باسل الموسوي - البحرين
منذ 4 سنوات

التحريف و نسخ التلاوة

ما هو رأيكم في تأويل الشيخ الصدوق لهذا الحديث؟ وأهل السنة مجمعون على ان القرآن الذي بين ايدينا هو ليس كاملا حيث انهم يرون نسخ التلاوة,فما هو وجه الاحتجاج بهذا الحديث؟


الأخ باسل الموسوي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال السيد الخوئي (قدس سره) في كتابه البيان في تفسير القرآن 201 ما نصه :( أن القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف, وعليه فاشتهار القول بوقوع النسخ في التلاوة - عند علماء أهل السنة - يستلزم اشتهار القول بالتحريف ) . ثم قال : ( ذكر أكثر علماء أهل السنة : أن بعض القرآن قد نسخت تلاوته, وحملوا على ذلك ما ورد في الروايات أنه كان قرآنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيحسن بنا أن نذكر جملة من هذه الروايات, ليتبين أن الالتزام بصحة هذه الروايات التزام بوقوع التحريف في القرآن : 1- روى ابن عباس أن عمر قال فيما قال, وهو على المنبر : ( إن الله بعث محمداً بالحق, وأنزل عليه الكتاب, فكان مما أنزل الله آية الرجم, فقرأناها, وعقلناها, ووعيناها . فلذا رجم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله, فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله, والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال ... المزید ثم أنا كنا نقرأ فيما نقرأ, من كتاب الله : أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم, أو : إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ... ) صحيح البخاري 8 / 26 وصحيح مسلم 5 / 116 بلا زيادة ثم أنا . وذكر السيوطي : أخرج ابن اشته في المصاحف عن الليث بن سعد, قال : ( أول من جمع القرآن أبو بكر, وكتبه زيد ... وإن عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها, لأنه كان وحده ) الإتقان 1 / 101 . أقول : وآية الرجم التي ادعى عمر أنها من القرآن, ولم تقبل منه رويت بوجوه : منها : ( إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة, نكالا من الله, والله عزيز حكيم ) . ومنها : ( الشيخ والشيخة فارجموهما البتة, بما قضيا من اللذة ) . ومنها : ( إن الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ) وكيف كان فليس في القرآن الموجود ما يستفاد منه حكم الرجم . فلو صحت الرواية فقد سقطت آية من القرآن لا محالة . 2- وأخرج الطبراني بسند موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعا : ( القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف ) الإتقان 1 / 121 . بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار, وعليه فقد سقط من القرآن أكثر من ثلثيه . 3- وروى ابن عباس عن عمر أنه قال : ( إن الله عز وجل بعث محمدا بالحق, وأنزل معه الكتاب, فكان مما أنزل إليه آية الرجم, فرجم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجمنا بعده, ثم قال : كنا نقرأ : ( ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ), أو : ( إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ) مسند أحمد 1 / 47 . 4- وروى نافع أن ابن عمر قال : ( ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله ؟ قد ذهب منه قرآن كثير, ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر ) الإتقان 2 / 40 . 5- وروى عروة بن الزبير عن عائشة قالت : ( كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) مئتي آية, فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن ) الإتقان 2 / 41 . ثم ينقل السيد الخوئي بقية الروايات إلى أن يقول :وغير خفي أن القول بنسخ التلاوة بعينه القول بالتحريف والإسقاط . وبيان ذلك : أن نسخ التلاوة هذا إما أن يكون قد وقع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإما أن يكون ممن تصدى للزعامة من بعده, فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو أمر يحتاج إلى الإثبات . وقد اتفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد, وقد صرح بذلك جماعة في كتب الأصول وغيرها ـ الموافقات لأبي إسحاق الشاطبي 3 / 106 ط المطبعة الرحمانية بمصر ـ بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه, وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنة المتواترة, وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه, بل إن جماعة ممن قال بإمكان نسخ الكتاب بالسنة المتواترة منع وقوعه ـ الإحكام في أصول الأحكام للامدي 3 / 217 ـ وعلى ذلك فكيف تصح نسبة النسخ إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بأخبار هؤلاء الرواة ؟ مع أن نسبة النسخ إلى النبي تنافي جملة من الروايات التي تضمنت أن الإسقاط قد وقع بعده . وإن أرادوا أن النسخ قد وقع من الذين تصدوا للزعامة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) فهو عين القول بالتحريف . وعلى ذلك فيمكن أن يدعى أن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنة, لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة, سواء أنسخ الحكم أم لم ينسخ, بل تردد الأصوليون منهم في جواز تلاوة الجنب ما نسخت تلاوته, وفي جواز أن يمسه المحدث, واختار بعضهم عدم الجواز . نعم ذهبت طائفة من المعتزلة إلى عدم جواز نسخ التلاوة ـ الإحكام في أصول الأحكام للامدي 3 / 201 . ومن العجيب أن جماعة من علماء أهل السنة أنكروا نسبة القول بالتحريف إلى أحد من علمائهم حتى أن الآلوسي كذّب الطبرسي في نسبة القول بالتحريف إلى الحشوية, وقال : ( إن أحداً من علماء أهل السنة لم يذهب إلى ذلك ), واعجب من ذلك أنه ذكر, أن قول الطبرسي بعدم التحريف نشأ من ظهور فساد قول أصحابه بالتحريف, فالتجأ هو إلى إنكاره ـ روح المعاني 1 / 24 ـ مع انك قد عرفت أن القول بعدم التحريف هو المشهور, بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحققيهم, حتى أن الطبرسي قد نقل كلام المرتضى بطوله, واستدلاله على بطلان القول بالتحريف بأتم بيان وأقوى حجة ( مجمع البيان 1 / 15 ) . إلى هنا تم كلامه ( قدس سره ), ومنه يظهر وجه الاحتجاج بهذا القول . ودمتم في رعاية الله

1