السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعيش السعداء والأشقياء في البرزخ حياةً جزائية لأن ما بعد الموت هو يوم الحصاد إن خيراً فخير وإن شراً فشر، بمعنى أن الإنسان يجازي على معتقداته وأفعاله منذ انتقاله من عالم الدنيا فيستقر في عالم البرزخ بأبدان مثالية، والبرزخ هو عالم وسطي بين الدنيا والآخرة، من هنا سمّي بعالم البرزخ، ولكنه يختلف عن عالم الدنيا من حيث لا تكليف في البرزخ بل هو مقدمة لعالم يوم القيامة فيعاقب فيه المرء أو يثاب بحسب ما كان عليه في دار الدنيا، من هنا قال النبيّ صلى الله عليه وآله: (من مات فقد قامت قيامته) فالمؤمن الصالح ينعم في البرزخ بشتى النعيم إلا الزواج، ونعيم البرزخ للمؤمن الصحيح الإعتقاد قليل بجنب نعم الآخرة، وأما الفاسق والكافر والمنافق فإنه يذوق العذاب الأليم من النار والعقارب والحيات تنهشه وتؤذيه فيستغيث فلا يُغاث ويدعو فلا أحد يجيبه، وأول ما يفتتن به المرء في قبره هو مجيء منكر ونكير إياه فيسألانه عن دينه ونبيه وإمامه، ففي خبر عن لكافي عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله . وزاد فيه : فما يفتر ينادي حتى يدخل قبره ، فإذا ادخل حفرته ردت الروح في جسده ، وجاء ملكا القبر فامتحناه ، قال : وكان أبو جعفر عليه السلام يبكي إذا ذكر هذا الحديث .
وفي بعض الأخبار أن المؤمن الموالي يجتمع مع إخوانه في جنة وادي السلام في العراق بجوار أمير المؤمنين علي عليه السلام، فيجلسون حلقاً حلقاً يتحدثون بفضائل أهل البيت عليهم السلام ويدخل عليهم من السرور ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر ... المزیدبخلاف الفاسق المشكك والكافر والمنافق فإنهم يتلوون في العذاب ويتمنون الرجوع إلى الدنيا لكي يصلحوا اعتقاداتهم ويعملوا الأعمال الصالحة...وأهل البرزج يعلمون ما يجري على أهلهم في الدنيا، فيحزنون على ما يرتكبونه من معاصي ويسرون ويفرحون بما يرون أهليهم يعملون الصالحات، كما أنهم يزورون أهليهم بأجسامهم المثالية أو بصورة طير لطيف يسقط على جدرانهم ويشرف عليهم حسبما جاء في الأخبار الشريف، فمنهم من يزور أهله في الإسبوع مرة ، ومنهم في الشهر مرة ومنهم في كل سنة مرة ....وهكذا كلّ واحد يزور أهله في الدنيا من دون أن يشعر بهم الأحياء، والتفاوت بالزيارات راجع إلى التفاوت بالإيمان، فمن كان إيمانه أقوى تكون زيارته لأهله في الدنيا أكثر من غيره... فقد جاء في الأخبار الشريفة كما في الكافي عن سهل عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال : سألته عن الميت يزور أهله ؟ قال : نعم ، فقلت : في كم يزور ؟ قال : في الجمعة وفي الشهر وفي السنة على قدر منزلته ، فقلت : في أي صورة يأتيهم ؟ قال : في صورة طائر لطيف يسقط على جدرهم ويشرف عليهم ، فإن رآهم بخير فرح ، وإن رآهم بشر وحاجة وحزن اغتم . " .
وأكثر المؤمنين بهجة في البرزج هم المؤمنون العارفون بأهل البيت عليهم السلام والمتبرؤون من أعدائهم لأن ولايتهم والبراءة من أعدائهم من أهم الإعتقادات التوحيدية بعد معرفة الله تعالى، فقد جاء في خبر الفضل بن شاذان عن الأصبغ بن نباته في حديث طويل يذكر فيه أنّ أمير المؤمنين « صلوات الله عليه » خرج من الكوفة ومرّ حتّى أتى الغريّين فجازه فلحقناه وهو مستلق على الأرض بجسده ليس تحته ثوب . فقال له قنبر : يا أمير المؤمنين ! ألا أبسط ثوبي تحتك ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا ، هل هي إلاّ تربة مؤمن أو مزاحمته في مجلسه . قال الأصبغ : فقلت : يا أمير المؤمنين ! تربة مؤمن قد عرفناها كانت أو تكون فما مزاحمته في مجلسه ؟ فقال ( عليه السلام ) : يا بن نباته ! لو كشف لكم لألفيتم أرواح المؤمنين في هذا الظهر حلقاً يتزاورون ويتحدّثون ، إنّ في هذا الظهر روح كلّ مؤمن وفي وادي برهوت نسمة كلّ كافر.
وأكثر المؤمنين بهجة في البرزج هم المؤمنون العارفون بأهل البيت عليهم السلام والمتبرؤون من أعدائهم لأن ولايتهم والبراءة من أعدائهم من أهم الإعتقادات التوحيدية بعد معرفة الله تعالى.
فقد ورد في الكافي عن علي بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن الحسين بن راشد ، عن المرتجل بن معمر ، عن ذريح المحاربي ، عن عباية الأسدي ، عن حبة العرني قال : خرجت مع أمير المؤمنين عليه السلام إلى الظهر فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام فقمت بقيامه حتى أعييت ، ثم جلست حتى مللت ، ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولا ، ثم جلست حتى مللت ، ثم قمت وجمعت ردائي فقلت : يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ، ثم طرحت الرداء ليجلس عليه فقال : يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين وإنهم لكذلك ؟ قال : نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين( أي يلبسون ثياباً جميلة ويعتمرون العمائم على رؤوسهم) يتحادثون ، فقلت أجسام أم أرواح ؟ فقال : أرواح ، وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه : الحقي بوادي السلام ، وإنها لبقعة من جنة عدن .