التفرقه بين الاولاد
ما هي التفرقه بين الاولاد؟
يعتبر الأبناء والديهم المثل الأعلى والقدوة لهم في كلّ شيء، حيث أنّ الأبناء يقلدون تصرفات الوالدين وأفعالهم، إذ أنّهم يرتبطون مع والديهم بعلاقة خاصّة وذات أثر قوي بالنسبة لهم؛ لأنّ النشأة الأولى لهم، والوعي المبكّر يكون في ظلّ الأسرة، وتوجيه الوالدين، ممّا يزيد تعلّق الأبناء بهم يوماً بعد يوم، ولكنّ الكثير من الأبناء يشكون من تفرقة الوالدين بينهم وبين إخوتهم، وقد تكون هذه التفرقة على شكل مفاضلة بين الأبناء في المعاملة، أو في المحبّة، أو في العطاء. وأسباب التفرقة بين الأولاد متعددة ، منها: أن يكون الطفل من الجنس غير المرغوب فيه جهلاً، ففي بعض المجتمعات يميل الناس لفئة الإناث من منطلق ضعفهنّ، وفي مجتمعات أخرى ترجَح الكفة للذكور كونهم الأقوى. ومنها: أن يكون الطفل قليل الحظ من الجمال، أو الذكاء، ولكن ما ذنب هذا الطفل؛ حيث أن هذه الأمور ليست بيد أحد من الخلق، بل بيد الله سبحانه وتعالى. ومنها: أن يكون أحد الأطفال محبوباً عند الوالدين لكثرة حركته، أو قلّتها. ومنها: أن يكون أحد الأبناء مصاباً بعاهة جسدية ظاهرة، فهذا الطفل يحتاج إلى الكثير من الحنان والرعاية والمحبة بدلاً من التفريق، حتى يخرج من مصيبته التي هو فيها. ومنها: أن يكون التفضيل للطفل الأكثر براً لوالديه، حيث إنّ الطفل قد يستأثر بمحبة والديه من خلال طاعتهما، وأسلوبه الجميل معهما، واعتمادهما عليه في كثير من الأمور التي لا تُسند إلّا إليه من بين إخوته. فاللازم على الآباء والأمهات أن لا يحيدوا عن خطّ العدل في تربية أبنائهم، ولا يفاضلوا بينهم، لأنّ المُفاضلة بغير وجه حق تعبّر عن سوء التربية وتسهم في زرع الأحقاد والعداوات بين الإخوة، ولذا جاء الأمر النبوي الإرشادي بضرورة مراعاة العدل بين الأبناء، مقروناً بالأمر بالتقوى، باعتبار أنّ هذا المعنى لا يقف عنده إلاّ المتّقون ولا يوفّق له إلاَّ من شرح الله صدره للهداية وأمدَّه بالبصيرة النافذة، قال (صلى الله عليه وآله) ــ فيما روي عنه: "إتّقوا الله واعدلوا بين أولادكم" وتنصّ بعض الروايات على أنّ العدل بين الأبناء هو حقّ من حقوقهم على الآباء والأولياء، ففي الحديث المروي عنه (ص): "إنّ لهم عليك من الحقّ أن تعدل بينهم، كما أنّ لك من الحقّ أن يبرّوك". ثمّ إنّ العدل بين الأبناء لابدَّ أن يتحرّك على مختلف المستويات المادية والمعنوية، ودونما فرق بين جنس الولد أو لونه، وهناك بعض الأمور التي لابد للوالدين ملاحظتها عند العدل بين الأولاد منها: 1 ــ العدل على المستوى المادي: إنّ المطلوب والمفترض بالآباء أن يعدلوا بين أبنائهم في النفقة، لجهة المأكل والمشرب والملبس والمسكن والعلاج، فلا يحقّ لهم أن يفاضلوا بين ولدٍ وآخر بغير حق، لاسيّما بين الذكور والإناث، كما يفعله الكثيرون ممّن لا تزال العقلية الجاهلية الذكورية تتحكَّم بهم، فيهتمون بالذكر أكثر من الأنثى، ويوفِّرون له كلّ متطلّباته دونها، إنّ هذا السلوك والتصرّف قبيح عقلاً ومذموم شرعاً، ويعبّر عن واقع مختلف، وقد روي في الحديث عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "ساووا بين أولادكم في العطيّة فلو كنت مفضّلاً أحداً لفضّلت النساء" إنّ الأب الذي يتحلّى بالوعي والحكمة لا يفاضل بين أبنائه في الهدايا والعطايا، وكذا الأم الحكيمة، حرصاً على نقاء العلاقة بين الأبناء وكسب مودّتهم، قال (صلى الله عليه وآله) ــ فيما روي عنه: ــ "اعدلوا بين أولادكم في النِّحل (جمع نِحلة وهي الهدية) كما تحبُّون أن يعدلوا بينكم في البِّر واللطف". وإرشاداً منه إلى أهمية المساواة بين الأبناء فقد رفض النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يشهد على وثيقة أو وصية لا تراعي مبدأ العدالة، ففي الخبر عن النعمان بن بشير قال: سَأَلَتْ أمي أبي بعض الموهبة لي فأخذ أبي بيدي، وأنا غلام، فأتى رسول الله (صلى الله عليه واله )، فقال: يا رسول الله إنّ أم هذا ابنة رواحة طلبت مني بعض الموهبة، وقد أعجبها أن أشهدك على ذلك، قال (صلى الله عليه وآله): يا بشير ألكَ ابن غير هذا؟ قال: نعم، قال: فوهبت له ما وهبت لهذا؟ قال: لا، قال (صلى الله عليه وآله): فلا تشهدني إذاً، فإنّي لا أشهد على جور". 