بو علي - السعودية
منذ 4 سنوات

 آيات للتوسل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد كنت في حوار مع أحد السنة و ذكر لي هذه الادلة من أدعية الائمة سلام الله عيلهم أنهم لا يرضون بأن نأخذهم و سيلة الى الله , و في معرض ردي عليه ذكرت له دعاء الحجة المنتظر روحي له الفداء دعاء الندبة و لكن قال لي أنه لا يؤمن بولادته ويريد إمام من الائمة ممن ثبت عند الفريقين ولادته بلاشك كالسجاد أو الصادق أو الباقر سلام الله عليهم من الائمة عدا الحجة ويريد أدلة أن الائمة و الرسول أحياء و ليسوا أموات لان عندما ذكرت له أنهم أحياء عند ربهم قال أنهم عند ربهم و استشكلت عليه أننا أيضا عند ربنا و قال أنه يختلف الامر انهم في عالم البرزخ و نحن في الحياة الدنيا . وأعرض عليكم أدلته التي ذكرها لي ومنها آيات قرآنية أيضا أتمنى شرحها و توضيحها ************************* قال عليه الصلاة والسلام (ما من احد يسلم على الا رد الله على روحى حتى ارد عليه الصلاة) لم يقل مامن أحد استغاث بي أو مامن أحد توسل بي وهل توسل علي والحسن والحسين رضي الله عنهم بقبر أو بذات النبي عليه الصلاة والسلام ؟؟ قال أمير المؤمنين عليه السلام: (( فاسألوا الله به وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به بخلقه، إنه ما توجه العباد إلى الله بمثله )) ( نهج البلاغة: 2/91 - 92). وقال عليه السلام في وصية للحسن عليه السلام: (( وألجئ نفسك في الأمور كلها إلى إلهك ، فإنك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز، وأخلص في المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان )) ( نهج البلاغة: 3/39 - 40) . وعن الباقر عليه السلام أنه قال: (( اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلآ لأنه لم يرد أحدآ ولم يسأل أحدآ غير الله عز وجل )) ( علل الشرائع:34، عيون أخبار الرضا:2/75). وذكر إبراهيم بن محمد الهمداني قال: (( قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام: لأي علة أغرق الله عز وجل فرعون وقد آمن به وأقر بالتوحيد ؟ قال : أنه آمن عند رؤية اليأس وهو غير مقبول... إلى أن قال : لعلة أخرى أغرق الله عز وجل فرعون وهي : أنه استغاث بموسى لما أدركه الغرق ولم يستغث بالله، فأوحى الله عزوجل إليه : ياموسى، ما أغثت فرعون لأنك لم تخلقه ولو استغاث بي لأغثته )) ( علل الشرائع: 59، عيون أخبار الرضا: 2/76) . يقول الإمام علي بن أبي طالب يصف لنا آداب التوسل والدعاء : ( إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله فإنه ذروة الإسلام ، وكلمة الإخلاص إنها الفطرة، وإقامة الصلاة فإنها الملة، وإيتاء الزكاة فإنها فريضة واجبة ، وصوم شهر رمضان فإنها جنة من العقاب ، وحج البيت واعتماره فإنهما ينفيان الفقر ويرحضان الذنب، وصلة الرحم فإنها مثراة في المال ومنساة في الأجل، وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة ، وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء، وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع الهوان) . ( نهج البلاغة: 163 ووسائل الشيعة 13/288) ويقول الإمام السجاد الذي سطر أخلص وأصفى تعابير التوسل والاستغاثة في أدعيته ، يقول في الدعاء الذي رواه عنه أبو حمزة الثمالي : ( ... الحمدلله الذي أناديه كلما شئت لحاجتي، وأخلو به حيث شئت لسري .. بغير شفيع، فيقضي لي حاجتي .. الحمد لله الذي لا أدعو غيره، ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي ) والحمدلله الذي لا أرجو غيره ، ولو رجوت غيره لأخلف رجائي. ويقول في مناجاة المطيعين : ( ولا وسيلة لنا إليك إلا أنت ) !! ويقول أيضا : ( أنت المدعو للمهمات وأنت المفزع في الملمات ) !! ويقول أيضا : ( لا يشركك أحد في رجائي ولا يتفق أحد معك في دعائي ولا ينظمه وإياك ندائي ) !! ويقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام عجبت لمن أدركه الهم .. ولم يفزع إلى قول الحق سبحانه : (( لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )) (الأنبياء:87) سمعت الله بعقبها يقول (( فَاستَجَبنَا لَهُ وَنَجَّينَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي المُؤمِنِينَ )) (الأنبياء:88) وعجبت لمن أدركه الخوف .. ولم يفزع إلى قول الحق سبحانه وتعالى : (( حَسبُنَا اللّهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ )) (آل عمران:173) فإني سمعت الله بعقبها يقول (( فَانقَلَبُوا بِنِعمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضلٍ لَّم يَمسَسهُم سُوءٌ )) (آل عمران:174) وعجبت لمن خاف المكر ولم يفزع إلى قول الحق سبحانه وتعالى (( وَأُفَوِّضُ أَمرِي إِلَى اللَّهِ )) (غافر:44) فإني سمعت الله بعقبها يقول (( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا )) (غافر:45). *************************


