رجل القانون ( 36 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تفسير (بلغ ما انزل اليك)

سلام عليكم متى نزلت الاية القرانية ياأيها النبي بلغ ماأنزل اليك من ربك....في اي عام من البعثة النبوية الشريفة تحديداً وماتفسيرها؟


عليكم السلام ورحمة الله ١-نزلت اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من السنة العاشرة من الهجرة النبوية المباركة ( يوم الغدير) ٢-نذكر لكم تفصيلا تفسيرها مع ايراد بعض إشكالات المخالفين وردها: إن المأمور بتبليغه في الآية أمرٌ خاصٌّ أوحاه الله الى رسوله صلى الله عليه و آله وأمره بتبليغه ، وهو ولاية علي عليه السلام ، ولا يصح أن يكون كل ما أوحيَ اليه صلى الله عليه و آله ، لأن الآية نزلت في أواخر أيامه صلى الله عليه و آله ، ولأن الله جعله مساوياً لكل عمل نبيه صلى الله عليه و آله في تبليغ الرسالة ، فلا يصح أن يكون معناه : إن لم تبلغ الكل فلم تبلغ الكل ! وكذا العصمة في الآية ، ليست عصمة للنبي صلى الله عليه و آله في العمل ، لأنها موجودة من أول حياته ، والآية في آخرها . بل هي عصمة له صلى الله عليه و آله من الناس أن يتهموه بأنه حابى ابن عمه فأوصى له بخلافته ، وأنه يريد تأسيس ملك لبني هاشم ، فيرتدوا لذلك عن الإسلام . وأحاديثنا بذلك متواترة ، ففي تفسير العياشي : 1 / 331 ، عن ابن عباس وجابر بن عبد الله قالا : ( أمر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه و آله أن ينصب علياًّ علماً للناس ويخبرهم بولايته ، فتخوف رسول الله أن يقولوا حابى ابن عمه وأن يطعنوا في ذلك عليه ، فأوحى الله إليه : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3. وفي الكافي : 1 / 290 ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( فرض الله على العباد خمساً ، أخذوا أربعاً وتركوا واحدة ! قلت : أتسميهن لي جعلت فداك ؟ فقال : الصلاة ، وكان الناس لا يدرون كيف يصلون فنزل جبرئيل فقال : يا محمد أخبرهم بمواقيت صلاتهم . ثم نزلت الزكاة فقال : يا محمد أخبرهم من زكاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم . ثم نزل الصوم فكان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا كان يوم عاشوراء بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم ، فنزل شهر رمضان بين شعبان وشوال . ثم نزل الحج فنزل جبرئيل عليه السلام فقال : أخبرهم من حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم . ثم نزلت الولاية . . . وكان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام فقال عند ذلك رسول الله صلى الله عليه و آله : أمتي حديثو عهد بالجاهلية ، ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل ويقول قائل ، فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني فأتتني عزيمة من الله عز وجل بَتْلَة أوعدني إن لم أبلغ أن يعذبني ! فنزلت : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ 3. فأخذ رسول الله صلى الله عليه و آله بيد علي عليه السلام فقال : أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمره الله ثم دعاه فأجابه ، فأوشك أن أدعى فأجيب ، وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون فماذا أنتم قائلون ؟ فقالوا : نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك ، فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين . فقال : اللهم اشهد ، ثلاث مرات . ثم قال : يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب ) . وفي البحار : 94 / 300 ، أن الإمام الصادق عليه السلام قال لمواليه وشيعته : ( أتعرفون يوماً شيد الله به الإسلام وأظهر به منار الدين ، وجعله عيداً لنا ولموالينا وشيعتنا ؟ فقالوا : الله ورسوله وابن رسوله أعلم ، أيوم الفطر هو يا سيدنا ؟ قال : لا . قالوا : أفيوم الأضحى هو ؟ قال : لا ، وهذان يومان جليلان شريفان ، ويوم منار الدين أشرف منهما وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ، وإنَّ رسول الله صلى الله عليه و آله لما انصرف من حجة الوداع وصار بغدير خم أمر الله عز وجل جبرئيل أن يهبط على النبي صلى الله عليه و آله وقت قيام الظهر من ذلك اليوم ، وأمره أن يقوم بولاية أمير المؤمنين عليه السلام وأن ينصبه علماً للناس بعده ، وأن يستخلفه في أمته ، فهبط إليه وقال له : حبيبي محمد إن الله يقرؤك السلام ويقول لك : قم في هذا اليوم بولاية علي ليكون علماً لأمتك بعدك يرجعون إليه ويكون لهم كأنت . فقال النبي صلى الله عليه و آله : حبيبي جبرئيل إني أخاف تغير أصحابي لما قد وُتروه ، وأن يبدوا ما يضمرون فيه ، فعرج وما لبث أن هبط بأمر الله فقال له : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، فقام رسول الله صلى الله عليه و آله ذَعِراً مرعوباً خائفاً وقدماه تُشْوَيَان من شدة الرمضاء ، وأمر بأن ينظف الموضع ويُقَمَّ ما تحت الدوح من الشوك وغيره ، ففُعل ذلك ، ثم نادى بالصلاة جامعة فاجتمع المسلمون وفيمن اجتمع أبو بكر وعمر وعثمان وسائر المهاجرين والأنصار ، ثم قام خطيباً وذكر الولاية فألزمها للناس جميعاً ، فأعلمهم أمر الله بذلك ) . كمَّمَ الله أفواه قريش في الغدير ، فعصم رسوله صلى الله عليه و آله منهم ! سمح الله تعالى لقريش بأن تشوش على نبيها صلى الله عليه و آله في حجة الوداع ، وتُفهمه بأنها ستعلن الردة إن أوصى بخلافته لعترته ! وتنفست قريش الصعداء برحيله صلى الله عليه و آله بعد حجة الوداع دون أن يطالبها بالبيعة لعلي عليه السلام ! كما سمح لها أن تقول لنبيها صلى الله عليه و آله في مرض وفاته : لانريد وصيتك ولا عترتك ولا ضمانك لعزتنا وهدايتنا مدى الدهر ، فحسبنا كتاب الله ! لكنه عز وجل قرر أن يبليغها ولاية العترة بعد النبي صلى الله عليه و آله وأن يمنعها من إعلان الردة . هكذا أراد سبحانه ! إن آية العصمة لا تعني أن الله تعالى جعل قريشاً ريِّضةً طائعة ، فقد قال لها الصادق الأمين صلى الله عليه و آله : ( ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا الدين ) 4 . لكنه سبحانه أراد لتبليغه أن يتم ، وللأمة أن تجري عليها سنن الأمم الماضية فتمتحن بطاعة نبيها بعده ، وهذا يستوجب أن تبقى لها القدرة على معصيته ، أما القدرة على الرِّدة في حياته . . فلا . لذلك بعث الله جبرئيل عليه السلام في طريق عودة النبي صلى الله عليه و آله من حجة الوداع يأمره أن ينفذ تبليغ رسالته الآن ، وأنه سيعصمه من قريش ! فأوقف النبي صلى الله عليه و آله المسلمين بعد مسير ثلاثة أيام في حر الظهيرة ، في صحراء ليس فيها كلأ لخيولهم وجمالهم ، ولا سوق يشترون منه علوفة وطعاماً ، إلا دوحةٌ من بضع أشجار على قليل من ماء ، ولم يصبر عليهم حتى يصلوا إلى الجحفة التي لم يبق عنها إلا ميلان أو أقل وبعث إلى من تقدم وأرجعهم ! كل ذلك ليصعد المنبر قبل الصلاة ويرفع بيد ابن عمه وصهره علي عليه السلام ويقول لهم : هذا وليكم من بعدي ، ثم من بعده ولداه الحسن والحسين ثم تسعة من ذرية الحسين عليهم السلام . هنا تجلت آية العصمة وتجسمت للعيان ، فقد كمَّمَ الله تعالى أفواه قريش عن المعارضة وفتحها للموافقة ، فقالوا جميعاً : نشهد أنك بلغت عن ربك وأنك نعم الرسول ، سمعنا وأطعنا ! وتهافتوا مع المهنئين إلى خيمة علي÷يهنئونه ويبخبخون له ، وكبروا مع المكبرين عندما نزلت آية : ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... ﴾ 5. ثم أصغوا جميعاً إلى قصيدة حسان بن ثابت في وصف نداء النبي صلى الله عليه و آله وإعلانه ولاية علي عليه السلام بعده . واستمرت تهانيهم لعلي عليه السلام من بعد صلاة العصر إلى ما شاء الله ، ثم بعد صلاة المغرب والعشاء على ضوء القمر ليلة التاسع عشر من ذي الحجة ، فقد بات النبي صلى الله عليه و آله في غدير الإمامة ، وتحرك إلى المدينة بعد صلاة فجره ، وقيل بقي يومين ! نعم ، سلب الله تعالى قريشاً القدرة على تخريب مراسم النبي صلى الله عليه و آله في الغدير ، وكفَّ ألسنتها السليطةُ على الأنبياء ؟! فقررت أن تُمَرِّر هذا اليوم لمحمد صلى الله عليه و آله ، ليقول في بني هاشم وعليٍّ ما شاء ؟! القول السني الصحيح الذي أفلت من رقابة الحكومات ! مع حرص علماء الخلافة على إبعاد الآية عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد أفلتت منهم أحاديث موافقة لرأي لأهل البيت عليهم السلام ! قال في الدر المنثور : 2 / 298 : ( أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال : نزلت هذه الآية : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ... ﴾ 3، على رسول الله ( ص ) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب . وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله ( ص ) : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ... ﴾ 3ـ أن علياً مولى المؤمنين ـ ﴿ ... وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3) . انتهى . وفي كتاب المعيار والموازنة / 213 ، عن جابر بن عبد الله وعبد الله بن العباس الصحابيين قالا : ( أمر الله محمداً ( ص ) أن ينصب علياًً للناس ويخبرهم بولايته ، فتخوف رسول الله ( ص ) أن يقولوا حابى ابن عمه وأن يطعنوا في ذلك عليه ، فأوحى الله إليه : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ... ﴾ 3، فقام رسول الله بولايته يوم غدير خم ) 6 . قال في الغدير : 1 / 214 : ( وما ذكرناه من المتسالم عليه عند أصحابنا الإمامية غير أنا نحتج في المقام بأحاديث أهل السنة في ذلك . . ثم ذكر رحمه الله ثلاثين مؤلفاً لعلمائهم أوردوا حديث نزول الآية في ولاية علي عليه السلام نذكر ملخصها : 1 ـ الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري أخرج بإسناده في كتاب ( الولاية ) في طرق حديث الغدير ، عن زيد بن أرقم قال : لما نزل النبي ( ص ) بغدير خم في رجوعه من حجة الوداع ، وكان في وقت الضحى وحر شديد ، أمر بالدوحات فقمَّت ونادى الصلاة جامعة فاجتمعنا فخطب خطبة بالغة ثم قال : إن الله تعالى أنزل إلي : ﴿ ... بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3. 2 ـ الحافظ ابن أبي حاتم أبو محمد الحنظلي الرازي . 3 ـ الحافظ أبو عبد الله المحاملي ، في أماليه عن ابن عباس . . . 4 ـ الحافظ أبو بكر الفارسي الشيرازي ، في كتابه ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين ، بالإسناد عن ابن عباس . 5 ـ الحافظ ابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري : نزلت يوم غدير خم في علي بن أبي طالب ، وعن ابن مسعود قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله ( ص ) : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ... ﴾ 3، أن علياً مولى المؤمنين . . . 6 ـ أبو إسحاق الثعلبي النيسابوري ، في تفسيره الكشف والبيان . . 7 ـ أبو نعيم الأصبهاني ، في تأليفه : ما نزل من القرآن في علي . 8 ـ أبو الحسن الواحدي النيسابوري ، في أسباب النزول . 9 ـ أبو سعيد السجستاني ، بعدة طرق عن ابن عباس . 10 ـ الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ، عن ابن عباس ، وجابر . 