نور - السعودية
منذ 5 سنوات

 كتب الحديث التي يرجع اليها الشيعة

السلام عليكم أشكر القائمين على الموقع لأستقبال الشبهات وجدت مقال لأحد الباحثين من أهل السنة يدعي أن كتبنا الأربعة لاتحتوي على رويات لأهل الكساء فهي ضعيفة لأختلاف علمائنا وهو يحضر لعمل كتاب بهذا الشأن أتمنى التعليق عليه ورد ماجاء به من شبهات ************************* قال السيد حسين بحر العلوم : ان الاجتهاد لدى الشيعة مرتكز على الكتب الأربعة : الكافي للكليني, ومن لا يحضره الفقيه للصدوق, والتهذيب,والاستبصار للطوسي, وهي من الأصول المسلمة كالصحاح الستة لدى العامة (مقدمة تلخيص الشافي لشيخ الطائفة الطوسي / حسين بحر العلوم ص 29) قال محمد جواد مغنية : وعند الشيعة الإمامية كتب أربعة للمحمدين الثلاثة :محمد الكليني, ومحمد الصدوق, ومحمد الطوسي, وهي : الاستبصار, ومن لا يحضره الفقيه, والكافي, والتهذيب, وهذه الكتب عند الشيعة تشبه الصحاح عند السنة. (كتاب الوحدة الاسلامية / مقال لمحمد جواد مغنية ص 261 وقد اشار الى هذا الاختلاف جملة من علماء الشيعة : قال عبد الهادي الفضلي: وقع الخلاف بين علمائنا في اعتداد جميع ما في الكتب الأربعة من أحاديث رويت عن أهل البيت عليهم السلام معتبرة ومقطوعاً بصدورها عن الأئمة, فطال البحث فيها, وطال معه النقاش حولها . (اصول الحديث / عبد الهادي الفضلي ص 210) وقال أيضاً : من خلال دراستنا في علم أصول الحديث لموقف علمائنا من مرويات المشايخ الثلاثة ( الكليني, والصدوق, والطوسي ) في كتبهم الأربعة ( الكافي, والفقيه, والتهذيب, والاستبصار ) رأيناهم ينقسمون إلى فريقين : 1-فريق يذهب إلى أن مرويات المشايخ الثلاثة في كتبهم الأربعة مقطوع بصدورها عن المعصومين 2- وفريق يذهب إلى أنها مظنونة الصدور . (أصول علم الرجال / عبد الهادي الفضلي ص 13) قال الشيخ محمد الغراوي : وقع الخلاف بين الأصوليين والإخباريين في مرويات كتب الحديث وخاصة الكتب الأربعة, فقد ذهب الإخباريون إلى قطعية صدور ما جاء فيها, وقد أفاضوا في الاستدلال على ذلك, حتى أن المحدث الاسترآبادي عقد فصلاً في في (فوائده المدنية) لذكر الوجوه الدالة على صحة الأخبار الواردة في الكتب الأربعة حيث ذكر اثني عشر وجهاً. (مجلة الفكر الجديد / محمد الغراوي في مقالته الأخبار بين الأصوليين والإخباريين ص262ـ263 وفيما يلي جزء من دراسه اجريت حول كتاب الكافي قال المولى محمد أمين الاستربادي : وقد سمعنا عن مشائخنا وعلمائنا انه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه . قال الشهيد محمد بن مكي : كتاب الكافي في الحديث الذي لم يعمل الإمامية مثله . وهو الذي قال فيه غائب السرداب : كاف لشيعتنا, وبذلك صار هذا الكتاب أحد أربعة كتب قام عليها المذهب الشيعي بعد هذا نقول هل أن الكافي كتاب صحيح ؟ وإذا كان كذلك فهل اتفق الشيعة على تصحيحه ؟ وإذا لم يكن كذلك فهل اتفقوا على تضعيفه ؟ وإذا كان لا هذا ولا ذاك وإنما هو كتاب حوى من الحديث ما كان صحيحاً وما كان ضعيفاً, فهل ثمة آلية اتفق عليها الشيعة في التصحيح والتضعيف أو لا؟ سانقل احصائية علماء الشيعة عن كتاب الكافي باجزاءه الثمانية : * قال مرتضى العسكري في كتابه معالم المدرستين: ان مدرسة أهل البيت لم تعتبر جميع أحاديث الكتب الأربعة : الكافي, والفقيه, والاستبصار, والتهذيب, صحيحة كما هو الشأن لدى مدرسة الخلفاء بالنسبة إلى صحيح مسلم, والبخاري . وان اقدم الكتب الأربعة زماناً, وأنبهها ذكراً, وأكثرها شهرة هو كتاب الكافي للشيخ الكليني وقد ذكرالمحدثون بمدرسة أهل البيت فيها ( 9485 ) حديثاً ضعيفاً من مجموع ( 16121 ) حديثاً . * وقال مرتضى العسكري أيضاً : وإذا رجعت إلى شرح الكافي المسمى بمرآة العقول وجدت مؤلفه أحد كبار علماء الحديث يذكر لك في تقويمه أحاديث الكافي ضعف ما يراه منها ضعيفاً, وصحة ما يرى منها صحيحاً, ووثاقة ما يرى منها موثقاً أو قوياً باصطلاح أهل الحديث . * وقد ألف أحد الباحثين - وهو محمد باقر البهبودي - في عصرنا صحيح الكافي واعتبر من مجموع ( 16121) حديثاً من أحاديث الكافي (4428) صحيحاً, وترك ( 11693 ) حديثاً منها لم يرها حسب اجتهاده صحيحة. (معالم المدرستين / مرتضى العسكري ج3 ص343 اقول : اذن اعظم كتاب عندهم بعد كتاب الله باصوله, وفروعه, وروضته, الصحيح فيه اقل من الثلث - الثلث يجب ان يكون (5374) - باعتراف علماء الشيعة الجزء الأول لقد حوى الجزء الأول من أصول الكافي على ( 1445 ) حديثاً, اتفق المجلسي في كتابه مرآة العقول, والبهبودي في كتابه صحيح الكافي, والمظفر في كتابه الشافي في شرح أصول الكافي بتصحيح ( 87 ) حديثاً فقط . بينما انفرد المجلسي بتصحيح ( 237 ) حديثاً . وأما المظفر فقد صح عنده من الأحاديث ( 231 ) حديثاً . وما صح عن البهبودي من الأحاديث بلغ ( 161 ) حديثاً . مما تقدم يمكننا ومن خلال عملية حسابية يسيرة أن نعرف حجم الصحيح - علماً ان تعريف الحديث الصحيح عندهم : ما اتصل سنده الى المعصوم بنقل الامامي العدل عن مثله في جميع الطبقات - في هذا الجزء من أصول الكافي والذي يعد أهم أجزاء الكتاب لاحتوائه على جل العقائد التي آمن بها الإمامية وعلى راسها الامامة. والان لعلك