الأخ بو علي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بالنسبة لولادة الإمام المهدي أرواح العالمين له الفداء ثابتة عند الفريقين حيث أن أكثر العلماء المعتبرين عندهم قد ذكروا ولادة الإمام (عجل الله فرجه) غير أنهم ذكروا أنه مات بعد ذلك وأنكروا غيبته فقط. ومن هؤلاء العلماء الذين ذكروا ولادته (عجل الله فرجه): 1ـ الحافظ الذهبي تلميذ ابن تيمية في (سير أعلام النبلاء 12/319) حيث قال في ترجمة الرمادي: وفيها مات: إبراهيم بن الحارث وإبراهيم بن هانئ وسعدان وصالح بن احمد بن حنبل وعلي بن حرب وعبد الله بن محمد بن أيوب والقدوة أبو حفص النيسابوري وهارون بن سليمان والمنتظر محمد بن الحسن والرافضة تقول: لم يمت، بل اختفى في السرداب.(انتهى كلام الذهبي) وهو يتكلم عمن مات في سنة موت الرمادي وهي سنة خمس وستين ومائتين. وقال الذهبي في (تاريخ الإسلام 19/ 113): وأما ابنه محمد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة فولد سنة ثمان وخمسين وقيل ست وخمسين عاش بعد أبيه سنتين ثم عدم ولم يعلم كيف مات وأمه أم ولد. وهم يدّعون بقاءه في السرداب منذ أربعمائة وخمسين سنة. 2ـ الزركلي في (الأعلام 6/80) قال: ولد في سامراء ومات أبوه وله من العمر نحو خمس سنين ولما بلغ التاسعة أو العاشرة أو التاسعة عشرة دخل سرداباً في دار أبيه بسامراء ولم يخرج منه. ثم قال: وقيل في تاريخ مولده: ليلة نصف شعبان سنة 255 وفي تاريخ غيبته سنة 265 وفي المؤرخين كما في (منهاج السنة لابن تيمية) من يرى أن الحسن بن علي العسكري لم يكن له نسل. 3ـ إبن خلكان في (وفيات الأعيان 4/176) قال: كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ولما توفي أبوه ـ وقد سبق ذكره ـ كان عمره خمس سنين... وذكر ابن الازرق في (تاريخ ميافارقين) أن الحجة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ومائتين وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين وهو الأصح وأنه لما دخل السرداب سنة خمس وسبعين ومائتين وعمره سبع عشرة سنة والله أعلم أي ذلك كان؟ رحمه الله تعالى. 4ـ وقال الصفدي في (الوافي بالوفيات 2/249): ولد نصف شعبان سنة خمس وخمسين مائتين،والشيعة يقولون أنه دخل السرداب في دار أبيه ، وأمه تنظر إليه ولم يخرج إليها... وذكر أبن الأزرق في (تاريخ ميافارقين) أنه ولد تاسع شهر ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين ومائتين وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين وهو الأصح ... والله أعلم بالصواب في ذلك. فهذه الأقوال كلها تدل وتثبت بأن الكثير من علمائهم يعتقدون بولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) والاختلاف فقط في بقائه حياً، فيكون ردهم لدعاء الندبة لعدم إيمانهم بولادة الإمام (عجل الله فرجه) أمر مردود بالإضافة إلى أنه لا يجوز أن يحاسبنا بحسب مبانيه فهولا يعترف بإمامة كل الأئمة (عليهم السلام). أما ما ورد عن سائر الأئمة (عليهم السلام) من التوسل في الدعاء فنذكر على سبيل المثال لا الحصر فالكتب والأدعية مليئة بذلك: 1ـ بحار الأنوار (84/ 211): فقه الرضا: دعاء الوتر وما يقال فيه: ..... (ص 215): (اللهم إني أتوسل إليك بهم وأتقرب إليك وأتوجه إليك اللهمَّ اغفر لي بهم وتجاوز عن سيئاتي بهم وارحمنا بهم وأشفعني بهم اللهمَّ أني أسئلك بهم حسن العافية....) 2ـ البحار (87/32): عن مصباح المتهجد وغيره: صلاة أخرى للحاجة.... عن أبي عبد الله (عليه السلام): (... وأنا أدعوك فاستجب لي بحق محمد وآل محمد عليك...(وما بعده)...وفي نفس هذا الدعاء (ص31): (اللهم وأتقرب إليك بوليك وخيرتك من خلقك ... اللهمَّ فبحقه عليك وبحق محبيه من أهل السموات والأرض إغفر لي ولوالدي....)