11 ـ ابن عساكر الشافعي ، عن أبي سعيد الخدري . . . 12 ـ أبو الفتح النطنزي في الخصائص العلوية . 13 ـ فخر الدين الرازي الشافعي 7 . 14 ـ أبو سالم النصيبي الشافعي في مطالب السؤول . 15 ـ الحافظ عز الدين الرسعني الموصلي الحنبلي . 16 ـ أبو إسحاق الحمويني ، فرايد السمطين ، بأسانيده . 17 ـ السيد علي الهمداني ، في مودة القربى عن البراء بن عازب قال : ( أقبلت مع رسول الله ( ص ) في حجة الوداع ، فلما كان بغدير خم نودي الصلاة جامعة فجلس رسول الله تحت شجرة وأخذ بيد علي ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . فقال : ألا من أنا مولاه فعلي مولاه . اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . فلقيه عمر فقال : هنيئاً لك يا علي بن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة . وفيه نزلت : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ... ﴾ 3. الآية . 18 ـ بدر الدين بن العيني الحنفي 8 . الحسن البصري يكتم حديث النبي صلى الله عليه و آله قال الرازي في تفسيره : 12 / 48 : ( روي عن الحسن عن النبي صلى الله عليه و آله قال : إن الله بعثني برسالته فضقت بها ذرعاً وعرفت أن الناس يكذبوني واليهود والنصارى ، وقريش يخوفوني فلما أنزل الله هذه الآية ، زال الخوف بالكلية ) . انتهى . وقد حرَّف الرازي رواية البصري وزاد فيها ! وأصلها كما في الدر المنثور : 2 / 289 : ( عن الحسن ( البصري ) أن رسول الله ( ص ) قال : إن الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعاً ، وعرفت أن الناس مكذبي فوعدني لأبلغن أو ليعذبني فأنزل : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ... ﴾ 3) . انتهى . فأضاف الرازي ( اليهود والنصارى ) من عنده ليجعل العصمة منهم لا من قريش ، ويُبعد الآية عن ولاية علي عليه السلام ، مع أن الخطر يومها لم يكن من اليهود والنصارى ، بل من قريش خاصة ! وكشف الإمام الباقر عليه السلام تحريف البصري للحديث ، ففي دعائم الإسلام للقاضي المغربي : 1 / 14 ، أن رجلاً قال له : ( يا ابن رسول الله إن الحسن البصري حدثنا أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : إن الله أرسلني برسالة فضاق بها صدري وخشيت أن يكذبني الناس فتواعدني إن لم أبلغها أن يعذبني ! قال له أبو جعفر عليه السلام : فهل حدثكم بالرسالة ؟قال : لا . قال : أما والله إنه ليعلم ما هي ولكنه كتمها متعمدا ً! قال الرجل : يا ابن رسول الله جعلني الله فداك وما هي ؟ فقال : إن الله تبارك وتعالى أمر المؤمنين بالصلاة في كتابه فلم يدروا ما الصلاة ولا كيف يصلون ، فأمر الله عز وجل محمداً نبيه صلى الله عليه و آله أن يبين لهم كيف يصلون ، فأخبرهم بكل ما افترض الله عليهم من الصلاة مفسراً . وأمر بالزكاة فلم يدروا ما هي ففسرها رسول الله صلى الله عليه و آله وأعلمهم بما يؤخذ من الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والزرع ، ولم يدع شيئاً مما فرض الله من الزكاة إلا فسره لأمته وبينه لهم . وفرض عليهم الصوم فلم يدروا ما الصوم ولا كيف يصومون ففسره لهم رسول الله صلى الله عليه و آله وبين لهم ما يتقون في الصوم وكيف يصومون . وأمر بالحج فأمر الله نبيه صلى الله عليه و آله أن يفسر لهم كيف يحجون حتى أوضح لهم ذلك في سنته . وأمر الله عز وجل بالولاية فقال : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ 9. ففرض الله ولاية ولاة الأمر فلم يدروا ما هي فأمر الله نبيه صلى الله عليه و آله أن يفسر لهم ما الولاية مثلما فسر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج ، فلما أتاه ذلك من الله عز وجل ضاق