رأيت مقدار ما اتفق عليه الإعلام الثلاثة من الصحيح والذي لم يتجاوز (عشر) الأحاديث الموجودة في الأصول, ولعلك رأيت أيضاً ما انفرد به كل واحد منهم من الحديث الصحيح والذي هو بمجمله لم يتجاوز ( ثلث ) تلك الأحاديث. فما اتفق عليه الثلاثة فهو اقل من ( الثلث ) بكثير لان ( الثلث ) يجب ان يكون (480) وما اتفق الثلاثة على تصحيحة كان (87), وهو اقل من ( العشر ) لان (العشر) يجب ان يكون (145), وهكذا لو قارنا تصحيح كل واحد منهم على حدة لما وجدنا احداً منهم قد وصل تصحيحه الى ( الثلث ), بل لم يصل تصحيح احد منهم الى ( نصف الثلث ) البالغ ( 240 ) . هذه الإحصائية التي ذكرتها هي لثلاثة علماء قاموا بتحقيق اصول الكافي فلعلك رأيت كيف اختلفت الارقام وتفاوتت ولك ان تتصور حجم الاختلاف لو قام بتحقيق هذه الأصول جميع علماء الشيعة كلُ على انفراد, ولك ان تتصور مقدار الاحاديث المختلف فيها لو كان التصحيح والتضعيف منصباً على الفروع, والتاريخ, والسيرة وليس العقيدة التي راينا عمق الخلاف بين الاعلام في تصحيح احاديثها روايات اهل الكساء في هذا الجزء ومن الغرائب الموجودة ايضاً في هذا الجزء ما ياتي : عدد الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الجزء بلغت ( 4 ) . عدد الروايات عن علي رضي الله عنه في هذا الجزء بلغت ( 38 ) . عدد الروايات عن فاطمة رضي الله عنها في هذا الجزء كانت ( صفراً ) . عدد الروايات عن الحسن رضي الله عنه في هذا الجزء كانت ( صفراً ) . عدد الروايات عن الحسين رضي الله عنه في هذا الجزء كانت ( 2 ) . أي ان المجموع الكلي لعدد هذه الروايات بلغ ( 44 ) رواية من مجموع ( 1445 ) رواية والتي هي مجموع روايات هذا الجزء, فاترك للقارىء العزيز استخراج النسبة المئوية لاحاديث اهل الكساء ؟ الذين طالما اتهم الشيعة اهل السنة بانهم لا يروون عنهم !!؟ لم تصح رواية واحدة من مرويات أهل الكساء في هذا الجزء وإن تعجب لشيء فاعجب لصنع هؤلاء الإعلام الثلاثة إذ لم تصح عندهم رواية واحدة من مرويات أهل الكساء الجز الثاني اما الجزء الثاني من الأصول فهو يحوي على (2346) حديثاً, اتفق المجلسي في كتابه (مرآة العقول), والبهبودي في كتابه (صحيح الكافي), والمظفر في كتابه (الشافي في شرح اصول الكافي) على تصحيح (233) حديثاً فقط . فاما المجلسي فقد صح عنده من الأحاديث بلغ (467) حديثاً . واما المظفر فقد صح عنده من الأحاديث (464) حديثاً . واما البهبودي فقد صح عنده (392) حديثاً . اقل من الثلث إذن ومما تقدم ترى أن نسبة الأحاديث الصحيحة المتفق عليها في الجزء الثاني من كتاب الأصول لم تبلغ ( الثلث ) لأن الثلث يجب أن يكون ( 782 ) وما اتفق الثلاثة على تصحيحه كان ( 233 ) وهو أيضاً أقل من (العشر), لأن العشر هو ( 234 ) حديثاً. بل وأيضاً لو جمعنا الأحاديث (المضعفة) من قبل البهبودي والبالغة ( 173 ) حديثاً والتي قال عنها كلٌ من المظفر والمجلسي بأنها أحاديث ( حسان كالصحيح ) وقمنا بإضافتها إلى ما صح عن المظفر والمجلسي لما بلغ صحيح كل واحد منهما (الثلث) . فالمجلسي تصبح احاديثه الصحيحة ( 640 ) والمظفر ( 637 ) وزيادة على ذلك لو أضفنا إلى العدد السابق الأحاديث ( الموثقة ) والبالغة ( 70 ) حديثاً فالمجموع سيكون أيضاً أقل من ( الثلث ) فالمجلسي مجموع أحاديثه تصبح ( 710 ) والمظفر(707) وهما دون الثلث ( 782 روايات اهل الكساء في هذا الجزء ومن الغرائب الموجودة ايضاً في هذا الجزء ما نجده في هذه الاحصائية : عدد الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الجزء بلغت ( 17 ) . عدد الروايات عن علي رضي الله عنه في هذا الجزء بلغت (30 ) . عدد الروايات عن فاطمة رضي الله عنها في هذا الجزء بلغت ( صفراً ) . عدد الروايات عن الحسن رضي الله عنه في هذا الجزء بلغت ( 1 ) . عدد الروايات عن الحسين رضي الله عنه في هذا الجزء بلغت ( 1 ) . أي ان المجموع الكلي لعدد هذه الروايات بلغ ( 49 ) رواية من مجموع ( 2346 ) رواية هي مجموع روايات هذا الجزء, فاترك للقارىء العزيز استخراج النسبة المئوية لاحاديث اهل الكساء ؟ لم تصح رواية واحدة من مرويات أهل الكساء في هذا الجزء ويلاحظ أنه وحسب تصحيح وتضعيف المجلسي والمظفر - البهبودي ضعف جميع الروايات- لهذا الجزء لم تصح من الروايات عن أهل الكساء إلا ( أربعاً ), (اثنان) منهما للنبي صلى الله عليه وسلم و( اثنان ) لعلي رضي الله عنه. أما الروايتان اللتان صحتا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال عنهما المظفر والمجلسي : أن حكمها (حسن كالصحيح ) ولم يقل عنهما (صحيحتان) كما قال ذلك عن بقية الروايات الصحيحة, والفرق معروف لدى القراء بين الصحيح والحسن . وأنا أميل الى تضعيف هاتين الروايتين أيضاً وكما حكم بذلك البهبودي لأن في سندهما سهل بن زياد الذي ضعفه معظم رجال الجرح والتعديل الشيعة, وإليك بعضاً من أقوال العلماء فيه : قال النجاشي : كان ضعيفاً في الحديث غير معتمد عليه, وكان احمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب قال الشيخ الطوسي في الاستبصار : ضعيف فاسد المذهب قال ابن الغضائري : ضعيف جداً فاسد الرواية وقد اخرجه احمد بن محمد بن عيسى الاشعري من قم, وامر