احمد - ايسلندا
منذ 5 سنوات

 عقيدة التوسل

لما كان السؤال عن أدلة جواز الاستغاثة بالبشر؛ ولكون اكثر مانتوسل نحن الشيعة (اعزنا الله) هم اهل البيت سلام الله عليهم، احتيج في الاستدلال ان يكون واضحاً وجلياً بدلالته على جواز ذلك حتى وان كان المستغاث به في قبره خصوصاً ان النقطة الاولى والرابعة في جوابكم كانتا واضحتان في ان المستغاث بهم احياء فوق الغبراء، ثم (( مَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) (فاطر:22) فكيف يمكن الجمع بين الاية الشريفة وبين جواز التوسل بأهل البيت وهم في قبورهم، اذا قلنا ان ال التعريف في كلمة القبور (جنسية ظاهراً)؟ اي انها تشمل كل قبر، سواء كان صاحبه في عداد الاموات ام في عداد الاحياء عند الله (( بَل أَحيَاءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ )) (آل عمران:169) ثم في النقطة 11 التي ذكرتموها، لما نها النبي ابا بكر، كان النهي عاماً ولا توجد دلالة صريحة على ماذكرتموه، حيث انه من الممكن ان مراد ابو بكر من الاستغاثة هو بعلم النبي وبنبوته، وحيث انه صلى الله عليه واله لما كان نبياً رسولا من الله، اعطاه الله القدرة على دفع الدواخل على الاسلام والمسلمين، لا الاستغاثة اللتي بمعنى طلب الغوث والتوسل بنفسه الشريفة كما هو المتبادر، فهذا وجه من وجه محتملة لمراد ابي بكر، وكان قصد النبي من قوله (لايستغاث بي انما يستغاث بالله) اي استغيثوا به وتضرعوا اليه المقصود اجمالاً: انه من المحتمل ان ابا بكر اراد بالاستغاثة شي، والنبي اراد شيئاً آخر... وهذا كثير في كلام العرب ومحل تفصيله البلاغة.وكذلك في بعض الادلة التي ذكرتموها (خلى دليل الاعرابي) تفتقر الى مايصرفها بجواز مانعمل به نحن الان عند قبور الائمة عليهم السلام من مخاطبة وتوسل بهم وتوسل اليهم وتضرع والى اخر ذلك اذن... لو زودتمونا بتوضيحات على ماورد نكون لكم من الشاكرين، بارك الله مدراس الامام جعفر بن محمد.


الأخ احمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولاً: لا فرق عند جميع المسلمين - عدا الوهابية وسلفهم ابن تيمية ومن قبله مروان بن الحكم - بين كون المستغاث به حيا او ميتا حيث ان الاستغاثة بغير الله تعالى لو كانت شركا وعبادة لغير الله تعالى فانها ستكون كذلك سواء كان من يستغاث به حيا او ميتا اذ لا فرق بين كون المعبود او المؤله حيا او ميتا فان العبادة لغير الله تعالى لا تجوز سواء كانت للحي او للميت مهما علا شأنه وعظمت منزلته فانه لا يمكن قبول عبادته مادام هو غير الله تعالى. ثانياً: اما وجه الجمع بين جواز التوسل والاستغاثة بالميت وبين قوله تعالى (( ... المزید مَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) (فاطر:22) فمن وجوه:أ‌- نحن لا نقول بان الموت عدم للروح ولا للتفاعل مع الدنيا فالميت ينتقل من عالم الدنيا الى عالم البرزخ وهو عالم متوسط بين الدنيا والاخرة وليس عدما محضا وانما هو عبارة عن انتقال البشر من عالم الى اخر دون انقطاع عن العالم الدنيوي بصورة كاملة حيث ان روحه لها وجود ولها حركة وقدرة على السمع والبصر والتفاعل مع الاحياء ومع الدنيا وليست كالجسد الذي يعدم هذه الاشياء وهذا امر متفق عليه مفروغ منه ونذكر كلام اهم تلامذة ابن تيمية وهو ابن قيم الجوزية في كتاب الروح الذي الفه بعد موت ابن تيمية فقال فيه:- المسألة الاولى: في معرفة الاموات بزيارة الاحياء وسلامهم - فصل: الموتى يسألون عن الاحياء ويعرفون اقوالهم واعمالهم - فصل: الاستدلال على سماع الموتى التلقين في القبر- اخبار الاموات بما حدث في اهلهم بعدهم وبما يحدث- انفذ ابو بكر وصية ثابت بن قيس التي اوصى بها في المنام بعد الممات- المسألة الثانية: ارواح الموتى هل تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ام لا؟- تذاكر الارواح العلم ومقام النفس المطمئنة- الاحاديث الدالة على تلاقي ارواح الموتى وتعارفهم - المسألة الثالثة: هل تتلاقى ارواح الاحياء وارواح الاموات ام لا؟- ذكر عرض الحسنات والسيئات كلها على الارواح - المسألة الرابعة: هل تموت الروح ام الموت للبدن وحده؟- بحث في معنى موت النفوس: والصواب ان يقال: موت النفس هو مفارقتها لاجسادها وخروجها منها. فان اريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت، وان اريد انها تعدم وتضمحل وتصير عدما محضا فهي لا تموت بهذا الاعتبار، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم او عذاب كما سيأتي ان شاء الله تعالى بعد هذا، وكما صرح به النص انها كذلك حتى يردها الله في جسدها. ثم قال ابن القيم: قال ابو عبد الله (القرطبي) وقال شيخنا احمد بن عمرو: والذي يزيح هذا الاشكال - ان شاء الله - ان الموت ليس بعدم محض، وإنما هو انتقال من حال إلى حال، ويدل على ذلك أن الشهداء بعد قتلهم وموتهم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين مستبشرين، وهذه صفة الأحياء في الدنيا، انتهى.ثم قال: بحث في معنى الموت ما هو؟قال: وإذا كان هذا في الشهداء فالأنبياء أحق بذلك وأولى وقد صح عن النبي (صلى الله عليه وآله): (أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء) وأنه (صلى الله عليه وآله) اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفي السماء ورأي موسى قائما يصلي في قبره وأخبر - صلى الله عليه وسلم - بأنه يرد السلام على كل من يسلم عليه إلى غير ذلك مما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجع إلى أن غيبوا عنا بحيث لا ندركهم، وإن كانوا موجودين أحياء، وذلك كالحال في الملائكة فإنهم موجودون أحياء ولا نراهم.. انتهى.