به رسول الله ذرعاً ، وتخوف أن يرتدوا عن دينه وأن يكذبوه ، فضاق صدره وراجع ربه فأوحى إليه : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، فصدع بأمر الله وقام بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه يوم غدير خم ، ونادى لذلك الصلاة جامعة وأمر أن يبلغ الشاهد الغائب . وكانت الفرائض ينزل منها شئ بعد شئ ، تنزل الفريضة ثم تنزل الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرائض ، فأنزل الله عز وجل : ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... ﴾ 5. قال أبو جعفر : يقول الله عز وجل : لا أنزل عليكم بعد هذه الفريضة فريضة ، قد أكملت لكم هذه الفرائض ) . ونحوه شرح الأخبار : 1 / 101 ، و : 2 / 276 ، بلفظ آخر وفيه : ( جمع الناس بغدير خم فقال : أيها الناس إن الله عز وجل بعثني برسالة فضقت بها ذرعاً فتواعدني إن لم أبلغها أن يعذبني ،أفلستم تعلمون أن الله عز وجل مولاي وأني مولى المسلمين ووليهم وأولى بهم من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، فأخذ بيد علي عليه السلام فأقامه ورفع يده بيده وقال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ومن كنت وليه فهذا علي وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار . ثم قال أبو جعفر عليه السلام : فوجبت ولاية علي عليه السلام على كل مسلم ومسلمة ) . انتهى . أتباع ابن تيمية يفقدون أعصابهم عند آية التبليغ قال الألباني في صحيحته : 5 / 644 : ( كان يحرس حتى نزلت هذه الآية : ﴿ ... وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، فأخرج رسول الله رأسه من القبة فقال لهم : يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله 10 . . الحديث صحيح ، فإن له شاهداً من حديث أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا نزل منزلاً نظروا أعظم شجرة فجعلوها للنبي . . .الخ . أخرجه ابن حبان في صحيحه . . . واعلم أن الشيعة يزعمون خلافاً للأحاديث المتقدمة أن الآية المذكورة نزلت يوم غدير خم في علي رضي الله عنه ويذكرون في ذلك روايات عديدة مراسيل ومعاضيل أكثرها ، ومنها عن أبي سعيد الخدري ولا يصح عنه كما حققته في الضعيفة ( 4922 ) والروايات الأخرى أشار إليها عبد الحسين الشيعي في مراجعاته / 38 ، دون أي تحقيق في أسانيدها كما هي عادته في سرد أحاديث كتابه ، لأن غايته حشد كل ما يشهد لمذهبه سواء صح أو لم يصح على قاعدتهم ( الغاية تبرر الوسيلة ) فكن منه ومن رواياته على حذر ! وليس هذا فقط بل هو يدلس على القراء إن لم أقل يكذب عليهم فإنه قال في المكان المشار إليه في تخريج أبي سعيد هذا المنكر بل الباطل : أخرجه غير واحد من أصحاب السنن كالإمام الواحدي ! ووجه كذبه : أن المبتدئين في هذا العلم يعلمون أن الواحدي ليس من أصحاب السنن الأربعة ، وإنما هو مفسر يروي بأسانيده ما صح وما لم يصح ، وحديث أبي سعيد هذا مما لم يصح ، فقد أخرجه من طريق فيه متروك شديد الضعف ، كما هو مبين في المكان المشار إليه من الضعيفة . وهذه من عادة الشيعة قديماً وحديثاً أنهم يستحلون الكذب على أهل السنة عملاً في كتبهم وخطبهم بعد أن صرحوا باستحلالهم للتقية كما صرح بذلك الخميني في كتابه كشف الأسرار ، وليس يخفى على أحد أن التقية أخت الكذب ! ولذلك قال أعرف الناس بهم شيخ الإسلام ابن تيمية : الشيعة أكذب الطوائف ! وأنا شخصياًّ قد لمست كذبهم لمس اليد في بعض مؤلفيهم وبخاصة عبد الحسين هذا ، والشاهد بين يديك فإنه فوق كذبته المذكورة أوهمَ القراء أن الحديث عند أهل السنة من المسلمات بسكوته عن علته وادعائه كثرة طرقه . وقد كان أصرح منه في الكذب الخميني فإنه صرح في الكتاب