السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع الأسف فإنّي قد أدمنت على مشاهدة الأفلام الإباحية وكلما تبت منها رجعت إليها وحاولت بجميع الطرق ولم تنجح، فما الحل هل أذهب للطبيب النفسي لمعالجة ذلك فماذا تنصحوني؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إنّ الخوف من اللَّه هو الطريق الأمثل لدخول الجنة ورضا اللَّه، وهو الطريق لإصلاح النفس، فالخائف من اللَّه لا يكذب ولا يغتاب ولا يفعل ما يحرّمه اللَّه تعالى، واللَّه تعالى بسبب ذلك يُنزل عليه أنواع الرحمة ويدخله فسيح جناته.
وعن الرسول الأكرم (صلى اللَّه عليه وآله) قال: "مَن عُرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة اللَّه (عزّ وجلّ) حرّم اللَّه عليه النار وآمنه من الفزع الأكبر وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله: {ولمَن خاف مقام ربه جنتان}".( الحر العاملي، وسائل الشيعة:ج١٥،ص٢٠٩).
وفسر الإمام الصادق (عليه السلام) قوله تعالى: {و لمَن خاف مقام ربه جنتان},بقوله: "مَن علم أنّ اللَّه يراه ويسمع ما يقول ويعلم ما يعمله من خيرٍ أو شرٍّ فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمالد فذلك الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى".(المجلسي، بحار الأنوار:ج٦٧،ص٣٦٤).
وقال تعالى :{إنّ الحسنات يُذهبن السيئات}.(هود:آية١١٤).
وقال تعالى أيضاً : {إنّ الله يُحبّ التوّابين و يُحبّ المتطهّرين }.( البقرة :آية٢٢٢).
فكما تجدر المسارعة إلى علاج الجسم من الجراثيم والأمراض قبل استفحالها وضعف الجسم عن مكافحتها كذلك تجب المبادرة إلى تصفية النفس وتطهيرها من أضرار الذنوب ودنس الآثام قبل تفاقم غوائلها وعسر تداركها .
وكما تعالج الأمراض الصحية بتجرّع العقاقير الكريهة والاحتماء عن المطاعم الشهية الضارة كذلك تعالج الذنوب بمعاناة التوبة والإقلاع عن الشهوات العارمة والأهواء الجامحة ليأمن التائب أخطارها ومآسيها الدنيوية والأُخروية .
فالتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى بقلب صادق وبذل كل ما يرفع سخط الرحمن، فالإنسان لا يعلم متى سيلاقي ربه، هل في شبابه أو في هرمه؟ هل في صحته أو في سقمه؟ هل حال طاعته أو حال معصيته؟ فلذا يجب على الإنسان العاقل أن يتوب إلى الله تعالى ولا يُمنّي نفسه بغدٍ وبعد غدٍ، بل يبادر في شبابه قبل هرمه، وفي صحته قبل سقمه، وهذا أمر طبيعي للمؤمن بالآخرة والجزاء، وأنّ حال الدنيا معبر لا مستقر، فمَن نظر بهذا المنظار فلن يعصي الله تعالى طرفة عين أبداً؛ ولذا تفكّر ساعة خير من عبادة كذا سنة .
ولكن هناك سؤال مهم إذا تاب العبد هل القبول محتم وما هي مراحل التوبة وثمارها؟
الجواب .
مراحل التوبة ثلاث وهي :
1ـ مرحلة يقظة الضمير وشعور المذنب بذنبه والندم على معصية الله تعالى التي تسبب سخطه وعقابه.
2ـ مرحلة الإنابة والرجوع إلى الله تعالى والعزم الصادق على طاعته ونبذ عصيانه.
3 ـ تصفية النفس من تبعات الذنوب إن كانت لها تبعات فما كان من حقوق الله تعالى وما يختص به كالصلاة والحج والخمس أدّاه، وما كان من حقوق البشر كأموال الناس المأخوذة عنوةً دون رضاً قام بإيصالها لمستحقيها .
فإن أدّى التائب كل ذلك خرج من ذنوبه بصفح من الله ورحمة، ولكن ليست التوبة هزل عابث ولقلقة يتشدق بها اللسان، وإنّما هي الإنابة الصادقة إلى الله تعالى ومجافاة عصيانه بعزم وتصميم قويين والمستغفر بلسانه وهو سابح في المعاصي مستهتر كذّاب كما قال الإمام الرضا (عليه السلام): "المستغفر من ذنبٍ ويفعله كالمستهزئ بربه".(الريشهري، ميزان الحكمة:ج٣،ص٢٢٧٩).
ثمار التوبة:
للتوبة ثمار عظيمة ويكفي أن تكون التوبة سبباً لحبّ الله تبارك وتعالى وإليك بعض الأخبار في هذا المجال:
1ـ عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام)قال: "إذا تاب العبد توبةً نصوحاً أحبّه الله تعالى فستر عليه في الدنيا والآخرة . قلت: وكيف يستر الله عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب، ثمّ يوحي إلى جوارحه اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله تعالى حين يلقاه وليس يشهد عليه بشيء من الذنوب".(الصدوق، ثواب الأعمال:ص١٧١).
2ـ عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلّم) :
"التائب من الذنب كمَن لا ذنب له".(النراقي، جامع السعادات:ج٣،ص٥١).
ويمكنك مشارطة نفسك بأنّك إذا رجعت لمشاهدة ذلك أنّ تصوم ٣ أيام، أو أن تتصدق بمبلغ مالي جيد كأن يكن ٥٠ ألفاً مثلاً.
وأمّا مسألة الطبيب النفسي فلا بأس بذلك ولكن تعتمد الأمور كلها على إرادتك وعزيمتك.
تقبل الله توبتكم