logo-img
السیاسات و الشروط
كرار ( 18 سنة ) - العراق
منذ سنة

ظلم الأهل

السلام عليكم أهلي جعلوني أمر بظروف تجعلني أفكر ليلاً ونهاراً بالانتحار لدرجة أصبحت أحقد عليهم واكرههم ووصلت إلى أن أقول لهم ذلك لأني لم أعد أتحمل لو أبقيت هذا الكلام بداخلي لكنت انتحرت، والذي زادني حقداً هو أنهم يسألون لماذا اكرههم يريدوني اشرح لهم معاناة 13 سنة تفكير بالانتحار بكلمة واحدة. قررت أن علاقتي معهم فقط أن أجلس معهم على الطعام والسلام حسب الحاجة أما غير ذلك من بر الوالدين وغيره -صراحة- لا أستطيع، فليس لهم حق لأنهم لم يبروا بي لدرجه عمري 7 سنين وأريد أن انتحر، هل مصيري النار أم الجنة؟


وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب ولدي العزيز، الخطأ لا يعالج بخطأ يقول تعالى: ﴿ … وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (الانعام: ١٦٤). ولدي المبارك، لا تفكيرك بالانتحار تفكير صحيح ولا الحقد على الوالدين شيء صحيح وكلا الأمرين لا يصدر من شخص عاقل مؤمن يعتقد بأن الله تعالى سوف يحاسبه على كل ما يصدر منه من أفعال صغيرة كانت أو كبيرة، يقول تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾ (الكهف: ٤٩). فالمؤمن عليه ان يعمل وفق ما يعتقد به واعتقادنا بأن قتل النفس (الإنتحار) حرام شرعاً ومن الكبائر، وإن وعقوق الوالدين حرام أيضاً. وعليه -ولدي العزيز- لا بد أن نبحث عن الحلول الصحيحة التي تواجهنا في هذه الدنيا. واعلم ان هذه الدنيا محفوفة بالمكاره ولا يسلم من آلامها أحد حتى الصفوة من خلق الله تعالى وهم الأنبياء (عليهم السلام) بل هم أشد بلاءً، يقول تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ﴾ (محمد: ٣١). وأنت إن قرأت القرآن ستعرف حجم الابتلاءات التي تعرض لها الأنبياء (عليهم السلام) وهم خيرة البشر فهذا نبينا الأكرم وهو أشرف الموجودات واعزها على الله تعالى وهو خاتم انبياءه ورسله يقول: "ما أوذي نبي مثل ما أوذيت" وفي قبال ذلك وعد الله الصابرين وعداً حسناً اذ قال: ﴿قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ (الزمر: ١٠). حاول قدر ما تتمكن أن تفرض محبتك داخل محيط الأسرة وأن يعاملوك بمنتهى الاحترام وذلك من خلال طبيعة معاملتك معهم فحينما تعامل والديك باحترام وتعبر عن محبتك واحترامك لهما وهو واجب (شرعاً) على الأبناء والاحسان وعدم الإساءة لهما حيث يقول تعالى: ﴿وَقَضى‏ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً﴾ (الاسراء: ٢٣). واعلم أن بتعاملنا الحسن مع الوالدين وإن كانا مسيئين بل إنما نعمل بأخلاق القرآن وأخلاق النبي وأهل بيته عليه وعليهم صلوات الله وسلامه فقد كان الصفح والعفو عن المسيء والاحسان اليه والتسامح شعاراً بارزاً في سيرتهم (عليهم السلام) حيث أن ذلك من مكارم الاخلاق ومحامد الصفات التي امرنا بها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه واله واهل بيته عليهم السلام وهكذا كانت سيرتهم عليهم السلام ، فقد قال تعالى ( وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) الشورى ٤٠ وقال تعالى ( إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً ) النساء ٤٩ وقال تعالى ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ال عمران ١٣٩ وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ( ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟: العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك ) وعن الإمام الصادق عليه السلام ( ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة: تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتحلم إذا جهل عليك ) وعن رسول الله صلى الله عليه وآله ( إذا أوقف العباد نادى مناد: ليقم من أجره على الله وليدخل الجنة، قيل: من ذا الذي أجره على الله؟ قال: العافون عن الناس ) وعنه صلى الله عليه وآله (رأيت ليلة أسري بي قصورا مستوية مشرفة على الجنة، فقلت: يا جبرئيل لمن هذا؟ فقال: للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) وعنه صلى الله عليه وآله ( عليكم بالعفو، فإن العفو لا يزيد العبد إلا عزا، فتعافوا يعزكم الله ) وعنه صلى الله عليه وآله ( من عفا عن مظلمة أبدله الله بها عزا في الدنيا والآخرة ) وخلاصة القول هي * ان الخطأ لا يعالج بخطاء اخر * ان التفكير بالانتحار والحقد على الوالدين وعدم برهما كلا الامرين حرام لاينبغي ان يصدر من مؤمن * اول مراحل التغيير هي ان تعرف ان ما تمر به هو ابتلاء فتواجهه بالرضى وبالصبر والحكمة * عليك ان تسعى لكسب محبة الاخرين واحترامهم * عليك بحسن الخلق وحسن المعاشرة ومداراة من حولك * عليك بالتجاوز عن المسيء والعفو عنه وكظم الغيظ * و النتيجة حينها ستكون مرضية وسترى ذلك ان شاء الله تعالى ... المزید أصلح الله تعالى امرك وفرج عنك

4