يوسف - قطر
منذ 4 سنوات

 معنى حديث (مالكم وللرئاسات انما الناس رأس واحد)

تحية طيبة وبعد، هل صحيح أن رسول الله (ص) قال : (امرت أن اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله إلا الله وان محمد رسول الله) ؟ وهل يتفق هذا مع قول الله تعالى .. (( لكم دينكم ولي دين )) و (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) و (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )) و (( فإن توَلَّوْا فقل حسبي الله، لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم )) وشكرا لكم ..


الأخ يوسف المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول صاحب تفسير (الميزان ج2/ص65): ((كان القرآن يأمر المسلمين بالكف عن القتال والصبر على كل اذى في سبيل الله سبحانه كما قال سبحانه وتعالى: (( قُل يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ * لَا أَعبُدُ مَا تَعبُدُونَ * وَلَا أَنتُم عَابِدُونَ مَا أَعبُدُ )) (الكافرون:1-3) إلى قوله (( لَكُم دِينُكُم وَلِيَ دِينِ )) (الكافرون:6) وقال تعالى: (( وَاصبِر عَلَى مَا يَقُولُونَ )) (المزمل:10) وقال تعالى: (( أَلَم تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُم كُفُّوا أَيدِيَكُم وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيهِمُ القِتَالُ...)) (النساء:77) إلى أن يقول: ثم نزلت آيات القتال فمنها آيات القتال مع مشركي مكة ومن معهم بالخصوص كقوله تعالى: (( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُم ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصرِهِم لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ )) (الحج:39-40) ومن الممكن أن تكون هذه الآية نزلت في الدفاع الذي أمر به في بدر وغيرها... إلى أن يقول: ومنها ما يامر بقتال مطلق الكفار: (( قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِنَ الكُفَّارِ وَليَجِدُوا فِيكُم غِلظَةً )) (التوبة:123). وجملة الأمر أن القرآن يذكر أن الإسلام ودين التوحيد مبني على أساس الفطرة وهو القيم على إصلاح الإنسانية في حيوتها كما قال تعالى: (( فَأَقِم وَجهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لَا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لَا يَعلَمُونَ )) (الروم:30), فأقامته والتحفظ عليه أهم الحقوق الإنسانية المشروعة كما قال تعالى: (( شَرَعَ لَكُم مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ وَمَا وَصَّينَا بِهِ إِبرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَن أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )) (الشورى:13), ثم يذكر ان الدفاع عن هذا الحق الفطري المشروع حق اخر فطري, قال تعالى: (( وَلَولَا دَفعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَهُدِّمَت صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ )) (الحج:40), فبين أن قيام دين التوحيد على ساقه وحياة ذكره منوط بالدفاع ونظيره قوله تعالى: (( ولَولَا دَفعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُ )) (البقرة:251), وقال تعالى في ضمن آيات القتال : (( لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبطِلَ البَاطِلَ وَلَو كَرِهَ المُجرِمُونَ )) (الأنفال:8), ثم قال تعالى بعد عدة آيات: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا استَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحيِيكُم )) (الأنفال:24), فسمى الجهاد والقتال الذي يدعى له المؤمنون محيياً لهم,ومعناه أن القتال سواء كان بعنوان الدفاع عن المسلمين أو عن بيضة الإسلام أو كان قتالاً إبتدائياً كل ذلك بالحقيقة دفاع عن حق الإنسانية في حياتها,ففي الشرك بالله سبحانه هلاك الإنسانية وموت الفطرة وفي القتال وهو دفاع عن حقها إعادة لحياتها وإحيائها بعد الموت. ومن هناك يستشعر الفطن اللبيب: أنه ينبغي أن يكون للإسلام حكم دفاعي في تطهير الأرض من لوث مطلق الشرك وإخلاص الإيمان لله سبحانه وتعالى فإن هذا القتال الذي تذكره الآيات المذكورة إنما هو لإماتة الشرك الظاهر من الوثنية, ولإعلاء كلمة الحق على كلمة أهل الكتاب بحملهم على إعطاء الجزية مع أن آية القتال معهم تتضمن أنهم لايؤمنون بالله ورسوله ولا يدينون دين الحق فهم وإن كانوا على التوحيد لكنهم مشركون بالحقيقة مستبطنون ذلك والدفاع عن حق الإنسانية الفطري يوجب حملهم على الدين الحق )). إلى أن يقول: (( وبما مر من البيان يظهر الجواب عما ربما يورد