2 ــ العدل على المستوى العاطفي: ربّما كان العدل على المستوى العاطفي أبلغ أثراً وفعالية من العدل على الصعيد المادي، لما له من إسهام مباشر في خلق مناخات الثقة بين الإخوة، الأمر الذي يحتّم على الوالدين أن يوزّعا عاطفتهما على الأبناء بشكلٍ مساوٍ. ولكن لابدَّ أن يُعلم أنّنا لا نقصد بالعدالة على المستوى العاطفي المساواة بين الأبناء في الميل القلبي الباطني، فهذا أمر ربّما يكون خارجاً عن القدرة في الأعمّ الأغلب، لأنّ الإنسان قد لا يملك أمر عاطفته، فيميل قلبياً إلى أحد أبنائه بشكل لا إرادي أكثر ممّا يميل إلى البقيّة، تماماً كما هو ميل الرجل عاطفياً إلى إحدى زوجتيه مثلاً، ولذا فإنّ العدل القلبي بين الأبناء ليس مطلوباً، كما أنّه ليس مطلوباً بين الزوجتين، وقد أشار الله إلى عدم قدرة الإنسان على التحكُّم بعواطفه فقال: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء:129] وإنّما المطلوب هو العدل في إظهار المشاعر وإبراز الميل القلبي، فربّما يحتلّ أحد الأبناء مكانة خاصة في قلب الأب أو الأم، وهذا أمرٌ لا حرج فيه، بيد أن مقتضى الحكمة أن لا يظهرا هذا الميل فينحازا إلى هذا الطفل دون ذاك، سواءً في القبلة أو الملاعبة أو النظرة، ففي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إنّ الله تعالى يحبّ أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القُبَلْ"وفي رواية أخرى: "نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى رجل له ابنان فقبَّل أحدهما وترك الآخر، فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله): فهلاّ واسيت بينهما". إنَّ القبلة التي يطبعها الأب أو الأم على وجنة ابنه ــ في الوقت الذي ينظر ابنه الآخر إليه نظرة غيرة وحسد ــ قد تشعل فتيل العداوة بين الأخوة وتزرع الأحقاد فيما بينهم، ولذا فالأجدر به تقبيل الاثنين أو ترك تقبيلهما معاً، نعم قد تقتضي الحكمة ــ أحياناً ــ أن يظهر الأب أو الأم الاهتمام بأحد الأبناء في محاولة لتخفيف غلواء الغيرة والحسد التي يحملها اتّجاه إخوته وبذلك يحميهم من محاولات شرّه وكيده، وهذا ما ورد في الخبر عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: قال والدي (عليه السلام): والله إنّي لأصانع بعض وُلدي وأجلسه على فخذي وأُكْثِرُ له من المحبّة وأُكْثِرُ له من الشكر وإنّ الحق لغيره من ولدي، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره، لئلا يصنعوا به ما فُعل بيوسف (عليه السلام) وإخوته ، وما أنزل الله سورة يوسف إلاّ أمثالاً، لكي لا يحسد بعضنا بعضاً كما حسد يوسفَ إخوتُه". 3 ــ العدل في الثواب والعقاب: وهكذا لا بدَّ أن تمتد المساواة والعدالة بين الأبناء إلى المجال التربوي والتأديبي، فيوازن ويساوي الأب أو المربّي بين الأطفال في المدح والثناء، أو في المؤاخذة والعقاب، فإذا أدّى الأبناء عملاً جيداً يستحقون عليه الثناء والإثابة فلا بدَّ من الثناء على الجميع، وإذا ارتكبوا خطأ يستوجب التأنيب، فليؤنِّب الجميع، وأمّا إذا أحسن البعض وأساء البعض الآخر فلا بدّ من المفاضلة بينهم وإعطاء كلّ ذي حقٍّ حقّه، ولا يجوز والحال هذه المساواة بين الفريقين، بل إنّه لظلم بيِّنٌ أن يُعاقب الجميع أو يؤنّبهم على خطأ لم يرتكبوه وإنّما ارتكبه بعضهم، قال تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(الأنعام:164).
ما المقصود من التفرقة بين الأولاد ؟ ١- هل يقصد به التفريق بين الابناء في المضاجع فان ذلك تعظيما لاهمية الخصوصية والحياء، لان الحياء في شخصية الاطفال والكبار له قيمة عليا وراس مال ثمين في الاسرة والمجتمع فاذا زالت تلك الصفة الثمينة انقلبت اخلاق الولد راسا على عقب واقترف انواع الحماقات وتغير جو اللاسرة والمجتمع ٢- او يقصد به التفريق بين الأبناء بعدم المساواة و العدالة بينهما:فينبغي للآباء عدم التفرقة بين أبنائهم، وإعطاء الجميع ما يستحقونه من العطف واللطف، وتقسيم الأعمال والمهام بينهم بحسب ما يناسب كلاً منهم، وعدم تفضيل أحد على حساب أحد، فإن لذلك نتائج وخيمة على مستوى العلاقة بين الأبناء من جهة، وعلى مستوى علاقة بعض الأبناء (وهم المظلومون) مع الآباء من جهة أخرى، كما ينبغي للمؤمنين ذكوراً وإناثاً أن يعرفوا حدودهم، فيقفوا عندها، ولا يتجاوزوا على حقوق الآخرين، فإنه: رحم الله امرءاً عرف حده فوقف عنده.