وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
القاسم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب من أولاد الإمام الكاظم (عليهم السلام).
لم تذكر في المصادر سنة ولادته ووفاته، لكن قيل أنه ولد سنة 150 هـ في المدينة، وذكر في كتاب شجرة طوبي أن الهارون العباسي شدّد على العلويين، وقام بتعذيبهم وتشريدهم في البلاد، فهاجر القاسم بن موسى إلى العراق، فتزوج هناك من ابنة أحد شيوخ القبائل، فأنجبت له بنتاً، ثمّ توفي القاسم هناك.[١]
يظهر من بعض الروايات أنه كان ذا فضل ومنقبة وأنّ الإمام الكاظم (عليه السلام) كان يحبه كثيراً ويعطف عليه، وكما ورد في رواية في كتاب الكافي أنه (عليه السلام) بعد الإشارة إلى إمامة الرضا (عليه السلام) قال: "وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيَّ لَجَعَلْتُهُ فِي الْقَاسِمِ ابْنِي لِحُبِّي إِيَّاهُ وَرَأْفَتِي عَلَيْهِ، وَلَكِنْ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَجْعَلُهُ حَيْثُ يَشَاء."[٢]
وجعله الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) في وصيته متولياً على صدقته بعد وفاة علي الرضا (عليه السلام) أو إبراهيم. [الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 9، ص 149].
ونقل أن السيد بن طاووس في كتابه مصباح الزائر قرن اسم القاسم بالعباس بن علي و علي بن الحسين (عليهما السلام) وذكر نصاً لزيارتهم.[٣]
وقيل أنه اشتهرت رواية عن الإمام الرضا (عليه السلام) في الألسنة: من لم يقدر على زيارتي، فليزر أخي القاسم، إلا أن هذه الرواية لا توجد في المصادر.[٤]
وكما أورد الحائري المازندراني في كتابه شجرة طوبى أن القاسم لما أحس ببطش هارون الرشيد في حق العلويين وتنكيله بهم، ترك المدينة قاصداً قبر جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فجعل يتمشّى على شاطئ الفرات وإذا يلتقي ببنتين تلعبان في التراب، إحديهما تعتذر للأخرى وتقول: لا وحقّ الأمير صاحب بيعة يوم الغدير ما كان الأمر كذا وكذا، فلمّا رأى عذوبة منطقها قال لها: مَن تعنين بهذا الكلام؟ قالت: أعني الضارب بالسيفين والطاعن بالرمحين أبا الحسن والحسين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
قال لها: يا بُنية، هل لكِ أن تُرشديني إلى رئيس هذا الحي؟ فاستجابت له وكان أبوها كبير القوم، فجاءت به إلى بيتهم، فبقي القاسم ثلاثة أيّام بعزّ واحترام، فلمّا كان اليوم الرابع دنى القاسم من الشيخ وقال له: يا شيخ، أنا سمعت ممّن سمع من رسول الله أنّ الضيف ثلاثة، وما زاد على ذلك يأكل صدقة، وإنّي أكره أن آكل الصدقة، وإنّي أُريد أن تختار لي عملاً اشتغل فيه لئلّا يكون ما آكله صدقة. فاستأذنه ليكون سقاءً في مجلسه.
وبعد أن عاشره الشيخ عرفه بالالتزام والتديّن، فجمع عشيرته ليبدي لهم نيته بتزويج إحدى بناته، فوافقوه الرأي.
عندئذ زوجه من ابنته، فبقي القاسم عندهم حتى رزقه الله ابنة، وصار لها من العمر ثلاث سنين، مرض القاسم مرضاً شديداً حتّى دنى أجله، جلس الشيخ عند رأسه يسأله عن نسبه؟ فباح بنسبه وأنه ابن الإمام الكاظم (عليه السلام).
جعل الشيخ يلطم على رأسه وهو يقول: وا حيائي من أبيك موسى بن جعفر.
قال له: لا بأس عليك يا عمّ، إنّك أكرمتني وإنّك معنا في الجنّة، يا عم، فأوصاه بتجهيزه والصلاة عليه ودفنه، وأردف قائلاً: إذا قدم عليكم موسم الحجّ فصاحب ابنتي مع أمها إلى الحج، فإذا فرغت من مناسك الحجّ أجعل طريقك على المدينة، فإذا أتيت المدينة أنزل ابنتي على بابها، فستدرج وتمشي، فامشِ أنت وزوجتي خلفها حتّى تقف على باب دارٍ عالية، فتلك الدار دارنا، فتدخل البيت وليس فيها إلّا نساء، وكلّهن أرامل.
ثمّ قضى نحبه، فلمّا صار وقت الحج وقضوا مناسكهم توجهوا نحو المدينة، فلمّا وصلوا إلى المدينة أنزلوا البنت عند بابها على الأرض، فجعلت تدرج والشيخ يمشي خلفها إلى أن وصلت إلى باب الدار، فدخلت فبقي الشيخ وابنته واقفين خلف الباب، وخرجن النساء إليها فلمّا قلن لها النساء: ابنة مَن تكونين؟ فلم تجبهم إلّا بالبكاء والنحيب، فعند ذلك خرجت أُمّ القاسم، فلمّا نظرت إلى شمائلها جعلت تبكي وتنادي: وا ولداه، وا قاسماه، والله هذه يتيمة ولدي القاسم، فقلن لها: من أين تعرفينها إنّها ابنة القاسم؟ قالت: نظرت إلى شمائلها لأنّها تشبه شمائل ولدي القاسم.
وقيل: إنّها مرضت لمّا علمت بموت ولدها، فلم تمكث إلّا ثلاثة أيّام حتّى ماتت.[٥]
منقول بتصرف .
المصادر :
١-الحائري المازندراني، شجرة طوبى، ج 1، ص 171 - 172
٢-الكليني، الكافى، ج 1، ص 314 ح 14.
٣-المجلسي، بحار الأنوار، ج 99، ص 272، نقلاً عن مصباح الزائر، ص 260
٤-المجلسي، بحار الأنوار، ج 53، ص 257، الهامش 1 و ج 99، ص 276، الهامش 1.
٥-الحائري المازندراني، شجرة طوبى، ج 1، ص 171 - 172