على الإسلام في تشريعه الجهاد بأنه خروج عن طور النهضات الدينية المأثورة عن الأنبياء السالفين فإن دينهم إنما كان يعتمد في سيره وتقدمه على الدعوة والهداية دون الإكراه على الإيمان بالقتال المستتبع للقتل والسبي والغارات ولذلك ربما سمى بعضهم كالمبلغين من النصارى بدين السيف والدم وآخرون بدين الاجبار والإكراه ! وذلك أن القرآن يبين أن الإسلام مبني على قضاء الفطرة الإنسانية التي لا ينبغي أن يرتاب أن كمال الإنسان في حياته هو ما قضت به وحكمت ودعت إليه وهي تقتضي بأن التوحيد هو الأساس الذي يجب بناء القوانين الفردية والإجتماعية عليه, وأن الدفاع عن هذا الأصل بنشره بين الناس وحفظه من الهلاك والفساد حق مشروع للإنسانية يجب استيفائه بأي وسيلة ممكنة, وقد روعي في ذلك طريق الإعتدال, فبدأ بالدعوة المجردة والصبر على الأذى في جنب الله ثم الدفاع عن بيضة الإسلام ونفوس المسلمين وأعراضهم وأموالهم ثم القتال الإبتدائي الذي هو دفاع عن حق الإنسانية وكلمة التوحيد ولم يبدأ بشيء من القتال الإ بعد إتمام الحجة بالدعوة الحسنة كما جرت عليه السنة النبوية, قال تعالى: (( ادعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ )) (النحل:125) والآية مطلقة, وقال تعالى: (( لِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحيَى مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ )) (الأنفال:43). وأما ما ذكروه من استلزامه الإكراه عند الغلبة، فلا ضير فيه بعد توقف احياء الإنسانية على تحميل الحق المشروع على عدة من الافراد بعد البيان وإقامة الحجة البالغة عليهم وهذه الطريقة دائرة بين الملل والدول فإن المتمرد المتخلف عن القوانين المدنية يدعى إلى تبعيتها ثم يحمل عليه بأي وسيلة امكنت ولو انجر إلى القتال حتى يطيع وينقاد طوعاً وكرهاً, على أن الكره إنما يعيش ويدوم في طبقة واحدة من النسل ثم التعليم والتربية الدينيان يصلحان الطبقات الآتية بانشائها على الدين الفطري وكلمة التوحيد طوعاً. وأما ما ذكروه أن سائر الأنبياء جروا على مجرد الدعوة والهداية فقط، فالتأريخ الموجود من حياتهم يدل على اتساع نطاقهم بحيث يجوز لهم القيام بالقتال)... إلى أن يقول ( على أن جمعاً من الأنبياء قاتلوا في سبيل الله تعالى كما تقصد التوراة والقرآن يذكر طرفاً منه. قال تعالى: (( وَكَأَيِّن مِن نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا استَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَولَهُم إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغفِر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِي أَمرِنَا وَثَبِّت أَقدَامَنَا وَانصُرنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ )) (آل عمران:146-147), وقال تعالى - يقص دعوة موسى قومه إلى قتال العمالقة: (( وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَومِهِ... إلى أن قال.. يَا قَومِ ادخُلُوا الأَرضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُم وَلَا تَرتَدُّوا عَلَىٰ أَدبَارِكُم فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ... إلى أن قال تعالى.. قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَدخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذهَب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ )) (المائدة), وقال تعالى: (( أَلَم تَرَ إِلَى المَلَإِ مِن بَنِي إِسرَائِيلَ مِن بَعدِ مُوسَى إِذ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابعَث لَنَا مَلِكًا نُقَاتِل فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) (البقرة:246) إلى آخر قصة طالوت وجالوت. وقال تعالى في قصة سليمان وملكه سبأ: (( أَلَّا تَعلُوا عَلَيَّ وَأتُونِي مُسلِمِينَ )) (النمل:31) إلى أن قال تعالى: (( ارجِع إِلَيهِم فَلَنَأتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخرِجَنَّهُم مِنهَا أَذِلَّةً وَهُم صَاغِرُونَ )) (النمل:37), ولم يكن هذا الذي كان يهددهم بها بقوله: (( فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها... الا قتالا ابتدائياً عن دعوة ابتدائية )) (الميزان/ ج2 / ص 64-69). ووفق هذا البيان الذي أوضحه صاحب الميزان فإن حديث (امرت أن أقاتل الناس...) لا يتعارض مع المنهج القرآني وكون رسول الله (صلى الله عليه وآله) رحمة للعالمين هو هدايتهم إلى طريق التوحيد لا إبقائهم على الضلال والكفر وحرصه هو إشاعة دين التوحيد ونشر العبودية لله دون غيره. ودمتم في رعاية الله

1