أيمن ( 24 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

طلب زكريا للذرية

السلام عليكم، سؤال/في سورة مريم عندما دعى نبي الله زكريا عليه السلام الله ليرزقة بغلام يرثة ويرث ال يعقوب وعند ذلك كان نبي الله زكريا قد بلغ من الكبر عتيا وايضا كانت امراءته عاقر وهو يعلم وزكريا يعلم بذلك فعندها استجاب الله دعاء زكريا وبشره بيحيى والسؤال هنا هو الم كان يعلم زكريا بأنه قد كبُر وامراءته عاقرا وأنهما لاينجبان فلماذا عندما بشرهُ الله بيحيى قال رب انى يكون لي غلام إلى آخر الآية المباركة.فلماذ سأل الله أن يرزقة بغلام وعندما استجاب الله له قال كيف يكون لي غلام وقد كبُرتُ وامراءتي عاقر،افتونا جزاكم الله خيرا.


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته إنّ النبي زكريا (ع)كان يرى أن الأسباب الظاهرية لا تساعد على الوصول إِلى مثل هذه الأمنية بأن يرزق ولدا وهو في هذا العمر ، فإِنّه طلب توضيحاً لهذه الحالة من الله سبحانه: (قال رب أَنَّى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقراً وقد بلغت من الكبر عتياً). إِلاّ أنّ زكريا(ع) سمع في جواب سؤاله قول الله سبحانه: (قال كذلك قال ربّك هو علي هين) إِن هذه ليست بالمسألة العجيبة، أن يولد مولود من رجل طاعن في السن مثلك، وامرأة عقيم ظاهراً (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً)، فإِنّ الله قادر على أن يخلق كل شيء من العدم، فلا عجب أن يتلطف عليك بولد في هذا السن وفي هذه الظروف. ولا شك أنّ المبشر والمتكلم في الآية الأُولى هو الله سبحانه، إِلاّ أن البحث في أنّه هو المتكلم في الآية الثّالثة: (قال كذلك قال ربّك هو عليَّ هين). ذهب البعض بأنّ المتكلم هم الملائكة الذين كانوا واسطة لتبشير زكريا، والآية (39) من سورة آل عمران يمكن أن تكون شاهداً على ذلك: (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب إِنّ الله يبشرك بيحيى). لكن الظاهر هو أنّ المتكلم في كل هذه الأحوال هو الله سبحانه، ولا دليل ـ أو سبب ـ يدفعنا إِلى تغييره عن ظاهره، وإِذا كانت الملائكة وسائط لنقل البشارة، فلا مانع ـ أبداً ـ من أن ينسب الله أصل هذا الإِعلان والبشارة إِلى نفسه، خاصّة وأنّنا نقرأ في الآية (40) من سورة آل عمران: (قال كذلك الله يفعل ما يشاء). وقد سرّ زكريا وفرح كثيراً لدى سماعه هذه البشارة، وغمر نفسه نور الأمل، لكن لما كان هذا النداء بالنسبة إِليه مصيرياً ومهماً جداً، فإِنّه طلب من ربّه آية على هذا العمل: (قال ربّ اجعل لي آية).ولاشك أنّ زكريا كان مؤمناً بوعد الله، وكان مطمئناً لذلك، إِلاَّ أنّه لزيادة الإِطمئنان ـ كما أنّ إِبراهيم الذي كان مؤمناً بالمعاد طلب مشاهدة صورة وكيفية المعاد في هذه الحياة ليطمئن قلبه ـ طلب من ربّه مثل هذه العلامة والآية، فخاطبه الله: (قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالِ سوياً) واشغل لسانك بذكر الله ومناجاته. لكن، أية آية عجيبة هذه! آية تنسجم من جهة مع حال مناجاته ودعائه، ومن جهة أُخرى فإِنّها تعزله عن جميع الخلائق وتقطعه إِلى الله حتى يشكر الله على هذه النعمة الكبيرة، ويتوجه إِلى مناجاة الله أكثر فأكثر. إِن هذه آية واضحة على أن إِنساناً يمتلك لساناً سليماً، وقدرة على كل نوع من المناجاة مع الله، ومع ذلك لا تكون له القدرة على التحدث أمام الناس! بعد هذه البشارة والآية الواضحة، خرج زكريا من محراب عبادته إِلى الناس، فكلّمهم بالإِشارة: (فخرج على قومه من المحراب فأوحى إِليهم أن سبحوا بكرة وعشياً) لأنّ النعمة الكبيرة التي منّ الله بها على زكريا قد أخذت بأطراف القوم، وكان لها تأثير على مصير ومستقبل كل هؤلاء، ولهذا فقد كان من المناسب أن يهبّ الجميع لشكر الله بتسبيحه ومدحه وثنائه. وأشار صاحب تفسير الميزان إلى ذلك الأمر بقوله: إنما سأل ما سأل بما ملك نفسه من هيجان الوجد والحزن ما حكاه الله تعالى عنه بعد ما أوحى إليه بالاستجابة بقوله: " قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا، قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا " (مريم: 9) فإنه ظاهر في أنه (ع) لما سمع الاستجابة صحا عن حاله وأخذ يتعجب من غرابة المسألة والاجابة حتى سأل ربه عن ذلك في صورة الاستبعاد وسأل لنفسه عليه آية فأجيب إليها أيضا. وكيف كان فالذي استعمله عليه السلام في دعائه من الأدب هو ما ساقه إليه حال الوجد والحزن الذي ملكه، ولذلك قدم على دعائه بيان ما بلغ به الحال في سبيل ربه فقد صرف دهره في سلوك سبيل الإنابة والمسألة حتى وقف موقفا يرق له قلب كل ناظر رحيم ثم سأل الولد وعلله بأن ربه سميع الدعاء.

2