السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٧ - الصفحة ٢٥٦-٢٥٧:
يزكون من مادة " تزكية " بمعنى تطهير، وتأتي أحياناً بمعنى التربية والتنمية، ففي الحقيقة إذا كانت التزكية مقترنة بالعمل فإنها تعتبر أمراً محموداً، وإلا لو كانت مجرد ادعاء وكلام فارغ فهي مذمومة.
النفس:
" تزكية النفس " قبيح إلى درجة أنها يضرب بها المثل! فيقال تزكية المرء نفسه قبيحة.
وأساس هذا العمل القبيح وأصله عدم معرفة النفس، لأن الإنسان إذا عرف نفسه حقاً تصاغر أمام عظمة الخالق ورأى أعماله لا شيء لما عليه من مسؤولية، ولما وهبه الله من النعم العظيمة، وإذا لما خطا أية خطوة نحو تزكية النفس.
والغرور والغفلة والاستعلاء والأفكار الجاهلية أيضاً بواعث أخر على هذا العمل القبيح!
وحيث أن تزكية النفس تكشف عن اعتقاد الإنسان بكماله فهي مدعاة إلى تخلفه! لأن رمز التكامل الاعتراف بالتقصير وقبول وجود النواقص والضعف!
ومن هنا نرى أولياء الله يعترفون بتقصيرهم أمام الله وما عليهم من وظائف من قبله! وينهون الناس عن تزكية النفس وتعظيم أعمالهم!.
فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير الآية الكريمة فلا تزكوا أنفسكم أنه قال: "لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته.. وصومه وزكاته ونسكه لأن الله (عزَّ وجلَّ) أعلم بمن اتقى".
ويقول الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في إحدى رسائله إلى معاوية مشيراً إلى هذا المضمون في ما يقول: "ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمة، تعرفها قلوب المؤمنين ولا تمجها آذان السامعين" يعني بذلك نفسه (عليه السلام)".
وفي هذا الصدد أوردنا بحثاً مفصلاً في هذا التفسير ذيل الآية 49 من سورة النساء فراجع إن شئت ".
ولا ننسى أن نقول إن الضرورات قد توجب على الإنسان أحياناً تزكية نفسه أمام الغير بكل ما لديه من امتيازات حتى لا تسحق أهدافه المقدسة، وبين هذا النوع من التعريف بالنفس وتزكية النفس المذموم اختلافاً كبيراً.
ومن أمثلة ذلك خطبة الإمام زين العابدين في مسجد بني أمية في الشام لما أراد أن يعرف نفسه وأهل بيته لأهل الشام ليحبط مؤامرة الأمويين بكون الحسين والشهداء معه خوارج ويفضحهم!!
وقد ورد في بعض الروايات أنه سئل الإمام الصادق عن " تزكية النفس " فقال نعم إذا اضطر إليه - أما سمعت قول يوسف أحيانا للضرورة - ثم استدل بموضعين من كلام الأنبياء أحدهما اقتراح يوسف على عزيز مصر أن يكون مسؤولا ومشرفا على خزائن مصر وتعقيبه: إني حفيظ عليم.. وقول العبد الصالح: أنا لكم ناصح أمين.
دمتم في رعاية اللّٰه وحفظه