بهاء - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 مفهوم الجهاد في الاسلام وبعض أحكامه

ما حكم جواز الجهاد الابتدائي على الكفار او الكتابيين في زمننا هذا وسبي نسائهم ... الخ؟ وما مدى تعارضه مع النصوص القرانية التي اوجبت السلم والتعايش والمحبة واحترام الانسان (( لَا إِكرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ )) (البقرة:256).  وكذلك حقوق الانسان في العيش كون الله سبحانه وتعالى يرزق من ساله او من لم يساله تحننا منه ورحمة سواءا كان مسلما او كافرا؟


الأخ بهاء المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اختلف الفقهاء في الجهاد الابتدائي هل يجوز في زمن الغيبة ام لا وبعبارة اخرى هل يشترط في الجهاد الابتدائي اذن الامام المعصوم ام لا.. ومن تلك الروايات التي استفاد الفقهاء منها عدم الجواز الا باذن الامام المعصوم : أولاً: عن الرضا (عليه السلام) في كتابه إلى المأمون : " والجهاد واجب مع الإمام العادل ( العدل خ . ل ) . " ثانياً: وفى خبر بشير عن أبى عبد اللّه (عليه السلام) قال : " قلت له : إِنّي رأيت في المنام أنّى قلت لك : ان القتال مع غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فقلت لي : نعم، هو كذلك ؟ فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام) : هو كذلك، هو كذلك . " ثالثاً: وفى خبر أبى بصير عن أبى عبد اللّه (عليه السلام) عن آبائه، قال : " قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم ولا ينفذ في الفىء أمر اللّه - عزَّ وجلَّ -، فإنه إِن مات في ذلك المكان كان معيناً لعدوّنا في حبس حقّنا والإشاطة بدمائنا وميتته ميتة جاهلية . " رابعاً: وفى خبر سماعة عن أبى عبد اللّه (عليه السلام) قال : " لقى عباد البصري علىّ بن الحسين (عليه السلام) في طريق مكة فقال له : يا علىّ بن الحسين، تركت الجهاد وصعوبته، و أقبلت على الحج ولينه، ان اللّه - عزَّ وجلَّ - يقول : " إِن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل اللّه . " الآية . فقال على بن الحسين (عليه السلام) : أتمّ الآية، فقال : " التائبون العابدون " الآية . فقال على بن الحسين (عليه السلام) : إذا رأينا هؤلاء الّذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج . " لذا صرح بعض الفقهاء بعدم كفاية اذن الفقيه بل لابد من اذن الامام المعصوم ففي الجواهر 21 /13 قال : بل في المسالك وغيرها عدم الاكتفاء بنائب الغيبة، فلا يجوز له توليه بل في الرياض نفي علم الخلاف فيه حاكيا له عن ظاهر المنتهى وصريح الغنية إلا من أحمد في الأول، قال وظاهرهما الاجماع، مضافا إلى ما سمعته من النصوص المعتبرة وجود الإمام ... . لكن السيد الخوئي في منهاج الصالحين 1 /363 عمم الجهاد الى زمن الغيبة فقال : ( إن الجهاد مع الكفار من أحد أركان الدين الاسلامي وقد تقوى الاسلام وانتشر أمره في العالم بالجهاد مع الدعوة إلى التوحيد في ظل راية النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ومن هنا قد اهتم القرآن الكريم به في ضمن نصوصه التشريعية، حيث قد ورد في الآيات الكثيرة وجوب القتال والجهاد على المسلمين مع الكفار المشركين حتى يسلموا أو يقتلوا، ومع أهل الكتاب حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ومن الطبيعي أن تخصيص هذا الحكم بزمان مؤقت وهو زمان الحضور لا ينسجم مع اهتمام القرآن وأمره به من دون توقيت في ضمن نصوصه الكثيرة، ثم إن الكلام يقع في مقامين : المقام الأول : هل يعتبر إذن الإمام (عليه السلام) أو نائبه الخاص في مشروعية أصل الجهاد في الشريعة المقدسة ؟ فيه وجهان : المشهور بين الأصحاب هو الوجه الأول . وقد استدل عليه بوجهين : الوجه الأول : دعوى الاجماع على ذلك . وفيه : إن الاجماع لم يثبت، إذ لم يتعرض جماعة من الأصحاب للمسألة، ولذا استشكل السبزواري في الكفاية في الحكم بقوله : ويشترط في وجوب الجهاد وجود الإمام (عليه السلام) أو من نصبه على المشهور بين الأصحاب، ولعل مستنده أخبار لم تبلغ درجة الصحة مع معارضتها بعموم الآيات، ففي الحكم به إشكال . ثم على تقدير ثبوته فهو لا يكون كاشفا عن قول المعصوم عليه السلام، لاحتمال أن يكون مدركه الروايات الآتية فلا يكون تعبديا . نعم، الجهاد في عصر الحضور يعتبر فيه إذن ولي الأمر، النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام عليه السلام بعده . الوجه الثاني : الروايات التي استدل بها على اعتبار إذن الإمام عليه السلام في مشروعية الجهاد، والعمدة منها روايتان : الأولى : رواية سويد القلاء، عن بشير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال : قلت له : إني رأيت في المنام أني قلت لك : إن القتال مع غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فقلت لي : نعم هو كذلك . فقال أبو عبد الله عليه السلام : " هو كذلك، هو كذلك " . وفيه : إن هذه الرواية مضافا إلى إمكان المناقشة في سندها على أساس أنه لا يمكن لنا إثبات أن المراد من بشير الواقع في سندها هو بشير الدهان، ورواية سويد القلاء عن بشير الدهان في مورد لا تدل على أن المراد من بشير هنا هو بشير الدهان، مع أن المسمى ب‍ ( بشير ) متعدد في هذه الطبقة ولا يكون منحصرا ب‍ ( بشير ) الدهان . نعم، روى في الكافي هذه الرواية مرسلا عن بشير الدهان وهي لا تكون حجة من جهة الارسال وقابلة للمناقشة دلالة، فإن الظاهر منها بمناسبة الحكم والموضوع هو حرمة القتال بأمر غير الإمام المفترض طاعته وبمتابعته فيه، ولا تدل على حرمة القتال على المسلمين مع الكفار إذا رأى المسلمون من ذوي الآراء والخبرة فيه مصلحة عامة للاسلام وإعلاء كلمة التوحيد بدون إذن الإمام عليه السلام كزماننا هذا . الثانية : رواية عبد الله بن مغيرة، قال محمد بن عبد الله للرضا (عليه السلام) وأنا أسمع : حدثني أبي، عن أهل بيته، عن آبائه أنه قال له بعضهم : إن في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين، وعدوا يقال له الديلم، فهل من جهاد ؟ أو هل من رباط ؟ فقال : عليكم بهذا البيت فحجوه . فأعاد عليه الحديث، فقال : عليكم بهذا البيت فحجوه، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته وينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله بدرا، وإن مات منتظرا لأمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات الله عليه، الحديث . ولكن الظاهر أنها في مقام بيان الحكم الموقت لا الحكم الدائم بمعنى أنه لم يكن في الجهاد أو الرباط صلاح في ذلك الوقت الخاص، ويشهد على ذلك ذكر الرباط تلو الجهاد مع أنه لا شبهة في عدم توقفه على إذن الإمام عليه السلام