بالبراءة منه, وعدم السماع والرواية عنه . (اصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق / اية الله مسلم الداوري ص 516) اما روايتا علي رضي الله عنه فضعفهما البهبودي ولم يعتبرهما المظفر والمجلسي من الروايات الصحيحة وانما اطلق عليهما ( موثق ) واطلاق كلمة موثق على الرواية يعني انها في ادنى مراتب الصحة اي ان في سندها احد الرواة الفاسدي العقيدة من- اهل السنة او الفطحية او الواقفية - وحسب مفهوم مصطلح الحديث الموثق : ما دخل في طريقه من نص الاصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته -, وملخص الكلام يوضح لنا عدم صحة رواية واحدة في الجزء الثاني لاصحاب الكساء, كما هو الحال في الجزء الاول . الكتب الاربعة لا تحوي على رواية واحدة لفاطمة رضي الله عنها وثمة معلومة أخطر من ذلك وهي أن الكتب الأربعة ( الكافي, وفقيه من لا يحضره الفقيه, والتهذيب والاستبصار ) والتي زاد مجموع احاديثها على الـ (44) الف حديث لا تحوي على حديث واحد لسيدة نساء العالمين فاطمة رضي الله عنها وارضاها النتيجة هذا الكم الهائل من الأحاديث الضعيفة هي في اصح, وافضل كتاب عند الشيعة بعد كتاب الله كما قالوا في ترجمته, والذي جمعه الكليني في زمن الغيبة الصغرى وبوجود سفراء المهدي, هذا الكتاب الذي جمعه مؤلفه خلال (20) سنة من البحث والتفتيش, وكثير من أحاديثه منقوله من الأصول الأربعمائة المشهورة عن أصحاب الأئمة فاذا كان هذا حال اهم الكتب عندهم على الاطلاق فما بالك في بقية الكتب ؟ فكيف هو حال كتب شيخ الطائفة الطوسي الاستبصار, والتهذيب ؟ والذي قال عنه علماؤهم بعدم انضباط أقواله, وعمله بالمراسيل وبرواية الضعفاء, وكثرة أخطائه وكيف هو حال كتاب بحار الانوار الذي قال عنه اية الله محمد اصف محسني : ليعلم اهل العلم المتوسطون ان في بحار العلامة المجلسي رضوان الله عليه مع كونها بحار الانوار جراثيم مضرة لشاربها ومواد غير صحية لابد من الاجتناب عنهما, واشياء مشكوكة ومشتبهة وجب التوقف فيها (مشرعة بحار الانوار / اية الله محمد اصف محسني ج1ص 11 وختاماً اقول : الاحصائية طويلة جداً فهي تشمل روايات الائمة الـ (12) في الكتب الاربعة, ومقارنتها بروايات اهل السنة عنهم, ان شاء الله ستصدر بكتاب خاص - اكثر من (200) صفحة ومن اغرب ما توصلت له من خلال هذه الاحصائية هو التالي: روايات سهل بن زياد (الكذاب) اكثر من مرويات (10) من اهل البيت لو جمعنا روايات ( السجاد, الجواد, الهادي, العسكري ) من مجموع احاديث الكتب الاربعة البالغة اكثر من ( 44244) الف رواية لكان مجموعها ( 577) رواية فقط . ولو قربنا المسالة اكثر للقارىء فانا لو قمنا بجمع روايات عشرة من اهل البيت (النبي صلى الله عليه وسلم, وعلي, وفاطمة, والحسن, والحسين, والسجاد, والجواد, والهادي, والعسكري, المهدي ) من مجموع روايات الكتب الاربعة لكانت (1939) رواية فقط. فكم هي قليلة هذه المرويات مقارنة بعدد احاديث الكتب الاربعة ؟ ولو قربنا المسالة اكثر واكثر وعملنا مقارنة بين مرويات عشرة من الائمة مع مرويات واحد من اصحاب الائمة, مثل : سهل بن زياد الادمي الراوي الضعيف والفاسد العقيدة - كما مر من ترجمته فقد ذكر الخوئي في معجم رجاله ان رواياته في الكتب الاربعة بلغت (2304) رواية, فهي اذن اكثر من مرويات عشرة من اهل البيت وعلى راسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي حينما ستدل أهل السنة على الشيعة بأحاديث الكافي للكليني يأتيك الجواب المشهور إن الكافي ليس كله صحيحاً عندنا, ومن الذي قال لكم انه صحيح عندنا !!؟ فلا إلزام علينا به, إلى أخر هذه العبارات المكررة والأجوبة الجاهزة الحاضرة عندهم !!!! فهم يفرحون بانه ليس لديهم كتاب صحيح لحد الآن فياترى أين كان الاثنا عشر معصوماً خلال فترة ثلاثة قرون ؟ ولماذا تركوهم من غير كتاب واحد صحيح ؟ وما الحكمة من وراء ذلك كله ؟ ولماذا لم يجمع المهدي كتاباً لهم في غيبته الصغرى التي دامت اكثر من 70 عاماً ؟ ولماذا لم يجمع أحد من سفرائه مثل هذا الكتاب ؟ أليس من ضروريات وجود الأئمة حفظ الدين من الخطأ والزيادة والنقيصة؟ ولماذا تركوا إقوالهم ينقلها رجال كثر فيهم الكذبة من إمثال زرارة, وجابر الجعفي, وسهل بن زياد وغيرهم الكثير؟ ولماذا تركوهم يعتمدون على بشر يصيبون ويخطؤون من أمثال الكليني, والطوسي, والقمي, والمجلسي, والنوري ليجمعوا لهم هذه الكتب ؟ ولماذا تركوا تحقيق هذا الجمع لأناس يخطؤون ويصيبون ويختلفون فيما بينهم في تحديد الصحيح من الضعيف من أمثال الحلي, والسبزواري, والخوئي, والخميني, والصدر, والسيستاني, ومن غير وجود قواعد ثابته متفق عليها في الجرح والتعديل نستطيع على ضوئها معرفة المصيب من المخطأ ؟ ************************* والمعذرة على طول الرسالة والله يعطيكم العافية وشكرا لكم موفقين لكل خير