ثم قال: المسألة السادسة: هل تعاد الروح الى الميت في قبره وقت السؤال ام لا؟ ثم نقل ابن القيم كلام ابن حزم عن الروح وسماعها بقوله:... واخبر (صلى الله عليه وآله) يوم بدر اذ خاطب الموتى انهم قد سمعوا قوله قبل ان تكون لهم قبور، ولم ينكر على الصحابة قولهم: قد جيفوا، واعلم انهم سامعون قوله مع ذلك، فصح ان الخطاب والسماع لارواحهم فقد بلا شك، واما الجسد فلا حس له وقد قال تعالى (( ومَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) فنفى السمع عمن في القبور وهي الاجساد بلا شك، ولا يشك مسلم ان الذي نفى الله عز وجل عنه السمع هو غير الذي اثبت له رسول الله (صلى الله عليه وآله) السمع. أهـ فتأمل. ثم قال: الروح لها بالبدن خمسمة انواع من التعلق:... الرابع: تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها اليه التفات البتة فإنه ورد ردها إليه وقت سلام المسلم وورد أنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة.أهـ ثم قال: رؤيته (صلى الله عليه وآله) الانبياء ليلة الاسراء...وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى موسى قائما يصلي في قبره ليلة الإسراء ورآه في السماء السادسة او السابعة، فالروح كانت هناك ولها اتصال بالبدن في القبر واشراف عليه، وتعلق به بحيث يصلي في قبره ويرد سلام من سلم عليه وهي في الرفيق الاعلى. ثم قال: لا تنافي بين الامرين فان شأن الارواح غير شأن الابدان....ثم قال: تحقيق سماع الموتى: واما قوله تعالى (( ومَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) فسياق الاية يدل على ان المراد منها: ان الكافر الميت القلب لا تقدر على اسماعه اسماعا ينتفع به كما ان من في القبور لا تقدر على اسماعهم اسماعا ينتفعون به، ولم يرد سبحانه ان اصحاب القبور لا يسمعون شيئا البتة. أهـ ب‌- وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري 3/185: و أما استدلالها بقوله تعالى (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) (النمل:80) فقالوا معناها لا تسمعهم سماعا ينفعهم أو لا تسمعهم الا أن يشاء الله و قال السهيلي عائشة لم تحضر قول النبي صلى الله عليه و سلم فغيرها ممن حضر أحفظ للفظ النبي صلى الله عليه و سلم و قد قالوا له يا رسول الله أتخاطب قوما قد جيفوا؟ فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم. قال: و إذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين جاز أن يكونوا سامعين إما بآذان رؤوسهم كما هو قول الجمهور أو باذان الروح على رأي من يوجه السؤال إلى الروح من غير رجوع إلى الجسد قال: و أما الآية فإنها كقوله تعالى (( أَفَأَنتَ تُسمِعُ الصُّمَّ أَو تَهدِي العُميَ )) (الزخرف:40) أي إن الله هو الذي يسمع و يهدي انتهى.أهـ ج- وقال ابن حجر في فتح الباري ايضا 7/227: وقد اختلف أهل التأويل في المراد بالموتى في قوله تعالى (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) وكذلك المراد بمن في القبور فحملته عائشة على الحقيقة وجعلته أصلا احتاجت معه إلى تأويل قوله (صلى الله عليه وآله): (ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) وهذا قول الأكثر وقيل هو مجاز والمراد بالموتى وبمن في القبور الكفار شبهوا بالموتى وهم أحياء والمعنى من هم في حال الموتى أو في حال من سكن القبر وعلى هذا لا يبقى في الآية دليل على ما نفته عائشة والله اعلم. أهـ د- وقال ابن قتيبة الدينوري في تأويل مختلف الحديث ص143: وأما قوله تعالى (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) (( ومَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) فليس من هذا في شئ لأنه أراد بالموتى ههنا الجهال وهم أيضا أهل القبور يريد إنك لا تقدر على إفهام من جعله الله تعالى جاهلا ولا تقدر على إسماع من جعله الله تعالى أصم عن الهدى وفي صدر هذه الآيات دليل على ما نقول لأنه قال (( وَمَا يَستَوِي الأَعمَى وَالبَصِيرُ )) (فاطر:19) يريد بالأعمى الكافر وبالبصير المؤمن (( وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ )) (فاطر:20) يعني بالظلمات الكفر وبالنور الايمان (( وَلَا الظِّلُّ وَلَا الحَرُورُ )) (فاطر:21) يعني بالظل الجنة وبالحرور النار (( وَمَا يَستَوِي الأَحيَاءُ وَلَا الأَموَاتُ ... )) (فاطر:22) يعني بالأحياء العقلاء وبالأموات الجهلاء ثم قال إن الله يسمع من يشاء (( ومَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) يعني أنك لا تسمع الجهلاء الذين كأنهم موتى في القبور، ومثل هذا كثير في القرآن. أهـ  هـ- وقال الامام الطبري في تفسيره جامع البيان 22/155: وقوله: (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) يقول تعالى ذكره: كما لا يقدر أن يسمع من في القبور كتاب الله، فيهديهم به إلى سبيل الرشاد، فكذلك لا يقدر أن ينفع بمواعظ الله، وبيان حججه، من كان ميت القلب من أحياء عباده، عن معرفة الله، وفهم كتابه وتنزيله، وواضح حججه..أهـ اقول وهذا واضح جدا انه تشبيه وتمثيل للكافر من جهة وحيثية عدم الانتفاع بكتاب الله والهداية به وليس له أي علاقة بعدم سماع الموتى فتأمل. و- وقال ابو الليث السمرقندي في تفسيره 3/98: (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ )) (فاطر:22) يعني: يفقّه من يشاء (( ومَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) يعني: لا تقدر ان تفقه الاموات وهم الكفار. أهـ ز- وقال الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان 8/105: (( وَمَا يَستَوِي الأَحيَاءُ وَلَا الأَموَاتُ )) يعني: المؤمنين والكفار. (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ )) ، حتى يتعظ ويجيب (( ومَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) يعني: الكفار شبههم بالأموات.