لم يرتضوا بنص النبي(صلى الله عليه وآله) على خلفائه وتوضيح أمرهم ووصفهم وأسمائهم فاعترضوا عليه أشد الاعتراض وصرخوا وصاحوا ورفعوا أصواتهم وكبروا ولغطوا وقاموا وقعدوا لكي لا ينص النبي(صلى الله عليه وآله) على خلفائه ولا يتضح أمر خلافته ليبقى لهم مجال في اعتلاء سدة الحكم ورئاسة الامة وقيادتها التي أحسوا أنها ستذهب عنهم والى الابد!
فقد روى أحمد في مسنده (ج5 /99) عن جابر بن سمرة قال: ((خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعرفات، وقال المقدمي في حديثه سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخطب بمنى، فسمعته يقول: (لن يزال هذا الامر عزيزاً ظاهراً حتى يملك اثنا عشر كلهم)، ثم لغط القوم وتكلموا فلم أفهم قوله بعد كلهم! فقلت لأبي: يا أبتاه ما بعد كلهم؟ قال: (كلهم من قريش) )).
وفي رواية أخرى (5/99): (لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً ينصرون على من ناواهم عليه إلى اثني عشر خليفة) قال: فجعل الناس يقومون ويقعدون.
وفي رواية عند أحمد (5/93): ثم تكلم بكلمة لم أفهمها وضج الناس فقلت لأبي ما قال؟ قال: (كلهم من قريش).
وفي أخرى عند أحمد (5/98): ثم قال كلمة أصمنيها الناس