( 16 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

القسم بغير الله

السلام عليكم . هل الحلف بغير الله شرك ؟ و لماذا ؟


عليكم السلام … الحلف بغيره سبحانه في الكتاب العزيز والسنّة النبوية، مذكور كثيراً ،أمّا الكتاب فقد حلف بأشياء كثيرة، وأمّا السنّة فقد حلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غير مورد بغير اسم اللّه.… فقد أخرج مسلم في صحيحه: أنّه جاء رجل إلى النبي، فقال: يا رسول اللّه أي الصدقة أعظم أجراً؟ فقال: أما ـ و أبيك ـ لتنبئنَّه أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء و أخرج مسلم أيضاً: جاء رجل إلى رسول اللّه ـ من نجد ـ يسأل عن الاِسلام، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: خمس صلوات في اليوم والليل. فقال: هل عليَّ غيرهنّ؟ قال: "لا...إلاّ أن تطوع"، وصيام شهر رمضان".فقال: هلّ عليَّ غيره؟ قال: "لا... إلاّ تطوّع، وذكر له رسول اللّه الزكاة. فقال الرجل: هل عليّ غيره؟ قال: "لا... إلاّ أن تطوّع".فأدبر الرجل وهو يقول: واللّه لا أزيد على هذا ولا أنقص منه. فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله : أفلح ـ وأبيه ـ إن صدق. أو قال: دخل الجنة ـ و أبيه ـ إن صدق. وقد حلف غير واحد من الصحابة بغيره سبحانه، فهذا أبو بكر بن أبي قحافة على ما يرويه مالك في موطّئه: أنّ رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر فشكا إليه أنّ عامل اليمن قد ظلمه، فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق.… وهذا الامام علي بن أبي طالب عليه السلام قد حلف بغيره سبحانه في غير واحد من خطبه فقال: ولعمري ما علي ّمن قتال من خالف الحق وخابط الغي من إدهان ولا إيهان و لعمري ما تقادمت بكم ولا بهم العهود.… إلى غير ذلك من الاَقسام الواردة في كلامه عليه السلام وسائر أئمّة أهل البيت عليهم السلام. ومجمل القول: إنّ الكتاب العزيز هو الاَُسوة للمسلمين عبر القرون، فإذا ورد فيه الحلف من اللّه سبحانه بغير ذاته سبحانه من الجماد (كالقمر )والنبات (كالتين )والاِنسان (بعمر النبي محمد) فيستكشف منه أنّه أمر سائغ لا يمت إلى الشرك بصلة، وتصوّر جوازه للّه سبحانه دون غيره أمر غير معقول، فانّه لو كان حقيقة الحلف بغير اللّه شركاً فالخالق والمخلوق أمامه سواء. نعم الحلف بغير اللّه لا يصحّ في القضاء وفضّ الخصومات، بل لابدّمن الحلف باللّه جلّ جلاله أو بإحدى صفاته التي هي رمز ذاته، وقد ثبت هذا بالدليل ولا علاقة له بالبحث. وأمّا المذاهب الفقهية فغير مجمعين على أمر واحد. أمّا الحنفية، فقالوا: بأنّ الحلف بالاَب والحياة، كقول الرجل: وأبيك، أو: وحياتك وما شابه، مكروه. وأمّا الشافعية، فقالوا: بأنّ الحلف بغير اللّه ـ لو لم يكن باعتقاد الشرك ـ فهو مكروه. وأمّا المالكية، فقالوا: إنّ في القسم بالعظماء والمقدسات ـ كالنبي و الكعبة ـ فيه قولان: الحرمة والكراهة، والمشهور بينهم: الحرمة. وأمّا الحنابلة، فقالوا: بأنّ الحلف بغير اللّه وبصفاته سبحانه حرام، حتى لو كان حلفاً بالنبي أو بأحد أولياء اللّه تعالى. هذه فتاوى أئمّة المذاهب الاَربعة. ولا يخفى انّ العرب كانت تعظم هذه الاَشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون. وانّ الاِقسام إنّما تكون بما يعظمه المقسم أو يُجلُّه وهو فوقه واللّه تعالى ليس شيء فوقه، فأقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته، لاَنّها تدل على بارئ وصانع وبما أنه بغير ذاته فالحلف بغيره تعالى جائز…

6