وثبوته في زمان الغيبة، ومما يؤكد ذلك أنه يجوز أخذ الجزية في زمن الغيبة من أهل الكتاب إذا قبلوا ذلك، مع أن أخذ الجزية إنما هو في مقابل ترك القتال معهم، فلو لم يكن القتال معهم في هذا العصر مشروعا لم يجز أخذ الجزية منهم أيضا . وقد تحصل من ذلك أن الظاهر عدم سقوط وجوب الجهاد في عصر الغيبة وثبوته في كافة الأعصار لدى توفر شرائط، وهو في زمن الغيبة منوط بتشخيص المسلمين من ذوي الخبرة في الموضوع أن في الجهاد معهم مصلحة للاسلام على أساس أن لديهم قوة كافية من حيث العدد والعدة لدحرهم بشكل لا يحتمل عادة أن يخسروا في المعركة، فإذا توفرت هذه الشرائط عندهم وجب عليهم الجهاد والمقاتلة معهم . وأما ما ورد في عدة من الروايات من حرمة الخروج بالسيف على الحكام وخلفاء الجور قبل قيام قائمنا صلوات الله عليه فهو أجنبي عن مسألتنا هذه وهي الجهاد مع الكفار رأسا، ولا يرتبط بها نهائيا . المقام الثاني : أنا لو قلنا بمشروعية أصل الجهاد في عصر الغيبة فهل يعتبر فيها إذن الفقيه الجامع للشرائط أو لا ؟ يظهر من صاحب الجواهر ( قدس سره ) اعتباره بدعوى عموم ولايته بمثل ذلك في زمن الغيبة . وهذا الكلام غير بعيد بالتقريب الآتي، وهو أن على الفقيه أن يشاور في هذا الأمر المهم أهل الخبرة والبصيرة من المسلمين حتى يطمئن بأن لدى المسلمين من العدة والعدد ما يكفي للغلبة على الكفار الحربيين، وبما أن علمية هذا الأمر المهم في الخارج بحاجة إلى قائد وآمر يرى المسلمين نفوذ أمره عليهم، فلا محالة يتعين ذلك في الفقيه الجامع للشرائط، فإنه يتصدى لتنفيذ هذا الأمر المهم من باب الحسبة على أساس أن تصدى غيره لذلك يوجب الهرج المرج ويؤدي إلى عدم تنفيذه بشكل مطلوب وكامل ) انتهى. وبعد هذا الاستعراض للروايات وآراء الفقهاء فان كان الجهاد الابتدائي يشترط فيه وجود الامام المعصوم وتحصيل الاذن منه فلا معنى للاعتراض اذن على تصرف الامام المعصوم فهو الذي يعلم متى يحق لنا مقاتلة الكفار ولا يعارض هذا مع القرآن الكريم لان الامام المعصوم هو القرآن الناطق فهو الذي يوضح لنا متى تعمل آيات الجهاد وعلى من وكيف تطبق آيات عدم الاكراه. وفي كتاب (الحداثة، العولمة، الارهاب في ميزات النهضة الحسينية) للشيخ محمد السند قال في ص275 : أنّ الجهاد الابتدائي ليس معناه الابتداء بالعدوان، وإن كانت كلمة ( الابتدائي ) توحي للسامع هذا المعنى، والمعنى الصحيح لهذا المصطلح هو بدء إظهار القوّة العسكريّة وإظهار لغة القوّة، ولكنّ هذا المصطلح لا يتضمّن البدء بالحرب، بل يعني استعمال الاُسلوب الضاغط واُسلوب القوّة في معالجة عدم خضوع الطرف الآخر - الذي يعادي المسلمين لميزان العدالة في التعامل مع المسلمين . الجهاد الابتدائي وخلفيّاته في الواقع أنّ الجهاد الابتدائي له خلفيّة حقوقيّة دفاعيّة، بمعنى إذا تعرّضت حقوق المسلمين أو المستضعفين للانتهاك، فلا يبقى حالهم على ما هو عليه، بل لا بدّ من التصدّي لذلك، فإذا لم يستجب الطرف الآخر لإقامة النظام السياسي العادل حسب العدالة الإسلاميّة - مثلاً واُقيمت الحجّة عليه، ولم يستجب للغة الإنصاف والعدل، فمن الواضح أنّ الإسلام لن يبقى على طبيعته الأوّليّة، وهي الحوار والتعقّل والرفق واللين ; لأنّ من المفترض أنّ الحجّة قد اُقيمت ولم ينفع الخطاب العقلاني مع الطرف الآخر، ولم يبق مجال