ثم قال: (اللهمَّ بهؤلاء أتوسل إليك بهم وأتقرب إليك وبهم أقسم عليك فبحقهم عليك إلا غفرت لي ورحمتني ورزقتني رزقاً واسعاً تغنيني به عمن سواك...) 3ـ البحار (87/211): ـ البلد الأمين والجنة والملحقات: دعاء آخر للسجاد (عليه السلام) ... (وفيه): (اللهمَّ إني بذمة الإسلام أتوسل إليك بحرمة القرآن أعتمد عليك وبمحمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) استشفع لديك....) 4ـ البحار (91/ 28) عن مصباح الطوسي: رقعة أخرى إلى صاحب الزمان (عجل الله فرجه): (أتوسل إليك بآبائك الطاهرين.... وبجدك رسول الله (صلى الله عليه وآله)... أن تكون وسيلتي إلى الله عزوجل في كشف ضري وحلّ عقدي وفرج حسرتي وكشف بليتي وتنفيس ترحتي.....) 5ـ البحار (91/108) من مناجاة أمير المؤمنين (عليه السلام) كما في البلد الأمين عن الإمام الحسن العسكري عن آبائه (عليهم السلام): (فبذمة الإسلام أتوسل إليك وبحرمة القرآن أعتمد عليك وبحق محمد وآل محمد أتقرب إليك فصل على محمد وآل محمد واعرف ذمتي التي بها رجوت قضاء حاجتي برحمتك يا أرحم الراحمين.) 6ـ البحار (92/232): دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) برواية أبي حمزة الثمالي: وفيه: (اللهمَّ إني أتوسل إليك بهم وأتشفع بهم إليك أن تحييني محياهم وتميتني على طاعتهم وملتهم وتمنعني من طاعة عدوهم وتمنع عدوك وعدوهم مني، وتعينني بك وبأوليائك عمن أغنيته عني...) 7ـ البحار (92/358) من دعاء حسن بليغ لي (عن فقه الرضا (عليه السلام)): وفيه: (اللهمَّ إني أتوسل إليك في يوم فقري وفاقتي عند تحيري وعند انقطاع حجتي بحبك وبحبيبك وبالذي اتخذت إبراهيم من أجله خليلاً وكلمت موسى من كرامته في طور سيناء من ورائه بكلام، ونفخت في مريم به من روحك وهو نورك الساطع وضياؤك اللامع أنور نوراً وأشرق سناء وأضوء ضياءً وأعز من خلقت وأفضل من فطرت وأول من ابتدعت وآخر من أظهرت ... ثم بخليلك الذي سميته باسمك وفرضت طاعته على عبادك وافترضت مودته على خلقك ثم آل طه ويس والحواميم والطواسين... فصلوات الله عليهم وعلى ذريتهم وسلم تسليماً،اللهم إنّي بهم وبك وبك ولهم ولك ولك ولهم، اللهم فصلّ عليهم وعلى آلهم وسلّم تسليماً ... اللهمَّ إني أسألك بهم وبحقهم وبفضلهم وبشرفهم أن تصلي على محمد وعليهم وعلى آلهم وسلم تسليماً وأن تقضي حاجتي.... اللهمَّ إني أسألك بهم صلى الله عليهم من جميع كرامتك وجميع خيرك وجميع عافيتك....) 8ـ البحار (92/ 440): دعاء عن أصل قديم من مؤلفات قدماء لأصحاب وهو دعاء الإخلاص: وفيه: (يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راجٍ، بذمة الإسلام أتوسل إليك وبقدر القرآن أعتمد عليك، وبمحمد وآله أتقرب إليك، فاعرف لي ياسيدي ذمتي التي رجوت بها قضاء حاجتي.) 9ـ البحار (97/164): عن الشيخ المفيد وغيره في آداب زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة: ... وفيه: (اللهمَّ إني أتوسل إليك بنبيك وأهل بيته حججك على خلقك وآياتك في أرضك أن تستجيب لي دعائي وتبلغني في الدين والدنيا أملي ورجائي...) 10ـ البحار(97/423): في مناجاة لأمير المؤمنين (عليه السلام): (فبك ياربَِّ أسئلك وبنبيكَّ محمد (صلى الله عليه وآله) وبأخي نبيك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وبفاطمة الطاهرة سيدة نساء العالمين والحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وبالأئمة الصادقين الطاهرين الذين أوجبت حقوقهم وأفترضت طاعتهم وقرنتها بطاعتك على الخلق أجمعين.) ثم قال: (إلهي وسيدي دللتني على سؤال الجنة وعرفتني فيها الوسيلة إليك وأنا أتوسل إليك بتلك الوسيلة محمد وآله صلى الله عليهم أجمعين.) 11ـ البحار (98/ 323): وعن الشيخ المفيد زيارة أخرى في يوم عاشوراء: (اللهمَّ فبحرمة هذا المكان المنيف صلِّ على محمد وآل محمد وأحشرني في زمرتهم وأدخلني الجنة بشفاعتهم اللهمَّ إني أتوسل إليك يا أسرع الحاسبين ويا أكرم الأكرمين ويا أحكم الحاكمين بمحمد خاتم النبيين رسولك إلى العالمين أجمعين وبأخيه وابن عمه الأنزع البطين العالم المكين علي أمير المؤمنين وبفاطمة سيدة نساء العالمين وبالحسن الزكي عصمة المتقين وبأبي عبد الله الحسين أكرم المستشهدين وبأولاده المقتولين وبعترته المظلومين.....) 12ـ البحار(98/372): عن الكتاب العتيق الغروي زيارة للحسين (عليه السلام) من بعيد: (.... اللهم صلِّ على محمد وعلى آله الطاهرين يا الله يا رب محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين أتوسل إليك بهم ففك رقبتي من النار ولا تقطع رجائي يا أرحم الراحمين.... اللهمَّ فبحقك عليهم وبحقهم عليك وبشأنهم عندك فإن لهم عندك شأناً من الشأن تب عليَّ يا تواب وافتح علي رزقك الحلال الطيب....) 