الأخ نور المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ينبغي للباحث - أي باحث - يريد أن يناقش أو يعترض على عقيدة طائفة أو مذهب عين أن يطلع على الأسس التي يعتمدها أهل ذلك المذهب أو الطائفة ويناقش تلك المباني والأسس, ولا يقفز على هذا الأصل العلمي في المناظرة والمحاورة ويذهب ليناقش أمور هي من توابع تلك الأسس والقواعد ... المزید وعندئذ يكون كلامه ونقاشه كله ناقصاً ولا توجد فيه أية ثمرة علمية حقيقية سوى إثارة الشبهات ونشر البغضاء وإلا حن بين المسلمين من دون أي غرض علمي أو عقلائي معتد به, بل قد يكون مثل هذا الإنسان - الذي لا يكون بحثه ونقاشه علمياً - مأثوماً بهذه التصرفات ومخالفاً لمنهج الشريعة في الدعوة إلى الدين. وهذا المعنى تشير إليه جملة من الآيات القرآنية الكريمة التالية مثل قوله تعالى: (( ادعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ )) (النحل:125) ففي هذه الآية نجد بيان الأسس للدعوة بالطرق الثلاثة: 1- الحكمة, وهي التي تستند إلى البراهين والقواعد العقلية. 2- الموعظة وهي التي تستند إلى الكلمة الطيبة المؤثرة والنافعة ذات المغزى الأخلاقي والروحي العالي. 3- الجدال بالتي هي أحسن والذي يعني الاستناد إلى الأسس الرصينة في الجدل من الإلزام وإفحام الخصوم بما يعتقدونه ويظنونه صحيحاً.. وأيضاً يشير إلى ذلك قوله تعالى: (( قُل هَاتُوا بُرهَانَكُم إِن كُنتُم صَادِقِينَ )) (البقرة: 111, النمل: 64) الدال على وجوب الإتيان بالبرهان والدليل العلمي الملزم وان من لا برهان له لايعد صادقاً.. والبرهان هو الأسس العلمية الصحيحة في النقاش والمحاورة والمجادلة.. ومن المعلوم أن الأساس الصحيح في النقاش بين المذاهب هو مناقشة عقائد وفقه هذه المذاهب بحسب المباني والأسس التي تعتمد عليها, ولا يحق لأي شخص أن يحاسب فقه وحديث وعقيدة أهل مذهب ما بحسب فقه وحديث وعقيدة مذهب آخر فهذا خطأ كبير,بل خلل منهجي ينبغي للباحث عدم الوقوع فيه اضافة إلى لزوم التجرد عن الدواعي والأغراض الضيقة, والسعي الجاد نحو الحقيقة بحيث أن لا يكون من هدف للباحث سوى الحق, والحق هو الهدف ولا هدف سواه. وعلى أية حال, ينبغي للباحث في عقائد الشيعة الإمامية وفقههم وحديثهم أن يعرف جملة أمور مهمة, وبعدها له حق المناقشة والاعتراض والنقد بلحاظ هذه الأمور وإلا يعد كلامه من اللغو الذي لا فائدة فيه سوى التهويل والتهويش. وهذه الأمور هي: الأمر الأول: إن الشيعة الإمامية يعتقدون العصمة لأئمتهم (عليهم السلام) وأنه منصوص عليهم من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الله عز وجل, وأن أحاديثهم التي تروى عنهم إنما هي عن آباءهم عن جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله), فحديث الصادق (عليه السلام), هو حديث الباقر (عليه السلام), وحديث الباقر (عليه السلام) هو حديث السجاد (عليه السلام) وحديث السجاد (عليه السلام) هو حديث الحسين (عليه السلام), وحديث الحسين (عليه السلام) هو حديث أمير المؤمنين (عليه السلام), وحديث أمير المؤمنين (عليه السلام) هو حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله), وحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو حديث جبريل (عليه السلام) هو عن الله عز وجل. فهذا المطلب العقائدي المهم ينبغي للمستشكل - أي مستشكل - أن يناقش فيه قبل أن ينتقل إلى حالة مجتزءة غير ناظرة إلى هذا المعنى, والتي كانت - للأسف - هي الحالة الشاملة لكل الإشكالات الواردة في الورقة المجاب عليها هنا... فقول المستشكل مثلاً بأن الشيعة كيف يروون مئات أو ألوف الأحاديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) بينما لا يروون أقل القليل من ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمثل هذا الكلام فيه مغالطة, وجهل بحقيقة الحال عند الشيعة. لأن هذا المستشكل يجهل بأن بمعنى أن الشيعة الإمامية حين تعتقد ان السنة الشريفة هي قول المعصوم (عليه السلام) وفعله وتقريره لا تجد فارقاً في هذا الأمر بين كلام الامام الكاظم (عليه السلام) وكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله), او كلام الامام الجواد (عليه السلام) وكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله), وهكذا بقية الأئمة (عليهم السلام) اضافة الى البضعة الزهراء (عليها السلام), بعد ثبوت العصمة لها وللأئمة الاثني عشر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله), فهم - أي الشيعة - يجدون رواية الصادق (عليه السلام) هي رواية لرسول لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم ), فالكلام المتقدم للمستشكل لا توجد فيه أيّة نتيجة علمية, وهو - بهذا اللحاظ - لا يحق له أن يخدش المتقدم في (الكافي) أو غيره بان الكليني لم يرو فيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو عن فاطمة (عليها السلام) أو غيرهما من أصحاب الكساء (عليهم السلام), مستعيناً باحصاءات وارقام في ذلك, فهذا في الواقع من جهل بحقيقته الحال وجهل بمنزلة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وأحاديثهم عند الشيعة ومع ذلك, نحن نذكر هنا جملة من الموارد التي روى فيها الكليني أحاديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إدّعى هذا المستشكل عدم الرواية عنه (صلى الله عليه وآله), وذلك عن طريق أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أنفسهم : 1- روى الكليني (قدس سره) في كتاب العقل والجهل بسنده عن السكوني عن ابي عبد الله الصادق (عليه السلام), قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (اذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله, فانما يجازى بعقله).