المذكور / 149 ، أن آية العصمة نزلت يوم غدير خم بشأن إمامة علي بن أبي طالب باعتراف أهل السنة واتفاق الشيعة . كذا قال عامله الله بما يستحق ) . انتهى . نقول للألباني : دع عنك التهم والشتائم وتصنيف من هم أصدق الطوائف وأكذبها ، فنحن لا نقول إن الشيعة كلهم عدول كالصحابة فهذا من الكذب ! لكن نقول إن النواصب أولى بالكذب والزور ، لأنهم كذبوا على أنفسهم فأبغضوا الذين أمرهم الله بحبهم ، وكذبوا على أنفسهم فنصبوا أشخاصاً وشخصيات جعلوا حبهم فريضة بدون سلطان ! وقد اعترفت أنت بظلم ابن تيمية لعلي عليه السلام وكذبه في إنكار حديث الغدير ( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) فصححت الحديث واعترفت بالحق مشكوراً ، وكتبت صفحات في ذلك في صحيحتك : 5 / 330 برقم 1750 ، ثم قلت في / 344 : ( إذا عرفت هذا فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث وبيان صحته : أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قد ضعَّف الشطر الأول من الحديث ، وأما الشطر الآخر فزعم أنه كذب ! وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيها . والله المستعان ) .انتهى . فقد اعترفت أيها الألباني بكذب إمامك على علي عليه السلام ، فكيف تقبل شهادته في اتهام شيعته ؟! ثم تعال أيها الشيخ الألباني ، لننظر هل صدقت في حكمك على حديث نزول آية : ﴿ ... وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، في بيعة الغدير ، بأنه باطل منكر ، وقلت عن طرقه : ( مراسيل ومعاضيل أكثرها ) ! فلماذا قلت أكثرها ولم تأت بغير الأكثر الذي استثنيته من الإرسال والإعضال ؟! هل خفت أن يكون صحيحاً ويلزمك بالإيمان برسالة ربك التي أمر نبيه صلى الله عليه و آله أن يبلغها في ولاية علي عليه السلام ؟! وهل رأيت طرق الثعلبي ، وأبي نعيم ، والواحدي ، وأبي سعيد السجستاني ، والحسكاني ، وبحثت أسانيدهم فوجدت في رواتها من لم تعتمد أنت عليهم ؟! كلا ، بل وقعت فيما وصفت به ابن تيمية من التسرع والتعصب ، أي الكذب والتدليس ؟! على أي لم يَفُتْ الوقت فنرجو أن تتفضل بقراءة ما كتبته في تفسير الآية ، وترى الطرق والأسانيد التي قدمناها وتبحثها على مبانيك التي ذكرتها في كتبك ، بشرط أن لا تتناقض فتضعِّف راوياً هنا لأنه روى فضيلةً لعلي عليه السلام ، ثم توثقه عندما يروي فضيلة لخصوم علي عليه السلام ! أقول : كتبت هذا الموضوع في حياة الشيخ الألباني قبل وفاته بنحو سنتين ، وأرسلته له إلى الأردن ، مع طرق الحديث من شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني تلميذ الحاكم صاحب المستدرك : 1 / 250 ـ 257 ، وهي عدة طرق وفيها الصحيح على مبناه ، ولم يجبني ! ثم ذكرت ذلك لـ ( صديقه ) الحافظ حسن السقاف ، صاحب كتاب ( تناقضات الألباني الواضحات ) فقال إن الألباني لن يجيب ، وله معه تجارب ! أقوال علماء الحكومات في آية التبليغ وقع علماء الخلافة في مشكلة عويصة ، فهم مضطرون لإبعاد الآية عن ولاية علي عليه السلام ، وإلا فقدوا خلافتهم ومذاهبهم ومناصبهم ، ومآكلهم ومشاربهم ! لكن ماذا يصنعون ؟ فإن قالوا إنها أمر بتبليغ الرسالة وقد نزلت في مكة كذَّبتهم الآية لأنها نزلت في آخر سورة قرب وفاة النبي صلى الله عليه و آله ، وكان تبليغه للرسالة انتهى أو كاد ! وإن قالوا إن عصمته من الناس تتعلق بحياته ، فلماذا كان يتخذ الحرس من أول بعثته الى آخر عمره الشريف ؟! مع ذلك فقد تعمدوا وأبعدوها عن ولاية علي عليه السلام ، وليكن ما يكون ! فتخبطوا في تفسيرها في أقوال واضحة التهافت والبطلان ! القول الأول : أنها نزلت في أول البعثة ، وأن النبي صلى الله عليه و آله خاف أن يبلغ رسالة ربه فامتنع أو تباطأ فهدده