( 19 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

عصمة النبي والامام وسبب اختيار الله له

سؤالي فيما يخص العصمة، هل عصمة النبي(صلى الله عليه وآله )أو الإمام (عليه السلام)هي عصمة من الولادة، أي وهبهُ الله العصمة منذ ولادته، أم هي مكتسبة ؟ وإشكالي هنا في حال كانت منذ الولادة فلماذا اختير الإمام عن سائر الخلق، أو ما سبب اختياره وهبة العصمة له؟


بسم الله الرحمن الرحيم وعليك السلام ورحمة الله وبركاته اهلا بكم في تطبيقكم المجيب قبل الجواب نذكر لكم تعريف العصمة عَرَّف علماؤنا العصمة: بأنها لطف يفعله الله بالمكلف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليهما. قال تعالى: ((وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)) (النساء:113). وهذا اللطف الإلهي يكون للمعصومين من الأنبياء والاوصياء لا يفرق فيه بين كونها صغيرا او كبيرا فلا يمكن صدور المعصية من النبي او الامام (عليهم السلام) في كل حياته والسبب في ذلك ان فرض معصيته في أي زمن الازمان يجعل الناس تنفر منه فيما لو ادعى النبوة او الامامة فان من كان يعصي ويكذب ويصدر منه الذنب وجاء وقال اني نبي فان هذا لا يكون مصدقا بعد ان قلت بجواز انه يعصي ولذا النبي (صلى الله عليه واله وسلم) كان معرفا قبل البعثة بالصادق الأمين فلو لم يكن كذلك لما كان مصداقا عند قومه ولكان متهما وكل ما ياتيهم به من الله يمكن ان يتهموه بانك كنت تكذب سابقا والان قد تكون كاذبا أيضا ولا يمكن ان يكون قدوة للناس فان الذي تصدر منه المعاصي في السابق والان يقول لهم انا نبي او امام فاقتدوا بي فانك تشعر ان هكذا شخص لا يمكن ان يكون قدوة للناس في دينهم واذا كان كل هذا انتفت الحكمة من ارساله نبيا للناس او تنصيبه اماما للناس فيسمى بنقض الغرض فان الغرض هو هداية الناس وان ياخذوا بكلامه وان يقتدوا به وفرض المعصية السابقة تنفي كلا الامرين ولا تكون هناك فائدة من ارساله وتنصيبه. اما سؤالكم انه لو كان معصوما من الصغر فلماذا اختاره الله تعالى عن سائر خلقه؟ ان الله تعالى لا يعطي العصمة بالمجان ولا يجعلها في أي كان بل الله تعالى لعلمه ان هؤلاء لن يرتكبوا في حياتهم معصية وقبل ان يولدوا يعلم بكل تفاصيل حياتهم وان هؤلاء سوف يختارون كل طاعة ويتركون كل معصية لشدة ما سوف يحصلون عليه من الايمان فعطاء الله تعالى لهم انما كان لامتيازاتهم الخاصة التي يحصلون عليها باختيارهم وهذا ما بينه عليه الامام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في اول دعاء الندبة : (اَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْليماً، اَللّـهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما جَرى بِهِ قَضاؤكَ في اَوْلِيائِكَ الَّذينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدينِكَ، اِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزيلَ ما عِنْدَكَ مِنَ النَّعيمِ الْمُقيمِ الَّذي لا زَوالَ لَهُ وَلاَ اضْمِحْلالَ، بَعْدَ اَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ في دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَزُخْرُفِها وَزِبْرِجِها،) فالدعاء يبين ان الله شرط عليهم وياتي الجواب في تتمت الدعاء (فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفاءَ بِهِ) فبعد ان شرطوا لله تعالى والله تعالى علم بعلمه الغيبي انه يوفون بما اخذوا على انفسهم كان النتيجة: (فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ، وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ وَالثَّناءَ الْجَلِىَّ، وَاَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ وَكَرَّمْتَهُمْ بِوَحْيِكَ، وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ، وَجَعَلْتَهُمُ الذَّريعَةَ اِلَيْكَ وَالْوَسيلَةَ اِلى رِضْوانِكَ) فيتضح ان الله تعالى لما علم منهم الوفاء بما شرطه عليهم كانت لهم هذه المقامات العالية وهي ان الله قبلهم وانه تعالى قربه اليه وقدم لهم الذكر العلي والثناء الجلي وكان سببا لهبوط الملائكة عليهم وزادهم تكريما بنزول الوحي عليهم وليس المراد من الوحي في الائمة عليهم السلام الوحي النبوي فانه انقطع برحيل النبي الخاتم صلى الله عليه واله واعطاهم العلم وجعلهم بعد ان علم الوفاء بكل ما يريده منهم ذريعة ووسيلة الى نيل الرضوان الالهي فيلاحظ انه تعالى اعطاهم كل هذه المقامات ورفدهم بكل هذا العطاء لعلمه بوفائهم وما هذا الا لان المهام التي توكل اليهم مهام عظيمة ولاجله اتاهم اللطف الالهي بعصمتهم وتطهيرهم من الرجس تطهيرا. تحياتي لكم ودمتم بحفظ الله ورعايته

4