(1: 12 الحديث 9 من كتاب العقل والجهل). 2- روى الكليني أيضاً في نفس الباب بسنده عن الحسن بن علي بن فضّال عن بعض أصحابنا عن ابي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) (المصدر السابق: الحديث 15) 3- روى الكليني أيضاً في الباب نفسه بسنده عن السري بن خالد عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يا علي لا فقر أشد من الجهل, ولا مال أعود من العقل) (المصدر السابق: الحديث 25) 4- روى الكليني أيضاً في نفس الباب بسنده عن أحمد بن محمد عن بعض من رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (اذا رأيتم الرجل كثير الصلاة كثير الصيام فلا تباهوا به حتى تنظروا كيف عقله؟!)  (المصدر السابق: الحديث 28) 5- في باب فرض العلم ووجوبه روى الكليني بسنده عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه, عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (طلب العلم فريضة على كل مسلم, الا ان الله يحب بغاة العلم) (1: 30 الحديث الأول) 6- في الباب فرض العلم, روى الكليني بسنده عن يعقوب بن يزيد عن أبي عبد الله رجل من أصحابنا رفعه قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (طلب العلم فريضة) (المصدر السابق الحديث 5). 7- في باب صفة العلم وفضله, روى الكليني عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: (دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله)  المسجد فاذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: ما هذا؟ فقيل: علامة...)(الحديث) (المصدر السابق الحديث الأول من الباب المذكور). 8- في باب أصناف الناس, روى الكليني بسنده عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه, قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (لا خير في العيش الا لرجلين عالم مطاع, أو مستمع واع...) (السابع من الباب). 9- في باب ثواب العالم والمتعلم, روى الكليني بسنده عن القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً الى الجنة...) (الحديث الأول من الباب المذكور) 10- في باب مجالسة العلماء وصحبتهم, روى الكليني بسنده عن الفضل ابن ابي قرة, عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (قالت الحواريون لعيسى: يا روح الله من نجالس؟ قال من يذكركم الله رؤيته, ويزيد في علمكم منطقه ويرغبكم في الآخرة عمله) (الحديث الثالث من الباب المذكور). فهذا غيض من فيض مما جاء في كتاب (الكافي) للكليني, وفد استعرضناه بشكل عاجل من أوائل الأبواب في الكافي وعثرنا على هذه النصوص, وهناك الكثير الكثير من هذه الأحاديث المروية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم ) يجدها المتتبع في كتاب (الكافي) ومعه لا يصح كلام المستشكل المتقدّم الذي ذكره في دراسته, وما احصاه من أرقام في الموضوع كأن يقول: (( ومن الغرائب الموجودة في هذا الجزء (أي من كتاب الكافي) ما يأتي: عدد الروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله) في هذا الجزء بلغت (4), وعدد الروايات عن علي رضي الله عنه في هذا الجزء بلغت (38), وعدد الروايات عن فاطمة رضي الله عنها في هذا الجزء كانت (صفراً), عدد الروايات عن الحسن رضي الله عنه كانت (صفراً) )).  فهذا الكلام لايصحّ من ناحيتين, الأولى : قد بيّنا سابقاً أن مثل هذا الكلام لا قيمة له بل ولا أثر علمي ولا عملي له بعد أن علمنا انَّ السنة الشريفة تعني عند الشيعة قول المعصوم (عليه السلام) وفعله وتقريره, والمعصوم عندهم هم الأئمة الاثنا عشر إضافة للنبي (صلى الله عليه وآله) والصديقة الزهراء (عليها السلام) فكلام الإمام الصادق (عليه السلام) هو كلام أبيه الباقر وكلامه الباقر هو كلام السجاد وكلام السجاد هو كلام الحسين وكلام الحسين هو كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) وكلام أمير المؤمنين هو كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله), من دون أي فرق يذكر من حيث الحجية والأثر الشرعي. الناحية الثانية : قد بينّا فيما سبق ومن نفس الجزء الذي يتحدث عنه هذا المستشكل جملة روايات (بلغت عشراً استخرجناها من خمسة ابواب فقط من مجموع ما يقرب من مائة وتسعين باباً) ينقل فيها الأئمة (عليهم السلام) كلام جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأيضاً دعواه بأن الكليني لم يرو عن فاطمة (عليها السلام) هي دعوى غير صحيحة, بل نقول روى الكليني بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله(عليه السلام) عن الامام الباقر (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رواية اللوح الذي أهداه الله الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (قال لها جابر): بابي أنت وأمي يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الأوصياء من ولدي وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك (انظر باب فيما جاء في الأثني عشر من كتاب الحجة الجزء الأول, الحديث 3) فهذه