أهـ اقول: من الواضح جدا ان هذا التشبيه الذي ذكره الثعلبي اوضحه بما قبله أي من حيث ان الكافر كالميت لا يتعظ ولا يجيب.ولذلك صرح بهذه الحقيقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه في حديث قليب بدر حينما تكلم مع قتلى عتاة قريش بعد قتلهم بفترة واستنكر بعض الصحابة (عمر كعادته) ذلك فاجابه (صلى الله عليه وآله) كاشفا سماعهم وعدم قدرتهم على الكلام والرد.فقال:والذي نفس محمد بيده ما انتم باسمع لما اقول منهم (البخاري:5/9).وفي رواية: ما انتم باسمع لما اقول منهم غير انهم لا يستطيعون ان يردوا عليّ شيئا (مسلم:8/163).وفي لفظ: فسمع عمر قول النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله كيف يسمعوا وانى يجيبوا وقد جيفوا!!؟ قال (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده ما انتم باسمع لما اقول منهم ولكنهم لا يقدرون ان يجيبوا (مسلم:8/163).وفي لفظ رواه الطبري في تهذيب الاثار (2/488) وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (1/150) وفيه: فقال (صلى الله عليه واله وسلم) والذي نفسي بيده انهم يسمعون كما تسمعون. وفي رواية اخرى فيها زيادة رواها احمد (ولكنهم لا يستطيعون ان يجيبوا) كما ذكرنا قبل قليل رواية مسلم والتي فيها (ولكنهم لا يقدرون ان يجيبوا) وقال ابن حجر في فتح الباري (7/237): ومن حديث عبد الله بن سيدان نحوه وفيه قالوا: يا رسول الله وهل يسمعون؟ قال: يسمعون كما تسمعون ولكن لا يجيبون) وفي حديث ابن مسعود: (ولكنهم اليوم لا يجيبون). اهـ. وبذلك تتضح هذه الحقيقة وهي ان الاموات يسمعون ولكنهم لا يجيبون فاثبت (صلى الله عليه وآله) لهم السماع ونفى عنهم القدرة على الجواب والتكلم ولو كان سماعهم لمعجزة او لخصوصية لبينها (صلى الله عليه وآله) ورد على استنكار الصحابة لكلامه معهم أي لرد على سؤالهم الرئيسي وهو انكارهم قدرة هؤلاء الموتى على السماع فلما اثبت (صلى الله عليه وآله) سماعهم بل اقسم على اثبات سماعهم وانهم يسمعون كلامه وسؤاله لهم وصوته اكثر واعلى درجة من سماع الاحياء الحاضرين المستنكرين لسماعهم انفسهم وبالتالي لو افترضنا ان سماعهم كان آنيا وقتيا او معجزة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) مع عدم ظهور هذه المعجزة لاحد ولا لوازمها مثل اخبار النبي (صلى الله عليه وآله) بان الله اسمعهم معجزة واكراما لي. فيكون جوابه (صلى الله عليه وآله) مخلا وغير واضح وغريب عن السؤال وهذا ما لا يمكن قبوله من مسلم علما ان السؤال والانكار كان من عمر عن كيفية سماعهم وهم موتى قد جيفوا وليس لانهم من المقبورين !! فتأمل. ح- وقال السمعاني في تفسيره 4/355: وقوله (( ومَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) أي: لا تسمع الكفار وشبههم بالاموات في القبور. ط- وقال البغوي السلفي في تفسيره الذي امتدحه ابن تيمية واعتبره من اصح التفاسير وأفضلهما 3/569: (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ )) حتى يتعظ ويجيب (( ومَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) يعني: الكفار، شبههم بالاموات في القبور حين لم يجيبوا. اقول: وهذا نص صريح من البغوي بما فهمناه من جواب النبي (صلى الله عليه وآله) لعمر بان الاموات اسمع منه ومن الاحياء ولكنهم لا يستطيعون الاجابة والكلام ولذلك فان من خصوصيات النبي (صلى الله عليه واله وسلم) انه سوف يتكلم (صلى الله عليه وآله) ويجيب من يسأله او يسلم عليه فحينما ينزل عيسى (عليه السلام) ويكلمه في قبره ويسلم عليه كما روى ذلك ابو يعلى وغيره:... لئن قام على قبري فقال: يا محمد لاجبته (لاجيبنه). قال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/211: قلت هو في الصحيح باختصار - رواه ابو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وصححه الالباني في سلسلة الاحاديث الصحيحة (ح2733) وجاء له بطريق اخر فيه بعض الضعف وجعله يصلح كشاهد للطريق الاولى بلفظ: (وليأتين قبري حتى يسلم عليّ ولاردن عليه) وقال: اخرجه الحاكم وصححه الذهبي وغيرهما من المتأخرين وفيه علتان بينتهما في الضعيفة تحت الحديث (5540) لكن لعله يصلح شاهدا للطريق الاولى.أهـ وكذلك فانه (صلى الله عليه واله وسلم)يجيب (صلى الله عليه وآله) سلام كل من يسلم عليه (صلى الله عليه وآله) ويعلم صلاة كل من يصلي عليه سواء كان المسلم والمصلي عليه قريبا او بعيداً. وقد روى احمد في مسنده (ح 10434) وابو داود في سننه (ح2041) وحسنه الالباني عن ابي هريرة قال: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (ما من احد يسلم عليّ الا ردّ الله عليّ روحي حتى ارد عليه السلام). وهذا ما يؤكد هذه الخصوصية للانبياء والاولياء والصالحين وسائر المؤمنين بمعرفتهم واحساسهم وسماعهم لسلام المسلم وغيره ليرد السلام ويتفاعل مع من يعرفه ويسلم عليه ويتكلم معه ويسأله كما صرح (صلى الله عليه وآله) بذلك بقوله (لاجيبنه) او (لاجبته) او (حتى ارد عليه السلام) هذا بالنسبة له (صلى الله عليه وآله) وانه يسمع من يسلم عليه ويصلي عليه ويجيب على السلام. واما بالنسبة لسائر الاولياء والصالحين والشهداء فقد ذكرنا سابقا حديث تسليم جعفر بن ابي طالب (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد مروره به في المدينة مع الملائكة في السماء