logo-img
السیاسات و الشروط
🦋✨ ( 23 سنة ) - العراق
منذ سنة

الدعوة الإسلامية

لماذا اقتصر الإسلام على الدول العربية فقط؟ بينما دعوة رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله) كانت عامة لكل الناس. فلماذا لم يهاجر إلى تلك الدول الأجنبية لتبليغ رسالته؟


السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب جاء في كتاب مفاهيم القرآن، شيخ جعفر السبحاني ،ج3 ، ص 39 - 54: كانت دعوة الرسول (صلى اللّٰه عليه وآله وسلم) في بدء أمرها تدور بين أهله وعشيرته، ممتثلاً لما أمره الله سبحانه بذلك بقوله: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} (الشعراء: 214)، والسر في ذلك أنّ النفوذ في الآل والعشيرة ألزم وأسهل من الأجانب والأباعد. مضى رسول اللّٰه في دعوته السرية ثلاث سنين، وهو ينذر طيلة تلك المدة قومه وعشيرته، ويؤمي إلى عموم دعوته تارة، ويجاهر بذلك اُخرى، ويستنتج أنّ دعوته وشريعته عالمية، سوف تعم العالم كله، ولا تحبس بإطار خاص. قال (صلى اللّٰه عليه وآله وسلم) في خطاب ألقاه في داره ، حينما وفد إليه أعمامه وأخواله ومن كانت له به صلة: «والله الذي لا إله إلاّ هو، أنّي رسول اللّٰه إليكم خاصة، وإلى الناس عامة والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وأنّها الجنّة أبداً، والنار أبداً». وإنّ نصوص القرآن الدالّة على أنّ رسالته، رسالة عالمية وأنّ دعوته لا تختص بإقليم خاص، أو اُمّة معيّنة، وإنّ مرماه هو إصلاح المجتمع البشري على وجه الاطلاق، ويمكن الاستدلال على ذلك بوجوه: الأوّل: انّ كثيراً من الآيات تصرّح بأنّ رسالته عالمية، وأنّه رسول اللّٰه إلى الناس جميعاً، وأنّ الله أرسله رحمة للعالمين، وأنّه بشير ونذير للناس كافة، وأنّه ينذر بقرآنه كل من بلغه كتابه وهتافه، من غير فرق بين شخص وشخص، أو عنصر وآخر، ودونك بعض النصوص من هذا القسم: 1. {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} ( الأعراف: 158). 2. {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} ( سبأ: 28). 3. {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَىٰ بِاللهِ شَهِيدًا} ( النساء: 79). 4. {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} ( الأنبياء: 107). 5. {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} ( الفرقان:1). 6. {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ... المزید } ( الأنعام: 19). والمكاتيب التي أرسلها رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) أول دليل على أنّ رسالته، عالمية لا تحدد بحد، بل تجعل الأرض كلها مجالاً لإقامة هذا الدين، ودونك نماذج ممّا ورد في تلكم الرسائل: 1. كتب إلى كسرى ملك فارس: «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس: سلام على من اتبع الهدى ... أدعوك بدعاية الله فإنّي أنا رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيّاً، ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس». 2. وكتب (صلى اللّٰه عليه وآله وسلم) إلى قيصر ملك الروم: «بسم الله الرحمن الرحيم، إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أمّا بعد فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرّتين فإن تولّيت فإنّما عليك إثم الاريسيين». وما ذكرناه نماذج من رسائله، وكتاباته الابلاغية، وفيه وفي غيره مصارحة شديدة بأنّه رسول الله إلى العرب والعجم، وإلى الناس كلهم، من غير فرق بين اللون والجنس، والعنصر والوطن، ويمتد شعاع رسالته بامتداد الحضارة، ووجود الانسان، وأنّه (صلى اللّٰه عليه وآله وسلم) يكافح كل مبدأ يضاد دينه، وكل رساله تغاير رسالته، وقد جرى الرسول (صلى اللّٰه عليه وآله وسلم) عليه طيلة حياته الرسالية، حتى التحق بالرفيق الأعلى. وهناك لون آخر من البحث يتصل اتصالاً وثيقاً بطبيعة الإسلام، وبفكرته الكلية، عن الكون والحياة والإنسان، ونظرته الوسيعة الثاقبة في التقنين والتشريع وإن شئت فاجعله خامس الوجوه. بيانه: أنّ الحقائق الراهنة التي جاء بها الصادع بالحق، في مختلف الأبواب والفصول، لا تستهدف سوى تبنّي الواقع، ولا تأخذ غيره دعامة، ولا تخضع لشرط من الشرائط الزمانية إلاّ لنفس الأمر. وإن شئت فقل: إنّ الإسلام لا يعتمد في أحكامه وتشريعاته وما يرجع إلى الانسان في معاشه ومعاده، إلاّ على مقتضى الفطرة التي فطر عليها كلّ بني الإنسان والسائدة في كافة أفراده، في عامة أقطار الأرض جميعاً، وإذا كان الحكم والتشريع موضوعاً على طبق الفطرة الانسانية السائدة في جميع الأقطار والأفراد ، فلا وجه لاختصاصه بإقليم دون إقليم ، أو بشعب دون شعب. ولا يجد الباحث ـ مهما اُوتي من مقدرة علمية كبيرة ـ في ما جاء به نبي الإسلام (صلى اللّٰه عليه وآله وسلم)، على سعة نطاقه، وبحثه في شتى الجهات، ومختلف النقاط أي طابع إقليمي، أو صبغة طائفية، وتلك آية واضحة على أنّ دعوته دعوة عالمية لا تتحيز إلى فئة معيّنة، ولا تنجرف إلى طائفة خاصة. دمتم في رعاية اللّٰه وحفظه

1