إلاّ لمنطق القوّة والساحات العسكريّة، ولأنّ استخدام لغة القوّة يهدف إلى كبح جماح النزوات الغريزيّة الحيوانيّة في الطرف الآخر المعتدي، ولا يتضمّن استخدام القوّة في المفهوم الإسلامي إلاّ لأجل ذلك ولا يكون سبباً في إهلاك الحرث والنسل، فالقرآن الكريم يبغض وينهى عن إهلاك الحرث والنسل ; لأنّه مخالف لمفهوم الاصلاح الذي جاء به الإسلام . وقال في كتاب الصحابة بين العدالة والعصمة ص119 : مع إنّ الجهاد الابتدائي ليس بمعنى الابتداء بالعدوان، بل إنّ الغطاء الحقوقي للجهاد الابتدائي هو الدفاع الحقوقي، وإن كان ابتداء الحرب من المسلمين بمعنى الضغط على الكفّار تحت تأثير القوّة، لكن ليس هو ابتداء عدوان، بل ابتداء الضغط بالقوّة لردّ العدوان الذي مارسه الكفّار تجاه المسلمين في ما سبق، فالابتداء في استخدام القوّة أمر، والابتداء في العدوان أمر آخر . و أمّا التمسّك بسيرة النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فلقد خلط أصحاب هذه المقولة بين الجهاد الابتدائي في مصطلح الفقهاء وبين العدوان الابتدائي الحقوقي، فالثاني لم يكن في سيرته (صلى الله عليه وآله)، أمّا الأوّل ; فغزوة « بدر » أعظم الغزوات كانت ابتداء في استخدام القوّة منه (صلى الله عليه وآله) ردّاً على مصادرة أموال المسلمين في مكّة التي قام بها كفّار قريش، وردّاً على الغارات المباغتة التي كان يقوم بها أفراد منهم على أطراف المدينة، ونحو ذلك، لكنّ ذلك لا يستوجب تصنيف غزوة « بدر » في الجهاد الدفاعي وإخراجه عن الابتدائي بالمصطلح الفقهي ; إذ لكلّ شرائط تختلف عن الآخر، وكذا غزوة « خيبر » وغزوة « حنين » وغزوة « تبوك » وغيرها من الغزوات الكبرى أو الوسطى والصغيرة، وقوله تعالى في سورة الأنفال صريح في ذلك : (( كَمَا أَخرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيتِكَ بِالحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ المُؤمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوتِ وَهُم يَنظُرُونَ * وَإِذ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحدَى الطَّائِفَتَينِ أَنَّهَا لَكُم وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوكَةِ تَكُونُ لَكُم وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبطِلَ البَاطِلَ وَلَو كَرِهَ المُجرِمُونَ )) (الأنفال:5-8); فإنّ خروج قريش للحرب كان بعد انتداب أبي سفيان لحماية قافلة التجارة التي كان فيها عندما سمع بخروج المسلمين للاستيلاء عليها ابتداءً انتقاماً لِما فعل المشركون بهم . و قوله تعالى : (( فَليُقَاتِل فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشرُونَ الحَيَاةَ الدُّنيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِل فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقتَل أَو يَغلِب فَسَوفَ نُؤتِيهِ أَجرًا عَظِيمًا * وَمَا لَكُم لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالمُستَضعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخرِجنَا مِن هَذِهِ القَريَةِ الظَّالِمِ أَهلُهَا وَاجعَل لَنَا مِن لَدُنكَ وَلِيًّا وَاجعَل لَنَا مِن لَدُنكَ نَصِيرًا )) (النساء:74-75) . فإنّ هذه الآيات تفيد الغطاء الحقوقي الدفاعي للجهاد الابتدائي . ودمتم في رعاية الله