13ـ البحار(99/68): عن الشيخ الطوسي في التهذيب زيارة الإمام الحسن العسكري: (وياحي لا إله إلا أنت أتوسل إليك بحبيبك محمد ووصيه علي ابن عمه وصهره على ابنته... وأتوسل إليك بفاطمة الزهراء والدة الائمة المهديين... وأتوسل إليك بالحسن الرضي الطاهر الزكي والحسين المظلوم المرضي البر التقي سيدي شباب أهل الجنة... وأتوسل إليك بعلي بن الحسين.... (إلى آخر الأئمة). وهذا قليل من كثير فقد وردت مئات الأدعية فيها التوسل بالنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته(عليهم السلام).) أما بالنسبة إلى حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام)،فقد قال بذلك حتى كبير السلفيين الألباني واعترف بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حي وحياته أفضل وأكمل ما تكون لأحد من خلق الله تعالى غايته أنها حياة برزخية ليست دنيوية، ونحن أيضاً نقول بمثل هذا القول حيث أن حياة الأنبياء والرسل والشهداء وسائر الأموات تختلف عن حياتنا الدنيوية، ولكنها حياة بكل معنى الكلمة وإنها تختلف عن حياتنا بعدم حاجتهم إلى الماديات مثل الطعام والشراب والحركة الجسدية ولكن لهم قوى وطاقات وقدرات تفوق قدرات الأحياء بالحياة الدنيوية،عموماً حيث أن الروح سوف لن تتقيد بالجسد فتكون طليقة وقادرة على الانتقال والمعرفة والتحسس بكثير من الأمور أكثر مما هي عليه في عالم الدنيا. وقد أكد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ذلك حين قال للصحابة ولأمته عموماً: (حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض عليَّ أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت الله لكم) (رواه البزار ورجاله رجال الصحيح كما قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد9/24). وهذا الحديث واضح في أن النبي (صلى الله عليه وآله) حي يحس بنا ويتعامل مع أعمالنا وما يصدر منا فيعرض عليه ويكون شاهداً عليه بل وينفعنا بعد وفاته أكثر مما كان عليه في حياته حيث أنه تعرض عليه أعمالنا بعد وفاته فيستغفر لنا إن وجد شراً قد صدر منا، أما في حياته (صلى الله عليه وآله) فلم يكن يفعل ذلك مع أمته ولا مع أصحابه ولذلك أمرنا تعالى بأن نجيء ونذهب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنعلمه بحالنا وأخطائنا ومعصيتنا ليستغفر لنا بعد ذلك كما قال تعالى: (( وَلَو أَنَّهُم إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُم جَآؤُوكَ فَاستَغفَرُوا اللّهَ وَاستَغفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً )) (النساء :64). ويكفي لجواز التوسل إلى الله تعالى برسوله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) ما ورد وصح عند السنة من حديث الضرير حيث علمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن يذهب فيتوضأ ويصلي ركعتين ويدعو الله متوسلاً بنبيه (صلى الله عليه وآله) مع عدم كونه عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين إستعانته بالنبي (صلى الله عليه وآله) بقوله: يا محمّد فقال قل: اللهمَّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي ..... وقد عمل أحد الصحابة الكبار بهذا الحديث بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يفرق بين حياته وبعد وفاته فعلّم عثمان بن حنيف هذا الدعاء رجلاً كانت له حاجة عند عثمان بن عفّان حين خلافته فلم يكن يستطع الدخول عليه فلما دعا بهذا الدعاء أدخلوه مباشرة وأكرموه وقضوا حاجته. وهذا الحديث صحيح قد صححه الطبراني وغيره ولكن التلاعب من أجل الهوى وعدم الانصاف هو ما جعل البعض يضعفه. . وقد قال المناوي في (فيض القدير 2/169) في شرحه لحديث الضرير: (يا محمد إني توجهت بك) أي استشفعت بك، قال الطيبي: الباء في بك للإستعانة (إلى ربي) قال السبكي: ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي (صلى الله عليه وآله) إلى ربه، ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يقله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثله إنتهى. وقد قال شيخ السلفية الألباني في كتابه (التوسل ص43):أجاز الإمام (أحمد) التوسل بالرسول (صلى الله عليه وآله) فقط وأجاز غيره كالإمام الشوكاني (وهو عالم سلفي) التوسل به وبغيره من الأنبياء والصالحين. فهل الوهابية أعلم من إمامهم أحمد بن حنبل والمتشدد العز بن عبد السلام الذي يجيز التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) أيضاً والشوكاني الذي يجيز التوسل مطلقاً؟!! وهل كل هؤلاء مشركون قبوريون؟! فما لكم كيف تحكمون؟! أما قوله بأنهم أحياء عند ربهم،فلا ندري ماذا يقصد وماذا يفهم من هذه العندية؟ هل هي مكانية وظرفية عنده أم إنها تعني أن الشهيد حي في الحسابات الإلهية والواقعية؟! لا سيما لو ركز الوهابيون في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جعفر الطيار حيث قال يوماً كما يرويه ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن جعفراً مرَّ مع جبريل وميكائيل له جناحان عوضه الله من يديه فسلم ثم أخبرني كيف كان أمره حيث لقى المشركين فلذلك سُمِّي جعفر الطيار في الجنة. وبسنده إلى إبن عباس أيضاً قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس وأسماء بنت عميس قريبة منه ثم رد السلام قال: (يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب مع جبريل وميكائيل مرّوا فسلَّموا علينا فرددت عليهم السلام وأخبرني أنه لقى المشركين يوم كذا وكذا فأصبت في جسدي من مقاديمي ثلاثاً وسبعين من طعنة وضربة ثم أخذت اللواء بيدي اليمنى فقُطعت ثم أخذته باليسرى فقطعت،فعوضني الله من يديّ جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة أنزل بهما حيث شئت وآكل من ثمارها ما شئت). فقالت أسماء: هنيئاً لجعفر ما رزقه الله من الخير،ولكني أخاف أن لا يصدقني الناس، فاصعَدِ المنبر فأخبرِ الناس يا رسول الله، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أيها الناس إن جعفر بن أبي طالب مع جبريل وميكائيل له جناحان عوَّضه الله من يديه يطير بهما في الجنة حيث شاء فسلَّم عليَّ فأخبر كيف كان أمرهم حين لقى المشركين فاستبان للناس بعد ذلك أن جعفراً لقيهم فسمي جعفر الطيار في الجنة ذا جناحين يطير بهما حيث شاء مخضوبة قوادمه بالدماء) (رواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن كما قال ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 272). فها هو جعفر الطيار سلام الله عليه يطير بعد استشهاده في الدنيا ويراه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يطير ويسلم على رسول الله ويكلمه ويخبره بما جرى عليه ومعه بالتفصيل ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يصدق ذلك ويبني عليه حيث يرتقي المنبر ويخبر المسلمين بذلك جازماً ولم يشك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بوقوع ذلك كله حقيقة. أما ما زعم أنها أدلة على مراده فنقول عنها: 1ـ الرواية الأولى قد ذكرنا قبل قليل حديث التوسل بالضرير في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعد وفاته وكذلك ذكرنا حديث: (حياتي خير لكم ووفاتي خير لكم... استغفرت له) وبذلك يتضح أن رواية الصلاة والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بُعد، موضوع لوحده ولا يتعارض مع الصلاة والسلام عليه (صلى الله عليه وآله) عن قرب ولا مع التوسل به أو الإستغاثة والإستعانة به (صلى الله عليه وآله) فلا تنافي بين كل هذه الأحاديث. 2ـ أما الرواية الثانية التي تقلدون فيها مع الأسف أناساً لا خلاق لهم كما هي العادة في ردودكم على الشيعة حيث تصدقون الكذوب بسهولة ولا تكلفون أنفسكم بعض العناء في البحث والتأكد مما ينقله المغرضون من أهل الفتن والباطل والتكفير،حيث أننا لو أحسنّا الظن بك ولم نقل أنك أنت من جاء بهذه الشبهة على الشيعة (واستخرجه وابتكره لأنه علامة زمانه) وإنما قد قمتَ بنقله عن غيرك من علاّمات زمانكم فهذا الناقل على العموم كاذب ومدلس قطع كلام أمير المؤمنين (عليه السلام): (فاسألوا الله به وتوجهوا إليه بحبه ولا تسألوا به بخلقه إنه ما توجه العباد إلى الله بمثله) (نهج البلاغة 2/ 91ـ92). موهماً القرّاء أن التوسل لا يجوز إلى الله إلا به سبحانه مع أنك لو نقلت كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) كله دون تلاعب وتحريف لما نفعك هذا الدليل في شيء وكلامه (عليه السلام) هو:(وأعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش والهادي الذي لا يضل والمحدث الذي لا يكذب.. وأعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ولا لأحد قبل القرآن من غنى فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به من لأوائكم فإن فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغي والضلال فاسألوا اللهَ به وتوجهوا إليه بحبه ولا تسألوا به خلقه إنه