حيث روى الطبراني وغيره عن ابن عباس وغيره قال: جالس وأسماء بنت عميس قريبة منه إذ رد السلام ثم قال يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب مع جبريل وميكائيل (صلى الله عليه وسلم وعليهما) مروا فسلموا علينا فرددت عليهم السلام وقد أخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا.... فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إن جعفر بن أبي طالب مر مع جبريل وميكائيل له جناحان عوضه الله من يديه يطير بهما في الجنة حيث شاء فسلم علي وأخبرهم كيف كان أمره حيث لقي المشركين... اخرجه الهيثمي في مجمع زوائده 9/272 وقال: رواه الطبراني باسنادين واحدهما حسن. اقول: ومنه يتبين ان جعفرا يطير في السماء ويسلم ويسمع الجواب. وكذا اخرجه الحاكم في مستدركه 3/210 و212. ي- وقال النسفي في تفسيره 3/341: (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) : يعنى أنه قد علم من يدخل في الإسلام ممن لا يدخل فيه فيهدى من يشاء هدايته وأما أنت (يا محمد (صلى الله عليه وآله)) فخفى عليك أمرهم فلذلك تحرص على اسلام قوم مخذولين (شبه كفار بالموتى حيث لا ينتفعون بمسموعهم). أهـوهذا نص واضح صريح من العلامة النسفي يصرح ان الموتى يسمعون ولكنهم لا ينتفعون بما يسمعون ولذلك ومن هذه الحيثية شبه الله تعالى الكفار بهم. ك- وقال ابن الجوزي في زاد المسير 6/252: (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ )) أي: يفهم من يريد إفهامه (( وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) يعني الكفار، شبههم بالموتى. أهـ. فها هو ابن الجوزي يفسر السماع بالافهام كما هو واضح. ل- وقال القرطبي في تفسيره 14/340: (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ )) أي يسمع أولياءه الذين خلقهم لجنته. (( وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) أي الكفار الذين أمات الكفر قلوبهم، أي كما لا تسمع من مات، كذلك لا تسمع من مات قلبه.أي: هم بمنزلة اهل القبور في انهم لا ينتفعون بما يسمعونه ولا يقبلونه. أهـ وهذا تصريح صارخ لكل من كان له قلب او الق السمع وهو شهيد بان عدم الاسماع هنا بمعنى عدم انتفاع الموتى بما يسمعونه وعدم قبوله فهذا حال مشترك بين الكفار والموتى. م- وقال البيضاوي في تفسيره 4/257: (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ )) هدايته فيوفقه لفهم آياته والاتعاظ بعظاته (( وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) ترشيح لتمثيل المصرين على الكفر بالأموات ومبالغة في اقناطه عنهم (( إِن أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ )) (فاطر:23) فما عليك إلا الانذار واما الاسماع فلا إليك ولا حيلة لك إليه في المطبوع على قلوبهم.أهـ وهذا تصريح واضح من البيضاوي ان المقصود هو عدم اسماع الكفار لكونهم مطبوعا على قلوبهم وليس لانهم فعلا لا يسمعون كما هو حال الموتى فانهم لا ينتفعون بذلك الكلام فالسماع شيء والاسماع الذي بمعنى الاستماع والاجابة والانتفاع به شيء اخر. ن- وقال ابو حيان الاندلسي في تفسيره 7/297: ثم سلى رسوله بقوله: (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ )) : أي إسماع هؤلاء منوط بمشيئتنا، وكنى بالإسماع عن الذي تكون عنه الإجابة للإيمان. ولما ذكر أنه (( ومَا يَستَوِى الاحيَاء وَلاَ الاموَاتُ )) ، قال: (( وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) : أي هؤلاء، من عدم إصغائهم إلى سمع الحق، بمنزلة من هم قد ماتوا فأقاموا في قبورهم. فكما أن من مات لا يمكن أن يقبل منك قول الحق، فكذلك هؤلاء، لأنهم أموات القلوب.وهذا تصريح واضح في بيان المعنى وانه يريد من عدم السماع عدم الاسماع أي: عدم الاصغاء وليس انعدام السماع حقيقة. س- والمفاجئة الكبرى لاتباع الواهابية وابن تيمية ما فسره ابن كثير تلميذ ابن تيمية في تفسيره 3/560 حيث قال: وقوله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ )) أي يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها (( وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) أي: كما لا ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة إليها كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لا حيلة لك فيهم ولا تستطيع هدايتهم. أهـ فهذا امامكم وشيخ اسلامكم يصرح بان الاية غير معنية باثبات عدم سماع الاموات ابدا وانما هو لبيان حقيقة عدم الانتفاع بالدعوة والهداية للكفار كما هو الحال في الاموات بلا فرق مع ان كليهما يسمعان فكلاهما لا يستجيبان للحق ولا ينتفعان بالدعوة اليه على حدّ سواء. ف- وقال الالوسي في تفسيره روح المعاني 21/55: بيد أنا نذكر هنا ما ذكره الأجلة في سماع الموتى وفاء بما وعدنا هنالك فنقول: نقل عن العلامة ابن الهمام (حنفي) أنه قال: أكثر مشايخنا (الاحناف) على أن الميت لا يسمع استدلالاً بقوله تعالى: (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) (النمل:80) ونحوها يعني من قوله تعالى: (( وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) ولذا لم يقولوا بتلقين الميت وقالوا: لو حلف لا يكلم فلاناً فكلمه ميتاً لا يحنث، وحكى السفاريني في " البحور الزاخرة " أن عائشة ذهبت إلى نفي سماع الموتى ووافقها طائفة من العلماء على ذلك، ورجحه القاضي أبو يعلى (الحنبلي المتعصب المجسم الحشوي) من أكابر أصحابنا - يعني الحنابلة - في كتابه " الجامع الكبير " واحتجوا بقوله تعالى: (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) (النمل:80). ثم قال الالوسي: وذهبت طوائف من أهل العلم إلى سماعهم في الجملة. وقال ابن عبد البر: إن الأكثرين على ذلك وهو اختيار ابن جرير والطبري وكذا ذكر ابن قتيبة. وغيره، واحتجوا بما في " الصحيحين (حديث قتلى بدر) ثم قال الالوسي: وبما أخرجه أبو الشيخ من مرسل عبيد بن مرزوق قال: " كانت امرأة بالمدينة تقم المسجد فماتت فلم يعلم بها النبي صلى الله عليه وسلم فمر على قبرها فقال عليه الصلاة والسلام: ما هذا القبر؟ فقالوا: أم محجن قال: التي كانت تقم المسجد؟ قالوا: نعم. فصف الناس فصلى عليها فقال صلى الله عليه وسلم: أي العمل وجدت أفضل؟ قالوا يا رسول الله أتسمع؟ قال: ما أنتم بأسمع منها. فذكر عليه الصلاة والسلام أنها أجابته.  ثم قال الالوسي:وبما رواه البيهقي والحاكم وصححه. وغيرهما عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على مصعب بن عمير وعلى أصحابه حين رجع من أحد فقال: " أشهد أنكم أحياء عند الله تعالى فزوروهم وسلموا عليهم فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة " ثم قال الالوسي: وبما أخرج ابن عبد البر وقال عبد الحق الإشبيلي إسناده صحيح عن ابن عباس مرفوعاً " ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا يسلم عليه إلا عرفه ورد عليه " واضاف الالوسي لادلة من يرى سماع الموتى بقوله: وبما أخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: " الروح بيد ملك يمشي به مع الجنازة يقول له: أتسمع ما يقال لك؟ فإذا بلغ حفرته دفنه معه " وبما في " الصحيحين " من قوله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه أنه ليسمع قرع نعالهم " وأجابوا عن الآية فقال السهيلي: إنها كقوله تعالى: (( أَفَأَنتَ تُسمِعُ الصُّمَّ أَو تَهدِي العُميَ )) (الزخرف:40) أي إن الله تعالى هو الذي يسمع ويهدي.  ثم قال الالوسي: وقال بعض الأجلة: إن معناها لا تسمعهم إلا أن يشاء الله تعالى أو لا تسمعهم سماعاً ينفعهم، وقد ينفى الشيء لانتفاء فائدته وثمرته كما في قوله تعالى: (( وَلَقَد ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُم قُلُوبٌ لَا يَفقَهُونَ بِهَا وَلَهُم أَعيُنٌ لَا يُبصِرُونَ بِهَا )) (الأعراف:179).... الخ ثم قال الالوسي: وقال الذاهبون إلى عدم سماعهم: الأصل عدم التأويل والتمسك بالظاهر إلى أن يتحقق ما يقتضي خلافه، وأجابوا عن كثير مما استدل به الآخرون.... الى ان ختم بقوله في 21/57: والحق أن الموتى يسمعون في الجملة وهذا على أحد وجهين، أولهما أن يخلق الله عز وجل في بعض أجزاء الميت قوة يسمع بها متى شاء الله تعالى السلام ونحوه مما يشاء الله سبحانه سماعه إياه ولا يمنع من ذلك كونه تحت أطباق الثرى وقد انحلت منه هاتيك البنية وانفصمت العرى ولا يكاد يتوقف في قبول ذلك من يجوز أن يرى أعمى الصين بقة أندلس، وثانيهما أن يكون ذلك السماع للروح بلا وساطة قوة في البدن ولا يمتنع أن تسمع بل أن تحس وتدرك مطلقاً بعد مفارقتها البدن بدون وساطة قوي فيه وحيث كان لها على الصحيح تعلق لا يعلم حقيقته وكيفيته إلا الله عز وجل بالبدن كله أو بعضه بعد الموت وهو غير التعلق بالبدن الذي كان لها قبله أجرى الله سبحانه عادته بتمكينها من اسمع وخلقه لها عند زيارة القبر وكذا عند حمل البدن إليه وعند الغسل مثلاً ولا يلزم من وجود ذلك التعلق والقول بوجود قوة السمع ونحوه فيها نفسها أن تسمع كل مسموع لما أن السماع مطلقاً وكذا سائر الإحساسات ليس إلا تابعاً للمشيئة فما شاء الله تعالى كان وما لم يشأ لم يكن فيقتصر على القول بسماع ما ورد السمع بسماعه من السلام ونحوه، وهذا الوجه هو الذي يترجح عندي ولا يلزم عليه التزام القول بأن أرواح الموتى مطلقاً في أفنية القبور لما أن مدار السماع عليه مشيئة الله تعالى والتعلق الذي لا يعلم كيفيته وحقيقته إلا هو عز وجل فلتكن الروح حيث شاءت أو لا تكن في مكان كما هو رأي من يقول بتجردها.... الخ أهـ. ع- وقال الوهابي الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي استاذ وشيخ ابن باز وابن عثيمين في تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص688: (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاءُ )) سماع فهم وقبول، لأنه تعالى هو الهادي الموفق (( وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) أي: أموات القلوب. أو كما أن دعاءك لا يفيد سكان القبور شيئا، كذلك لا يفيد المعرض المعاند شيئا. ولكن وظيفتك النذارة، وإبلاغ ما أرسلت به، قبل منك أم لا. ولهذا قال: (( إِن أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ * إِنَّا أَرسَلنَاكَ بِالحَقِّ... )) (فاطر:22-23) أهـ  ص- ونختم بالمفسر الوهابي الشنقيطي الاستاذ الكبير لابن باز وابن عثيمين كذلك في تفسيره اضواء البيان 1/477 حيث قال: قوله تعالى: (( وَالمَوتَى يَبعَثُهُمُ اللَّهُ )) (الأنعام:36):قال جمهور علماء التفسير: المراد بالموتى في هذه الآية: الكفار وتدل لذلك آيات من كتاب الله كقوله تعالى ( أو من كان ميتا فأحييناه الآية ) وقوله ( وما يستوى الاحيآء ولا الأموات ) وقوله: (( وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) . وقال الشنقيطي الوهابي في 6/124 و 129 مؤكدا عدم علاقة هذه الاية بالموتى الحقيقيين حيث قال عند تفسيره لقوله تعالى (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى وَلَا تُسمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوا مُدبِرِينَ )) : اعلم أن التحقيق الذي دلّت عليه القرائن القرءانيّة واستقراء القرءان، أن معنى قوله: (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) ، لا يصح فيه من أقوال العلماء، إلا تفسيران:الأول: أن المعنى: (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) ، أي: لا تسمع الكفار الذين أمات اللَّه قلوبهم، وكتب عليهم الشقاء في سابق علمه إسماع هدى وانتفاع....