عبدالرضا الاسدي ( 33 سنة ) - العراق
منذ 4 سنوات

عقائدي

ماهي الحكمة من زواج الأنبياء وأئمة اهل البيت عليهم السلام من زوجات ليس أهلًا لذلك ؟وفي المقابل يوصوننا من عدم الزواج من هكذا نساء ؟ارجو التوضيح وجزيتم خيراً


١- إن جميع الأنبياء (صلوات الله عليهم) أعمالهم كلها وحي يوحى من رب العالمين، فإذا كانت زوجة النبيَّيْن نوح ولوط (عليهما السلام) على هذا الدنو والانحطاط الأخلاقي فلماذا ”أكرمهما“ الله وأمر النبيّيْن بتزوجهما؟! فلا مفرّ أمامك إلا أن تكذِّب بكتاب الله تعالى الذي نصّ على فساد الزوجتيْن حتى تبقي على اعتقادك بأن كل امرأة يتزوجها نبي يكون ذلك إكراما لها وقصدا لأن تحمل المرأة سيرته وتنقلها إلى العالم أجمع؛ وإما أن تتخلى عن هذا الاعتقاد الباطل المخالف للعقل والشرع وتلتزم بالاعتقاد السليم.… والاعتقاد السليم هو أن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وكذا سائر الأنبياء تكون لزيجاتهم مقاصد متنوعة، لا تنحصر في ”الإكرام“ بل تشمل الامتحان والابتلاء وتقديم الأهم على المهم ودرء المفسدة وما إلى ذلك. وزواجه (صلى الله عليه وآله) من بعض النساء إنما كان من هذا القبيل، وقد عبّر عن الحكمة فيه عمار بن ياسر (رضوان الله تعالى عليه) بقوله حين خرجت عائشة إلى البصرة: ”إن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي“. (البخاري ج2 ص171). إذن كانت باب من أبواب الفتنة والابتلاء، وقد زوّجها الله تعالى نبيّه (صلى الله عليه وآله) لعلمه بأنها في ما بعد ستخرج وتتمرّد على وصيّه الشرعي الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما الصلاة والسلام) وستسلك بالأمة سبيل الكفر والشيطنة فيقع التنازع بين الفئتين، الفئة المؤمنة والفئة الكافرة، ويرى الله تعالى مَن مِن الناس يطيعه فيكون مع وليّه عليه السلام، ومَن مِن الناس يعصيه فيكون مع عدوّته عليها اللعنة. ولذا قال عمّار: ”إياه تطيعون أم هي“ ويعني ذلك أن من يطيع عائشة لا يكون مطيعا لله تبارك وتعالى. ٢-كان الإمام الحسن (عليه السلام) والإمام الجواد (عليه السلام) يعلمان بسبب موتهما، ويعلمان بأنّ الله قد كتب عليهما أن يتزوجا بامرأتين غير صالحتين، كما كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يعلم بحقيقة بعض أزواجه، ومع ذلك فقد تزوجها. فلو كان العلم بالعواقب يحول بين النبيّ أو الإمام وبين اجتناب ما قدّر الله تعالى له وقضاه لما أقدما على فعله، لكنهما أقدما تسليماً من دون أن يوجب ذلك جبراً، فالتسليم يقتضي الإختيار عن رضا بالقضاء، ولا يعني الجبر. ولذلك ورد أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) قال لأهل بيته: إني أموت بالسم كما مات رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فقالوا: ومن يفعل ذلك؟ قال: امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس، فإنّ معاوية يدس إليها، ويأمرها بذلك، قالوا: أخرجها من منزلك وباعدها من نفسك. قال: كيف أخرجها ولم تفعل بعد شيئاً؟ ولو أخرجتها ما قتلني غيرها، وكان لها عذر عند الناس. فما ذهبت الأيام حتّى بعث إليها معاوية مالاً جسيماً، وجعل يمنّيها بأن يعطيها مائة ألف درهم أيضاً ويزوجها من يزيد، وحمل إليها شربة سمّ لتسقيها الحسن (عليه السلام)، فانصرف إلى منزله وهو صائم، فأخرجت له وقت الإفطار - وكان يوماً حاراً - شربة لبن، وقد ألقت فيها ذلك السم، فشربها، وقال: ياعدوة الله قتلتيني قتلك الله، والله لا تصيبينّ مني خلفاً، ولقد غرّك وسخر منك، والله يخزيك ويخزيه، فمكث (عليه السلام) يومين، ثمّ مضى، فغدر معاوية بها ولم يف لها بما عاهد عليه. ومع ذلك لم يكن زواج رسول الله (صلي الله عليه وآله) وزواج الحسن (عليه السلام) وزواج الجواد (عليه السلام) من أولئك النسوة خالياً من الحكمة والمصلحة! ٣-تفصيل ما تقدم في زواج رسول الله (صلي الله عليه وآله) ببعض من نساءه هو لدفع غائلة بعض المتربصين به الدوائر من المنافقين، وكسب ولاء بعض كبراء قريش أو تحييدهم على الأقل. وأمّا زواج الحسن (عليه السلام) من جعدة فكان بدافع الحدّ من مؤامرات ودسائس الأشعث بن قيس زعيم كندة وأحد وجهاء الكوفة، فكانت مصاهرة هذا الرجل فيها مصلحة لوضع بني هاشم في الكوفة. وأمّا الجواد (عليه السلام) فقد حمله المأمون على الزواج بابنته قهراً، وكان محجوراً عليه بعد وفاة والده (عليه السلام) فأراد المأمون أن يخفف من غلواء الاتهامات التي تأخذه بقتل الرضا (عليه السلام)، وخاصة من قبل العلويين، فطلب من الجواد (عليه السلام) الزواج من ابنته.…

3