السلام عليكم
يقول تعالى في سورة يوسف تعالى: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (٤١)﴾.
ما تفسير الآية؟
السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
جاء في تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج ٥ - الصفحة ٤٠٣-٤٠٤:
(يا صاحبي السجن) هذا حكاية نداء يوسف للمستفتين له عن تأويل رؤياهما أي: يا ملازمي السجن (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) أي: أأملاك متباينون من حجر وخشب، لا تضر ولا تنفع، خير لمن عبدها، أم الله الواحد القهار الذي إليه الخير والشر، والنفع والضر؟ وهذا ظاهره الاستفهام، والمراد به التقرير، وإلزام الحجة.
والقاهر: هو القادر الذي لا يمتنع عليه شيء ما (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) ابتدأ بخطاب اثنين، ثم خاطب بلفظ الجمع، لأنه قصد جميع من هو في مثل حالهما. وقيل: انه خطاب لجميع من في الحبس، ومعناه: إن هذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله، وسميتموها بأسماء يعني الأرباب والآلهة، هي أسماء فارغة عن المعاني لا حقيقة لها، ما أنزل الله من حجة بعبادتها (ان الحكم إلا لله) أي: ما الحكم والأمر إلا لله، فلا يجوز العبادة، والخضوع، والتذلل، إلا لله.
(أمر ألا تعبدوا إلا إياه) أي: وقد أمركم أن لا تعبدوا غيره (ذلك) أي: ذلك الذي بينت لكم من توحيده وعبادته، وترك عبادة غيره (الدين القيم) أي: الدين المستقيم الذي لا عوج فيه (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) قال ابن عباس: ما للمطيعين من الثواب، وللعاصين من العقاب. وقيل: لا يعلمون صحة ما أقول لعدولهم عن النظر والاستدلال.
ثم عبر (عليه السلام) رؤياهما فقال: (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمراً) بدأ بما هو الأهم، وهو الدعاء إلى توحيد الله وعبادته، وإظهار معجزته. ثم بتعبير رؤيا الساقي، فروي أنه قال: أما العناقيد الثلاثة: فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن، ثم يخرجك الملك اليوم الرابع، وتعود إلى ما كنت عليه، وأجرى على مالكه صفة الرب، لأنه عبده، فأضافه إليه كما يقال: رب الدار، ورب الضيعة (وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه) يريد بالآخر: صاحب الطعام. روي أنه قال: بئس ما رأيت. أما السلال الثلاث، فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن، ثم يخرجك الملك، فيصلبك، فتأكل الطير من رأسك. فقال عند ذلك: ما رأيت شيئاً، وكنت ألعب!! فقال يوسف (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) أي: فرغ من الأمر الذي تسألان وتطلبان معرفته، وما قلته لكما فإنه نازل بكما، وهو كائن لا محالة.
وفي هذا دلالة على أنه كان يقول ذلك على جهة الإخبار عن الغيب، بما يوحى إليه، لا كما يعبر أحدنا الرؤيا على جهة التأويل (وقال) يوسف (للذي ظن أنه ناج منهما) معناه: للذي علم من طريق الوحي، أنه ناج أي متخلص كما في قوله تعالى: (إني ظننت أني ملاق حسابيه) هذا قول الأكثرين، واختيار الجبائي. وقال قتادة: للذي ظنه ناجيا، لأنه لا يحكم بصدقه فيما قصه من الرؤيا. والأول أصح.
دمتم في رعاية اللّٰه وحفظه