، فلا يسمعون الحقّ سماع اهتداء وانتفاع.....على أن المراد بالموت في الآية موت الكفر والشقاء، لا موت مفارقة الروح للبدن، ثم قال ص126: ومن أوضح الأدلّة على هذا المعنى، أن قوله تعالى: (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) ، وما في معناها من الآيات كلّها، تسلية له صلى الله عليه وسلم، لأنه يحزنه عدم إيمانهم، كما بيّنه تعالى في آيات كثيرة؛.....ولما كان يحزنه كفرهم وعدم إيمانهم، أنزل اللَّه آيات كثيرة تسلية له صلى الله عليه وسلم بيّن له فيها أنه لا قدرة له صلى الله عليه وسلم على هدي من أضلّه اللَّه، فإن الهدى والإضلال بيده جلَّ وعلا وحده، وأوضح له أنه نذير، وقد أتى بما عليه فأنذرهم على أَكمل الوجوه وأبلغها، وأن هداهم وإضلالهم بيد من خلقهم.ومن الآيات النازلة تسلية له صلى الله عليه وسلم، قوله هنا: (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) ، أي: لا تسمع من أضلّه اللَّه إسماع هدى وقبول، (( وَمَا أَنتَ بِهَادِي العُميِ عَن ضَلَالَتِهِم )) (النمل:81)، يعني: ما تسمع إسماع هدى وقبول، إلاّ من هديناهم للإيمان بآياتنا (( فَهُم مُسلِمُونَ )) (النمل:81).ولو كان معنى الآية وما شابهها: (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) ، أي: الذين فارقت أرواحهم أبدانهم لما كان في ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم، كما ترى. ثم قال ص127: واعلم: أن آية (النمل) هذه، جاءت آيتان أُخريان بمعناها:والثانية منهما: قوله تعالى في سورة (فاطر): (( إِنَّ اللَّهَ يُسمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَّن فِى القُبُورِ )) ، وآية (فاطر) هذه كآية (النمل) و (الروم) المتقدمتين، لأن المراد بقوله فيها: ((  مَن فِي القُبُورِ )) الموتى، فلا فرق بي قوله: (( إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى )) ، وبين قوله: (( ومَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَّن فِى القُبُورِ )) ؛ لأن المراد بالموتى ومن في القبور واحد؛ كقوله تعالى: (( وَأَنَّ اللَّهَ يَبعَثُ مَن فِى القُبُورِ )) ، أي: يبعث جميع الموتى من قُبِر منهم ومن لم يقبر، وقد دلَّت قرائن قرآنية أيضًا على أن معنى آية (فاطر) هذه كمعنى آية (الروم)، منها قوله تعالى قبلها: (( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزرَ أُخرَى وَإِن تَدعُ مُثقَلَةٌ )) (فاطر:18)، لأن معناها: لا ينفع إنذارك إلا من هداه اللَّه ووفّقه فصار ممن يخشى ربّه بالغيب ويقيم الصلاة، (( وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) ، أي: الموتى، أي: الكفار الذين سبق لهم الشقاء، كما تقدّم.ثم قال الشنقيطي: التفسير الثاني: هو أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل، ولكن المراد بالسماع المنفي في قوله: (( إِنَّكَ لاَ تُسمِعُ المَوتَى )) خصوص السماع المعتاد الذي ينتفع صاحبه به، وأن هذا مثل ضرب للكفار، والكفار يسمعون الصوت، لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتّباع؛ كما قال تعالى: (( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِى يَنعِقُ بِمَا لاَ يَسمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء )) (البقرة:171)، فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع، كما لم ينف ذلك عن الكفار، بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذين ينتفعون به، وأمّا سماع آخر فلا، وهذا التفسير الثاني جزم به واقتصر عليه أبو العباس ابن تيمية، كما سيأتي إيضاحه إن شاء اللَّه في هذا المبحث. وهذا التفسير الأخير دلَّت عليه أيضًا آيات من كتاب اللَّه، جاء فيها التصريح بالبكم والصمم والعمى مسندًا إلى قوم يتكلّمون ويسمعون ويبصرون، والمراد بصممهم، صممهم عن سماع ما ينفعهم دون غيره، فهم يسمعون غيره، وكذلك في البصر والكلام،.....وقد أوضحنا هذا غاية الإيضاح مع شواهده العربية في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب )، في سورة (البقرة)، في الكلام على وجه الجمع بين قوله في المنافقين: (( صُمٌّ بُكمٌ عُمىٌ )) ، مع قوله فيهم: (( وَلَو شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمعِهِم وَأَبصَارِهِم )) ، وقوله فيهم: (( سَلَقُوكُم بِأَلسِنَةٍ حِدَادٍ )) ، وقوله فيهم أيضًا: (( وَإِن يَقُولُوا تَسمَع لِقَولِهِم )) ، وقد أوضحنا هناك أن العرب تطلق الصمم وعدم السماع على السماع الذي لا فائدة فيه، وذكرنا بعض الشواهد العربية على ذلك.  ثم قال الشنقيطي: مسألة تتعلق بهذه الآية الكريمة: اعلم أن الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلّمهم، وأن قول عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها: إنهم لا يسمعون، استدلالاً بقوله تعالى: (( إِنَّكَ لاَ تُسمِعُ المَوتَى )) ، وما جاء بمعناها من الآيات غلط منها رضي اللَّه عنها، وممن تبعها.وإيضاح كون الدليل يقتضي رجحان ذلك، مبني على مقدّمتين:الأولى منهما: أن سماع الموتى ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعدّدة، ثبوتًا لا مطعن فيه، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم أن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت.والمقدمة الثانية: هي أن النصوص الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم في سماع الموتى لم يثبت في الكتاب، ولا في السنة شئ يخالفها، وتأويل عائشة رضي اللَّه عنها بعض الآيات على معنى يخالف الأحاديث المذكورة، لا يجب الرجوع إليه؛ لأن غيره في معنى الآيات أولى بالصواب منه، فلا ترد النصوص الصحيحة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بتأوّل بعض الصحابة بعض الآيات،.... وإذا ثبت بذلك أن سماع الموتى ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من غير معارض صريح، علم بذلك رجحان ما ذكرنا، أن الدليل يقتضي رجحانه.أهـ.وعلق الشنقيطي على حديث قليب بدر الذي رواه البخاري بقوله في 6/129: فهذا الحديث الصحيح أقسم فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم أن الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع لما يقول صلى الله عليه وسلم من أولئك الموتى بعد ثلاث، وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم في ذلك تخصيصًا، وكلام قتادة الذي ذكره عنه البخاري اجتهاد منه، فيما يظهر. ثم قال الشنقيطي 6/132: وخطابه صلى الله عليه وسلم لأهل القبور بقوله: ( السلام عليكم )، وقوله: ( وإنا إن شاء اللَّه بكم )، ونحو ذلك يدلّ دلالة واضحة على أنهم يسمعون سلامه لأنهم لو كانوا لا يسمعون سلامه وكلامه لكان خطابه لهم من جنس خطاب المعدوم، ولا شكّ أن ذلك ليس من شأن العقلاء، فمن البعيد جدًّا صدوره منه صلى الله عليه وسلم، وسيأتي إن شاء اللَّه ذكر حديث عمرو بن العاص الدالّ على أن الميّت في قبره يستأنس بوجود الحيّ عنده. ثم قال مباشرة: وإذا رأيت هذه الأدلّة الصحيحة الدالَّة على سماع الموتى، فاعلم أن الآيات القرآنية؛ كقوله تعالى: (( إِنَّكَ لاَ تُسمِعُ المَوتَى )) ، وقوله: (( وَمَا أَنتَ بِمُسمِعٍ مَن فِي القُبُورِ )) لا تخالفها، وقد أوضحنا الصحيح من أوجه تفسيرها، وذكرنا دلالة القرائن القرآنية عليه، وأن استقراء القرآن يدلّ عليه.وممّن جزم بأن الآيات المذكورة لا تنافي الأحاديث الصحيحة التي ذكرنا أبو العباس ابن تيمية. (ثم نقل كلام ابن تيمية واستدلاله) راجع مجموع فتاوى ابن تيمية (4/274). وكذا ( 4/295-299) ففيه كلام واستدلال يشابه الى حد كبير الشنقيطي وكأن الاخير نقل عنه حرفيا بعض الموارد. واقول: ولو عدنا الى ابن قيم الجوزية تلميذ ابن تيمية بل اهم تلاميذه وكتابه الروح الذي شكك فيه الكثير من الوهابية فها هو يتبنى كلام شيخه بحذافيره مع التزامه باستدلالاته ايضا فلا ادري كيف انكروا على ابن القيم ولم ينكروا على ابن تيمية والطرح هو الطرح حيث قال ابن القيم في اول كتابه الروح: بسم الله الرحمن الرحيم المسألة الاولى في معرفة الاموات بزيارة الاحياء وسلامهم: قال ابن عبد البر: ثبت عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: ( ما من مسلم يمر على قبر اخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه الا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام) وابن تيمية قال نفس هذا القول كما نقله عنه الشنقيطي وموجود في مجموع فتاويه كما ذكرنا حيث قال ابن تيمية: وقد تعاد الروح الى البدن في غير وقت المسألة كما في الحديث الذي صححه ابن عبد البر عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: (( ما من مسلم يمر على قبر اخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه الا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام) الى اخر كلامهما.فثبت اخي العزيز ان هنالك شبه اجماع على عدم منافاة هذه الاية لحقيقة سماع الموتى الثابتة بالادلة القطعية حتى من قبل الوهابية والسلفية كابن تيمية وابن القيم والسعدي والشنقيطي فما يبقى بعد كل هذا الوضوح الا العناد !؟ ثالثاً: اما الادلة على الاستغاثة والاستعانة والتوسل بالموتى عند قبورهم فقد جئنا بالكثير من الادلة وليس فقط الدليل الخامس عشر وهو رواية وقصة العتبي فقد جئنا بحديث الكوة في عام الفتق وحديث مالك الدار وهو عامل عمر وعثمان على بيت المال (وزير المالية) وما فعله محمد بن المنكدر وهو تابعي جليل كبير واستغاثة سليمان (عليه السلام) بآصف بن برخيا لعمل وقضاء حاجة لا يستطيع فعلها انسان عادة وهو حمل ونقل عرش بلقيس من اليمن الى الشام وهذا عندهم شرك ايضا كما هو الحال في طلب الحاجة من غائب كما ذكرناه في ( ثانيا) وهو ثابت صحيح عندهم والذي فيه استعانة واستغاثة باشخاص غير مرئيين ولا قريبين.وكذلك ذكرنا حديث الاعمى في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) واستغاثته وتوسله به (صلى الله عليه وآله) وهو (بعيد) حيث ذهب وتوضأ وصلى في المسجد كما امره رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتوسل برسول الله (صلى الله عليه وآله) الى الله عز وجل وقال هناك: ( يا محمد) مع عدم حضور النبي (صلى الله عليه وآله) عنده في المسجد اصلا.وروي هذا الحديث بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) حيث ايضا ان نفس راوي الحديث وهو الصحابي عثمان بن حنيف قام بتعليم هذه الاستغاثة وهذا التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) في زمن خلافة عثمان لاحد الصحابة او كبار التابعين حيث كانت له حاجة عند عثمان بن عفان ولم يكن يستطيع الدخول عليه والوصول اليه وبعد توسله بالنبي (صلى الله عليه وآله) دخل وقضى عثمان حاجته مباشرة واجلسه عنده معززا مكرما وقال له متى تكون عندك حاجة فأتني وقد روى هذه القصة الهيثمي في مجمع زوائده 2/279 قال: وعن عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف (الصحابي) ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة (يا محمد) إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك.... فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له (عثمان معتذرا): ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فائتنا.... (قال الهيثمي): قلت روى الترمذي وابن ماجة طرفا من آخره خاليا عن القصة وقد قال الطبراني عقبه والحديث صحيح بعد ذكر طرقه التي روى بها.