الرواية تتضمن حديثاً رواه جابر عن فاطمة الزهراء (عليها السلام) في شأن اللوح المذكور على أنه كما ذكرنا لا نحتاج إلى هذه الأحصائيات المبتسرة في هذا الجانب فعقيدتنا واضحة ومنهجنا واضح, ومن عنده أشكال وسؤال فليتوجه به إلى أساس هذه العقيدة ومبناها, ويقولون لنا: لماذا تجعلون حديث الإمام الصادق (عليه السلام) - مثلاً - هو حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو نفسه حديث فاطمة وحديث علي.. من اين لكم هذا, وما حجتكم بذلك... ان النقاش والحوار (ان كان الهدف منه الوصول إلى الحقيقة) يجب أن يكون في هذا الجانب دون عملية الإحصاءات المشار إليها التي لا تغني ولا تسمن من جوع.. وهي تنبأ عن جهل مدقع بعقيدة الشيعة الإمامية بل غربة حقيقية عن العقائد وأهلها. الأمر الثاني: وفي هذا الأمر نريد أن نشير إلى ما تكلفه هذا المستشكل بمسألة التصحيح والتضعيف في كتب الحديث الشيعية, فأنه في هذا الموضوع قد أخذ يتحدث بما يمليه عليه المهلكان: الجهل والهوى, ومع ممارسته لهواية الإحصاء - والتي يبدو أنه مولع بها لذاتها - فمثل تراه يقول: (( لقد حوى الجزء الأول من أصول الكافي على (1445) حديثاً, اتفق المجلسي في كتابه (مرآة العقول), والبهبودي في كتابه (صحيح الكافي), والمظفر في كتابه (الشافي في شرح أصول الكافي) بتصحيح (87) حديثاً فقط بينما انفرد المجلسي بتصحيح (237) حديثاً, وأما المظفر فقد صح عنده من الأحاديث (231) حديث. وما صح عند البهبودي من الأحاديث بلغ (161) حديثاً..)). قال: ((فما اتفق عليه الثلاثة فهو أقل من الثلث بكثير لأن (الثلث) يجب أن يكون (480) وما اتفق الثلاثة على تصحيحه كان (87), وهو أقل من العشر, لأن (العشر) يجب أن يكون (145) وهكذا...)). نقول: هل قرأ هذا المستشكل خطبة كتاب (الكافي) التي صدّر بها الشيخ الكليني (قدس سره) كتابه هذا, وهل اطلع على قوله: ((... وقلت: تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين, ما يكتفي به المتعلم, ويرجع إليه المسترشد, يأخذ من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عليهم السلام) والسنن القائمة التي عليها العمل, وبها يؤدي فرض الله عزوجل وسنة نبيّه(ص)... وقد يسر الله - وله الحمد - تأليف ما سألت, وأرجو أن يكون بحيث توخيت)) (1: 9 خطبة الكتاب). فإنك تجد ومن خلال هذه الخطبة التي صدر بها الشيخ الكليني(قدس سره) كتابه بأنه يروي ما يراه هو صحيحاً, وما عليه المعول والعمل, ومن هنا ينبغي ملاحظة النقاط التالية: النقطة الأولى: أن الشيخ الكليني(قدس سره) قد أعدَّ كتابه هذا لكي يعمل به, ويسير المؤمن على هدى رواياته واحاديثه. فهو لا يرى ما فيه ضعيفاً أو ساقطاً من الحجية من هذه الناحية. وإلا يكون قد خالف قوله الذي أجاب به السائل الذي سأله تأليف هذا الكتاب حين قال له: ((وقد يسّر الله وله الحمد - تأليف ما سألت, وأرجو أن أكون بحيث توخيت)). وهو لا يظن به ذلك لجلالة قدره ومنزلته المعلومة للجميع. النقطة الثانية: أن الحديث الصحيح عند المتقدمين يختلف عنه في الاصطلاح عند المتأخرين. فالمتقدمون يطلقون أسم (الصحيح) على الحديث الذي يركن إليه ويعتمد عليه ولو بمعونة القرائن, وهو أعم من كون راويه عدلاً أو ثقة أو إمامياً, بينما المتأخرون فهم يطلقون صفة (الصحيح) على الحديث الذي يكون راويه إمامياً عدلاً خاصة..وهذا التضييق الجديد في الاصطلاح للحديث الصحيح إنما لجا إليه المتأخرون من علماء الإمامية لأسباب يطول ذكرها منها : طول المدّة بينهم وبين عصر النص, هذا أولاً. وثانياً: لضياع الكثير من كتب الأصول المعتمدة بسبب سلطة الظالمين وخوف المؤمنين من إظهارها. وظهور كتب أخرى لم تكن معتمدة اشتهر أمرها, مما ادى إلى حصول حالة من الالتباس بين الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة والأحاديث المأخوذة من الأصول غير المعتمدة, الأمر الذي حدا بالمتأخرين إلى وضع ضوابط دقيقة في اعتبار العصمة في الحديث تختلف عما كان عليه المتقدمون الذين كانوا قريبين من عصر النص - والمراد به عصر الغيبة الصغرى - وأيضاً لوجود الأصول المعتمدة الثابتة الانتساب إلى مؤلفيها من أصحاب الأئمة (عليهم السلام), والتي بلغت اربعمائة أصلاً, جمع فيها عشرات الآلاف من الأحاديث عن المعصومين (عليهم السلام), والتي كانت المعين الثر للطائفة في الأخذ عن العترة الطاهرة. وقد حاول المحمدون الثلاثة (الكليني, والصدوق والطوسي (قدس الله اسرارهم)), جاهدين ان ينقلوا من هذه الأصول الأربعمائة في كتبهم ما أمكنهم نقله والحصول عليه, وهم كانوا يفتون بصحة الأحاديث التي يجدون قرائن على صحتها كتوافر الأصول الراوية لها بين أيديهم, وهذه القرائن قد غابت عن المتأخرين.. وزادت الشقة بينهم وبين عصر النص, الأمر الذي دعاهم إلى وضع ضوابط أخرى غير التي كان المتقدمون يعتمدون عليها في هذا الجانب بغية الوصول إلى الحديث الصحيح الذي يكون حجة بين الفقيه وربه في الآخذ به. النقطة الثالثة: إن ماصرّح به الشيخ الكليني (قدس) في خطبة الكتاب بان الآثار الصحيحة التي هو بصددها إنما هي التي عليها مدار العمل وبها يؤدى فرض الله عز وجل وسنة نبيه(ص), إنما يريد به: أنه لا يذكر في كتابه إلا