الله تعالى وطمأنه ! وهذه تهمة مشينة للنبي صلى الله عليه و آله الذي هو أعظم الناس إيماناً وشجاعة ، وحرصاً على تبليغ رسالة ربه ، بنص القرآن ، وبشهادة سيرته . ولأن الآية وسورتها نزلت قبل شهرين تقريباً من وفاته صلى الله عليه و آله ، ومعنى قولهم أنها نزلت قبل 23 سنة من نزول المائدة ! روى السيوطي في الدر المنثور : 2 / 298 والواحدي في أسباب النزول : 1 / 139و438 عن ابن جريج قال : ( كان النبي ( ص ) يهاب قريشاً فأنزل الله : ﴿ ... وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، فاستلقى ثم قال : من شاء فليخذلني . مرتين أو ثلاثاً . وعن مجاهد قال : لما نزلت : ﴿ ... بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ ... ﴾ 3، قال : يا رب إنما أنا واحدٌ كيف أصنع يجتمع علي الناس ؟! فنزلت : ﴿ ... وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ... ﴾ 3) ! 12 . وأكثر المخلطين في هذا القول ابن كثير ! فقد جعل الآية في أول البعثة وخلطها بآية : ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 13، وبتر حديث الدار الوارد في تفسيرها وحذف منه أن الله أمر نبيه صلى الله عليه و آله أن يختار خليفته ووصيه من عشيرته الأقربين ، ثم أورد حديثاً مكذوباًً وفسره بأن النبي صلى الله عليه و آله كان يخاف أن يقتله القرشيون فطلب من بني هاشم شخصاً يكون خليفته في أهله ليقضي دينه ، فقبل ذلك علي عليه السلام ، ثم انتفت الحاجة إليه بنزول آية العصمة من الناس ! قال في النهاية : 3 / 53 ، والسيرة : 1 / 460 : ( قال عليٌّ : لما نزلت هذه الآية : ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 13، قال لي رسول الله : إصنع لي رجل شاة بصاع من طعام وإناء لبناً وادع لي بني هاشم ، فدعوتهم وإنهم يومئذ لأربعون غير رجل . . . الى أن قال : أيكم يقضي عني ديني ويكون خليفتي في أهلي ؟ قال فسكتوا وسكت العباس خشية أن يحيط ذلك بماله . . . قلت : أنا يا رسول الله ! قال : أنت . ومعنى قوله في هذا الحديث : من يقضي عني ديني ويكون خليفتي في أهلي يعني إذا مت ، وكأنه ( ص ) خشي إذا قام بإبلاغ الرسالة إلى مشركي العرب أن يقتلوه فاستوثق من يقوم بعده بما يصلح أهله ويقضي عنه ، وقد أمنه الله من ذلك في قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3) . انتهى . وقد تجاهل ابن كثير أن روايته تنسب الجبن الى النبي صلى الله عليه و آله حتى في المرحلة الأولى التي كان مأموراً فيها بدعوة عشيرته الأقربين فقط ! القول الثاني : أنها نزلت في مكة قبل الهجرة ، فاستغنى النبي صلى الله عليه و آله عن حراسة عمه أبي طالب أو عمه العباس! وهذا القول هو المشهور في مصادرهم ، وبعض رواياته نصت على نزولها في مكة ، وبعضها لم تنص كرواية عائشة لكن البيهقي والسيوطي وغيرهما فسروها بذلك . روى في الدر المنثور : 2 / 298 ، عن ابن مردويه والضياء في المختارة ، عن ابن عباس قال : ( سئل رسول الله ( ص ) : أي آية أنزلت من السماء أشد عليك ؟ فقال : كنت بمنى أيام الموسم واجتمع مشركو العرب وأفناء الناس في الموسم فنزل علي جبريل فقال : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، قال : فقمت عند العقبة فناديت : يا أيها الناس من ينصرني على أن أبلغ رسالة ربي ولكم الجنة ؟ أيها الناس قولوا لاإله إلا الله وأنا رسول الله إليكم ، تنجوا ولكم الجنة . قال فما بقي رجل ولا امرأة ولا صبي إلا يرمون علي بالتراب والحجارة ويبصقون في وجهي ويقولون كذاب صابئ ، فعرض عليَّ عارض فقال : يا محمد إن كنت رسول الله فقد آن لك أن تدعو عليهم كما دعا نوح على قومه بالهلاك ، فقال النبي : اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون ، وانصرني عليهم أن يجيبوني إلى طاعتك ، فجاء العباس عمه فأنقذه منهم وطردهم عنه . قال الأعمش : فبذلك تفتخر بنو العباس . . . وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبدالله قال : كان رسول الله ( ص ) إذا خرج بعث معه أبو طالب من يكلؤه ، حتى نزلت : ﴿ ... وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، فذهب ليبعث معه فقال : يا عم إن الله قد عصمني لاحاجة لي إلى من تبعث ) ! 14 . أما رواية عائشة فرواها الترمذي : 4 / 317 : ( قالت : كان النبي يُحرس حتى نزلت هذه الآية : ﴿ ... وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، فأخرج رسول الله ( ص ) رأسه من القبة فقال لهم : يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله ) 15 . وقال البيهقي في سننه : 9 / 8 : ( قال الشافعي : يعصمك من قتلهم أن يقتلوك حتى تبلغهم ما أنزل إليك ، فبلغ ما أمر به فاستهزأ به قومه فنزل : ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾ 16) . وفي الدر المنثور : 2 / 291 ، و298 : ( وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : كان العباس عم النبي فيمن يحرسه فلما نزلت : ﴿ ... وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، ترك رسول الله الحرس . وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أبي ذر قال : كان رسول الله لاينام إلا ونحن حوله من مخافة الغوائل حتى نزلت آية العصمة ) 17 . ويدل على بطلان هذا القول : أن الآية في سورة المائدة نزلت قبيل وفاة النبي صلى الله عليه و آله ، ولا يصح ربطها بالحراسة ، وعمدة أدلتهم على ذلك رواية القبة عن عائشة ، لكنها تدل على إلغائه الحراسة في المدينة ، والترمذي لم يصححها ، وضعف سندها سعيد بن منصور : 4 / 1503 . ورواية حراسة العباس للنبي صلى الله عليه و آله ضعفها الهيثمي . وغيرهما ليس مسنداً . لكن مهما صحت رواياتهم فالواقع يكذبها ، لأن المجمع عليه في سيرته صلى الله عليه و آله أنه كان يطلب من قبائل العرب أن تحميه وتمنعه من القتل لكي يبلغ رسالة ربه ، وقد بايعه الأنصار بيعة العقبة على أن يحموه ويحموا أهل بيته مما يحمون منه أنفسهم وأهليهم ، فلو كانت آية العصمة نزلت في مكة وكان معناها كما زعموا ، لما احتاج إلى ذلك ! كما أن غرض هذا القول تقليل دور أبي طالب رحمه الله في نصرة النبي صلى الله عليه و آله وإثبات دور مميز للعباس في حمايته ، مع أن دوره كان عادياً كبقية بني هاشم الذين لم يسلموا ولم يهاجروا ! القول الثالث : أنها نزلت في المدينة ، فألغى النبي صلى الله عليه و آله حراسته ! ورووا فيه أحاديث ، منها حديث القبة المتقدم عن عائشة . وفي الدر المنثور : 2 / 298 : ( أخرج الطبراني وابن مردويه عن عصمة بن مالك الخطمي قال : كنا نحرس رسول الله ( ص ) بالليل حتى نزلت : ﴿ ... وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، فترك الحرس . وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ... ﴾ 3. . . قال رسول الله : لاتحرسوني إن ربي قد عصمني . وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عبد الله بن شقيق : كان يعتقبه ناس من أصحابه فلما نزلت : ﴿ ... وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، فخرج فقال : يا أيها الناس إلحقوا بملاحقكم ، فإن الله قد عصمني من الناس . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي أن رسول الله ما زال يحارسه أصحابه حتى أنزل الله : ﴿ ... وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 3، فترك الحرس حين أخبره أنه سيعصمه من الناس ) 18 . ويدل على بطلان هذا القول ،

2