logo-img
السیاسات و الشروط
السلام على مكسورة الضلع ( 19 سنة ) - العراق
منذ 4 سنوات

سوء الظن*

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما لمراد بسوء الظن وما حكمه؟


سوء الظن من الذنوب والأمراض القلبية الخطيرة، والتي صرّحت بها الآيات بمواضع عديدة من القرآن الكريم، من قبيل قوله تعالى: ﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾،(الحجرات:آية١٢)، كما أوضحت الروايات أيضاً مفاسد ذلك الذنب وطريق الخلاص منه. والمفهوم من سوء الظن هو: أنّه إذا صدر من شخصٍ فعلٍ معيّن، فإنّه يحتمل الوجهين الصحيح والسقيم، فإذا حملناه على المحمل السقيم وفسـرّناه بالتفسير السيّئ کان ذلك إثماً، وموجِباً للعقاب. کما أنّ دائرة سوء الظن واسعة جدّاً ولا تنحصـر في ممارسة العبادات فقط، بل تستوعب في مصاديقها ومواردها المسائل الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والسياسية أيضاً، كما هو الحال في حسن الظن وسعة مجاله أيضاً، وهو وظيفة المسلم تجاه الآخرين. والمراد بسوء الظنّ المحرّم هو: عقد القلب وحكمه عليه بالسوء من غير يقين، وبمعنى آخر: ليس لك أن تعتقد في غيرك سوءاً إلّا إذا انكشف لك بعيان لا يحتمل التأويل، وما لم تعلمه، ثمّ وقع في قلبك، فالشيطان يلقيه، فينبغي أن تكذبه، فإنّه أفسق الفسّاق، فلا يجوز تصديقه، ولا يجوز إساءة الظنّ بالمسلم. وقد أشارت الآيات القرآنية إلى سوء الظن كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾.( الحجرات:آية١٢) ،وكذلك قوله تعالى: ﴿وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً﴾.(الفتح:آية١٢). وقد بيّنت الروايات الشريفة أثر هذة الظاهرة المنهي عنها كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: "لَا يُفسِدُكَ الظَّنُ‏ عَلَى صَدِيقٍ وَقَد أَصلَحَكَ اليَقِينُ لَهُ وَمَن وَعَظَ أَخَاهُ سِرّاً فَقَد زَانَهُ وَمَن وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَد شَانَهُ".(الريشهري،ميزان الحكمة:ج٤،ص٣٥٩٩). وعنه (عليه السلام) قال: "مَن عَرَّضَ نَفسَهُ لِلتُّهَمَةِ فَلَا يَلُومَنَّ مَن أَسَاءَ بِهِ الظَّنَ‏ وَمَن كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الخِيَرَةُ فِي يَدِهِ".(الحر العاملي،وسائل الشيعة:ج١٢،ص٣٦). وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: "إِنَّ المُؤْمِنَ أَخُ الْمُؤْمِنِ لَا يَشتِمُهُ وَلَا يَحرِمُهُ وَلَا يُسِي‏ءُ بِهِ الظَّنَ‏".(الحرّاني،تحف العقول:صّ٢٩٦). وحكمه: كل قول وعمل يُسمع أو يُرى من مسلم، ويترك احتمالاً بصحته، فيُحمل على الفساد، فالإعتقاد به حرام. وسوء الظن من حيث هو، دون أن يظهر أثره في قول، أو فعل ما هو بمحرّم، وصاحبه غير مسؤول عنه؛ لأنّ الإنسان لا حرية له في ظنونه وتصوراته، وإنّما توحي بها الظروف والأسباب الخارجة عن إرادته واختياره، فعليه أن لا يعوّل على ظن السوء، ويعتبره كأنّه لم يكن، وإذا عوّل عليه وظهر أثر ذلك في قول، أو فعل كان مسؤولاً، ومستحقاً للذم والعقاب.

11