الحديث الذي هو (حجة).. وإذا أردنا أن نلاحظ هذا المعنى - أي الحديث الذي هو حجة - بحسب اصطلاح المتأخرين فأننا سنجد أن الإحصائية التي تعرض لها هذا المستشكل سترتفع بشكل كبير, لأن الفقهاء يعدّون - بحسب ما أصطلح عليه . المتأخرون الحديث الموثق حجة أيضاً اضافة إلى الحديث الصحيح - بحسب هذا الاصطلاح ـ, بل يعد بعضهم الحديث الحسن والقوي حجة أيضاً, وبهذا سيكون الحديث الذي عليه المعول والعمل عند الفقهاء المتأخرين أكثر بكثير مما تصوره هذا المستشكل, إذ بحسب ما ذكره الشيخ الطريحي في جامع المقال (ص193) من أن الصحيح في الكافي باصطلاح من تأخر يبلغ (5072), والحسن (149), والموثق (1118), والقوي (302) . وبحسب هذه الأحصائة يصير عندنا الحديث (الحجة) عدده في كتاب (الكافي) لوحده هو: (6641) حديثاً, وهي نسبة كبيرة جداً بل عند المقارنة تجدها تضاهي ما ذكر في الصحيحين (البخاري ومسلم) معاً. فأن مجموع أحاديث الصحيحين عندهم تبلغ بالمكررات والمعلّقات والشواهد والمتابعات ما يقرب من ثمانية عشر ألف حديثاً ونيف وفي ذلك يقول ابن حجر: ان أحاديث البخاري هي (2600) حديث بلا مكررات.ولا معلّقات, وأما مسلم فتبلغ أحاديثه (4000) حديث بلا مكررات (الباعث الحثيث 1: 106, 107). وأما المتفق عليه بينهما فهو (2006) أحاديث (بحسب اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لمحمد فؤاد عبد الباقي, ص12). فالنتيجة انه يخلص من أحاديث البخاري (600) حديث ينفرد بها لوحده عن مسلم فقط.. وإذا أردنا أن نساير هذا المستشكل في إحصائياته المولع بها نجد ان الشيخ الكليني(قدس) قد جمع في كتابه هذا (121 16) حديث يراه هو حجة وصحيحاً, بمعنى أن ما جمعه الكليني يضاهي ما جمعه البخاري ومسلم مع المكررات والمعلقات والشواهد,ويخلص ما هو عليه العمل والمعول عندهما إلى (4600) حديثاً فقط... بينما نجد أن الحديث (الحجة) باصطلاح من تأخر الشامل للصحيح والموثق والحسن والقوي في الكافي يبلغ (6641) حديثاً وهو يتفوق على الحديث (الحجة) الوارد في الصحيحين معاً.. فتدبر ذلك.  ونحن هنا قد ذكرنا هذه الأرقام بلحاظ مجموع أحاديث (الكافي) بجميع أجزائه ولم نقتصر على جزء واحد أو جزئين فقط كما فعل هذا المستشكل, فهذا أكثر موضوعية من طريقته المبتسرة تلك . وهذه الإحصائية المذكورة عن كتاب (الكافي) من عدد الخبر (الحجة) فيه بهذه النسبة الكبيرة تجد مثيلها في الكتب الثلاثة الأخرى المعتمدة عند الشيعة ونعني بها: الفقيه والتهذيب والاستبصار والذي بلغ مجموع أحاديثها مع الكافي على ما يزيد عن (44) ألف حديث.. وأما كتاب بحار الأنوار الذي أشار إليه إشكالاته,نقول : هو كتاب جامع للأحاديث, ولم يقتصر صاحبه - الشيخ المجلسي (ره) فيه رواية خصوص الحديث الصحيح, بل تراه يروي كل حديث أعمّ من كونه صحيحاً أو ضعيفاً, بل هو لم يذكر في جملة من الأحاديث أسانيداً أو مشيخة كي تخرج من الإرسال إلى الإسناد كما هو الشأن مع الكتب الأربعة وتصريح أصحابها بذلك في أول كتبهم.. فأنت تلاحظ ان غاية صاحب البحار كانت هي جمع هذا التراث الواصل إليه عن أهل البيت (عليهم السلام) الشامل لسيرتهم وأحوالهم وأحاديثهم وما يتعلق بشؤونهم, وقد جمعه من مئات المصادر المعتبرة وغير المعتبرة, ولم يكن له (قدس سره) من هدف سوى حفظ هذا التراث وترك مهمة تنقيحه واستخراج اللؤلؤ والمرجان من هذه البحار للباحثين والمحققين غيره., وقد كانت تسميتها بالبحار لهذه النكتة أي انها أحاديث شاملة للصحيح والضعيف شانها شأن البحار التي تضم الشيء الثمين وغيره.. وعليه فلا معنى لتقول هذا المستشكل عن (بحار الأنوار) بما ذكره, بعد أن عرفنا حقيقة حالها وسر تأليفها.. ولكن التعصب يعمي ويصم عن مطالعة حقائق الأمور. الأمر الثالث: قول المستشكل: ومن أغرب ما توصلت له من خلال هذه الإحصائية هو التالي: روايات سهل بن زياد (الكذاب) أكثر من مرويات (10) من أهل البيت لو جمعنا روايات (السجاد, الجواد, الهادي, العسكري,) من مجموع أحاديث الكتب الأربعة.. (الخ))). نقول: قد تقدمت الإشارة إلى ان الشيخ الكليني(قدس) قد صرّح أنه يذكر في كتابه الكافي الآثار والأخبار الصحيحة التي يمكن العمل بها, وقد بيّنا أن الصحة في اصطلاحه واصطلاح المتقدمين يراد بها أن يكون الخبر (حجة) ومما يعمل به ولا يلتفت إلى خصوص السند أو الاقتصار عليه, فقد يرد سند لرواية يشتمل على مجموعة من الرواة المقدوحين ومع هذا تتوفر قرائن معينة للمحدّث تدفعه للعمل بهذه الرواية والأخذ بها.. ومن هنا نقول أن مسألة التضعيف والتعديل التي اقتصر عليها المتأخرون إنما لجأوا إليها بعد بعد الشقة بينهم وبين عصر النص, وتداخل الكتب المعتبرة مع غيرها وضياع الأصول المعتمدة. الأمر الذي دعاهم إلى التدقيق في شأن الرواة ونقله الأحاديث.. ومن هنا ظهر الكلام عن (سهل بن زياد) أو غيره. وببيان آخر: أن المحدّثين كالكليني والصدوق والطوسي لم يذكروا روايات (سهل بن زياد) أو غيره من الرواة الضعاف ليعملوا بها مع علمهم بضعفه, وإنما كانوا يذكرون رواياته وروايات غيره من الضعاف ويعملون بها مستندين في ذلك على قرائن توجب لهم الطمأنينة بصدور هذه الأحاديث. وأما قول المستشكل في إحصائياته بان روايات (سهل) أكثر من روايات (10) من أهل البيت.. فهذا الكلام لم نفهمه .. ولا ندري ماذا يريد به فسهل إنما يروي عن أهل البيت(عليهم السلام) فرواياته رواياتهم بالنتيجة فكيف تكون رواياته أكثر من روايات (10) من أهل البيت.. ان الخلط واضح في فهم هذا المستشكل لهذه المسألة.. الأمر الرابع: قول المستشكل: ((فيا ترى اين كان الاثنا عشر معصوماً خلال فترة ثلاثة قرون, ولماذا تركوهم من كتاب صحيح ؟)) نقول: قد كتب اصحاب الأئمة (عليهم السلام) اربعمائة أصل كانت تدور عليها رحى عمل الشيعة في ذلك الزمان وحتى عصر الغيبة الصغرى, وهذا النتاج الثر من روايات الأئمة(عليهم السلام) اهتم أصحاب الأئمة(عليهم السلام) بتدوينه وكان بعضهم يعرض ما يكتبه على الائمة (عليه السلام) أنفسهم.. وقد جمع المحمدون الثلاثة (الكليني والصدوق والطوسي) هذا النتاج الضخم في الكتب الأربعة المعروفة (الكافي, الفقيه, التهذيب, الأستبصار) وقد اشرنا سابقاً إلى نظرة هؤلاء المحدّثين إلى كتبهم هذه (وخصوصاً الكليني والصدوق) بأنهم إنما يذكرون فيها ما هو عليه المعوّل وما يكون حجة بينهم وبين ربهم كما في تعبير الشيخ الصدوق(رحمه الله) فهم اذن كانوا يعتبرونها صحيحة ويمكن العمل بها بهذا اللحاظ, ولتوفر القرائن التي تورث الأطمئنان بالعمل بها. فالائمة (عليه السلام) كانوا يحثون أصحابهم على تدوين ما يسمعونه عنهم, وكان الأصحاب بدورهم يقومون بهذه المهمة.. واثمر هذا الجهة المبارك اربعمائة أصل جمعت فيه كل الروايات التي قالها أهل البيت (عليهم السلام).. فهم (عليهم السلام) كانوا حريصين على تدوين هذه العلوم والآثار.. ولكن الظروف القاسية التي كان يتعرض لها الأئمة (عليهم السلام) وكذلك أصحابهم ومن ثم علماء المذهب من محاربة الظالمين لهم ومطاردتهم وتشريدهم هي التي اوجبت ضياع هذه الأصول واندراسها, والأعتماد على ما بقي مجموعاً فيها في الكتب الأربعة. وأما قول هذا المستشكل: ((ولماذا تركوا اقوالهم ينقلها رجال كثر فيهم الكذبة من امثال زرارة, وجابر الجعفي..)). نقول : لم يضعف أحداً من علماء الرجال الشيعة زرارة أو جابر الجعفي فضلاً عن وسمهم بالكذب أو الوضع إن هذا إلا محض افتراء وبهتان. أما ان كان يقصد بأن علماءه ومحدّثيه هم الذين يوسمونهم بذلك, فهذا الكلام لا قيمة له. ولا يمكن له أن يلزمنا به. وأيضاً قوله: ((لماذا تركوا تحقيق هذا الجمع لأناس يخطئون ويصيبون ويختلفون فيما بينهم في تحديد الصحيح من الضعيف من أمثال الحلي والسبزواري..)). نقول: لقد بيّن الأئمة (عليهم السلام) لشيعتهم قواعد يعملون بها في كيفية أخذ الأخبار عنهم وأيضاً كيفية العمل عند تعارض الادلة وغيرها, وليس ذلك إلا لعلمهم بما سيجري على شيعتهم من الملاحقة والمطاردة واندراس الأخبار وضياع الأصول الأمر الذي يوجب الاختلاف في نقل الحديث عنهم (عليهم السلام).. وعلى هذا المنوال يجري التحقيق عند علماء الطائفة أعزهم الله.. فالمسألة ليست كما يتصور هذا المستشكل, وانما هناك ضوابط وقواعد يعود إليها العلماء للعمل بالآثار الواردة عن الأئمة (عليهم السلام), وان كان هناك شيء من الاختلاف في اعتبار بعضها دون بعض فهو لجانب علمي سائغ يوجبه النظر والاجتهاد والتفقه في الدين الذي ندب الله المولى سبحانه عباده إليه بقوله: (( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون )) (التوبة, الآية 122). وبعد هذا نقول: انه لو كان أسياد المستشكل من الأمويين العباسيين قد فسحوا المجال لائمة أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم في نشر الأحاديث وحفظها لرأينا إلى الآن تلك المخطوطات النادرة يتناقلها المحدَّثون جيلاً بعد جيل. ولكن الظالمين وولاة الجور حالوا بين الأئمة (عليهم السلام) وأصحابهم وهذه المهمة ... ويكفيك أن تطالع في هذا الجانب قصة محمد بن أبي عمير أحد الرواة المعتمدين من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) وما جرى عليه من الملاحقة والمطارد ثم حبسه من قبل هارون (اللارشيد) لمدة اربع سنين الأمر الذي اضطرّ أخته إلى دفن كتبه التي دوّن فيها أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) كل هذه المدة مما ادى إلى هلاك تلك الكتب فاخذ بعد خروجه من سجن هارون يحدث الناس من حفظة وكان العلماء يعتمدون على مراسيله لعلمهم بأنه لا يرسل إلا عن ثقة.. فهذه قصة واحدة من مئات القصص التي تعرض لها اصحاب الأئمة( عليهم السلام) بل الائمة أنفسهم كانوا قد قضوا حياتهم مطاردين مشردين ومبعدين عن مدينة جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا أمر معلوم لمن قرأ سيرتهم وطالعها.. فهل يظن هذا المستشكل ان ائمتنا (عليهم السلام) كانوا يسكنون القصور ويعيشون فاكهين يسامرون الجواري والغلمان كما هو شأن أسياده من بني أميّة وبني العبّاس)). ان حياة أئمتنا (عليهم السلام) كانت حياة شاقّة وصعبة لم يعرفوا فيها طعم الراحة بسبب هؤلاء الحكام الطغاة الذين كان لا يروق لهم أن يجدوا الناس يلتفون حول الأئمة (عليهم السلام) يأتمرون بأمرهم وينتهون بنهيهم.. ونكتفي بهذا الإيجاز في الإجابة على هذه الإشكالات الواردة في هذه الرسالة وإلا فالحديث طويل وذو شجون. ودمتم في رعاية الله

3