وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
المُحرَز بل والمقطوع به أنَّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان يوم عاشوراء مُصاباً بمرضٍ عارِض، وكان من الشدَّة بحيثُ منعَه من القتال، فهذا المقدار هو المتسالَم عليه بين المؤرِّخين والمحدِّثين من الفريقين، وأمَّا ما هي طبيعةُ هذا المرض فلم تتصدَّ الروايات لبيانه تفصيلًا، ولعلَّ منشأ ذلك هو عدم ترتُّب فائدةٍ تُذكر على العلم بما هي طبيعة المرض الذي عرَض على الإمام (عليه السلام) في كربلاء.
نعم أشارت معتبرة أبي الجارود عرَضاً إلى أنَّ الإمام (عليه السلام) كان مبطوناً، فقد أورد الكليني في الكافي بسندٍ معتبر روايةً طويلة عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال فيها: ".. ثُمَّ إِنَّ حُسَيْنًا حَضَرَه الَّذِي حَضَرَه فَدَعَا ابْنَتَه الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) فَدَفَعَ إِلَيْهَا كِتَابًا مَلْفُوفًا ووَصِيَّةً ظَاهِرَةً، وكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) مَبْطُونًا لَا يَرَوْنَ إِلَّا أَنَّه لِمَا بِه فَدَفَعَتْ فَاطِمَةُ الْكِتَابَ إلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ .."(١).
وورد أيضًا في كتاب النوادر لعليِّ بن أسباط قال: بعض أصحابه رواه أنَّ أبا جعفرٍ الباقر (عليه السلام) قال: "كان أبي مبطونًا يوم قُتل أبوه صلواتُ الله عليهما، وكان في الخيمة .."(٢).
المبطون مَن يشتكي علَّةً في جوفِه:
فالإمام (عليه السلام) بحسب ما أفادته معتبرة أبي الجارود ومرسلة عليِّ بن أسباط كان مبطونًا، ومعنى أنَّه كان مبطونًا هو أنَّه كان يشتكي من بطنِه أي أنَّه مصابٌ بداءٍ في بطنِه، فالمبطون هو مَن به علَّةٌ في بطنه كما أنَّ المصدور هو من به علَّة في صدره، والمفؤود هو مَن به علَّة في فؤاده(٣).
وخلاصة القول: إنَّ الذي نصَّت عليه معتبرة أبي الجارود عن الإمام الباقر (عليه السلام) ومرسلة عليِّ بن أسباط عن الإمام الباقر (عليه السلام) هو أنَّ الإمام زينَ العابدين (عليه السلام) كان أيام كربلاء مبطونًا، والمبطونُ هو مَن يشتكي علَّةً في بطنه، والمراد من البطن هو مطلق الجوف وما اشتمل عليه من أحشاء كما هو مقتضى ما نصَّ عليه اللُّغويون، وعليه فالرواية مجملة من جهة تحديد ما هي طبيعة الداء الذي أُصيب به الإمام (عليه السلام) في كربلاء، وأنَّ أقصى ما تدلُّ عليه الرواية هو أنَّه كان يشتكي من علَّةٍ في بطنه.
(مأخوذ من موقع الشيخ محمد صنقور).
ودمتم في رعاية اللّٰه وحفظه
المصادر/
(١)- الكافي -الكليني- ج1 / ص290، 291.
(٢)- الأصول الستة عشر -تحقيق المحمودي- ص339، بحار الأنوار -المجلسي- ج45 / ص91.
(٣)- لسان العرب -ابن منظور- ج9 / ص13، ج13 / ص54، أساس البلاغة -الزمخشري- ص52، غريب الحديث -ابن قتيبة- ج1 / ص100، ترتيب إصلاح المنطق -ابن السكيت- ص342، تاج العروس- الزبيدي- ج18 / ص61.