أهـ وقد ذكرت ايضا من ادلتي (الدليل الثاني عشر) قول ابراهيم الحربي تلميذ احمد بن حنبل: قبر معروف (الكرخي) الترياق المجرب.واضيف لك عليه قول الذهبي تلميذ ابن تيمية في ترجمة السيدة نفيسة كما في سير اعلام النبلاء 10/107: والدعاء مستجاب عند قبرها بل وعند قبور الانبياء والصالحين.واضيف لك ما رواه الحاكم في مستدركه 4/515 وصححه ووافقه الذهبي ورواه احمد والطبراني ايضا عن داود بن ابي صالح قال: (اقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فاخذ برقبته وقال أتدري ما تصنع؟ ( وبلغة الوهابية: شرك شرك): قال: نعم. فاقبل عليه فإذا هو أبو أيوب الأنصاري فقال: جئت رسول الله صلى الله عليه وآله ولم آت الحجر. سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله).وقال الحاكم النيسابوري في تاريخه تاريخ نيسابور: وسمعت ابن المؤمل يقول: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا، وهم إذ ذاك متوافرون إلى علي بن موسى الرضا بطوس - يعني إلى قبره - قال: فرأيت من تعظيمه - يعني ابن خزيمة - لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا. أهـ فهؤلاء المحدثون والسلفيون يعملون ويصنعون اكثر مما يفعله الشيعة اعزهم الله عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعند الامام الرضا (عليه السلام) وعند السيدة نفيسة وعند قبر الشيخ معروف الكرخي وغيرهم من الاولياء والصالحين. رابعاً: اما اللام في القبور فهي سواء كانت جنسية او عهدية فلا يتم لهم المطلب حيث ذكرنا وابطلنا ادعاء كون المقصود هم الموتى كما تقدم.ثم من قال بان اللام في القبور اذا كانت لبيان الجنس انها سوف تفيد استغراق جميع افراد من في القبور حتى الانبياء والشهداء أليس اللام في (( إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسرٍ )) (العصر:2) جنسية فكيف استثنى منها تعالى (( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبرِ )) (العصر:3) فالاستثناء يصح من مدخول لام الجنس سواء بذكره معه او بدليل اخر خارجي.والادلة الواضحة (مع التسليم بان المقصود هو الموتى وانهم لا يسمعون من يكلمهم حقيقة او من يسلم عليهم عند قبورهم) بخلاف هذا الاستغراق والجنس فيجب تقييد الموتى اما بالكفار او بغير الانبياء والشهداء والاولياء.وقد ذكرنا الحديث الذي ذكره ابن تيمية وابن القيم واعترفوا بصحته ونقل ابن القيم في اول كلمة له في كتاب الروح تصحيح ابن عبد البر بقوله: قال ابن عبد البر: ثبت عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: (ما من مسلم يمر على قبر اخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه الا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام). وهناك احاديث كثيرة ناهيك عن القرآن الكريم تثبت سماع الاموات بشكل قاطع فكيف تكون جنسية واستغراقية لكل ميت وهناك حديث قليب بدر وحديث سماع الميت لقرع نعال المشيعين بعد انصرافهم من دفنه والحديث المتقدم بسماعه السلام وكذا حديث الامر بالسلام عليهم ومخاطبتهم عند زيارتهم ( السلام عليكم اهل الديار... ربنا وربكم الله - انتم السابقون ونحن ان شاء الله لاحقون بكم ).بل هناك احالديث مثل (الانبياء احياء في قبورهم يصلون) في صحيحته الالباني ح 622، وحديث ( لما اسري بي رأيت موسى (عليه السلام) قائما يصلي في قبره) رواه مسلم 7/102، وحديث (( ما من احد يسلم عليّ الا رد الله عليّ روحي حتى ارد عليه السلام )) رواه احمد في مسنده 2/527 وقال الالباني: حديث حسن وصححه الحافظ ابن حجر في الفتح 6/279 وقال: رجاله ثقات وقال الحافظ العراقي: سنده جيد وقال النووي: اسناده صحيح ووافقه المناوي في التيسير.وحديث ( اكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة فان صلاتكم معروضة عليّ...) صححه الالباني ح 1527 وقال صححه الكثير من العلماء والمحدثين.ونختم كلامنا بالنسبة لحياة الشهداء والانبياء بقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري 6/351: وإذا ثبت أنهم أحياء من حيث النقل فإنه يقويه من حيث النظر كون الشهداء أحياء بنص القرآن والأنبياء أفضل من الشهداء.أهـ  خامساً: اما بخصوص حديث ابي بكر فهو نص صحيح صريح لا يقبل التأويل بانه طلب الاستغاثة بالرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) على المنافقين لدفع اذاهم فلا يصح ولا يقبل من عاقل ان يجعله بمعنى اخر ويفرق بين مقولته للصحابة وجواب رسول الله (صلى الله عليه وآله) له على موضوع ومعنى اخر لانه لا يمكن ان يطلب ابا بكر معنى صحيح ويرد عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) برفض كلامه والرد عليه لموضوع ومعنى اخر فهذا يقتضي الطعن برسول الله (صلى الله عليه وآله) وبفهمه وبجوابه لهم وهذا من اعظم الاثم وسوء الظن باعلم واعظم خلق الله (صلى الله عليه وآله) وطعن فيه. وبالتالي فانه يكشف عن محاولة بائسة لمن لديه اصل باطل يريد ان يحرف ما يخالفه وان صدر من الله او من رسوله الكريم وحسبنا الله ونعم الوكيل.ودمتم في رعاية الله

3