ما توجه العباد إلى الله بمثله واعلموا أنه شافع مشفَّع وقائل مصدَّق وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شُفِّع فيه ومن محَل به القرآن يوم القيامة صدق عليه...) فكلام أمير المؤمنين عن القرآن الكريم وهو غير الله بكل تأكيد فحينما يقول الإمام ويوصي المسلمين التزام القرآن ويرغبهم فيه ويحببهم إليه ويبرز لهم فضائله لا يعني ذلك نفي التوسل إلى الله تعالى به أو بغيره، بل ذكر (عليه السلام) التوسل والتشفع به، كل ما في الأمر أنه (عليه السلام) قال: (ولا تسألوا به خلقه) أي ولا تسألوا بالقرآن الخلق أي لا تتاجروا ولا تقتاتوا بالقرآن ولا تـُراؤوا به بين الناس، فقد ورد الذم على أكثر حفظة القرآن الكريم والمهتمّين بذلك بأنهم يراؤون وأنهم منافقون وما إلى ذلك، فالإمام (عليه السلام) من باب الترغيب والترهيب يذكّر المسلمين بهذا الأمر ويحذرهم من فعله وهو سؤال الناس بالقرآن فيرشدهم (عليه السلام) إلى التوجه به إلى الله تعالى لا إلى خلقه. وهذا لا محذور فيه البتة وفي المقابل،أي بعد أن حذّرهم (عليه السلام) من التوجه بالقرآن إلى خلق الله وسؤالهم به بين منزلة القرآن وأنه خير ما يتوجه به إلى الله لا إلى الناس إلى طلب الثواب والشفاعة والفوز في الآخرة لا إلى طلب المال والدنيا والمنصب والرئاسة فقال (عليه السلام) عن القرآن: فاسألوا الله به، (أي بالقرآن) وتوجهوا إليه بحبه (أي وتوجهوا إلى الله بحبكم للقرآن) ولا تسألوا به خلقه (أي: ولا تسألوا بالقرآن خلق الله) إنه ما توجه العباد الى الله بمثله (أي: إنه ما توجه أو تقرب العباد الى الله بمثل القرآن فهذه المنزلة العظيمة والثواب الكبيرلا ينبغي التفريط به والنزول بها الى طلب الدنيا الحوائج والفوائد بالقرآن من خلق الله تعالى).فهذا ظاهر كلام أمير المؤمنين لولده الحسن (عليهم السلام) فلا نرى فيها أي نفي للتوسل وإنما يأمره (عليه السلام) بالتوكل على الله والأخلاص في مسألته فبيده تعالى العطاء والحرمان لأنه تعالى كما هو بديهي بيده ملكوت كل شيء. 3ـ وأما بالنسبة الى اتخاذ الله ابراهيم خليلاً فقد وردت عدة روايات لبيان سبب خلته وهذه إحداها،ومع ذلك فهي لا تدل على عدم التوسل أو تحريمه أو كونه شركاً بل الرواية تتكلم عن شيء آخر وهو استغناء إبراهيم (عليه السلام) عن الناس وكل الأسباب وانقطاعة وفقره الى الله تعالى مسبب الأسباب حيث صرحت الرواية بأن سبب خلته أمران:أن أحدهما كونه لم يرد أحداً أي لم يرد سائلاً بل كان كريماً جواداً نافعاً للناس لطيف معهم وفي نفس الوقت لا يرجو منهم شيئاً أو عطاءاً أو أجراً أو مقابلاً وانما كان لا يسأل غير الله عزوجل مستغن به منقطع عن كل الأسباب حتى المباحة والجائزة. ودلت على ذلك رواية هذه القصة بأن الله تعالى أرسل له جبريل (عليه السلام) لينصره ويقضي حاجته وينقذه فتوكل على الله وأصرَّ أن ينقذه الله تعالى من دون تدخل أي سبب كعادته بعدم الأخذ بالأسباب الطبيعية فأنقذه الله تعالى بنفسه دون جبريل (عليه السلام) فعدم سؤاله لاحد من الخلق شيئاً لا يعني أن من سأل الناس كفر أو أشرك أو فعل محرماً بل اتخذه الله خليلاً دون غيره لكونه كان هكذا لا يسأل أحداً شيئاً وإن كان مقدوراً ذلك الشيء أو تلك الحاجة لذلك الشخص فكان يظهر احتياجه وانقطاعة وافتقاره إلى الله تعالى دون سواه. فالخلة هي الفقر والأنقطاع الى الخليل ولذلك سمّي ابراهيم خليلاً لكونه منقطعاً بالطلب والحاجة ومفتقراً إلى خليل واحد قادر على كل شيء وبيده ملكوت كل شيء فلماذا يترك خلة الله ويستبدلها بفقراء محتاجين إلى الله هم أيضاً؟ فبخلاف انقطاعه بالطلب الى الله عز وجل سوف لن يكون خليلاً حقيقياً لله عز وجل وليس أنه سيكون مشركاً أو ارتكب محرماً حاشاه ليتم استدلالك بذلك فافهم. 4ـ وأما عدم إنجاء الله تعالى فرعون بعدما أقرَّ بالتوحيد وأنه استغاث بموسى ولم يستغث بالله تعالى. فنقول: معنى هذه الرواية: أن فرعون حينما استغاث بموسى كشف عن حاله من عدم تصديقه بالله تعالى وعدم ثقته به وعدم إيمانه واقعاً لكونه ظن وأعتقد بقدرة موسى على انقاذه لما رآه منه وما جرى على يديه من معاجز واضحة وإغاثة مستمرة له حتى مع كفره في السابق. وهناك رواية أخرى تذكر سبب عدم إنجاء الله تعالى لفرعون ومن ثم إغراقه رغم كونه أقرَّ لله تعالى بالتوحيد فأجاب الإمام الرضا (عليه السلام) بأنه آمن عند رؤية البأس والإيمان في ذلك الظرف غير مقبول في حكم الله تعالى في السلف والخلف حيث