عليكم السلام ورحمة الله
الصلاة لغة هي: الدعاء, قال الراغب مفرداته ص285: (والصلاة قال كثير من أهل اللغة: هي الدعاء والتبريك والتمجيد, يصال صليت عليه, أي دعوت له وزكيت), وقال افيروز آبادي في قاموسه 4/303: (والصلاة الدعاء والرحمة والاستغفار وحسن الثناء من الله (عز وجل) على رسوله (صلى الله عليه).
وأما معنى الصلاة من الله على النبي (صلى الله عليه وآله): فهي ترد لمعانٍ ثلاثة (الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) وأثرها في النشأتين ص303).
1- إن صلاته تعالى هي ثناؤه عليه (تفسير عبد الله شبر ص403).
2- إنها رحمته, قال صاحب تفسير الميزان 16/338: (إن أصل الصلاة الانعطاف فصلاته تعالى انعطافه عليه بالرحمة انعطافاً مطلقاً ... المزید).
3- إن صلاة الله مغفرته: (التفسير الصافي 1/205) معالم الدين وملاذ المجتهدين ص41).
فالصيغة الصحيحة للصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) وآله (عليهم السلام) من الكتاب المفسّر بالسنة الصحيحة, ثم إن طلب الصلاة من الله علينا معناه طلب نزول الرحمة, وهذا يتحقق إذا صلى العبد على النبي وآله كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (... وبالصلاة تنالون الرحمة, فأكثروا من الصلاة على نبيكم وآله, (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسلِيماً )) (الأحزاب:56) ). بحار الأنوار 91/48.
وأما المعنى الفلسفي والعقائدي, فيمكن القول: إن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو أشرف الموجودات في عالم الإمكان تزيده تكاملاً, وكذلك الأئمة (عليهم السلام) في عروجهم إلى الله, جاء في كتاب أصول الكافي1/254, عن المفضل قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) ذات يوم وكان لا يكذبني قبل ذلك: يا أبا عبد الله, قال: قلت: لبيك, قال: إن لنا في كل ليلة جمعة سروراً, قلت زادك الله وما ذاك؟
قال: إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله (صلى الله عليه وآله) العرش ووافى الأئمة (عليهم السلام) معه ووافينا, معهم فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلا بعلم مستفاد ولولا ذلك لأنفدنا).
وذكرت الصلاة على النبي محمد وآله صلوات الله عليهم في كثير من الروايات التي لم تختلف في مضمونها او نصها او معناها الا القليل منها الذي يضمحل في التواتر او المستفيض و المشهور، ونذكر هنا جملة من الاحاديث التي وردت في حق الصلاة على محمد و آل محمد صلوات الله عليهم عن طريق العامة كونها من المسلمات في مذهبنا الإمامي :
في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وموطأ مالك ومسند أحمد وسنن الدارمي:
عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجلس معنا في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد ـ وهو أبو النعمان بن بشير ـ : أمرنا الله أن نصلّي عليك يا رسول الله، فكيف نصلّي عليك؟ قال: فصمت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى تمنينا أنه لم يسأله، ثمّ قال: "قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد والسّلام كما قد عَلِمْتُم".
و في كنز العمال: عن طلحة قال:
قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف السّلام عليك، فكيف الصّلاة عليك؟ قال: "قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد وبارك على محمّد وآل محمّد كما صلّيت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد".
وفي مسند أحمد والدرّ المنثور:
عن بريدة الخزاعي عن النبي (صلى الله عليه وآله):
"قولوا: اللّهمّ اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمّد وعلى آل محمّد كما جعلتها على إبراهيم إنّك حميد مجيد".
يتبين لنا مما ورد اعلاه ان كلمة (وآله) لم تفارق الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله بل كانت الصلاة على النبي محمد وآله متلازمتان لاتمام الصلاة ويذكر في الروايات من اهل العامة ايضا:
ما اخرجه ابن حجر العسقلاني في الصواعق المحرقة:" لا تصلوا علي الصلاة البتراء فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد".
وما اخرجه الطبراني في الاوسط عن علي بن ابي طالب عليه السلام(كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد وآل محمد).
و أيضا أخرجه البيهقي وابن عساكر وغيرهما عن علي عليه السلام مرفوعا ما معناه : (الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض لا يصعد إلى الله منه شئ حتى يصلى على محمد -صلى الله عليه وآله- وعلى آل محمد).
ونختم الكلام في اجمل الاشعار لمحمد بن ادريس الشافعي صاحب المذهب الشافعي و ثالث الأئمة الأربعة عند أهل العامة التي اعطت لاهل البيت عليهم السلام اعترافاَ وحقاَ واضحاً في رفض الصلاة البتراء على النبي وآله صلوات الله عليهم حيث قال:
يا أهل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر إنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له