قال الله تعالى: (( فَلَمَّا رَأَوا بَأسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحدَهُ وَكَفَرنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشرِكِينَ * فَلَم يَكُ يَنفَعُهُم إِيمَانُهُم لَمَّا رَأَوا بَأسَنَا )) (غافر:84-85)،وقال عز وجل (( يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفساً إِيمَانُهَا لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أَو كَسَبَت فِي إِيمَانِهَا خَيراً )) (الأنعام :158), وأوضح من ذلك كله جوابه تعالى لفرعون في نفس هذه الآيات (يا موسى ما أغثت فرعون لأنك لم تخلقه), إشارة إلى أن فرعون قد دعا موسى (عليه السلام) كإله ورب قادر مغيث مستقل بالتصرف فلا يمكن أن ينفعه موسى دون إذن الله تعالى له بإغاثته.ولا يمكن ابداً أن نفهم أن قوله تعالى ذلك لموسى (عليه السلام) كان لنفي النفع والإغاثة مطلقاً لكون موسى (عليه السلام) قدر على إغاثته كما أغاثه من قبل حين انقلاب العصا ثعباناً فاستغاث بموسى فأغاثه وكذلك حينما استغاث قارون بموسى (عليه السلام) حين ابتلعته الأرض فلم يغثه فعاتبه الله على عدم إغاثته مع كونه له صلة ورحم معه لأنه ابن خالته ولم ينكر الإغاثة ولا الاستغاثة بموسى (عليه السلام)، وكذلك قد أغاث موسى (عليه السلام) ذلك الإسرائيلي حينما استغاث به على الذي من عدوّه. فالاسرائيلي قد استغاث بموسى (عليه السلام) وهو حي فأغاثه وفرعون استغاث بموسى (عليه السلام) وهو حي فلم يغثه ولا فرق بين الموقفين إلا في إيمان الاسرائيلي وكفر فرعون ومعرفته بكيفية الاستغاثة بغير الله. وعدم معرفته بكيفية الاستغاثة بغير الله تعالى فذاك قد استغاث به مع اعتقاد أن الأمور كلها بيد الله تعالى ومشيئته أما فرعون فقد استغاث بموسى (عليه السلام) على نحو الاستقلال عن الله تعالى وإرادته ومشيئته تعالى فخاب وخسر فذكر الله تعالى موسى (عليه السلام) بأنه لم يمكنه إغاثته على نحو الاستقلال لأنه لم يخلقه والله العالم. 5ـ وأما خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) من قوله: (إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله...)، فعنوانكم بأنه (عليه السلام) يصف لنا آداب التوسل والدعاء فيه جهل وتدليس حيث أنه لا علاقة له بذلك مطلقاً وإنما تكلم الإمام (عليه السلام) وأوصى بالإيمان والطاعة فاستعمل (عليه السلام) (التوسل) هنا بمعناه اللغوي والاصطلاحي العام الذي يعني (التقرب) أو ما يتقرب به الى الله تعالى) وليس كلامه في التوسل الاصطلاحي المختلف فيه حتى يشمل التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) كشفعاء مقبولين مشفَّعين عند الله تعالى حتى يدعي من يدعي بأنه ينفي التوسل بمحمد وآله الأطهار، فالإمام (عليه السلام) يذكر التوسل هنا بأحد مصاديقه وأنواعه وهو التوسل بالعمل الصالح ولا ينافي هذا أبداً التوسل بالله تعالى وأسمائه وصفاته والأنبياء والصالحين، فالتوسل بالعمل الصالح أحد أنواع التوسل المشروع والمتفق عليه وهذا لا ينافي غيره من أنواع التوسل المشروع ولا ينفيه أبداً (إثبات شيء لا ينفي ما سواه). 6ـ أما استدلالك بكلام الإمام السجاد (عليه السلام) كقوله: (الحمد لله الذي أناديه كلما شئت لحاجتي وأخلو به حيث شئت لسري بغير شفيع فيقضي لي حاجتي والحمد لله الذي لا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي...): فنقول: لو أكملت الدعاء قليلاً لعلمت أن المقصود من الشفيع الذي نفاه الإمام (عليه السلام) وكذلك المدعو والمرجو ممن هو غير الله تعالى ذلك مباشرة إنما هم الناس العاديون وليس الأنبياء والصالحين حيث قال (عليه السلام) بعد ذلك مباشرة: (والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني ولن يكلني الى الناس فيهينوني) والتوسل بمحمد وآله مثلاً ليس إهانة لأنهم قطعاً سوف لن يهينوا أحداً لو توسل بهم الى الله تعالى ولم يخيبوه أبداً فالغيرية هنا والشفيع والناس المقصودون بالنفي في كلام ودعاء الإمام (عليه السلام) إنما هم من لم يأذن الله في شفاعتهم والتشفع بهم لا الشفعاء المأذونون ولا من لا يستجاب الدعاء الإّ بإقترانه بالصلاة والثناء عليهم وذكرهم بين يدي الحاجة والدعاء كما ذكرت ذلك الروايات الكثيرة. 7ـ وأما قوله (عليه السلام) في مناجاة المطيعين: (ولا وسيلة لنا إليك إلا أنت) فواضح من عنوان الدعاء بأنه مناجاة والمناجاة عادة تكون بين اثنين عن قرب واختصاص دون إشراك ثالث بينهما فلا تتحقق المناجاة بين العبد والرب إن أدخل شخصاً آخر معه متوسلاً ومستشفعاً به إليه تعالى أبداً فلا يكون من المناسب عند المناجاة مع الله تعالى إدخال واسطة ووسيلة سواء كان شخصاً أو حتى عملاً ..... ولذلك قال (عليه السلام): (فأنا بك ولك، ولا وسيلة لنا إليك إلا أنت) بعد أن طلب من الله تعالى أن ينجيه ويوفقه لحبه وودّه وقربه وأن يجعل جهاده في سبيله أو يحرص على طاعته ويخلص نياته في معاملاته فانه به وله سبحانه حيث أنه مادام هكذا فليس له قربة وطاعة وعملاً وشفيعاً ووسيلة إلا ما كان بذلك الشرط وهو توفيق الله تعالى له وتسديده وقبوله لأن العمل أو غيره من الشفعاء والوسائل المقربة إلى الله تعالى لا تكون إلا به وبتوفيقه سبحانه للعبد وهذا المعنى يشبه ما يروى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يدخل أحد الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): ولا أنا إلا أن يتغمدنا الله تعالى برحمته. فكلام الإمام (عليه السلام) هنا هو نفس كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا . 8ـ وأما قوله (عليه السلام): (أنت المدعو للمهمات وأنت المفزع في الملمات) و(لا شريكك أحد في رجائي ولا يتفق أحد معك في دعائي ولا ينظمه وإياك ندائي) فهو واضح في بيان أنه (عليه السلام) محتاج فقير إلى الله عزوجل كسائر المخلوقات قاطبة لأن الله تعالى غني مطلق والخلق كله ممكن فقير إلى الله تعالى فلا ينبغي أن تطلب الحاجات ويرجى ويشرك مع الغني فقيراً إلى وجعله له نداً وهذا كله لا علاقة له بالتوسل نفياً وإثباتاً ولو كان التوسل غير جائز مطلقاً لما أجمع الصحابة على جواز توسل عمر بعم النبي (صلى الله عليه وآله) العباس وأقروه على ذلك ولقالوا له: لا تشرك بالله يا عمر فانه يجب أن تدعو الله وحده وترجوه وحده ولا تتقرب إليه بأحد من خلقه أبداً فلماذا تشرك العباس في دعائك إلى الله تعالى حيث تقول: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا محمد (صلى الله عليه وآله) فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، وكيف يقول الرواي: فيسقون؟! وإن قلت : أن العباس كان حياً ، قلنا:إن ما أردت الاستدلال به ولم يتم لا يفرق بين حياة المتوسل به مماته فكله توسل بغير الله المنفي حسب الفرض. 9ـ وأخيراً ما نقلته عن الإمام الصادق (عليه السلام) من قوله: (عجبت لمن أدركه الهم ولم يفزع إلى قول الحق سبحانه: (( لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )) (الأنبياء:87)، سمعت الله يعقبها يقول : (( فَاستَجَبنَا لَهُ وَنَجَّينَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي المُؤمِنِينَ )) (الأنبياء:88) وعجبت ... وعجبت.... (إلى آخر كلامه (عليه السلام)). فنقول: إن إثبات الشيء لا ينفي ما عداه كما هو متفق عليه والإمام (عليه السلام) هنا يدلنا على بعض الأدعية القرآنية وهذا بالتأكيد لا ينافي أدعية رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو حتى الدعاء المرتجل من العبد نفسه لربه عزوجل أو التوسل بصفات الله تعالى وأسمائه أو التوسل إلى الله بالعمل الصالح كما توسل الثلاثة من بني اسرائيل حينما حبسوا في مغارة فاستجاب الله تعالى لهم حينما توسلوا إليه سبحانه بأفضل أعمالهم التي فعلوها وكذلك لا ينافي هذا التوسل إلى الله تعالى بدعاء أخيه المسلم أو الرجل الصالح كما فعل عمر مع العباس والصحابة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهكذا فلا يصلح استدلالك واستشهادك بهذا الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) على نفي التوسل والأدعية الأخرى والأساليب المتعددة التي وسع الله تعالى بها على عباده. ومع شديد الأسف نجد هذا التخبط وهذا النقل للشبهات كابراً عن كابر دون فهم أو استقراء للدين الإسلامي العظيم ودون فهم لروح الإسلام ما أدى إلى ظهور التطرف والمتطرفين والتكفير والتكفيريين على مر العصور بين المسلمين كما بدأ هذا الفهم السقيم في الخوارج حينما كفـّروا أمير المؤمنين وسيد الموحدين علي (عليه السلام) بعد أن قبل بالتحكيم فاتهموه بتحكيم غير الله عز وجل فالشرك بالله عزّ وجلّ واستدلوا بقوله تعالى: (( إِنِ الحُكمُ إِلاَّ لِلّهِ )) (الأنعام:57) كما يفعل هذا السائل المشكل وغيره هذه الأيام. هدانا الله وإياكم إلى صراطه المستقيم ودينه القويم بحق محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين. ودمتم في رعاية الله